تتحرك السيارات بالكاد على كورنيش نيل المعادى الذى توقفت الحركة به.. آلات التنبيه لم تنقطع، ليس تململا كما هى العادة فى مرور القاهرة المزدحم، كان الأمر أقرب إلى الاحتفالات. أسند محمود ركبتيه على الأرض أمام السيارة يغسل عجلاتها، «أصل الريس فى المحكمة وفيه تليفزيونات بتصور». محمود مجند شرطة يمارس عمله بالقرب من إدارة شرطة البيئة والمسطحات.
«الجو كله متغير»، يقول الشاب وهو يشير إلى بائع زجاجات المياه المعدنية وقف فى منتصف الطريق يبيع بضاعته للعابرين، وزوار ربما توقفوا للمرة الأولى أمام المحكمة الدستورية العليا، التى استقبلت فى قاعتها رئيسا جديدا منتخبا يؤدى للمرة الأولى اليمين الدستورية أمام القضاة.
على جانب النيل، افترشت أم نور الحديقة الصغيرة، وإلى جانبها اقتسمت ابنتها معها بعض السندوتشات، وبالقرب منهما تراصت كاميرات تليفزيونية تترقب خروج الرئيس وموكبه.. «عايزينه يبص للغلابة مش زى اللى قبله»، تقول أم نور فى إشارة إلى مبارك.
على بعد خطوات من المبنى الفرعونى للمحكمة الدستورية يقع مستشفى المعادى العسكرى. هنا يرقد رئيس خلعته الثورة، وربما يستطيع عبر نافذة غرفته أن يتابع مشهد أحد اعدائه حملته الثورة إلى كرسى الرئاسة. هذا ما يتمناه صلاح، الجالس فى انتظار وصول أتوبيس النقل العام لينقله الى مسكنه بحلوان. فيما لم يتابع عامل محطة البنزين اليمين الدستورية التى أداها مرسى ف«الكلام مش مهم، بس أنا متفائل».
«كل دى مناظر، الإشكال الحقيقى فى المجلس العسكرى»، هذا ما يعتقده إسماعيل أمين. تصبب العرق من أستاذ جراحة المخ بمستشفى قصر العينى وبللت ملابسه، تعطلت سيارته وتركها ليعود الى منزله مشيا على الأقدام، يُحمل الطبيب السبعينى المجلس العسكرى سبب أزمة مصر «لأنهم مش عايزين يسيبوا السلطة». الطبيب الذى لا يرضيه تولى مرسى مقاليد الدولة يقول إن الرجل يواجه مأزقا كبيرا «الناس اللى بتمسك العصايا من النصف لا قائمة لها. مرسى معندوش عصايا أصلا».
ركنت نيفين سيارتها على جانب الطريق ووقفت تلتقط صورا بهاتفها المحمول لجنود يرفعون العلم المصرى «أول مرة أشوف رئيس الناس انتخبته، بصرف النظر إذا كنت عايزاه ولا لأ»، تقول السيدة، وهى تبكى متأثرة بالحدث، رغم انها أعطت صوتها لمنافس مرسى فى الانتخابات.
لم يكن هذا حال الكل هنا، فأميرة التى تعمل بإحدى شركات الاتصالات لا يرضيها المشهد ولا تعتقد أن مرسى حاز على ثقة المصريين «اللى انتخبوه كام يعنى؟ بكرة يطير زى اللى قبله».
رغم تباين تلك المواقف، تسيطر حالة إيجابية على المنطقة المحيطة بالمحكمة وبالمستشفى، «حالة تكسر سنة ونص من الإحباط»، هذا ما تعتقده دينا، الفتاة العشرينية التى ترى أن اليوم يذكرها بيوم 11 فبراير يوم سقوط مبارك، «كده البلد رجعتلنا تانى».