تتشكل علاقة الأطفال بالدين مع أول زيارة لدور العبادة، سواء كانت مسجدًا أو كنيسة، لكن الأحزان تبقى راسخة في ذكرياتهم، فهل يستطيع الأطفال أن ينسوا حادث كنيسة القديسين؟، هل تنجح جهود رجال الدين في تضميد جراحهم؟. المحاولة ترصدها "الشروق" مع استئناف دروس مدارس الأحد بكنيسة القديسين التي شهدت الحادث الأليم، وذلك بصحبة الطفلين نور ونادر سمير إسكندر، ومدارس الأحد هي "مصطلح قبطي" خاص بعدد الساعات المخصصة أسبوعيا، والتي تبدأ في الغالب من الساعة الواحدة ظهرا، وتنتهي في الخامسة من يوم جمعة كل أسبوع، وهو يوم العطلة المدرسية. أوضح نور سمير 10 سنوات بالصف الرابع الابتدائي بمدرسة النصر للبنين أن يوم مدارس الأحد هو فرصة لتجمع عدد من الأطفال لأكثر من مدرسة من مختلف المراحل العمرية من سن 3 سنوات، حيث يبدأ اليوم بعد القداس الإلهي، حين يترك أولياء الأمور أبناءهم بالكنيسة للمدرس أو "الطوسوني". ويضيف نور، أن هذا اليوم يخصص فيه عدة ساعات، منها جزء لتعلم الألحان القبطية، بالإضافة إلى حفظ ترنيمة "ترتيلة"، يليهما شرح لموضوع خاص بأحد أعياد أو مناسبات الكنيسة القبطية وسيرة الآباء الشهداء، مثل قديسي العصور الأولى، والقديس مرقس، وينتهي اليوم بتوزيع بعض الهدايا، وبالطبع يسبق ذلك كله وقت للعب مع الأصدقاء. وعن الأحداث الدامية التي شهدتها كنيسته، قال نور: ذلك اليوم ذهبنا أنا وأخي الأصغر نادر للكنيسة لحضور مدارس الأحد كالمعتاد، وقد عزم والدي ووالدتي على الذهاب بنا لحضور قداس رأس السنة للاحتفال، إلا أن أختي الصغرى "لي لي" أصابتها وعكة، حالت دون ذهابنا في تلك الليلة، وهو الذي كتب لجميع أفراد الأسرة حياة جديدة، على حد قوله. وعن مدى استعداد نور ونادر للذهاب إلى مدارس الأحد بعد الحادث، أكد نور أن هناك شيئا من الخوف يعتريه، ولولا أن الله سوف يغضب منه لفضل عدم الذهاب، أما أخوه نادر، والبالغ من العمر 5 سنوات بالصف الأول بالمدرسة المصرية الإنجليزية، فأسرع في الرد الطفولي البريء، قائلاً "أنا مش خايف أروح علشان ربنا موجود معايا". وفي سؤال وُجِّه إلى الأخوين عن إصابة أي أحد من أصدقائهما، أجاب نور: لا، ولكن لي صديق بالكنيسة وبالمدرسة، يُدعي "ويصا"، أكد لي أنه كان يحضر مع والديه القداس في تلك الليلة، وعند سماع دوي الانفجار هرع هو ووالداه في الخروج، وفُوجئ بأشلاء الضحايا بين رجليه، ومنذ ذلك اليوم يؤكد لي "ويصا" أنه لا يستطيع النوم، كما علم "ويصا" أن صديق والده قد تُوفي في تلك الليلة، وهو ما زاد الأمر سوءًا. لاحظت "الشروق" أن عدد حضور الأطفال في ذلك اليوم محدود بالمقارنة ببقية أيام مدارس الأحد في العام، إلا أن أحد مدرسي المدرسة من الشباب -رفض ذكر اسمه- أرجع ذلك إلى سوء الأحوال الجوية، فضلاً عن حلول أيام امتحانات النصف الأول من العام الدراسي، مشيرًا إلى أن الآباء الكهنة في الكنيسة طالبوا أساتذة مدارس الأحد للذهاب لبيت كل طفل مقيد اسمه بكشوف الكنيسة، ومحاولة اصطحابهم لحضور يوم مدارس الأحد. كما لاحظت "الشروق" أن فترات اللعب التي يقضيها الأطفال قبل بدء اليوم الروحي كانت شبه حزينة بين نظرات الأطفال، خاصة أن الساحة المخصصة للعب قد علقت عليها صور لشهداء الحادث باللباس الأبيض، ويقف بجانبهم السيد المسيح يرتدي أيضا اللباس الأبيض، وهي كناية عن وجودهم الآن في ملكوت السموات، كما وصف في سفر "الرؤية" بالإنجيل، وهو ما أوضحه للشروق أستاذ مدارس الأحد. وفي نهاية الجولة، بدأ اليوم الروحي، والذي ابتدأ بتلاوة بعض الصلوات من سفر المزامير بالعهد القديم، والتي تطالب الله بالرحمة ومغفرة الخطايا، واستحقاق ملكوت السموات، ثم كلمة من أحد الأساتذة عن استكمال لحفظ بقية ترتيلة عيد الميلاد الذي أرجأ حفظها لمدة الأسبوع الذي يلي الحادث، وأشار سريعا إلى الأطفال أن من استشهد هو الآن بجوار السيد المسيح في ملكوت السموات.