هذا وقت للفرح.. ووقت للفخر، ووقت للإحساس بالكرامة والكبرياء، وقت يشعر فيه كل من شارك فى الثورة أو هتف لها أو دعا لها من قلبه، أنه إنسان له قيمة. أعرف أنها كلمات مكررة يقولها الجميع الآن.. لكنها مطلوبة... نريد أن نشعر بأننا صرنا بشرا بعد أن كاد لصوص الزمن الماضى أن يسرقوا آدميتنا، بعد أن باعونا بأبخس الأثمان. كنا نعرف أن مصر كبيرة، لكنهم كادوا ينسونا ذلك، العالم بأكمله يعرف قيمة مصر وأهميتها وحضارتها أكثر من حكامها البائدين، باراك أوباما، رئيس أقوى دولة فى العالم قال شعرا فى مصر والمصريين، تحدث عن إرادتهم وكرامتهم وإنسايتهم.. كلمات لا يعرفها ولا يدركها الذين كانوا يحكموننا، والذين كادوا يحكموننا. قادة العالم جميعهم خرجوا ليهنئوا المصريين، كل العرب من المحيط إلى الخليج فرحوا لنا، ولأنفسهم، لأنهم يعرفون أن مصر القوية الديمقراطية المتحررة رصيد إضافى لكل أمتها. هو وقت للفرح.. لكنه وقت للكنس أيضا. بالأمس مررت فى ميدان التحرير صباحا كى تكتحل عيناى برؤية المكان والبشر الذين صنعوا الملحمة.. رأيت أولادا وبنات.. كبارا وصغارا يمسكون بالمقشات لكى ينظفوا ويكنسوا بقايا ليس فقط المخلفات من ورق وحجارة، لكنهم فى الحقيقة كانوا يكنسون عهدا متعفنا متخلفا. جوهر المصريين الحقيقى ظهر منذ يوم 25 يناير وحتى هذه اللحظة.. تحضر، رقى، نظافة، تعاون، إخاء، لا فرق بين مسلم ومسيحى، بين إخوانى وماركسى، بين ناصرى ووفدى.. بين شخص يقرأ جريدة ورقية وآخر يستخدم الفيس بوك وتويتر.. الجميع انصهر فى بوتقة واحدة صنعت الملحمة الكبرى. المطلوب الآن أن نكنس كل ما يمت من صفات سيئة كادت تستوطن فى حياتنا.. ليس مطلوبا أن ننكل أو نعدم أو نذبح المختلفين معنا فى الرأى حتى لو كانوا من لصوص لجنة السياسات. فقط مطلوب أن نحاكمهم محاكمة عادلة طبقا للقانون، نريد أن نعرف منهم لماذا فعلوا بنا ما فعلوا، هل سرقوا أموالنا أم هربوها ومن الذى ساعدهم؟ الانتقام لا يبنى المستقبل، لكن على كل من ساعد الظلام وروج للفساد أن يعتذر أولا لهذا الشعب.. ويقول أنا أسف، وبعدها يتعهد بألا ينافق العهد الجديد. ليس مقبولا أن نسمح للمنافقين بأن يستمروا فى طريقتهم.. الذى يغير رأيه ومبدأه فى يوم واحد ليس أمينا على أى شىء. نريد بداية جديدة، لأن المهمة المقبلة صعبة للغاية.. إسقاط نظام مبارك المستبد رغم كل صعوباته تم وانتهى.. المشكلة الأكبر هى بناء النظام الجديد.