وزير الإسكان: جارى دراسة توفير مرحلة ثالثة للعاملين المنتقلين للعاصمة الإدارية الجديدة بمشروع زهرة العاصمة    يديعوت أحرونوت: نتنياهو يبحث مواصلة الغارات على غزة.. واتصالات أمريكية لإنقاذ وقف إطلاق النار    صلاح يقود هجوم ليفربول أمام مانشستر يونايتد    مصر تتوج بلقب بطولة العالم للكونغ فو    تقرير: رافينيا يغيب عن برشلونة في دوري الأبطال من أجل الكلاسيكو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    عاجل- «الصحة» تطلق حملة شاملة لمكافحة الطفيليات المعوية تستهدف 4 ملايين طالب بالمحافظات الزراعية    السيسي: ماضون فى تجاوز التحديات وبناء مستقبل مشرق    سعر جرام الفضة اليوم| استقرار ملحوظ وسط ترقب المستثمرين للمعدن الأبيض    رئيس الرقابة المالية يكشف جهود التحول الرقمي ودعم ريادة الأعمال في مصر    استخراج جثتين انهارت عليهما رمال بمبنى تحت الإنشاء في التجمع    درة: يسرا كانت بالنسبة لي حلم والآن هي صديقة وأخت    استعراضات فلكلورية مبهجة لفرقتي الأنفوشي وبورسعيد بمهرجان أسوان    محافظ كفرالشيخ يسلم 6 عقود تقنين أراضي أملاك الدولة للمستفيدين    فيديو.. نقيب الإعلاميين يكشف لأول مرة رأيه في التناول الإعلامي لقضية إبراهيم شيكا    كشف ملابسات مشاجرة بالشرقية بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    الداخلية تواصل جهودها لتيسير حصول المواطنين على الخدمات والمستندات    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    الاحتلال يشن غارة ثانية على مخيم النصيرات وسط غزة    الثلاثاء.. محمد الحلو وريهام عبدالحكيم على مسرح النافورة    تفاصيل احتفالية «الغرف السياحية» بفوز خالد العناني بمنصب مدير عام اليونسكو    6 أبراج تفضل أن تتعلم مدى الحياة    مي عمر تنافس في رمضان 2026 بتوقيع محمد سيد بشير    رئيس البرلمان العربي يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ    معهد الفلك يكشف موعد ميلاد هلال جمادي الأول وأول أيامه فلكياً    فودين يُعدد مزايا هالاند فى تسجيل الأهداف مع مانشستر سيتي    جامعة المنوفية والتأمين الصحي يبحثان الإرتقاء بالمنظومة الصحية    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    «الأهلي يلعب في دوري أبطال أوروبا».. تصريح مفاجئ من ياسين منصور قبل الانتخابات    شعبة الذهب تقدم نصيحة للمتعاملين.. شراء الذهب الآن أم التأجيل؟    ياسمين الخطيب: «علمني أبي ألا أبكي أمام أحد.. فسترت آلامي كما لو أنها عورات»    منتخب المغرب يرفض مواجهة الأرجنتين لهذا السبب    مدرب الزمالك يتقدم باستقالتة والنادي يعلن رحيله    الرئيس السيسي للمصريين: اوعوا تنسوا كرم ربنا وفضله على بلدنا والحفاظ عليها    إصابه سائق ومرافق في حادث انقلاب سياره تريلا محمله بالقمح في المنوفية    40 ندوة توعوية، محافظ الفيوم يتابع أنشطة الصحة خلال شهر سبتمبر الماضي    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    البنك التجارى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بمنتصف التعاملات    «الرقابة المالية» تنظم ورشة لمناقشة تطورات السوق غير المصرفية    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    اللواء طيار عمرو صقر: نسور مصر قادرون على تغيير الموازين    عصابة العسكر تنتقم…حكومة الانقلاب تعتقل صحفيا بتهمة الكشف عن سرقة أسورة فرعونية من المتحف المصرى    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    الاستخبارات التركية تساهم في وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    وزير الصحة: ميكنة جميع بنوك الدم بنهاية 2026 وربطها بغرفة الطوارئ والأزمات    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    اليوم.. نظر محاكمة 62 متهما بخلية اللجان الإدارية    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    الدفاع الجوى الروسى يدمر 45 مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    ترامب: دمرنا غواصة ضخمة تهرب مخدرات كانت في طريقها للولايات المتحدة    حنان مطاوع تخوض سباق رمضان 2026 بمسلسل "المصيدة"    50 جنيهًا للحصة.. إجراءات جديدة من التعليم لتنظيم عمل المعلمين بنظام الحصة في المدارس 2025-2026    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موارد مصر الاقتصادية فى العصر الفرعونى
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 07 - 2010

لقد سارت الحياة الاقتصادية جنبا إلى جنب مع باقى مناحى الحياة فى مصر الفرعونية سواء أكانت سياسية أم اجتماعية أم دينية، وتأثرت مثلها بالظروف التاريخية التى اعترت الدولة سواء سلبا أم إيجابا. بل إن الحياة الاقتصادية كانت مؤشرا واضحا لتلك الظروف نظرا لتأثرها المباشر بها على الصعيدين الرسمى والشخصى أى الخاص بالدولة كحكومة أو بالشعب كأفراد.
ومما لا شك فيه أن الاقتصاد المصرى القديم قد اعتمد أساسا على الزراعة حيث مثلت الضيعة الزراعية منذ الدولة القديمة الوحدة الأساسية لهذا النظام. وعلى الرغم من أن الملك كان هو المالك الوحيد لجميع الأراضى إلا أن الأراضى كانت عرضه للبيع والشراء ولعل ما ذكره «متن» أحد كبار موظفى ألأسرة الثالثة من شرائه بعض الأراضى والتى احتفظ بصكوك الملكية المتعلقة بها لخير مثال على ذلك منذ بواكير التاريخ المصرى.
أما الضياع الملكية فقد كانت تؤجر لبعض كبار موظفى الدولة وإن كان معظمها يقع على حافة الصحراء وتعرف بالأراضى الهامشية حيث كانت تستصلح بمياه الرى قبل صرفها، وكانت أغلبها عبارة عن مراع أو حدائق. ونظرا لطبيعتها الخاصة فإن تأجيرها غالبا ما كان يتم بضمان من الملك للمعابد والأفراد على حد سواء.
وعلى أية حال فقد ارتبطت الحياة الزراعية بالنيل حيث يبدأ الفلاح منذ نهاية شهر سبتمبر من كل عام فى بذر بذوره فى الأرض مستخدما قطعان الماشية فى تثبيت تلك البذور فى التربة المفعمة بالمياه، وأحيانا ما كان ييذل مجهودا أكبر بفلاحتها بالفأس أو المحراث الخشبى.
ولقد كان الفلاح يولى اهتمامه لزراعة الخضراوات بعد ما يفرغ من زراعة الأرض بالمحصول الرئيسى حيث كان يزرع البصل والقثاء والثوم والخس والكرات وغيرها من الخضراوات اللازمة لغذائه. ولقد كانت تستلزم زراعة الخضر بالذات ريا منتظما بالمياه، حقيقة إن الشادوف لم يعرف قبل الدولة القديمة أو حتى خلالها إلا أن توفير المياه كان يتم بالجهد اليدوى لنقلها إذا كانت حقول الخضراوات قريبة من النهر أو بتخزينها فى أحواض خاصة بهذا الغرض إذا كانت بعيدة عنه.
أما تربية وصيد الطيور وكذا قطعان الماشية والوعول والغزلان فضلا عن صيد الأسماك، فقد لعبت بدورها دورا مهما فى اقتصادات البلاد خلال الدولة القديمة بحكم ثراء البيئة المصرية بأنواع شتى منها. والواقع فإن تربية الماشية بالذات كانت تستلزم جهدا كبيرا من المربين يغطى موسمين كاملين حتى يمكن التحكم فيها ففى الموسم الأول تنزل الماشية بحريتها فى مراع مفتوحة بالقرب من نهر النيل حيث يعيش معها مربوها ويتبعونها أينما ذهبت، حيث كانوا يقومون بحلبها والإشراف على صغارها ومساعدتها لاسيما إذا ما عبرت مجرى مائيا أو أحراشا وعرة.
أما فى الموسم الثانى فيتم استقطاع جزء من القطيع ليصبح ضمن ماشية الحقول الزراعية التى تخضع لتغذية معينة بهدف تسمينها لحساب القصر الملكى أو لمذابح المعابد كقرابين للآلهة المعبودة، ولعل ما يوضح أهميتها فى هذا الصدد هو تخصيص موظف مهمته الإشراف فحسب على تسمين الماشية. أما حيوانات العمل بالحقل فقد كان الحمار يستخدم فى الحصاد لا سيما فى درس الغلة ونقلها فى حين كان يستخدم الثور فى نطاق ضيق فى جر المحراث، أما بالنسبة للحصان فلم يظهر قبل عام (1700 ق.م) بينما جاء الجمل تاليا له فى الظهور.
أما الطيور التى كان يتوفر على تربيتها وعلى رأسها البط والإوز والبجع وغيرها، فقد كانت هى الأخرى ذات طابع خاص فى تربيتها يمتد لموسمين، إذ يطلقها بحرية فى الموسم الأول فى مكان واسع مع توفير كمية وافرة من الحبوب وحوض للمياه ضمانا لاحتياجها الغذائى ثم فى الموسم التالى تتم معاملتها وفقا لنوعها كأن يفصل الإوز عن البجع ويوضع فى حظائر خاصة بهدف إطعامه يدويا مع تدريبه على التقاط طعامه. ولقد كان يتولى أمر الطيور متخصصون فى الشئون الداجنة فضلا عن موظفين بدرجة كاتب للإشراف على الحظائر.
ولقد كان كبار موظفى الدولة القديمة مولعين بتصويرهم أنفسهم وهم يصيدون فى الصحراء أو الأحراش، حيث كان لهذا النشاط هدف مزدوج يستهدف الحصول على لحم الصيد طازجا فضلا عن التحصل على خبرات طيبة فى استئناس الحيوان. وهو الأمر الذى يفسر تصوير الصائد وهو يحمل حبلا لاقتياد الفريسة حية إلى جانب قوس الرماية سواء بسواء، كما كان يستعين بكلب الصيد المدرب على تعقب الفريسة أو إحضارها.
وجدير بالذكر أيضا أن الصيد كانت له خلفية دينية تتمثل فى اعتبار حيوانات الصحراء مخلوقات شريرة تنسب لست إله الشر فى العقيدة المصرية ومن ثم فالقضاء عليها كان جزءا من تقوى الشخص. والواقع فان الصيد لم يقتصر فقط على علية القوم حيث مارسه بعضهم كذلك من أجل التسلية وقضاء أوقات الفراغ، بل امتد ليصبح وظيفة تخصصية يقوم بها بعض موظفى الدولة يحملون لقبا خاصا يدل على ذلك وكانوا ينضوون تحت إمرة دوريات الشرطة.
أما الأحراش فقد كانت ثرية بعناصرها كالبردى عصب مواد الكتابة وصناعة الحبال لا سيما تلك الخاصة بأشرعة السفن فضلا عن مراكب الصيد الخفيف التى كانت تصنع بربط أعناق سوق النبات فى حزم متينة يتم تسييرها بسهولة بالغة على صفحة النيل، كما كانت سوقه تستخدم كدعامات فى المبانى لاسيما الأسقف، ناهيك عن الزهرة ذاتها التى كنت تستخدم فى الزينة. وقد شارك اللوتس نظيره البردى فى معظم الفوائد، ومن ثم لم يكن مستغربا احتفاء المصرى بهما عقديا واجتماعيا بجانب الهدف الاقتصادى. وتجدر الإشارة إلى أن الطيور المهاجرة التى كانت تجمعها شباك صيادى الطيور البرية فى الأحراش قد مثلت ذخيرة طيبة لإثراء الحظائر الملكية.
ولقد كان صيد السمك أحد أهم مصادر غذاء المصرى القديم حيث كان يتم بشكل جماعى وفردى باستخدام أدوات مثل الشباك الطافية على صفحة الماء التى تنشر بواسطة فرق عمل متقابلة أو الشباك العادية وكذا الحراب والسنانير. ولقد كان يتم تجهيز الأسماك فى موقع صيدها بفتحها من منتصفها إلى قسمين ثم تترك لتجف. ولقد عرف المصرى قرابة أربعة عشر فصيلة من الأسماك يندرج تحتها أربعة وعشرون نوعا من الأسماك.
وعلى أية حال فإن ما تم سوقه من مفردات اقتصادية إنما يعنى أن مصر كانت تنتج كفايتها من الغذاء بفضل توافر رجال أكفاء على إدارة هذه العملية الاقتصادية سواء من المزارعين أو الرعاة أوالصيادين أو الصناع. حقيقة أن المواد الخام الأساسية لم تكن جميعها متوافرة بأرض مصر بما يمكن أن يؤثر سلبا على تطورها الاقتصادى، إلا أن المصريين قد تغلبوا على هذا الأمر بجعله ضمن أسس السياسة الخارجية للملك الحاكم. بمعنى أن المصريين فى الدولة القديمة وما قبلها لم يكونوا تجارا بذاتهم ومن ثم كانت الإدارات الملكية معنية فى هذا الصدد بتوفير المواد الخام للصناعة مثل جميع العمليات الاقتصادية من زراعة وصناعة وتجارة التى كانت تتم من خلال الملك أو بالأحرى إشرافه.
ومن ثم فلا عجب أن يرسل سنفرو أسطولا تجاريا باسمه إلى الساحل الشرقى للبحر المتوسط لاستجلاب أخشاب جبيل أو أن يرسل ساحورع بعثة إلى الساحل الصومالى (بونت) حيث منتجات الجنوب وعلى رأسها البخور بالإضافة للبعثات الملكية التقليدية لسيناء والنوبة والصحراء الشرقية حيث المحاجر والمناجم الزاخرة بالعديد من المواد الأولية كالنحاس والفيروز فضلا عن أنواع الحجارة المختلفة كالجيرى والبازلت والجرانيت بأنواعه المختلفة.
والواقع فإن التجارة الداخلية كانت بعكس مثيلتها الخارجية حيث عنى بإداراتها موظفون، كما كان قوامها المقايضة بتبادل السلع لسد حاجة الأفراد بما يحتاجونه مقابل مالديهم من فائض. ولم تكن تخضع فى المجمل لقاعدة النوع أو العدد، فحسبما أظهرت مناظر المقابر فقد كان يتم مثلا مقايضة الخضر بالمراوح أو تبادل الجعة بزوج من الصنادل.
والجدير بالذكر أن الذهب كان يستخدم معيارا لتقييم البضائع الثمينة التى كان يتم تبادلها مقابل ذات الوزن ذهبا، ولقد قام كتبة الضرائب منذ عهد الأسرة الخامسة بوضع قائمة تختص بتحديد هذه المعايير القيمة للسلع مقابل وزنها ذهبا. بيد أنه لا ينبغى اعتبار الذهب بمثابة عملة آنذاك حيث إن النقود لم تكن معروفة خلال العصر الفرعونى بأكمله، إذ كانت تقدر ثروة الشخص بمكانته الاجتماعية وانتسابه الوظيفى الذى يضمن له من عناصر الثروة ما يجعله فى عداد الموسرين ماديا والمتميزين اجتماعيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.