من الناس من يولي اهتمامه لأشياء لاينفع الالمام بها، كما لايضر الجهل بها، مثل أخبار نجوم الفن، ونجوم كرة القدم، وأخبار الناس ودخائلهم، وهو يبحثون عما فيه اثارة.. هذه اهتمامات صغيرة لانفع لها ولاخير فيها، وإنما هي مضيعة للوقت، وتتبع لدخائل الناس، سواء كانوا نجوما أو أرقاما عادية بين الناس.. هؤلاء الذين يشغفون بالصغائر، تجدهم لايهتمون عادة بالامور الجادة في الحياة، أو بالامور التي تحقق لهم نفعا، وترتقي بهم، فهم يعيشون علي هامش الحياة. وعلي عكس أولئك، هناك من يعفون عن الصغائر.. لايقربونها ولايشغلون انفسهم بها، ويهتمون بما يعود عليهم بالنفع في الدنيا والفوز في الآخرة بجنات النعيم.. فهما صنفان من الناس، يختلفون فيما بينهم أشد الإختلاف. وقد امتدح الله الصنف الثاني في قوله تعالي »والذين هم عن اللغو معرضون« » المؤمنون 3« واللغو هو مالا خير فيه ولانفع له من قول أو عمل. الصنف الاول- اضافة إلي ما ذكرناه عنهم - اهتماماتهم مغلوطة، فهم علي سبيل المثال يجلسون أمام شاشات التلفزيون ساعات طوالا، لايهتمون الإ ببرامج التسلية والافلام والمسابقات ومعظمها تهريج في تهريج، وما يتخللها من اعلانات لاتنتهي، وتتكرر بشكل يثير الضجر. والصنف الثاني يقدر قيمة الوقت اذ يتجهون إلي البرامج الجادة- إن وجدت- ولاينفقون معظم أوقاتهم امام التلفزيون، بل يوجهون جزءا من اوقات فراغهم للقراءة والاطلاع علي المفيد من المعلومات، وتذوق الادب الرفيع الذي يغذي الروح ويوسع المدارك. والصنف الاول نشاطه موجه في اغلبه إلي التسلية، وقتل الوقت في لعب الطاولة أو الكوتشينة أو ما شابه، والذي يجهد العقل بلا أي مردود، ويضيع الوقت، ويتلف الاعصاب وخاصة في حالة الخسارة!! الصنف الاول لا تشغل الآخرة اهتمامهم، وهم عنها معرضون، وهم لايقيمون الصلاة، وان اقاموها فبلا تركيز ولا انتظام. والصنف الثاني يعمل لآخرته الف حساب ويشغل تفكيره فيها، وبما يمكن ان يؤديه تقربا إلي الله، حتي يرضي عنه ويغفر له ذنوبه ويدخله الجنة.. وهو لا يكتفي بأداء الفروض، وإنما يزيد عليها بالنوافل بقدر استطاعته، ويخرج الصدقات ابتغاء وجه الله.. فهم في الجملة يفهمون الحياة علي حقيقتها، ويعرفون ان الله وهبهم الحياة ليختبرهم، ثم يسكنهم الجنة اذا سعوا لها سعيها، أو يسكنهم النار إن هم ضلوا سبيلهم، فكانوا من المغضوب عليهم أو من الضالين.. اللهم لا تجعلنا مع القوم الخاسرين »الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا« »الكهف 401«..