تحتفل اليوم قوات الدفاع الجوى بالعيد الأربعين لها، ففى الثلاثين من يونيو عام 1970 سطر رجال الدفاع الجوى بأحرف من نور صفحات مضيئة فى تاريخ العسكرية المصرية، حيث استكملت القوات المسلحة فى هذا اليوم بناء حائط الصواريخ، الذى كان البداية الحقيقية لإنهاء أسطورة القوات الجوية الإسرائيلية، كما اتخذت القوات المسلحة المصرية قرار دفع كتائب الصواريخ إلى الجبهة على مرحلتين على أن تكون جاهزة بالنيران فى هذا اليوم، وهنا بدأ أسبوع تساقط الطائرات وكان حصاد يومه الأول إسقاط أول طائرتى فانتوم وطائرتى اسكاى هوك ثم توالت الخسائر فقررت القيادة الإسرائيلية عدم اقتراب قواتها الجوية من قناة السويس واعتبر يوم الثلاثين من يونيو 1970 هو البداية الحقيقية لاسترداد الأرض والكرامة، واستحق أن يتخذ عيدا للدفاع الجوى، كما تجلت روعة الأداء فى حرب أكتوبر 73 حيث نجحت قوات الدفاع الجوى فى صد وتدمير الطائرات المعادية ومنعها من الاقتراب لمسافة 15 كيلومترا شرق القناة. «الشروق» التقت الفريق عبدالعزيز سيف الدين، قائد قوات الدفاع الجوى، ليلقى مزيدا من الضوء على الدور الكبير الذى تقوم به قوات الدفاع الجوى، حيث قال إن القوات المسلحة المصرية خرجت بعد هزيمة يونيو 1967 بالعديد من الدروس أهمها سرعة بناء القوات المسلحة المصرية لاستعادة الأراضى المصرية التى تم احتلالها وذلك بالتخطيط والتنظيم العملى السليم، فصدر القرار الجمهورى رقم 199 فى فبراير عام 1968الخاص بإنشاء قوات الدفاع الجوى كقوة رابعة ضمن قواتنا المسلحة مسئولة عن حماية الأهداف الحيوية بالدولة وتجمعات القوات المسلحة بمناطق تمركزها على الجبهة المصرية شرق وغرب قناة السويس وفى العمق الاستراتيجى للدولة. وأشار الفريق إلى أن الدفاع الجوى مجموعة من الإجراءات التى تهدف لمنع وتعطيل العدو الجوى عن تنفيذ مهمته أو تدميره بوسائل دفاع جوى ثابتة ومتحركة طبقا لطبيعة الهدف الحيوى والقوات المدافع عنها، ويتطلب تنفيذ مهام الدفاع الجوى اشتراك أنظمة متنوعة لتكوين منظومة دفاع جوى متكاملة، تشتمل على أجهزة الرادار المختلفة التى تقوم بأعمال الكشف والإنذار بالإضافة إلى عناصر المراقبة الجوية بالنظر وعناصر إيجابية من صواريخ مختلفة المدى والمدفعية المضادة للطائرات والصواريخ المحمولة على الكتف والمقاتلات وعناصر الحرب الالكترونية، وتتم السيطرة على تلك المنظومة بواسطة نظام متكامل للسيطرة والقيادة على مختلف المستويات وفى تعاون وثيق مع القوات الجوية والحرب الالكترونية بهدف الضغط المستمر على العدو الجوى وإفشال فكره فى تحقيق مهامه وتكبيده أكبر الخسائر. وأكد أن تطوير وتحديث قوات الدفاع الجوى يعتمد على منهج علمى مدروس بعناية فائقة بما يحقق تنمية القدرات القتالية للقوات وإجراء أعمال التطوير والتحديث التى تتطلبها منظومة الدفاع الجوى المصرى، وطبقا لعقيدة القتال المصرية بالإضافة إلى أعمال العمرات وإطالة عمر المعدات الموجودة بالخدمة حاليا، وهناك محور رئيسى فى التطور وهو المتابعة المستمرة والدراسة الجادة لكل ما هو موجود وينتج حديثا على الساحة العالمية من نظم الدفاع الجوى ثم نسعى لامتلاكها إذا كان متوافقا مع احتياجاتنا، أيضا هناك محور آخر للتطوير المستقبلى وهو تطوير العملية التعليمية للمقاتل، ليرتبط ذلك كله بالتطور الهائل الذى يشهده العالم فى تكنولوجيا التسليح. وكشف أن القيادة العامة تضع فى أذهانها أن مبدأ تطوير الأسلحة والإمكانات المتيسرة لدينا هو الحل لمواجهة العدائيات المتطورة لأنه من المعروف أن أى دولة مهما بلغ ثراؤها لا يمكنها شراء أسلحة لمواجهة جميع التهديدات. وأشار إلى أن هناك حرصا على التدريبات المشتركة مع الدول العربية الشقيقة والأجنبية الصديقة التى تعود بالفائدة على جميع القوات المشتركة للتعرف على أحدث ما وصل إليه العلم فى مجال تكنولوجيا التسليح خاصة فى مجال القوات الجوية، ولا يقتصر دور قوات الدفاع الجوى على الاشتراك فى التدريب المشترك بل يتعدى دورها إلى القيام بتنفيذ مهام التأمين للقوات الجوية المصرى أو الصديقة المشتركة فى التدريب بدءا من وصول الطائرات الصديقة ودخولها المجال الجوى المصرى وحتى مغادرتها لمصر. وتحديث الفريق عن كلية الدفاع الجوى حيث قال إنها احتلت مركزا مرموقا على مستوى الشرق الأوسط ضمن أحد المعاهد العسكرية، وأوضح أن دورها لا يقتصر على تخريج ضباط الدفاع الجوى المصريين بل يمتد ليشمل تخريج ضباط للدول العربية والأفريقية الصديقة، وأشار إلى تبادل البعثات العلمية والدورات التدريبية مع عدد من دول العالم. وحول الدور التاريخى لقوات الدفاع الجوى أوضح الفريق أن هناك 4 مراحل من الصراع المسلح عقب حرب يونيو 67 خلال بناء ونشأة قوات الدفاع الجوى، الأولى مرحلة الصمود ثم مرحلة الدفاع النشط، ثم حرب الاستنزاف، والمرحلة الأخيرة كانت التخطيط والإعداد والتجهيز لحرب أكتوبر، وتمكنت قوات الدفاع الجوى خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو 1970 من إسقاط طائرتى فانتوم وطائرتى سكاى هوك خلال هذا الهجوم، وتم أسر ثلاثة طيارين إسرائيليين وكانت هذه أول مرة تسقط فيها طائرة فانتوم، وفى ذلك الوقت قدمت الولاياتالمتحدة مبادرة لوقف القتال أطلق عليها مبادرة «روجرز» على اسم وزير خارجيتها التى تنص على تسكين الموقف فى جبهة القناة ومنع تحرك المزيد من وحدات الصواريخ أرض جو إليها وتقريب التجميع الحالى من القناة، وقبل طرفا الصراع هذه المبادرة على أن يبدأ سريانها اعتبارا من منتصف ليلة 7/8 أغسطس 1970، واكتسبت مصر ثقة عالية برجال قوات الدفاع الجوى فى نهاية حرب الاستنزاف التى كان لها الأثر فى إقناع إسرائيل بفشلها فى إسكات شبكة الدفاع الجوى ولم يصبح للسلاح الجوى الإسرائيلى حرية العمل كما كان من قبل، وعبر الجنرال وايزمان، وزير الدفاع فيما بعد، عن ذلك فى مذكراته «على أجنحة النسور»، حيث كتب يقول: سنظل نذكر أن حرب الاستنزاف هى الحرب الأولى التى لم تنتصر فيها إسرائيل، وهى حقيقة مهدت الطريق أمام المصريين لشن حرب يوم كيبور «حرب أكتوبر 1973». وفى مساء يوم 8 أكتوبر عندما عاد رئيس الأركان الجنرال ديفيد إلعازر إلى مكتبه واطلع على تقارير القتال، واكتشف أن خسائر قواته الجوية بلغت 44 طائرة، وكان هذا يعنى أن إسرائيل ستخسر قواتها الجوية خلال أيام، وفى إطار تنفيذ قوات الدفاع الجوى لمهامها خلال حرب أكتوبر 1973 تعرضت لهجمات جوية مستمرة، حيث هاجمت الطائرات الإسرائيلية مواقع الرادار مرات عديدة لإحداث ثغرات فى الحقل الرادارى وبالتالى مفاجأة عناصر الدفاع الجوى الإيجابية، حيث كان الصمود فى وجه العدو بعدم حدوث ثغرات فى شبكة الإنذار رغم إصابة بعض هوائيات أجهزة الرادار. واختلفت التقديرات فى عدد الطائرات التى خسرتها إسرائيل أثناء حرب أكتوبر حيث أعلنت إسرائيل أنها خسرت 102 طائرة فقط، بينما قدرت المصادر الغربية أن عدد الطائرات التى دمرها الدفاع الجوى المصرى «180 200» طائرة وأعلنت المصادر الشرقية أن إسرائيل فقدت 280 طائرة، والواقع أن المشكلة الحقيقية بالنسبة لإسرائيل لم تكن فى فقدان الطائرات فقد استعوضتها بالفعل ولكن المشكلة الحقيقية كانت فى فقدان الطيارين، ورغم اختلاف الآراء حول الخسائر فى الطائرات الإسرائيلية فى الحرب فقد شهد العالم أن الدفاع الجوى المصرى استطاع أن يحيد القوات الجوية الإسرائيلية ومنعها من تنفيذ مهامها القتالية. وحول أهم معارك قوات الدفاع الجوى خلال مرحلتى الردع والاستنزاف وانعكاساتها على نصر أكتوبر، قال الفريق إنه عقب حرب 1967 وتشكيل القوة الرابعة كان على قوات الدفاع الجوى التى لم تكتمل بعد عبء التصدى لطائرات العدو التى تقصف يوميا مواقعنا ومدننا مما فرض على قوات الدفاع الجوى الإعداد والتخطيط والدراسة إلى جانب مهام القتال، ومع بدء حرب الاستنزاف فى مارس 1969 واجهت قوات الدفاع الجوى الهجمات الجوية بشجاعة نادرة مع الإصرار على الاستمرار فى القتال مهما كانت التضحيات، حيث تم وضع طائرات العدو باستمرار تحت تأثير النيران على جميع الارتفاعات. وظهرت معدات الدفاع الجوى لأول مرة فى بداية عام 1938 بتكوين بطارية مدفعية مضادة للطائرات ثم تطورت عام 1939 لتصبح بإجمالى وحدتين مدفعيتين مضادتين للطائرات وبطارية أنوار كاشفة وكانت مهمة هذه الوحدات توفير الدفاع عن مدينتى القاهرة والإسكندرية فى الحرب العالمية الثانية. تطور استخدام المدفعية المضادة للطائرات بنهاية عام 1945 من خلال دعمها بأجهزة رادارية تستخدم لضبط نيران المدفعية وبنهاية الحرب العالمية الثانية خرجت المدفعية المضادة للطائرات وقد أرست قواعد استخداماتها العسكرية التى لاتزال القوات المسلحة تعمل بها حتى اليوم طبقا لأسس الاستخدام القتالى. وكان لوحدات المدفعية المضادة للطائرات دور كبير فى الاشتراك لصد العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956، وبدأ الإعداد لدخول الصواريخ المضادة للطائرات باسم مشروع عامر فى أوائل عام 1961، كما بدأ تشكيل وتدريب وحدات الصواريخ الموجهة مع بداية عام 1962 بواسطة خبراء السوفييت والأطقم المصرية الذين حصلوا على دورات تخصصية فى الصواريخ الموجهة المضادة للطائرات بروسيا. وبدأ أول ظهور لمنظومة الدفاع الجوى بأنظمته المتعددة بنهاية عام 1963 لحماية سماء مصر بدءا من حرب الاستنزاف وروعة الأداء فى تنفيذ مهامها القتالية بنجاح خلال تلك الفترة، وحتى حرب أكتوبر 1973 التى تمكنت خلالها من الإطاحة بالذراع الطولية للقوات الإسرائيلية.