رفض سياسيون وقانونيون التصريحات التى أدلى بها اللواء مختار الملا، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لجريدة الجارديان، والتى نسبت إليه قوله إن «مجلس الشعب المقبل، لا يعبر عن كل الأطياف المصرية»، وإن ميزانية القوات المسلحة ستبقى سرية، وإن اللجنة التأسيسية للدستور يجب أن تحظى بموافقة الحكومة الانتقالية. يأتى هذا فيما أعلن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين انسحابه من المجلس الاستشارى الذى دعا «العسكرى» إلى تشكيله، وهو ما وصفته مصادر بالحزب ب«الاحتجاج على استمرار مسرحيات العسكرى، والذى يسعى إلى تشكيل مجلس منزوع الصلاحيات، كما يسعى إلى تجاهل خيارات الشعب»، فى إشارة إلى تصريحات الملا.
وقال مصدر فى حزب «الحرية والعدالة» رفض ذكر اسمه ل«الشروق» إن: هناك حالة من التخبط السياسى فى رؤى المجلس العسكرى وأطروحاته، بسبب استماعه إلى من وصفهم ب«الشياطين»، مضيفا: «يوجد العديد من علامات الاستفهام على تصرفات المجلس العسكرى، الذى جرد حكومة عصام شرف من كل الصلاحيات، ثم فجأة أعطى حكومة الجنزورى صلاحيات رئيس الجمهورية، فكيف انتقل المجلس من المنع التام إلى المنح التام».
وربط المصدر بين قرار انسحاب حزبه من المجلس الاستشارى وبين تصريحات اللواء مختار الملا، قائلا: «بالتأكيد هناك رابط بين كل هذه الأشياء وبعضها فالمسار فى النهاية واحد، هو استمرار للمسرحيات الهزلية التى يخرج بها المجلس العسكرى كل فترة».
الدكتور أحمد أبوبركة، المستشار القانونى لحزب الحرية والعدالة الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، انفجر ضاحكا بشدة عندما طلبت «الشروق» تعليقه على تصريحات اللواء الملا، قائلا إنها «تعليقات تثير الضحك، ولا شىء أكثر من ذلك»، مضيفا «اكتب إن ردى الوحيد هو الضحك على هذا الكلام».
فيما قال د.محمد سعيد المتحدث الإعلامى لحزب النور، التابع للدعوة السلفية: «الشعب المصرى شارك فى الانتخابات المصرية، وأقبل عليها بكثافة شهد بها الجميع من أجل اختيار من يعبرون عنه ويمثلونه تحت قبة البرلمان، وبالتالى لا يستقيم أى حديث عن أن البرلمان غير ممثل لكل الشعب، لأن الفيصل فى الانتخابات النزيهة هو الصندوق الانتخابى، الذى يترجم إرادة الشعب إلى أوراق فى الصناديق».
وأرجأ سعيد الحديث عن ميزانية القوات المسلحة، «لحين انتهاء العملية الانتخابية فى مرحلتيها الثانية والثالثة، واستقرار التشكيل النهائى لمجلس الشعب، مع مراعاة أن سرية الميزانية أمر نسبى، لا ينبغى أن يعلن على صفحات الجرائد ويكون مادة للحديث بين كل من هب ودب، لكن فى النهاية لابد أن تخضع للرقابة البرلمانية فى لجنة الأمن القومى والدفاع داخل المجلس، أو بتشكيل لجنة خاصة من أعضاء البرلمان لمراجعة الميزانية ومناقشتها، بحيث لا تصبح ميزانية الجيش من الأمور المشاعة».
واعترض الدكتور عاطف البنا على التصريحات المنسوبة للملا التى اعتبر فيها أن البرلمان القادم «غير معبر عن الشعب»، وقال: «لا نستطيع الحكم على شكل البرلمان من نتائج المرحلة الأولى فقط»، مضيفا «بغض النظر عن النتائج النهائية فالبرلمان يعبر عن اختيار الشعب المصرى».
وتابع البنا: «هذه انتخابات حرة وليس فيها تزوير، حدثت فيها بعض التجاوزات البسيطة ولكن هذه الانتخابات لم نشهدها منذ نحو 60 سنة».
وأكد البنا أنه «من حق البرلمان تشكيل الجمعية التأسيسية، وضمان تمثيل جميع القوى والأطياف المختلفة فى المجتمع فيها»، وقال: «لا يمكن لأحد الانقلاب على برلمان منتخب فى انتخابات حرة، ولابد من التسليم بالديمقراطية وإلا سنعود لأسوأ مما كنا عليه».
وعن الحديث عن بقاء ميزانية الجيش بعيدة عن رقابة البرلمان، قال البنا: «لا يمكن العودة لوثيقة السلمى مرة أخرى.. الجيش فى الدول الديمقراطية يخضع للسلطة المدنية»، ولفت إلى إمكانية وضع بعض التفاصيل التى تحمى الأسرار العسكرية وعدم إذاعتها أو نشرها، مستدركا: «لكن دور الجيش فى حماية الشرعية مرفوض، فمهمته حماية الوطن وليس النظام السياسى».
الدكتور سيف الدين عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية قال ل«الشروق»: إذا صحت هذه التصريحات نكون دخلنا فى مرحلة التلاعب بالشأن السياسى بقوة»، معتبرا أن تدخل الحكومة «المؤقتة» والمجلس الاستشارى، فى اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور بمثابة «استحداث أدوار ومؤسسات لإحداث حالة من حالات الارتباك السياسى لتمرير أمور تتعلق بالجيش أو المجلس الأعلى» مضيفا «لن نستبدل مستبدا ب 19 مستبدا، ولابد أن يتدبروا أمرهم ولا أحد فوق المحاسبة ولا مؤسسة فوق الدستور».
وأضاف عبدالفتاح «المشهد أصبح عبارة عن برلمان منزوع الصلاحيات، ومجلس استشارى يوزاى البرلمان، حكومة إنقاذ للنظام، وليس حكومة ثورة»، واتهم المجلس العسكرى بالتلاعب بالاستفتاء، والشرعية الثورية والقانونية والمؤسسات فى محاولة لتمرير أهدافه لإطالة الفترة الانتقالية، بحسب رأيه.