انتخابات النواب 2025.. توافد الناخبين علي اللجان بالبدرشين قبل الإغلاق    الأردن: تقنين أوضاع العمالة غير الأردنية وتلبية احتياجات القطاع التجاري    قرقاش: الإمارات لن تشارك فى القوة الدولية لحفظ استقرار غزة    الأمم المتحدة: مخيمات اللاجئين قد تصبح غير صالحة للعيش بحلول عام 2050 مع تفاقم المناخ    الخارجية العراقية: تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بشأن الانتخابات تدخل مرفوض    مستقبل عبد الرؤوف فى الزمالك على «كف عفريت»    الاتحاد السكندري يفوز على سبورتنج وديًا استعدادًا للجونة بالدوري.. ومصطفى: بروفة جيدة    تموين الإسكندرية تحبط محاولة لبيع نصف طن زيت وسكر تمويني بالسوق السوداء    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم بشارع التسعين بالقاهرة    د. وائل فاروق: الأدب العربى لا يحتل المكانة اللائقة لأنه لا يؤمن باستحقاقها    زوجة إسماعيل الليثى: خلصت الدنيا من بعدك وخلى بالك من بابا يا ضاضا    محافظ بني سويف: إقبال السيدات مؤشر إيجابي يعكس وعيهن بأهمية المشاركة    «الطلاق شرع ربنا».. كريم محمود عبد العزيز يعلن طلاقه من آن الرفاعي    معامل الإسماعيلية تحصد المركز السادس على مستوى الجمهورية بمسابقة الأمان المعملي    قريبًا.. الذكاء الصناعي يقتحم مجالات النقل واللوجستيات    «سلّم على الدكة وقال الزمالك نادي كبير».. تصرفات «زيزو» بعد فوز الأهلي بكأس السوبر تثير جدلًا    وزير الصحة يستقبل نظيره اللاتفي لتعزيز التعاون في مجالات الرعاية الصحية    وزير التموين: توافر السلع الأساسية بالأسواق وتكثيف الرقابة لضمان استقرار الأسعار    غرفة عمليات الجيزة: لا شكاوى من حدوث تجاوزات في انتخابات مجلس النواب حتى الآن    رئيس مجلس النواب الأمريكي: عودة المجلس للانعقاد للتصويت على اتفاق ينهي الإغلاق الحكومي    ترامب يعفو عن متهمين بارزين بمحاولة إلغاء نتائج انتخابات الرئاسة 2020    منظمات المرأة في الدول العربية على حافة الانهيار مع تفاقم خفض التمويل الإنساني.. تفاصيل    بمشاركة ممثلين عن 150 دولة.. مؤتمر ومعرض الحج 2025 يناقش تطوير خدمات ضيوف الرحمن    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد وستارمر يبحثان الأوضاع في غزة    ابدأ من الصبح.. خطوات بسيطة لتحسين جودة النوم    طريقة عمل الكشرى المصرى.. حضري ألذ طبق علي طريقة المحلات الشعبي (المكونات والخطوات )    فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    شقيق الفنان محمد صبحي: حالته الصحية مطمئنة ويغادر المستشفى غداً    العمل تسلم 36 عقد توظيف للشباب في مجال الزراعة بالأردن    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    الآثار: المتحف الكبير يستقبل 19 ألف زائر يوميًا    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    الأربعاء.. فن الكاريكاتير وورشة حكى للأوبرا فى مركز محمود مختار بمناسبة اليوم العالمى للطفولة    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    تشييع جثماني شقيقين إثر حادث تصادم بالقناطر الخيرية    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    تعرف على مدة غياب كورتوا عن ريال مدريد بسبب الإصابة    تاجيل محاكمه 17 متهم باستهداف معسكر امن مرغم بالاسكندريه    الاتحاد الأفريقي يدعو لتحرك دولي عاجل بشأن تدهور الوضع الأمني في مالي    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    بالصور| سيدات البحيرة تشارك في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    تأجيل محاكمة «المتهمان» بقتل تاجر ذهب برشيد لجلسة 16 ديسمبر    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    انطلاق قوافل التنمية الشاملة من المنيا لخدمة المزارعين والمربين    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    شيكابالا عن خسارة السوبر: مشكلة الزمالك ليست الفلوس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأوهام الأمريكية فى لبنان
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 12 - 2010

تحدثت وزير خارجية أمريكية عن «مخاض ولادة شرق أوسط جديد». وهى الآن أكثر العبارات إثارة للضحك فى لبنان الذى يخالف كل الأعراف، فهو بلد يضم جيشين، وحكومة «وحدة» منقسمة انقساما يمنعها من الاجتماع، وطفرة عقارية شرسة، وقنبلة زمنية تسمى «المحكمة الدولية».
هل أصابتك الحيرة؟ على كل حال لبنان ليس للهواة. فقد أرادت كوندوليزا رايس أن تصدق أنه فى خضم نزيف الدماء الناتج عن حرب إسرائيل ضد حزب الله، الحركة الشيعية المسلحة، فى عام 2006، تكمن بذور شرق أوسط جديد ديمقراطى لا يوجد فيه حزب الله وملائم للمصالح الأمريكية. وقد تبين أن رايس كانت تحلم.
فبعد مرور أربعة أعوام، أصبح حزب الله أقوى مما كان. فلدى حزب الله القوة الأكبر من بين الجيشين (القوة الثانية هى القوات المسلحة اللبنانية)، كما أنه موجود فى الحكومة، ولديه حق النقض (الفيتو) على التوجه اللبنانى، وزعيمه حسن نصر الله لم تكن شعبيته الهائلة، باعتباره واجهة فخر للعرب، أفضل فى أى وقت منها الآن.
والآن، صارت الضاحية ضاحية جنوب بيروت التى يسيطر عليها حزب الله، وقد سواها الهجوم الإسرائيلى بالأرض عام 2006 تضج بالعمران والتجارة، بما فى ذلك محال العصير على أحدث طراز، ومتاجر بيع الألبسة الداخلية الجريئة. وهى لا تشعر بأنها مهددة بالخطر أكثر من شارع كنال فى نيويورك مثلا.
وما زالت أمريكا تحلم، وإن كان على نحو واقعى. فمن المؤكد أن تعبير «الشرق الأوسط الجديد» انضم إلى «محور الشر» فى مقلب النفايات الدبلوماسية. غير أن السياسة الأمريكية ما زالت تنطوى على محاولة تجاهل الواقع.
ويتطلع حزب الله، الممول إيرانيا والمدعوم من سوريا، بدور محورى فى السياسة اللبنانية. فهو حزب سياسى وحركة اجتماعية وميليشيا لا ينطبق عليها تماما تعبير «جماعة إرهابية». وقد أصبح أيضا الرمز الأقوى لما يعرف فى أنحاء الشرق الأوسط باسم «المقاومة».
وهى حقيقة غير مستساغة. كما أظن أيضا أنها حقيقة دائمة. وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن تجنب أى اتصال مع حزب الله يعنى محاولة أن تلعب شطرنج الشرق الأوسط دون معرفة قواعده. وتلك، كما يوضح التاريخ الحديث، وصفة للفشل.
وليس هناك سوى جزء قليل من هذا التاريخ يتمتع بالاستقرار. ففى عام 2005 أثار اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى السابق رفيق الحريرى الموالى للغرب احتجاجات هائلة، شهدت سحب سوريا لقواتها، وأذكت بقوة فى المعسكر الغربى الأوهام القديمة عن لبنان.
وتم تشكيل محكمة تابعة للأمم المتحدة للتحقيق فى جريمة القتل وسط شكوك واسعة بشأن تورط سورى. وجذب شعار «الحقيقة من أجل لبنان» مشاعر هائمة حول بدايات جديدة فى البلاد بفضل الوساطة الأجنبية. ولم يكن هناك من تحدث عن «الحقيقة» أكثر من سعد الحريرى، ابن الزعيم المقتول، وهو الآن رئيس الوزارة.
ويبدو أن الجميع صدق على المحكمة. بل إن وليد جنبلاط (زعيم طائفة الدروز) تحدث عن «بدء عالم عربى جديد»، وهاجم سوريا، ودافع بشدة عن المحكمة الدولية. وبدا لذلك أهميته، باعتباره رائدا فى السياسة اللبنانية.
أما الآن، فأثناء غذاء فاخر فى فيللا جنبلاط ببيروت، وجدت الرجل، وكانت عيناه سريعتى الحركة، يتحدث عن «جنون» تلك اللحظة، وتوقفه الوجيز مع «الموقف الإمبريالى»، وشعوره بأنه قد «تمادى كثيرا مع الأمريكيين والعرب المعتدلين»، وإدراكه أن بقاء طائفته الصغيرة يعتمد على سلوك الطريق المألوف إلى دمشق.
وقد أغضب تحول جنبلاط إدارة أوباما، ولكن ذلك عكس المد المتغير. وكما قال نديم حورى مدير مكتب هيومان رايتس ووتش فى بيروت: «بعد ما فعلته إسرائيل فى يوليو 2006، خسرت الولايات المتحدة الحرب الاستراتيجية». وقد تحقق ذلك فى عام 2008، عندما هزم حزب الله خصومه الموالين للغرب فى شوارع بيروت.
وقد عقد اجتماع مؤخرا بين جنبلاط وجيفرى فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأدنى، لكنه لم يمض بسلاسة. وقال جنبلاط: «لقد قال لى إننى زعيم وطنى، وينبغى أن أساند المحاكمة»، وأضاف أنه قال «لا، إننى أفضل أن أكون زعيما قبليا. وقد تساءلت عن فائدة عدالة المحاكمة إذا كانت ستؤدى إلى مجازر؟ من الأفضل تجاهل العدالة فى سبيل الاستقرار».
قد بات وشيكا أن تصدر المحكمة لائحة اتهام، وتتردد شائعات أنها سوف تشير بالاتهام إلى أعضاء من حزب الله. الأمر الذى من شأنه إثارة التوترات عبر خط الصدع المتفجر بين الشيعة والسنة (إيران والعرب). كما قد يضفى على الحريرى دور هاملت، حيث يرأس حكومة تضم أولئك المتهمين بقتل والده.
أما نصر الله، فيطلق تحذيرات متزايدة، ويطرح نظريات منافية للعقل، لكنها تحظى بتصديق واسع النطاق عن تورط إسرائيلى فى عملية الاغتيال. وأخذ حديث الحريرى عن «الحقيقة» يقّل شيئا فشيئا، بينما تتزايد لقاءاته مع الزعيم السورى بشار الأسد أكثر فأكثر.
وفى اعتقادى أن مرور الوقت، بالإضافة إلى التخبط والتضارب، جعل من التوصل إلى العدالة فى مقتل الحريرى أمرا مستحيلا. فالاستقرار اللبنانى ثمين وضعيف، وهو أهم من عدالة بطيئة ومشوبة وآتية من الخارج.
وكما قال حورى: «المسألة هنا ليست اختيارا بين العدالة والاستقرار. فلبنان ليست تابعا إيرانيا. والنوازع الليبرالية الحقيقية تسود». هل يوجد من يستمع لهذا فى واشنطن؟ لقد حان الوقت للتخلص من دبلوماسية الاختيار عند معالجة واقع مظلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.