الرئيس السيسي يتفقد سيارات "سيتروين C4X" المصنعة محليًا.. ويؤكد دعم توطين الصناعة وزيادة التصدير    شاهد بالصور والفيديو | كشف أخطر وكر تجسس في إيران.. ضبط متفجرات ومسيّرات داخل مبنى استخدمه عملاء الموساد بمدينة ري    مدرب بوكا: نركز على بنفيكا والتأهل يمر عبر أوروبا    ضبط طن سماد زراعي مدعم خاص بوزارة الزراعة محظور بيعه أو تداوله بالفيوم    محافظ أسوان يترأس الإجتماع التنسيقى الموسع لتهيئة الأجواء المناسبة لطلاب الثانوية العامة    ذكريات تترات الدراما تضيء المسرح الكبير.. ليلة حنين وعشق للدراما المصرية بالأوبرا    فيلم "ريستارت" يحصد 1.6 مليون جنية ضمن إيرادات أمس    رابط الاستعلام عن المقبولين بوظيفة معلم مساعد العلوم وموعد امتحاناتهم    «درس جيد للجميع»| «بيسكوف» يصف رد الفعل الدولي على الهجمات الإسرائيلية    السوداني: حكومة الاحتلال لا تعترف بالقوانين الدولية وترتكب الجرائم منذ السابع من أكتوبر 2023    تموين الأقصر: صرف 37 مليون رغيف و1708 أطنان دقيق مدعم في أسبوعين    انطلاق البرنامج الصيفي بقصر ثقافة أحمد بهاء الدين بأسيوط    طريقة عمل كفتة الفراخ، فى خطوات بسيطة    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يفتتحان المعهد الفني للتمريض الجديد بمنشأة سلطان    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    تنسيق الجامعات.. 6 أقسام متاحة لطلاب الثانوية ب حاسبات حلوان    مصرع طفل أسفل عجلات قطار الصعيد عند مزلقان دماريس بالمنيا    «استئناف المنيا» تؤيد عقوبة الإعدام شنقًا ل قاتل عروس بني مزار    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن موعد امتحانات المتقدمين لشغل 3500 وظيفة معلم مساعد مادة العلوم    الكرملين: روسيا مستعدة للوساطة بين إيران وإسرائيل    الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بتكثيف الجهود لتهدئة الصراع بين إيران وإسرائيل    «وحشتنا القاهرة».. إلهام شاهين تعلن عودتها من العراق    وزير الثقافة: لا مساس بحرية الإبداع.. والتوصيات تركز على جودة المحتوى ودعم الإنتاج والتوزيع الدرامي    ما هي علامة قبول الطاعة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    «الصحة»: الدولة تسير في مسار مالي لتحفيز الأطباء وتحسين بيئة العمل بالمستشفيات الحكومية منذ 11 عامًا    محافظ المنوفية يدشن قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان ضمن احتفالات العيد القومي    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    «هيئة الدواء» تقدم.. نصائح لتقليل الإصابة بمرض النقرس    عميد «علوم سياسية الإسكندرية» يُكرّم الملحقين الدبلوماسيين الجدد من خريجي الكلية (صور)    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    رئيس مجلس النواب يضع مجموعة قواعد لمناقشة مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية    محافظ سوهاج يدعو المواطنين للإبلاغ عن وقائع الغش في امتحانات الثانوية العامة بالأدلة    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    رياح وأتربة وحرارة مرتفعة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الاثنين    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    أسعار النفط تقفز وسط تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    الاثنين 16 يونيو 2025.. البورصة المصرية تعاود الارتفاع في بداية التعاملات بعد خسائر أمس    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 16-6-2025.. هبوط كبير تجاوز 900 جنيه    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    مدرب بالميراس يتوعد الأهلي قبل مواجهته في مونديال الأندية    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    عمرو أديب: كنت أتمنى فوز الأهلي في افتتاح كأس العالم للأندية    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    إيران تعلن اعتقال عنصرين تابعين للموساد الإسرائيلى جنوب طهران    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضوء
الحب والتقدير والإعزاز والاحترام إلي جيش مصر في يوم عيد الدفاع الجوي
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 07 - 2010

‏بواسطة قواتي الجوية أستطيع غزو أي مكان في العالم‏..‏ حتي لو كان في القطب الشمالي‏...‏ هذه الكلمات الواثقة أو هذا التصريح المغرور لواحد من صقور الصهاينة هو الجنرال إسحق رابين وقاله في شهر يونيو‏1967‏ عقب هزيمة جيش مصر الذي لم يحارب‏..‏ معني هذا الكلام أن العدو الصهيوني علي يقين تام بأن المصريين لا حول لهم ولا قوة أمام الطيران الصهيوني وأن سماء مصر مباحة متاحة أمام الصهاينة في أي وقت وأي مكان‏...‏
في هذا الوقت لم يكن الدفاع الجوي الذي نعرفه حاليا موجودا وفي أول فبراير‏1968‏ صدر القرار الجمهوري بإنشاء الدفاع الجوي قوة رابعة داخل قواتنا المسلحة بهدف حرمان العدو من تفوقه الجوي‏...‏
إسحق رابين علي الجانب الآخر يؤكد للعالم كله أنه قادر علي ضرب وغزو أي مكان في العالم بواسطة قواته الجوية‏..‏ كلام واضح صريح محدد‏!.‏ يملكون قوات جوية قوتها رهيبة وهائلة ومفزعة‏...‏
علي الجانب المصري‏..‏ نحن قررنا إنشاء قوات دفاع جوي لأجل حرمان العدو من تفوقه الجوي‏...‏
هنا أتوقف قليلا أمام هذا المشهد لأنه شاهد إثبات علي عبقرية المصريين وشجاعة المصريين وعقيدة المصريين لأن قوة الصهاينة الجوية هائلة بدعم أمريكا غير المشروط لها ونحن علي ما افتكرنا وقررنا إنشاء قوات دفاع جوي مؤكد أنها تحتاج إلي سلاح وتحتاج إلي تدريب وتحتاج إلي وقت طويل طويل‏...‏
قرار صعب في وقت أصعب والمهمة مستحيلة‏...‏
قرار صعب لأنه تأخر سنين طويلة وطالما هناك وطن يعيش علي أرضه شعب لابد أن يوجد دفاع جوي‏...‏
القرار‏..‏ قرار إنشاء دفاع جوي‏..‏ صعب والتوقيت أصعب لأن المهزوم يسمع ويصغي ويطيع‏!.‏ المهزوم لا أحد يسمعه أو حتي يطيق سماع صوته‏!.‏ المهزوم لا أحد يتحالف معه ومن يتفق مع ضعيف‏!.‏ المهزوم ظروفه غاية في الصعوبة‏!.‏ المهزوم صعب عليه أن يطلب وصعب عليه أن يشترط وصعب عليه أن يحدد وصعب عليه أن يختار‏..‏ ولهذا عندما تقرر إنشاء قوات جديدة تتطلب أسلحة ومعدات وذخيرة لم نسمع عنها من قبل‏..‏ فمن يغامر ويعطي سلاحا جديدا لمن لا يملكون خبرة‏..‏ وحتي إن وافقوا فكم من الوقت نحتاجه لنستوعب هذا السلاح الجديد؟‏.‏
أما المهمة وهي حرمان العدو من تفوقه الجوي فهي مستحيلة لأننا نتكلم عن دفاع جوي لم يتم تشكيله بعد ومطلوب منه أن يقدر علي قوات جوية يرونها قادرة علي ضرب وغزو أي مكان علي خريطة العالم في القطب الشمالي كان أو الجنوبي‏...‏
قرار صعب في وقت أصعب والمهمة مستحيلة‏..‏ ولكن‏!.‏
المصريون من فجر التاريخ وبإذن الله إلي يوم الدين لا يعرفون المستحيل لأنهم يؤمنون بأن المستحيل وهم في ذهن الضعفاء وأنه طالما في الصدور قلوب تنبض مستحيل أن يكون هناك مستحيل‏...‏
هذا الشعور لم يكن خيالا إنما صنعته إرادة فولاذية لبشر يعمل ليل نهار لاستيعاب الأسلحة الجديدة ولتحقيق المهمة المستحيلة‏...‏
والمهمة المستحيلة تزداد استحالة عندما يركز العدو هجماته الجوية ويسقط العدو يوميا مئات الأطنان من القنابل والمتفجرات علي قوات الدفاع الجوي المطلوب منها أن تشتبك مع العدو وأن تحمي معداتها وتحافظ علي رجالها وأن تتدرب علي الأسلحة الجديدة وأن تفكر في الخطوة القادمة‏...‏
لم تكن خطوة إنما خطوات داخل خطة لابد من تنفيذها طالما أننا حقا نريد الثأر ونريد النصر والذي يفكر في استرداد أرض لابد أن يغطي سماء هذه الأرض بصواريخ دفاع جوي تحمي جيش مصر يوم يقتحم القناة ويدخل سيناء ويطهر الأرض‏...‏
إذن وجود صواريخ دفاع جوي علي الجبهة حياة أو موت بالنسبة لمصر لأن وجودها يحرم العدو من قواته الجوية التي يرونها قادرة علي ضرب القطب الشمالي‏...‏
الهدف المصري في مواجهته هدف صهيوني‏!.‏ هم يريدون منع المصريين من إدخال صاروخ دفاع جوي واحد للجبهة ونحن لن ندخل صاروخا إنما حائط صواريخ بالكامل‏..‏ وهنا المواجهة الشرسة وهنا التحدي الهائل والدفاع الجوي هو الذي أعلن التحدي‏..‏ تحدي من يملك قوات جوية تغزو أي مكان بالعالم‏..‏ ومن يتحدي عليه أن يملك الإرادة ويمتلك الشجاعة ويوصل الليل بالنهار لأجل تعلم وإتقان التعامل مع الأسلحة الجديدة في ذلك السلاح الجديد وهذه المسألة تمتد سنين طويلة في كل الدنيا لكننا جعلناها شهورا في ملحمة لا مثيل لها في تاريخ العسكرية بالعالم‏..‏ وأقول لا مثيل لها لأن الدفاع الجوي المصري حديث التشكيل مطلوب منه أن يشتبك مع العدو الذي غاراته الجوية علي مدار الساعة وأن يتدرب علي الأسلحة الجديدة وأن يجهز نفسه لمهمة مستحيلة‏..‏
مهمة مستحيلة لأنه مطلوب بناء تجميع دفاع جوي متماسك فعال وهذه مسألة ممكنة ومقدور عليها في زمن السلم لكن التفكير فيها مرعب في زمن الحرب لأن العدو لن يتركك‏..‏ لأن كل خطوة تقدم لك هي خطوة قتل له ولهذا كانت الغارات الجوية لا تتوقف لحظة علي أي موقع دفاع جوي في الخلف فما بالنا بالوضع عندما نفكر في إدخال صواريخ الدفاع الجوي إلي الجبهة‏..‏ بالتأكيد ستكون مذبحة‏!.‏
كيف توفر قيادة الدفاع الجوي العدد اللازم من وحدات الصواريخ ومن المدفعية المضادة للطائرات ومن محطات الإنذار‏..‏ لأجل إيجاد دفاع متكامل عن سماء مصر؟‏.‏
كيف تحل قوات الدفاع الجوي مشكلة المناورة لوحداتها المقاتلة بحيث تقوم بالتحرك والتقدم ليلا واحتلال مواقعها الجديدة علي أن تكون قبل أول ضوء جاهزة لصد هجمات العدو الجوية وطالما هناك تحرك وتقدم ليلا هناك مع أول ضوء معارك نهارا‏!.‏
أتوقف هنا لأن الأسطورة المصرية هنا‏..‏ مطلوب أن تتقدم بصواريخك وأجهزتك الإلكترونية والرادارات لاحتلال موقع متقدم جديد‏..‏ مطلوب أن تنتقل وتصل وتحتل وتكون جاهزا للقتال ما بين آخر وأول ضوء‏...‏
تتحرك السيارات العملاقة التي تحمل الصواريخ وتتحرك السيارات الضخمة التي تحمل معدات الإنذار‏..‏ تتحرك كتيبة بكل معداتها ليلا بدون إضاءة في السيارات لأن أقمار التجسس الأمريكية لا تتحرك من فوق الجبهة ولابد أن يتم التحرك في الظلام الدامس علي مدقات داخل الصحراء والظلام مع المدقات يقيدان السرعة والمهمة محسومة بوقت إن تخطته هلكت والوقت أول ضوء‏..‏ ضوء فجر اليوم التالي‏..‏ وقدومه يعني أن القوات وصلت واحتلت وانتهت من تجربة كل أجهزتها وجاهزة لإسقاط أي طائرة تدخل مجالها‏...‏
الإعجاز المصري تجلي ووضح هنا لأن فك ونقل وتركيب أجهزة كتيبة صواريخ له معدلات عالمية وهذه المعدلات في زمن السلم‏..‏ وأن يحطمها ويلغيها المصريون ويحققوا ما لم يتحقق من قبل ويختزلوا الزمن إلي النصف في تحرك حرب لا تدريبات سلم‏..‏ تحرك حرب يتم ليلا بدون إضاءة وبسرعات محددة وباستعداد لمواجهة احتمالات كثيرة وبنظام والتزام ودقة وحسم وحزم وقدرة علي اتخاذ القرارات السريعة وقدرة علي العمل ليلا في ظل إضاءة مقيدة ومطلوب إعادة تركيب وتجهيز كتيبة صواريخ بالكامل خلال أقل من ثلاث ساعات تبدأ من بعد الوصول إلي الموقع الجديد وتنتهي قبل حلول الفجر‏..‏ وقبلها قرابة الساعتين في نقل المعدات والأجهزة من السيارات إلي أماكنها وإدخال الصواريخ بمنصاتها إلي مربضها‏..‏ وقبلها أكثر من ساعتين في التحرك الحذر لأن قيادة سيارات عملاقة تحمل صواريخ والسيارات بدون إضاءة وتسير في مدقات لا طرق مرصوفة‏..‏ لأن مثل هذه العملية لا توجد كلمات تصفها‏...‏
المصريون فعلوها ونجحوا في اختصار الأيام إلي خمس أو ست ساعات وكتيبة الصواريخ كل ما تحتاجه ساعات الليل خلالها تناور وتحتل وقبل أن يأتي أول ضوء تكون جاهزة للحرب‏!.‏
المصريون في الدفاع الجوي فعلوها ومشكلة تدريب القوات والنهار كله اشتباكات‏..‏ هذه المشكلة وجدوا حلها‏..‏ بوضع القوات التي تحت التدريب في المواقع القتالية الأقل تعرضا للغارات وهذا الفكر وذلك التصرف جعلا القوات التي تتدرب في موقف تدريب عملي حقيقي والاشتباكات الفعلية أصبحت هي التدريب‏..‏ لكنه تدريب مختلف لأنه قتال فعلي ولأنه تدريب من جهة وتطعيم للمعركة المنتظرة من جهة أخري‏.‏
المصريون تخطوا ثلاث عقبات وتخطوا أيضا الرابعة وهي حكاية وهي مختلفة جذريا ووجه الاختلاف أنها لمصلحة العدو لأنها كانت في الواقع حربا إلكترونية بيننا وبينهم‏...‏
الصهاينة شيدوا وقتها في سيناء مركزين للإعاقة الإلكترونية فيهما أحدث ما وصل إليه العالم من اختراعات في هذا المجال‏..‏ مجال الإعاقة الإلكترونية وبالطبع الصهاينة أنشأوا المركزين في سيناء علي مقربة من القناة لأجل أن يكون تأثيرهما فاعلا في التشويش علينا‏..‏ هذه واحدة في تلك الحرب الإلكترونية‏...‏
والثانية إنشاء عدد كبير من مراكز الحرب الإلكترونية الطائرة في طائرات باهظة الثمن تقوم بالاستطلاع الإلكتروني لكشف المواقع المصرية وتحديد تردداتها وتوجيه إعاقة كثيفة ضدها‏!.‏ يعني مراكز تشويش وإعاقة أرضية ومراكز أخري طائرة‏..‏ والأرضي والجوي بهما أحدث أجهزة في العالم قادرة علي الاكتشاف وقادرة علي فك شفرة الترددات الأرضية المصرية وقادرة علي التشويش عليها‏..‏ والمشكلة‏..‏ مشكلة هذه الحرب الإلكترونية بيننا وبينهم أنها لم تتوقف عند هذا الحد‏!.‏
طائرات العدو‏..‏ أمريكية الصنع كانت أو إنجليزية وفرنسية‏..‏ هذه الطائرات الحديثة المقاتلة تحمل أجهزة إعاقة حديثة جدا وطائرات الفانتوم زودها الأمريكان بأجهزة استطلاع مهمتها إنذار الطيار لحظة دخوله مجال إشعاع أجهزة الدفاع الجوي المصري ولحظة إطلاق أي صواريخ أرضية علي الطائرة‏...‏
خلاصة القول إننا أمام حرب إلكترونية غير متكافئة علي الإطلاق لأنهم يمتلكون فعلا ودائما الأحدث ويحصلون في أي لحظة علي الأحدث لأن كل عقول العالم التي تبتكر وتخترع أسلحة ومعدات وأجهزة‏..‏ كلها في خدمتهم وتحت إمرتهم لأن أمريكا والغرب كله معهم‏..‏ والعمل‏!.‏
كيف يمكن للدفاع الجوي المصري اكتشاف طائرات العدو وتوجيه الصواريخ المصرية لها وسط ترسانة الإعاقة الإلكترونية التي يملكونها أرضا وجوا؟‏.‏
كيف يمكن خداع وتضليل جهاز الإنذار الموجود في الطائرة الفانتوم؟‏.‏
أسئلة تبدو بلا أجوبة أمام الفارق الهائل في السلاح والتسليح والأجهزة والمعدات بيننا وبينهم‏..‏ لكن هذه الأسئلة لها ألف جواب إذا وضعنا في الاعتبار العنصر البشري‏..‏ وهذا ما حدث‏!.‏
إن كنا لا نملك الرهيب والحديث من الأجهزة‏..‏ فإنه عندنا بشر ليس لهم حل وهذا سر عبقرية هذا الشعب العظيم‏...‏
قادة وضباط ومهندسو الدفاع الجوي‏..‏ راحوا يفكرون في حل لكل مشكلة ولأننا لا نعرف المستحيل عرفنا حلولا وليس حلا لكل المشكلات وليس هذا كلاما مرسلا إنما هو كلامهم في حرب أكتوبر‏1973‏ الذي حملته أجهزة اللاسلكي والطيارون الصهاينة يستغيثون من جهنم الحمراء التي صنعتها صواريخ الدفاع الجوي المصري علي الجبهة والكلام التالي ليس كلامي إنما هو النص الحرفي لتسجيل البلاغات العسكرية الصهيونية داخل غرفة عملياتهم في حرب أكتوبر والتي سجلها الجنرال شاموئيل جونين قائد المنطقة العسكرية الجنوبية للجيش الصهيوني وهذه التسجيلات احتفظ بها جونين إلي جانب تسجيلات للمكالمات التليفونية بين القادة الصهاينة‏..‏ المهم أن هذه التسجيلات تم الإفراج عنها بعد مرور‏30‏ سنة علي الحرب ونشرتها الصحافة الصهيونية وظهرت في كتاب مصري اسمه حرب الأيام الأربعة مؤلفه الزميل الصحفي إسلام الشافعي‏..‏ وفي صفحة‏20‏ من الكتاب يقول الجنرال جونين‏:‏
بعد البلاغ الثالث بدأت نداءات القادة الإسرائيليين تعلو صارخة وطالبة للمساندة الجوية‏..‏ لقد رسخ في ذهن الجيش الإسرائيلي بأكمله عقب حرب‏67‏ أن سلاح الجو الإسرائيلي قادر علي فعل أي شيء وكل شيء لكن هذه المرة لم يكن الأمر كما نعتقد‏..‏ لقد نجحت قوات الدفاع الجوي المزودة بصواريخ سام في السيطرة تماما علي سماء قناة السويس وكذلك طيارو الميج المصريون أصبحوا أمهر بكثير مما كنا نعرف عنهم في الحرب السابقة‏..‏ لقد أصبح عنصر المفاجأة في أيدي العدو هذه المرة وسلاح الجو الإسرائيلي أصبح عاجزا عن فعل أي شيء‏...‏
البلاغ الرابع‏..‏
نداءات لطلب المساعدة الجوية علي طول خط المواجهة مع القوات المصرية‏..‏ أريد بني‏..‏ أريد بني‏..‏ يوجد جنود مصريون في مناطق حصون مفريكيت ولحزانيت وميلانو‏..‏ مفريكيت ولحزانيت سقطا في أيدي القوات المصرية‏..‏ تزايد الطلب علي المساندة الجوية أريد بني‏..‏ أريد بني‏.‏
ملاحظة‏:‏ هذا النداء انتشر علي كل الجبهة والنداء يرمز إلي بنيامين بيلد قائد القوات الجوية الصهيونية ومعناه نريد تدخل الطيران الصهيوني الذي قالوا عنه إنه قادر علي غزو وضرب القطب الشمالي‏..‏ لكنه لم يتدخل ولم يقترب رعبا من دفاع مصر الجوي الذي حقق معجزات في زمن لم تعد فيه معجزات‏...‏
كل المشكلات تغلبوا عليها بالفكر والجهد والعرق واليقين التام في قدراتهم والحب اللانهائي لوطنهم‏!.‏ وجدوا حلا لكل مشكلة والحرب الإلكترونية غير المتكافئة لما عند العدو من أحدث الأجهزة‏..‏ جعلناها لمصلحتنا بالعقلية المصرية التي نجحت في تضليل الفانتوم والضحك علي جهاز إنذار طيار الفانتوم وكل ذلك باختراعات مصرية مضادة توصل لها ضباط ومهندسو الدفاع الجوي‏...‏
الذي حدث في حرب أكتوبر تفوق كاسح للدفاع الجوي المصري والذي يشهد علي هذا تعليمات قائد سلاح الطيران الصهيوني لطياريه بعد الاقتراب من قناة السويس حتي لا يسقطوا بصواريخ الدفاع الجوي كذلك لم تلب طائرة صهيونية واحدة نداء واحدا خوفا من صواريخ الدفاع الجوي‏..‏ وهذا المشهد شهد له وعليه قائد الطيران الصهيوني في حرب‏73..‏ هذا المشهد جيش مصر عرف وتأكد منه قبلها بثلاث سنوات من خلال ثلاثة أيام خالدة في عام‏1970‏ ومن في دفاع مصر الجوي ينسي أيام‏28‏ و‏29‏ و‏30‏ يونيو‏1970.‏
الأيام الثلاثة تحتاج إلي فيلم سينمائي يحكي قصتها وشموخها وعظمتها‏..‏ يحكي عبقرية وشجاعة المقاتل المصري وفكر وتخطيط القائد المصري‏..‏
ما قبل هذه الأيام الثلاثة لم تكن علي الجبهة صواريخ دفاع جوي وبعد هذه الأيام بات عندنا حائط صواريخ دفاع جوي قادر علي ردع قوات العدو الجوية التي يقولون عنها إنها قادرة علي ضرب أي مكان في العالم‏...‏
من يوم‏28‏ يونيو مساء وحتي أول ضوء في‏30‏ يونيو تم بناء حائط الصواريخ من‏16‏ كتيبة صواريخ جاهزة للردع‏...‏
صباح يوم‏30‏ يونيو قام العدو باستطلاعه اليومي فاكتشف الكارثة التي وقعت له‏..‏ الجبهة عليها حائط صواريخ‏...‏
العدو جن جنونه وقام بهجمات جوية علي المنطقة الواقعة ما بين رأس العش والقنطرة ولم يقترب من حائط الصواريخ والهجمات شاركت فيها‏125‏ طائرة وكان الغرض من هذا العدد الكبير من الطائرات تحديد مواقع الصواريخ التي دخلت الجبهة لأجل غرض في نفسه والغرض مرض والعياذ بالله‏.‏
في الرابعة من بعد ظهر‏30‏ يونيو بدأ هجوم العدو علي حائط الصواريخ‏..‏ هاجموا وهم لا يعرفون أن رجال الدفاع الجوي وجدوا حلا لكل مشكلة ولا إعاقة ولا تشويش ولا الجن بإمكانه أن يوقفهم‏..‏ وحدث‏!.‏
‏24‏ طائرة للعدو قامت بالهجوم وشهد‏30‏ يونيو سقوط أول طائرة فانتوم أمريكية المعروفة بالشبح‏..‏ سقطت لأن صواريخ الدفاع الجوي جاهزة ومجهزة لإسقاط أي شيء حتي لو كان شبحا‏!.‏ وبعد سقوط الشبح سقط صقر السماء‏..‏ سقطت أول طائرة سكاي هوك‏..‏ وبدأ العقد ينفرط والطائرات تسقط والطيارون الصهاينة يقعون في الأسر‏..‏ وفي أول يوم سقطت أربع طائرات وتم أسر أربعة طيارين‏...‏
العدو أصابه الجنون وعاود الهجوم وانطلقت الصواريخ وسقطت الطائرات وتوالي وقوع الطيارين الصهاينة في الأسر‏..‏ وهذا الأسبوع الذي كان مطلعه يوم‏30‏ يونيو أصبح اسمه أسبوع سقوط الفانتوم والاسكاي هوك‏..‏ وأبا إيبان وزير الخارجية الصهيوني يقول في الكنيست‏:‏ لقد بدأ الطيران الإسرائيلي يتآكل‏...‏
يا سبحان الله في يونيو‏1967‏ إسحق رابين يؤكد أنه بواسطة قواته الجوية يستطيع غزو أي مكان في العالم وبعد ثلاث سنوات في‏30‏ يونيو‏1970‏ أبا إيبان وزير الخارجية الصهيوني يقول‏:‏ لقد بدأ الطيران الإسرائيلي يتآكل‏...‏
في يونيو‏1967‏ لم تكن في مصر قوات دفاع جوي وكانوا يتباهون بقواتهم الجوية وبعد إنشائها وقبل مرور ثلاث سنوات علي عمرها‏..‏ في مصر دفاع جوي هتك كبرياء وغرور الصهاينة وكان خير ختام لحرب الاستنزاف بالمذبحة التي أقامها للفانتوم والاسكاي هوك يوم‏30‏ يونيو الذي فيه أسدل الستار علي زمن العربدة الصهيونية الجوية‏..‏ وفيه عرف الصهاينة أن لمصر دفاعا جويا لا يرحم‏..‏
يوم‏30‏ يونيو‏1970‏ كانت البدايات التي صنعت النهايات في‏6‏ أكتوبر‏1973.‏
يوم‏30‏ يونيو‏1970‏ استحق ويستحق أن يكون يوم العيد للدفاع الجوي المصري‏..‏ لأنه اليوم الذي أسقطنا فيه إلي غير رجعة أسطورة القوة الجوية المطلقة للصهاينة‏...‏
تحية إلي جيش مصر العظيم في الأمس وفي اليوم وفي الغد وكل غد‏.‏
يا حبيبتي يا مصر‏...‏
وللحديث بقية مادام في العمر بقية
[email protected]
المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.