عندما تثأر الإمبراطورية، فإنها تضرب بقسوة. فمؤسسة الجمهوريين تعيد نشر كل أسلحتها وجميع جنودها بمن فيهم بوب دول فى محاولة يائسة باستمرار لسحق تمرد نيوت جينجريتش. وفى نهاية المطاف، ربما تنجح حملة الصدمة والرعب. ●●●
ولكن، ماذا بعد؟ وفقا لأفضل سيناريوهات المؤسسة، لم يعد لدى الحزب سوى ميت رومنى، وهو مرشح يبدو لى أن جوهر رسالته، بقدر ما يمكننى التعبير، يتركز على «نعم، أمتلك طنا من الأموال، هل لديك مشكلة فى ذلك؟».
ومن الملاحظ أن الحرب الخاطفة المدبرة جيدا لضمان فوز رومنى بأصوات ولاية فلوريدا، قد صممت فقط لإثارة الشكوك فى شخصية جينجريتش وإمكانية انتخابه، بدلا من اقناع الناخبين بأن رومنى يجب أن يكون رئيسا لما لديه من مزايا، على أساس الوقائع الموضوعية، يجب أن يكون رئيسا. الأمر الذى يدفعك للتساؤل عما إذا كان نجوم الحزب الجمهورى يؤمنون حقا بالرجل الذى يدعمونه!
وفى الأسبوع الماضى، أصدر دول رجل السياسة المخضرم بيانا بدأ بالقول انه «اذا كان جنجريتش هو المرشح، فسيكون لذلك أثر سلبى على المرشحين الجمهوريين لمقاعد المقاطعة، والولاية، والمقاعد الفيدرالية». بل إن دول اتهم جنجريتش بالاستبداد، وغرابة الأطوار، قبل أن ينهى رسالته القصيرة بجرعة أخرى من السياسة الواقعية.. فكتب: «أرى أننا إذا أردنا تجنب حصول أوباما على أغلبية ساحقة، فى نوفمبر، فعلى الجمهوريين أن يرشحوا الحاكم رومنى باعتباره حامل لواءنا». وأضاف: «لديه الخبرة المطلوبة فى القطاعين العام والخاص. وسيكون الرئيس الذى نستطيع أن نضع فيه ثقتنا».
ولا تستحق «الخبرة المطلوبة» الكثير من التهليل، غير أنها تطابق ما جرت على ترديدة الجوقة المؤيدة لرومنى، التى تواصل ترديد ذلك بصوت عال منذ فاز جنجريتش بالانتخابات الأولية لولاية ساوث كارولينا. وفى الوقت نفسه، لم نسمع مطلقا أصوات بعض المنشدين البارزين المتوقعين، فقد امتنع اثنان من أهم الجمهوريين فى فلوريدا: الحاكم السابق جيب بوش، والسناتور ماركو روبيو، عن إقرار ترشيح أى شخص.
●●●
ولكن ماذا قدم رومنى لأنصاره من مبررات يستخدمونها للترويج له؟ نعم، عمل حاكما لولاية ماساتشوستس وطبق إصلاحات الرعاية الصحية التى صارت نموذجا لقانون الرعاية الذى قدمه أوباما. ونعم، لقد حصل على ربع مليار دولار باعتباره أحد اقطاب الأسهم الخاصة، فهل يفترض أن تكون هذه المؤهلات سببا ملحا لإرساله إلى البيت الأبيض؟
وقد طرح جنجريتش، وريك سانتوروم، ورون بول، رؤى جريئة بل أنها بالغة الخيال لما سوف يوصلون البلاد إليه. ولكن أين هى مدينة رومنى الحلم؟ ما هى «نزعته المحافظة العاطفية»، وماذا عن رؤيته ل«الأمل والتغيير»؟ ما الذى يؤمن حقا به ميت رومنى، فى قرارة نفسه؟».
يبدو أن «المشروع الحر» أكثر ما يتحمس له، ولكن هذا ليس جوابا حقيقيا على سؤال عن المعتقدات الأساسية. فمن منا لا يؤمن بالتجارة الحرة؟ وقد يتبنى أوباما قواعد تنظيمية للسوق أكثر قليلا مما يدعو إليه رومنى، بينما سوف يتبنى سانتوروم وبول أقل من ذلك. وبطبيعة الحال يرغب جنجريتش فى سوق حرة خيالية تحلق إلى أبعد الآفاق.
كما يرغب أوباما فى إعادة ترتيب أولوياتنا لجعل الأمة أكثر ازدهارا، وأقدر على المنافسة، وأكثر إنسانية. ولدى جنجريتش نفس الهدف فى الأساس، فيما عدا أنه سيحققه بطريقة مختلفة تماما وسيكون هناك فرصة أكبر كثيرا للتحليق فى السماء. وتصل مواقف سانتروم السياسية إلى العودة إلى النزعة «المحافظة العاطفية»، وربما الحرب مع إيران. بينما يريد بول القضاء على الحكومة الاتحادية وإجبار العمال القليلين الباقين على التخلى عن أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم والعودة إلى استخدام ريشة الكتابة.
●●●
وماذا عن رومنى؟ لديه خطة اقتصادية من 160 صفحة. ولكنه يبدو أنه لا يمتلك تصورا عن أمريكا التى يتخيلها، والطريق الذى سيسلكه ليوصلنا إلى هناك؟
ولا يعنى هذا أنه غير قادر بالضرورة على وضع هذا التصور أو أنه لذلك السبب غير قادر على هزيمة أوباما. فقد كان أداء الرئيس ومستشاريه متواضعا أحيانا فى شرح مواقف الإدارة. وعليهم أن يقدموا تفسيرا أفضل لكيفية تناسب قرارات فردية، مثل تأجيل مد خط أنابيب كيستون المثير للجدل، مع صورة متماسكة كبيرة لما يتعين أن تصل إليه البلاد.
وقد صار رومنى محاورا جيدا، كما أن نقاط هجومه على أوباما حادة وشائكة. لكن السبب الوحيد، حقا، وراء المعركة التى عليه أن يخوضها من أجل الترشيح، هو الكيفية التى حصل بها على ثروته وطريقة إدارتها، وهو ما يجعله فى موقف الدفاع أمام تهوين معارضيه من شأن ادعائه الأحقية بالترشيح للرئاسة. وليس هناك من يغار من نجاح رومنى فى مجال الأعمال، بصرف النظر عما يدعيه خلاف ذلك. فنحن نريد فحسب أن نعرف ما إذا كان هذا هو أقصى ما سيقدمه.