يمضي قطار الحياة بالناس يصل فيه كل شخص الي محطته النهائية في الحياة, يحمل معه أعماله طوال عمره الذي عاشه في دنيا الناس مابين اهتمامات جادة ونافعة بأقصي إفادة ونفع للمجتمع والأفراد ومابين بعض الأعمال التي أداها لهم الصنف الآخر من الاشخاص الي جانب صنف ثالث من الاشخاص عاشوا حياة لاهية عابثه. وتشهد مسيرة حياة فقيدنا د. شوقي الفنجري عن نموذج فريد من الاشخاص الذين تبوأوا مكان الصدارة في العطاء للمحيطين به في كل مكان, من الاهل والاصدقاء والزملاء والمعارف لفضله ولمن لايعرفهم, ولغيرهم من بني دينه ومجتمعه. لقد لمست في الفقيد معالم لشخصه من جيل الرواد الذين رحلوا عن حياتنا الا قليلا منهم, يتميز بالسبق والريادة في الوطنية والعلم والعطاء, وهي مكونات هذه الشخصية الثرية في كل هذه الجوانب, تتجلي في الأعمال والمآثر التي تميز بها طوال سنوات عمره, فهو محب لوطنه أقصي مايكون الحب يحدثك عن هموم الوطن وتطلعاته وأمله لمصر في محيطها العربي, وعالمها الاسلامي, يذكر بعطاء الجيل السابق في خدمة مصر حبا وكرامة, وهو لذلك طبعت شخصيته علي الجلد والجد والاصرار علي تحقيق مايريده, وقد وجدناه وطنيا في طليعة الصفوف داعما ومؤيدا لقضايا الوطن, حيث شارك في حادث كوبري عباس مع المتظاهرين حتي كانت إصابته التي لازمته آثارها طوال عمره الحافل بالعطاء, وحتي أعلن عن وفاته, ثم أراد له القدر الحياة ليلقب بالشهيد الحي, ولم ينل هذا الحادث من عزيمته الصلبة بل زاده اصرارا بالمزيد من المشاركة في خدمة دينه ووطنه والمجتمع من حوله. وواصل مشواره العلمي جنبا الي جنب مع رسالته في خدمة العدالة وأنجز رسالته للدكتوراه في فرنسا وسط ظروف صعبة, حيث ظروفه الصحية نتيجة الحادث وأعبائه المعيشية للأسرة ومقتضيات البحث العلمي للحصول علي الدرجة العلمية في الاقتصاد السياسي, فقد شغلته هموم مصر والعالم الاسلامي, وتخلف المسلمين في العصر الحديث. وانطلق الراحل الكريم في رحلة الحياة بأخلاق الفارس فجمع بين العمل القضائي, والتدريس الأكاديمي والبحث العلمي, وترك بصمة واضحة في كل هذه النواحي, فهو من الرواد المؤسسين للكتابة في الاقتصاد الاسلامي, وهو العلم الذي تعظم حاجة الأمة اليه وهي في معترك التنافس علي التقدم في عالم القوي الكبري. ترك الفارس كتابات علمية تنم عن بصر وبصيرة وقناعة بالمنهج الاسلامي في الوفاء بمتطلبات الحياة, وأضاف الي المكتبة الاسلامية أطروحات ودراسات تشكل منارات هادية علي الطريق. وانتقل من مجال الكتابة وتربية الاجيال وخدمة العدالة الي العمل الخيري والعمل العام والمجتمعي, فأحيا صرحا ضخما من صروح العمل الأهلي والمدني هو الجمعية الخيرية الاسلامية التي عمل رئيسا لها في أخصب فترة لها, فقد وسع نشاطها وارتاد بها آفاقا جددة ومجيدة في مشروعات متعددة في الرعاية الاجتماعية وإعاشة الطالبات المغتربات, ومساعدة طلاب العلم ورصد وقفيات للتفوق, وعلاج المرضي المحتاجين وإعانة العمل الحرفي والمشروعات الصغيرة... الخ هذه الانشطة التي تخدم المجتمع والوطن, وتنم عن رسالة الاسلام في الحياة في تحقيق وقضاء حاجات الناس ومصالحهم, لذلك فإنه يعد نموذجا فذا بين أقرانه ومن حباهم الله بالمال يعطي في صمت لايبغي جزاء ولا شكورا سعيدا, لذلك فستظل اياديه البيضاء وعطاؤه الخلاق مستمرين الي ماشاء الله لدينه ولوطنه وللناس.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون فله منا الدعاء بالرحمة من كل مريديه وعارفي فضله.