تطور جديد بشأن حماية المسنين والقومي لحقوق الإنسان يعلق    خطيب الجمعة الأخيرة من شوال: يكفي الأمين شرفًا أن شهد له الرسول بكمال الإيمان    تراجع ملحوظ في أسعار السلع الغذائية بالأسواق اليوم    وزير التنمية المحلية: بدء تلقي طلبات التصالح على مخالفات البناء 7 مايو    المجتمعات العمرانية: تكثيف العمل للانتهاء من تطوير المنطقة الصناعية بالعاشر من رمضان    توريد 107 آلاف و849 طن قمح لصوامع وشون كفر الشيخ    نائب وزيرة التخطيط يفتتح أعمال الدورة الثالثة للجنة تمويل التنمية في الدول الأعضاء بالإسكوا    استلام 90 ألف طن قمح من المزارعين في المنيا    الشرطة الفرنسية تقتحم جامعة سيانس بو في باريس لتفريق داعمي فلسطين    تركيا: تعليق التجارة مع الاحتلال حتى وقف إطلاق نار دائم في غزة    نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين: 140 صحفيا فلسطينيا استشهدوا منذ 7 أكتوبر    كلوب يفتح النار قبل رحيله: بإمكان الناس البقاء على قيد الحياة بدون مباريات من وقت لآخر    علام يكشف الخطوة المقبلة في أزمة الشحات والشيبي.. موقف شرط فيتوريا الجزائي وهل يترشح للانتخابات مجددا؟    ضبط سيدة في بني سويف بتهمة النصب على مواطنين    تحرير 2582 محضراً في حملات تفتيشية ورقابية على الأنشطة التجارية بالشرقية    3.8 مليون جنيه إيرادات 4 أفلام بالسينما في يوم واحد    اليوم.. الإعلامي جابر القرموطي يقدم حلقة خاصة من معرض أبوظبي للكتاب على cbc    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    أحمد السقا: التاريخ والدين مينفعش نهزر فيهم    التضامن تكرم إياد نصار عن مسلسل صلة رحم    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    هيئة الدواء تكشف طرق علاج قصور القلب، وهذه أهم أسبابه    المطران شامي يترأس خدمة الآلام الخلاصية ورتبة الصلب وقراءة الأناجيل الاثنى عشر بالإسكندرية    الوزراء: 2679 شكوى من التلاعب في وزن الخبز وتفعيل 3129 كارت تكافل وكرامة    وزير الرياضة يطلق شارة بدء ماراثون دهب بجنوب سيناء    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    زيادة جديدة ب عيار 21 الآن.. ارتفاع سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 في مصر    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 3-5-2024 في الدقهلية    "مضوني وسرقوا العربية".. تفاصيل اختطاف شاب في القاهرة    ضبط 101 مخالفة تموينية في حملة على المخابز ببني سويف    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا وإصابة 6 أشخاص    البابا تواضروس يترأس صلاة الجمعة العظيمة    مصر أكتوبر: اتحاد القبائل العربية يعمل على تعزيز أمن واستقرار سيناء    خطوات التقديم على 3408 فرص عمل جديدة في 55 شركة    رئيس البرلمان العربي: الصحافة لعبت دورا مهما في كشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    مدير مكتبة الإسكندرية: العالم يعيش أزمة أخلاق والدليل أحداث غزة (صور)    الليلة.. تامر حسني يحيي حفلا غنائيا بالعين السخنة    قصور الثقافة: إقبال كبير على فيلم السرب في سينما الشعب.. ونشكر «المتحدة»    البنتاجون: نراقب الروس الموجودين في قاعدة يتواجد فيها الجيش الأمريكي في النيجر    «اللهم احفظنا من عذاب القبر وحلول الفقر وتقلُّب الدهر».. دعاء يوم الجمعة لطلب الرزق وفك الكرب    «أمانة العامل والصانع وإتقانهما».. تعرف على نص خطبة الجمعة اليوم    أيمن سلامة ل«الشاهد»: مرافعة مصر أمام العدل الدولية دحضت كافة الأكاذيب الإسرائيلية    لإنقاذ حياة المرضى والمصابين.. أمن بورسعيد ينظم حملة للتبرع بالدم    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    محظورات امتحانات نهاية العام لطلاب الأول والثاني الثانوي    السنوار يعارض منح إسرائيل الحق في منع المعتقلين الفلسطنيين من العيش بالضفة    هل مسموح للأطفال تناول الرنجة والفسيخ؟ استشاري تغذية علاجية تجيب    حكم لبس النقاب للمرأة المحرمة.. دار الإفتاء تجيب    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون| ميتروفيتش يقود الهجوم    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكرى ال91 لميلاد الكاتب الراحل عبدالرحمن الشرقاوي
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 11 - 2011

أتعرف ما معنى الكلمة، مفتاح الجنة في كلمة، دخول النار على كلمة، وقضاء الله هو كلمة، وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري، والكلمة فرقان بين نبي وبغي، هذه بعض من كلمات الكاتب الراحل عبد الرحمن الشرقاوى المولود فى العاشر من نوفمبر عام 1920 بقرية الدلاتون بمحافظة المنوفية.

بدأ الشرقاوى تعليمه في كتاب القرية ثم انتقل إلى المدارس الحكومية حتى تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1943، وعمل بالمحاماه ولكنه هجرها لأنه أراد أن يصبح كاتبا فعمل في الصحافة في مجلة الطليعة في البداية، ثم مجلة الفجر، وعمل بعد ثورة 23 يوليو في صحيفة الشعب ثم صحيفة الجمهورية، وشغل منصب رئيس تحرير مجلة روزاليوسف، ثم عمل بعدها في جريدة الأهرام، وتولي عدد من المناصب الأخرى منها سكرتير منظمة التضامن الآسيوي الأفريقي وأمانة المجلس الأعلى للفنون والآداب.

وتنوعت أعماله الأدبية بين الرواية والشعر، حيث قدم روايته " الأرض" عام 1954، و"قلوب خالية" عام 1956، ثم "الشوارع الخلفية" عام 1958، وأخيرا روابة " الفلاح" عام 1967، وتأثر عبد الرحمن الشرقاوي بالحياة الريفية وكانت القرية المصرية هي مصدر إلهامه، وإنعكس ذلك على أول رواياته الأرض التي تعد أول تجسيد واقعي في الإبداع الأدبي العربي الحديث، وتحولت إلى فيلم سينمائي شهير بنفس الاسم للمخرج يوسف شاهين عام 1970.

ومن أشهر أعماله مسرحية "الحسين ثائرا"، ومسرحية "الحسين شهيدا" و"مأساة جميلة" عن الجزائرية جميلة بوحيرد، ومسرحية "الفتى مهران"، و"النسر الأحمر"، و"أحمد عرابي"، أما في مجال التراجم الإسلامية فقد كتب محمد رسول الحرية، وعلى إمام المتقين، والفاروق عمر. كما شارك في سيناريو فيلم الرسالة بالاشتراك مع توفيق الحكيم وعبد الحميد جودة السحار. وحصل عبد الرحمن الشرقاوي على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1974 والتي منحها له الرئيس السادات، كما منحه معها وسام الآداب والفنون من الطبقة الأولي.

وتوفي الشاعر والأديب والصحفي عبد الرحمن الشرقاوي في 10 نوفمبر عام 1987 عن عمر ناهز 67 عاما، ويمتاز أدب الشرقاوي رغم تنوعه بالإخلاص والإصالة والجدة في تعبير عن العواطف والحقائق. وقدم الشرقاوى العديد من الأشكال الأدبية فى مجال القصة والرواية والمسرح والمسرحية الشعرية والكتابات الدينية والمقالات الأدبية والنقدية، وكان همه الأول هو الدفاع عن الحق والحقيقة وعن الإنسان وعن الشخصية المصرية .

وكتب عبد الرحمن الشرقاوي واحدة من أبدع و أكبر الأعمال الدرامية الروائية "الأرض" من حيث الأحداث والإسقاطات و المشاهد الملحمية، ثم قام المخرج المبدع الراحل " يوسف شاهين " بتحويلها لعمل فني سينمائي، ويحكي الفيلم عن معاناة أهل إحدى القرى من القهر والفقر في ظل نظام الإقطاع، والجشع الموحش لأطماع بعض ملاك الأراضي الزراعية في عهد الملكية. وعن مأساة "محمد أبو سويلم " الفلاح البسيط الذي سيقطتع الطريق الجديد جزء كبير من أرضه، ويجعلها غير صالحة للزراعة مما سيدمر حياته وحياة أسرته، و سجل عبد الرحمن الشرقاوي قطعا حوارية صارت تدرس في معاهد السينما العربية.

كما شارك عبد الرحمن الشرقاوي في كتابة سيناريو و حوار الفيلم التاريخي العظيم "الرسالة" الذي أخرجه المخرج المبدع الراحل " مصطفى العقاد "، والذي يحكي عن الدعوة الإسلامية و تبليغ الرسالة في مرحلة " صدر الإسلام "، و انتشار الرسالة بعد وفاة الرسول الكريم.

وشارك الشرقاوى كبار الكتاب في كتابة هذا الفيلم ومنهم توفيق الحكيم، وعبد الحميد جودة السحار، ومصطفى العقاد، وهاري كريج، ومحمد على ماهر، ومحمد ناصر السنعوسي، وهذا العمل قدم في نسختين، إحداهما عربية بطولة الفنان الراحل "عبد الله غيث"، وأخرى بالإنجليزية للمبدع الراحل "أنتوني كوين".

وارتبط اسم الشاعر المسرحي الكبير عبد الرحمن الشرقاوي بالكتابة الدينية وذاع صيت مسرحيتيه الحسين ثائرا، والحسين شهيدا ليطغي علي شهرة باقي مؤلفاته الأخري، وفي ذلك قدر كبير من عدم الإنصاف لكاتب تنوع إنتاجه وتميزت أعماله بعمق التحليل وقوة الأسلوب، بالإضافة لاهتمامه بعنصر الحركة علي خشبة المسرح..

فلم يكن كأغلب سابقيه من كتاب المسرح الشعري يهتمون بالحوار فقط .. وليس يعنيهم كثيرا كيف تتحرك الشخوص علي خشبة المسرح وتكون جذابة بصريا بقدر جاذبيتها علي الورق، واهتم برسم الحركة على المسرح من خلال الحوار المسرحى .

وعلي الرغم من أن وطني عكا تعرض أصلا فكر المقاومة إلا أنها تقدم هذا الفكر من خلال فرجة مسرحية وإيقاع سريع مميز.. وترك عبد الشرقاوي كنزا للأجيال المتعاقبة والمهتمة بشان المسرح، ومن ضمن تلك الكنوز مسرحية "الأسير" عن المقاومة الشعبية لحملة لويس التاسع و"مأساة جميلة" والتي أخرجها الفنان حمدي غيث علي المسرح القومي في عام 1962 ولعب بطولتها مع شفيق نور الدين ومحمد السبع ومحسنة توفيق وعايدة عبدالجواد وعبد الله غيث وصلاح سرحان.

كذلك قدم الكاتب الراحل عبدالرحمن الشرقاوى مسرحية الفتي مهران التي عرضها المسرح القومي أيضا في عام 1966 وأخرجها الفنان كرم مطاوع وتقاسم بطولتها سميحة أيوب وعبد الله غيث وشفيق نور الدين وعبد الرحمن أبو زهرة وعبدالسلام محمد وأحمد الجزيري. كما قدم مسرحية شعرية عن القديسة كاترين بعنوان "سانت كاترين" وتحكي عن المقاومة المسيحية أثناء الاحتلال الروماني لمصر. فضلا عن رائعتيه الحسين ثائرا والحسين شهيدا.

وأطلقوا عليه في فرنسا "فيكتور هوجو.. العربي" لعطائه الرائد والمتميز في كل مجالات الثقافة والفنون.. وعرض عليه الرئيس الراحل السادات رئاسة تحرير الأهرام، ولكنه رفض كما رفض أيضا ترشيحه كوزير للثقافة، وكان دائما يقول إنه يملك قلمه وإن هذا القلم يجعله في مركز يفوق أي مركز إداري آخر.. وحينما تولي رئاسة مجلس إدارة روز اليوسف كان ذلك بطلب من الرئيس السادات نفسه واشترط الشرقاوي عليه أن يكتب ما يريد ووافقه السادات حتي أنه كان يستشهد بما يكتبه لدي رؤساء الدول العربية علي حرية الصحافة في مصر، ولكن السادات أراد أن يقيد حرية عبدالرحمن الشرقاوي بعض الشيء.. فطلب من ممدوح سالم رئيس الوزراء أن يفصل بعض المحررين في روز اليوسف بعد موقفهم من أحداث 17 و 18 من يناير فكتب الشرقاوي استقالته قبل أن يغادر مكتب رئيس الوزراء وقال: أنا أستقيل وليس أحد غيري.

ولعل عدم حصول الشرقاوي علي ما يستحق من شهرة وتكريم مرجعه إلي شدة تواضع الرجل وعدم إكتراثه بتلميع نفسه إعلاميا كما يفعل كتاب آخرون أقل منه في الموهبة والقيمة، والدليل علي ذلك ماقاله هو عن نفسه في حوار أجرته معه مجلة المسرح في عدد يوليو1966 حيث أعلن: "إنني لا أكره مسرحية من مسرحياتي ولكني لست مفتونا بأي من هذه المسرحيات.. علي العكس أشعر دائما بنواحي نقصي.. وإذا كان يجب أن أقول كلمة واحدة مختصرة فلست راضيا عما أكتب، لأنني أشعر أنني لم أعبر عما أكتب، لأنني أشعر أنني لم أعبر بعد كما ينبغي، وأحاول في كل عمل جديد أن أكمل النقص الذي اكتشفته فيما سبق، أما من ناحية العرض المسرحي وفضل هذا ليس لي وإنما للمخرج وللممثلين".

وكانت دعوته في سنواته الأخيرة:"عودوا إلي الإسلام الحق تجدوه أكثر تقدما من كل الفلسفات البشرية لكم سهرت الليالي عاكفا متبتلا في محراب الفكر الإسلامي وتحرره من الخرافات التفاسير المناهضة" ؛ هكذا كان الشرقاوي ثائرا علي نفسه وشهيدا بين أقرانه من كبار المبدعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.