يوجد حاليا 900 مليون شخص على مستوى العالم لا يستطيعون الوصول إلى مصادر نظيفة لمياه الشرب، كما يوجد 2.5 مليار شخص آخر لا يتمتعون بشبكات صرف صحى متطورة، وهذه الأرقام مرشحة للزيادة، مما يهدد الأهداف الإنمائية للألفية الخاصة بتخفيض الفقر وتحقيق الأمنين المائى والغذائى لأكبر عدد ممكن من الأفراد، وهذا هو ما دفع البنك الدولى إلى الدعوة لضرورة البحث عن إدارة أفضل للمياه فى جميع البلدان، فى تقرير جديد أطلقه أمس. فمن المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 9 مليارات شخص بحلول عام 2050، وسيصاحب هذا الأمر زيادة فى الطلب على الغذاء مع تحسن أوضاع التنمية الاقتصادية، هذا فى الوقت الذى تحدث فيه تقلبات فى المعروض المائى بسبب التغيرات المناخية، وبالتالى قد يكون «عدم الوصول إلى مياه لإنتاج الطعام إحدى العقبات الرئيسية التى ستواجه عدة بلدان فى العقود المقبلة». وبالنسبة لمصر، تتمتع المناطق السكانية الأعلى دخلا فى الدلتا بالوصول إلى مياه النيل بشكل أفضل من المناطق الأخرى الفقيرة النائية. ويرى مصطفى كامل مدير مركز شركاء التنمية، «مصر دخلت فى دائرة الدول التى تعانى من الفقر المائى، والتى يكون نصيب الفرد فيها أقل من 1000 متر مكعب سنويا، بينما لا تقوم الحكومة بالدور الكافى لترشيد الموارد المائية». فمن ناحية لا تظهر الحزم الكافى فى تحجيم المساحات المزروعة من محاصيل الأرز التى تلتهم نسبة كبيرة من حصة المياه، علاوة على أنها تدلل الطبقات الغنية بالسماح باستغلال ملاعب الجولف الضخمة للموارد المائية، مؤكدا ضرورة أن تتعاون مصر مع دول حوض النيل لتجاوز الأزمة الحالية تجنبا لتفاقمها فى المستقبل. وتبعا للبنك، «لا يمكننا تحقيق الأمن الغذائى وتحسين صحة الأفراد والتكيف مع التغيرات المناخية دون التوصل إلى سبل أفضل وأكثر كفاءة لإدارة المياه فى مختلف البلدان»، بحسب التعبير الوارد فى تقريره الجديد الذى جاء بعنوان «الحفاظ على المياه للجميع فى ظل التغيرات المناخية»، والذى دعا فيه إلى ضرورة أن «تتأهب جميع الدول وتكون مستعدة لحالات الجفاف والفيضانات». ويرى البنك أن الاستعداد لمشكلة المياه المتوقعة، التى وضعها على رأس قائمة أولوياته، يحتاج إلى أن تقوم مختلف الحكومات ومجموعة البنك الدولى بكسر الحواجز بين الوزارات والإدارات والقطاعات العامة والخاصة، والمجتمعات المحلية، لتوحيد جهود كل الجهات، خاصة مع وجود صعوبة فى جذب القطاع الخاص للاستثمار فى مجال المياه، مما أسفر عن نقص الاستثمارات الموجهة لهذا القطاع. وبالنسبة لمصر، يتم تمويل معظم الاستثمارات فى قطاع المياه وكذلك تكاليف التشغيل والصيانة لخدمات المياه من الموازنة العامة للدولة، والعائد من هذه الاستثمارات لا يزال أقل من المستويات العالمية. وقد تغير هيكل النفقات العامة الموجهة بالمياه فى العامين الماضيين فى مصر، حيث استحوذت الاستثمارات الجديدة فى هذا مجال على النسب الأكبر على حساب تسديد الديون المتراكمة، مما يزيد من التزامات القطاع على المدى الطويل، تبعا للبنك الذى دعا إلى إعادة ترتيب وتخطيط الميزانية التى يتم توجيهها لهذا القطاع. وقد وضع البنك خطة لتحقيق إدارة أفضل للمياه، والتى تعد استكمالا للخطة التى سبق وأن وضعها فى عام 2003، ويقوم تخطيط البنك على أساس تكثيف الجهود فى قطاع البنية الأساسية الخاصة بالمياه، والمتعلق بربط الخدمات المائية بالمصادر المائية بشكل مباشر، حيث ترى المؤسسة الدولية أن «تطوير البنية التحتية أمر حاسم لتحسين فرص الوصول وتخزين المياه، فضلا عن الحماية من الفيضانات والجفاف».