«أصحاب المعاشات أكثر الفئات تعرضا للفقر، فإذا حدثت أى صدمة اقتصادية مثل التضخم، يكونون هم أول المتضررين، والتعديلات الجديدة تهدف إلى محاولة تقليل المخاطر التى قد يتعرض إليها أصحاب هذه الفئة»، هكذا علق يوسف بطرس غالى، وزير المالية على التعديلات الجديدة لقانون التأمينات الاجتماعية، والتى أقرها مجلس الشعب الأحد الماضى. وأضاف أنه بالرغم من أن وزارة المالية تعمل على وضع قانون جديد للتأمينات الاجتماعية يطبق على الداخلين الجدد لسوق العمل، إلا أن القانون القديم، المطبق حاليا سيستمر العمل به لمدة 50 عاما مقبلة، وبالتالى لابد من إدخال تعديلات جديدة عليه، يستفيد منها المؤمن عليهم بالفعل فى إطار القانون القديم. ووفقا للتعديلات الجديدة التى أقرها مجلس الشعب، من حق المؤمن عليه تعديل قيمة الأجر المتغير الذى يتم الاشتراك به 4 مرات فى العام، بدلا من الوضع الحالى الذى كان يقصر تعديل هذا الأجر على مرة واحدة فقط. كما سمحت التعديلات للمؤمن عليه بشراء مدد تأمينية عن فترات عمل سابقة منذ سن 18 بدلا من 20 فى الوضع السابق، بحيث ألا تتجاوز المدة السابقة المطلوب شراؤها مدة الاشتراك الفعلية للمؤمن عليه. وفى تصريحات خاصة ل«الشروق»، نفى غالى أن يؤدى هذا التعديل إلى زيادة الأعباء المالية على ميزانية الوزارة، «هذا التعديل سوف يُدر موارد للوزارة فى المقابل»، بحسب قوله، مضيفا أنه «حتى الفارق بين المستحقات وتكلفة الاشتراكات لا يمثل سوى نسبة بسيطة لا تؤثر على ميزانية الوزارة»، على حد تعبيره. إلا أن محمد معيط، مساعد وزير المالية، قال ل«الشروق» إنه بالتأكيد «سوف يضيف هذا التعديل أعباء مالية على الوزارة، حيث إن التأمينات المستحقة ستكون أكبر من تكلفة الاشتراكات»، بحسب تعبيره. وبالنسبة لأصحاب المعاشات أجازت التعديلات الجديدة الجمع بين المعاش والأجر من عمل جديد، ودون حد أقصى مع السماح له بالتأمين بالأجر الجديد، واعتبار مدة الاشتراك الجديدة لمعاش جديد. «إذا أراد أحد أن يؤمن شيخوخته بشكل أفضل، فمن المفترض أن تساعده الوزارة لا أن تمنعه»، هكذا علق غالى على هذا التعديل. كما تسمح التعديلات لصاحب المعاش العسكرى الذى التحق بالخدمة المدنية وحدثت له إصابة عمل فى الجمع بين معاشه العسكرى وبين معاش الإصابة عن الأجر الأساسى والأجر المتغير المقرر بقانون التأمين الاجتماعى دون حدود. ومن ناحية أخرى، أدخل تعديل فى مجال إصابة المؤمن عليه بأحد الأمراض المهنية، ليمتد حقه إلى عشر سنوات بدلا من سنة واحدة، فى الوضع الحالى، مع السماح للمؤمن عليه بالمطالبة بأى مستحقات ترجع لخمس سنوات ماضية منذ تقديم طلب بذلك. ويفسر معيط هذا التعديل، بأنه وفقا للقانون الحالى، إذا اكتشف المؤمن عليه أن لديه مرضا بعد سنة من تركه للعمل، يكون من حقه أن يأخذ التعويض الخاص بهذا المرض، أما إذا اكتشف أى مرض بعد هذه السنة، فلا يتمكن من أخذ تعويض. ووفقا للتعديل الجديد، يحق للمؤمن عليه أخذ تعويض إذا اكتشف أى مرض لمدة عشر سنوات بعد تاريخ تركه للعمل، «لقد أكد لنا وزير الصحة أن بعض الأمراض من الممكن أن يكتشفها الإنسان بعد 10 سنوات أو أكثر من استوطانها به، وعليه اقترحنا هذا التعديل على مجلس الشعب»، على حد تعبير معيط. وقال غالى، للشروق، إن مجلس الشعب أقر التعديل الجديد الخاص بأصحاب المعاش المبكر، ووفقا له، سوف يسمح بالمعاش المبكر من سن 38، بدلا من 45 سنة، مضيفا أنه سوف يتم احتساب قيمته وفقا لعدد سنوات الاشتراك ومتوسط الأجر، دون تحديد النسبة التى سيتم على أساسها احتساب هذه القيمة. ويقول معيط «من غير العدل أن يأخذ صاحب المعاش الأساسى فى سن الستين نفس النسبة التى يأخذها الشخص الذى أراد أن يخرج من الخدمة مبكرا بإرادته»، مضيفا أن الهدف من التعديل الجديد فى هذا الخصوص إلى «خلق حافز سلبى للمواطن حتى لا يأخذ بإرادته قرارا بالخروج من الخدمة مبكرا». ولم يتسن للشروق الحصول على نص التعديلات بعد إقرارها فى مجلس الشعب، الأحد الماضى، إلا أن المشروع الأولى الذى أعدته وزارة المالية، قد تضمن تعديلا أثار كثيرا من الجدل للمعامل الذى يتم على أساسه حساب قيمة المعاش المستحق للشخص، بحسب السن التى يخرج فيها إلى المعاش، بموجبه يفقد الشخص الذى يخرج عند سن 38 سنة نحو 55% من قيمة المعاش الذى يحصل عليه نظيره الذى أكمل مدته حتى سن الستين، بعد أن كان يحق لصاحب المعاش المبكر أن يحصل على نفس النسبة التى يحصل عليها من أتم مدة خدمته مضروبة فى عدد سنوات الخدمة، (وذلك بتعديل المعامل الذى يحسب على أساسه المعاش من 1/45 للجميع، إلى 1/100 لمن يخرج عند 38 سنة، تتدرج تنازليا حسب السن لتصل إلى 1/ 45 عند سن الستين). ويقول البدرى فرغلى، رئيس اتحاد أصحاب المعاشات، أن التغيير الذى أجرى على المشروع الأولى كان طفيفا جدا (تغيرت النسبة من 1/100 إلى 1/95)، معتبرا أن التعديل الخاص بربط طريقة حساب المعاش بالسن يعد «تحايلا على حكم المحكمة الدستورية». وكانت المحكمة قد قررت عدم دستورية المادة 23 من قانون التأمينات الاجتماعية، التى تقضى بخصم 5% من قيمة المعاش عن كل سنة متبقية من سنوات الخدمة قبل سن الستين، لمن خرجوا إلى المعاش المبكر. ويوضح فرغلى أن هذه النسبة كانت تخصم من معاش الأجر المتغير، أما فى التعديلات الجديدة التى قدمتها وزارة المالية لمجلس الشعب تخصم هذه النسبة من الأجر الأساسى، بطريقة غير مباشرة، من خلال تعديل النسبة (الاكتوارية) التى يتم على أساسها حساب المستحقات، والتى أصبحت مرتبطة بسن الخروج إلى المعاش على غير ما كان معمولا به سابقا. «وبالتالى تخصم 5% ممن يخرجون إلى المعاش بعد سن الخمسين، أما من يخرجون قبل الخمسين فتزيد النسب المقتطعة منهم لتصل إلى 50%، لدى الخارجين إلى المعاش فى سن 38». ومن جهة أخرى، بدأت أمس وزارة المالية فى تطبيق قانون إعفاء الشركات وأصحاب الأعمال من 50% من غرامات تأخير سداد الاشتراكات التأمينية والذى وافق عليه مجلس الشعب مؤخرا.