عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 14-6-2024 في الصاغة والملاذ الآمن عالميًا    سقطة جديدة لبايدن، ميلوني تمسك بيد الرئيس "الضال" وتعيده لقمة السبع (فيديو)    حدث ليلا.. حرائق لا تنطفئ في إسرائيل وأنباء عن اغتيال شخصية مهمة من حزب الله    عاجل.. مصطفى فتحي يكشف سبب بكائه في مباراة بيراميدز وسموحة.. ليس بسبب المنتخب    اختلفت لغاتهم وتعددت جنسياتهم، انطلاق مناسك الحج بالطواف حول الكعبة بمكة (فيديو)    تجاوزت 10 ملايين في يومين.. تركي آل الشيخ يحتفل بتصدر «ولاد رزق 3» شباك التذاكر (تفاصيل)    عزيز الشافعي يحتفل بتصدر أغنية الطعامة التريند    أدعية يوم التروية.. اللهم إني اسألك الهدى والتقى والعفاف    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    صلاح عبد الله: أحمد آدم كان يريد أن يصبح مطرباً    عيد الأضحى 2024| ما حكم التبرع بثمن الأضحية للمريض المحتاج    مساهمو تسلا يقرون حزمة تعويضات لإيلون ماسك بقيمة 56 مليار دولار    للمسافرين.. تعرف على مواعيد القطارات خلال عيد الأضحى    حزب الله يبث لقطات من استهدافه مصنع بلاسان للصناعات العسكرية شمال إسرائيل    ترامب: علاقاتى مع بوتين كانت جيدة    تنسيق مدارس البترول 2024 بعد مرحلة الإعدادية (الشروط والأماكن)    هاني شنودة يُعلق على أزمة صفع عمرو دياب لمعجب.. ماذا قال؟    طاقم حكام مباراة الزمالك أمام سيراميكا كليوبترا في الدوري    إنبي: نحقق مكاسب مالية كبيرة من بيع اللاعبين.. وسنصعد ناشئين جدد هذا الموسم    القيادة المركزية الأمريكية: إصابة عامل مدني في هجوم للحوثيين على سفينة شحن    باستعلام وتنزيل PDF.. اعرف نتائج الثالث المتوسط 2024    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    باسل عادل: لم أدع إلى 25 يناير على الرغم من مشاركتي بها    سبب ارتفاع درجة الحرارة بشكل غير مسبوق.. القبة الحرارية (فيديو)    «زد يسهل طريق الاحتراف».. ميسي: «رحلت عن الأهلي لعدم المشاركة»    حزب الله يحول شمال إسرائيل إلى جحيم ب150 صاروخا.. ماذا حدث؟ (فيديو)    مودرن فيوتشر يكشف حقيقة انتقال جوناثان نجويم للأهلي    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    سموحة يعلن موافقته على تطبيق نظام الدوري البلجيكي في مصر    هشام قاسم و«المصري اليوم»    ننشر صور الأشقاء ضحايا حادث صحراوي المنيا    تحرير 14 محضر مخالفة فى حملة للمرور على محلات الجزارة بالقصاصين بالإسماعيلية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 14 يونيو: انتبه لخطواتك    ضبط مريض نفسى يتعدى على المارة ببنى سويف    الحركة الوطنية يفتتح ثلاث مقرات جديدة في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري    أهم الأعمال التي يقوم بها الحاج في يوم التروية    عيد الأضحى 2024| هل على الحاج أضحية غير التي يذبحها في الحج؟    إصابة 11 شخصا بعقر كلب ضال بمطروح    صحة دمياط: تكثيف المرور على وحدات ومراكز طب الأسرة استعدادا لعيد الأضحى    أماكن ذبح الأضاحي مجانا بمحافظة الإسماعيلية في عيد الأضحى 2024    يورو 2024| أصغر اللاعبين سنًا في بطولة الأمم الأوروبية.. «يامال» 16 عامًا يتصدر الترتيب    بايدن يحدد العائق الأكبر أمام تنفيذ خطة وقف إطلاق النار في غزة    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    تحرك نووي أمريكي خلف الأسطول الروسي.. هل تقع الكارثة؟    حبس المتهم بحيازة جرانوف و6 بنادق في نصر النوبة بأسوان 4 أيام    مصطفى بكري يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة.. ومفاجآت المجموعة الاقتصادية    جامعة الدلتا تشارك في ورشة عمل حول مناهضة العنف ضد المرأة    5 أعمال للفوز بالمغفرة يوم عرفة.. تعرف عليها    بعد استشهاد العالم "ناصر صابر" .. ناعون: لا رحمة أو مروءة بإبقائه مشلولا بسجنه وإهماله طبيا    بشرة خير.. تفاصيل الطرح الجديد لوحدات الإسكان الاجتماعي    رئيس "مكافحة المنشطات": لا أجد مشكلة في انتقادات بيراميدز.. وعينة رمضان صبحي غير نمطية    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية بالأسواق الجمعة 14 يونيو 2024    عماد الدين حسين: قانون التصالح بمخالفات البناء مثال على ضرورة وجود معارضة مدنية    وكيل صحة الإسماعيلية تهنئ العاملين بديوان عام المديرية بحلول عيد الأضحى المبارك    دواء جديد لإعادة نمو الأسنان تلقائيًا.. ما موعد طرحه في الأسواق؟ (فيديو)    نقيب "أطباء القاهرة" تحذر أولياء الأمور من إدمان أولادهم للمخدرات الرقمية    بعد ارتفاعه في 8 بنوك .. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 14 يونيو قبل إجازة العيد    محمد صلاح العزب عن أزمة مسلسله الجديد: قصة سفاح التجمع ليست ملكا لأحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثيقة لحقوق الإنسان من عهد الفراعنة
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 04 - 2009

احتفل العالم فى العاشر من ديسمبر الماضى بالذكرى الستين لصدور الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، ذلك الإعلان الذى كان لمصر، ممثلة فى المفكر والسياسى الدكتور محمود عزمى، دور فى صياغته، فقد كان واحدا من أعضاء اللجنة التى صاغت هذا الإعلان، لكن علاقة مصر بمفاهيم حقوق الإنسان قديمة قدم الحضارة المصرية.
واليوم نبحث فى سجلات التاريخ وننقب عن أقدم وثيقة لحقوق الإنسان عرفها البشر، وتقودنا الرحلة إلى مصر القديمة، حيث بزغ فجر الضمير الإنسانى، نتوقف فى عصر الدولة الوسطى الذى يمتد ما بين سنتى 2022 و1650 قبل الميلاد، وعلى وجه التحديد فى عصر الملك أمنمحات الأول وابنه سنوسرت الأول. وأمنمحات الأول هو مؤسس الأسرة الثانية عشرة وأول ملوكها، كان يعمل قبل توليه العرش وزيرا للملك منتوحتب الرابع آخر ملوك الأسرة الحادية عشرة، وقد تميز حكم منتوحتب الرابع بكثرة القلاقل والاضطرابات، لدرجة أن علماء المصريات لم يتمكنوا من التعرف على ملامحه تماما، وقد انتهى عصره بحرب أهلية نجح وزيره أمنمحات فى إخمادها وتولى العرش.
لقد تمكن أمنمحات الأول فى فترة حكمه التى امتدت من سنة 1991 إلى سنة 1962 قبل الميلاد من إرساء دعائم نظام الدولة، وسطّر بوضوح معالم عهد جديد، أمضى قرابة ثلاثين عاما فى العمل الشاق من أجل إعادة تنظيم المملكة وتوحيدها، وإقرار سلطة التاج، ونقل عاصمة البلاد من طيبة إلى اللشت؛ لموقعها المتوسط بين مصر العليا ومصر السفلى، وقضى أمنمحات الأول معظم فترة حكمه متنقلا فى أنحاء مملكته؛ لإخضاع جيوب المقاومة فى كل موضع ومطاردة قبائل البدو الرحّل الذين استغلوا فرصة القلاقل الداخلية، فهاجموا مناطق الحدود. ولم تقتصر إنجازاته العسكرية على تصفية حركات التمرد فى الخارج، ومطاردة المعتدين على حدود مصر، بل سعى إلى تأمين المناطق الحدودية تأمينا دائما فشيد مجموعة من الحصون المنيعة عند الحدود الشرقية تعرف بحائط الأمير؛ لحماية البلاد من هجمات الآسيويين.
وقد نجح الملك أمنمحات الأول فى تأسيس إدارة قوية، وزاد من أعداد الموظفين الإداريين فى الجهاز الحكومى، وأوصى بكتابة المؤلفات الإرشادية التى تساعد الموظفين فى حسن إدارة الأعمال، فظهر نوع جديد من الأدب الإدارى والسياسى شاع فى عصر الدولة الوسطى، أما على صعيد الديانة والعبادات فقد تدعمت عبادة الإله آمون الذى كان حديث عهد بالإلوهية، والذى كان أمنمحات ينتسب إليه، فمعنى اسمه باللغة المصرية «آمون فى المقدمة»، وفى سنة 1971 قبل الميلاد شعر أمنمحات بتقدم السن وأعراض الشيخوخة فأشرك ابنه سنوسرت معه فى الحكم، واعتكف هو فى القصر الملكى ولم يغادره، وطوال السنوات العشر الأخيرة من حكم أمنمحات الأول كانت المهام العسكرية فى سوريا والنوبة وليبيا من نصيب ابنه وشريكه فى الحكم.
وبينما كان سنوسرت فى إحدى هذه الحملات العسكرية مات والده فى مؤامرة من مؤامرات القصر كادت تؤدى إلى فقدان الأسرة الجديدة للعرش، لكن المهارة السياسية للملك الجديد مكنته من السيطرة على الموقف وإعادة الاستقرار للبلاد.
وقد أنتج فى عصر الدولة الوسطى العديد من نصوص الأدب السياسى والإدارى، بالإضافة إلى أدب النصائح، ومن بين هذه النصوص وثيقة تنسب إلى عهد أمنمحات الأول تتضمن التعليمات والنصائح الموجهة من الملك إلى كبير وزرائه، التى تحدد له الأسلوب الذى ينبغى أن يتبعه فى الحكم وفى التعامل مع أفراد الشعب، وقد سجلت الوثيقة اجتماع الملك بمجلس مستشاريه وتلاوته لتعليماته على وزيره الأول، التى يستهلها بقوله:
«تبصر فى وظيفة الوزير الأعظم، وكن يقظا لمهامها كلها... انظر، إنها الركن الركين لكل البلاد، واعلم أن الوزارة ليست حلوة المذاق، بل إنها مرة، واعلم أن الوزارة لا تعنى احترام أشخاص الأمراء ومساعدى الملك وحدهم، وليس الغرض منها أن يتخذ الوزير بها لنفسه عبيدا من عامة الشعب، واعلم أنه عندما يأتى إليك شاك من مصر العليا أو مصر السفلى أو من أى بقعة فى البلاد، فعليك أن تطمئن إلى أن كل شىء يجرى وفق القانون، وأن كل شىء قد تم حسب العرف الجارى، فتعطى كل ذى حق حقه، واعلم أن الوزير يحتل مكانه بارزة، وأن الماء والهواء يخبران بكل ما يفعله، واعلم أن كل ما يفعله لا يبقى مجهولا أبدا...»
ويعتبر بعض الباحثين أن هذه الوثيقة هى أقدم عهد لحقوق الإنسان عرفه البشر، أو عرفناه نحن حتى الآن...
فالوثيقة تمثل عهدا رسميا يأخذه الملك على كبير وزرائه عند تعيينه فى منصبه، يلزمه بمقتضاه باحترام قواعد العدل والمساواة بين الناس جميعا، بغض النظر عن مستواهم الاجتماعى وموقعهم السياسي... ولننظر ماذا يقول نص الوثيقة أو العهد الملكى:
«تذكر دائما أن تحكم بالعدل؛ لأن التحيز يعد طغيانا على الإله، وهذا هو التعليم الذى أعطيك إياه، فاعمل وفقا له، وعامل من تعرفه معاملة من لا تعرفه، والمقرب من الملك كالبعيد عنه، واعلم أن الأمير الذى يعمل بذلك سيستمر هنا فى هذا المكان، ولا تغضب على رجل لم تتحر الصواب فى أمره، بل اغضب على من يجب الغضب عليه، اجعل نفسك مهيبا ودع الناس يهابونك، واعلم أن الخوف من الأمير يأتى من إقامته العدل، واعلم أن الإنسان إذا جعل الناس يهابونه أكثر مما ينبغى دل ذلك على ناحية نقص فيه فى نظر القوم، واعلم أنك ستصل إلى تحقيق الغرض من منصبك إذا جعلت العدل رائدك فى عملك....
انظر، إن الناس ينتظرون العدل فى كل تصرفات الوزير، وهى سنة العدل المعروفة منذ أيام حكم الإله على الأرض، ولا تتوان قط فى إقامة العدل، وهو القانون الذى تعرفه، واعلم أنه جدير بالملك ألا يميل إلى المستكبر أكثر من المستضعف، وعليك بالنظر فى القانون الملقى عليك تنفيذه...»
إن قيمة هذه الوثيقة ودلالتها تكمن فى عدة جوانب:
أولا لابد أن نقرر أن النصوص المنسوبة إلى عصر أمنمحات الأول تثار حولها شكوك كثيرة، ففى ذلك العصر اختلقت نصوص نسبت إلى عصور أقدم، كما يعتقد كثير من علماء المصريات أن نصوصا وضعت فى عصر خلفاء أمنمحات نسبت إلى عصره، لكن بغض النظر عن صحة نسبة هذا النص بالتحديد إلى عصر أمنمحات الأول، فمن المؤكد أنه ينتسب إلى عصر الدولة الوسطى عموما، والنص يؤكد على ظهور مبدأ المساواة أمام القانون فى ذلك العهد، كما يقول الباحث جلال الجميعى فى كتابه عن حقوق الإنسان من العصر الفرعونى إلى الثورة الفرنسية، الذى جمع فيه عددا كبيرا من النصوص وقارن بينها، وهذا النص يعتبر نصا متقدما للغاية فى المفاهيم التى يتبناها، بالمقارنة إلى نصوص معاصرة له أو قريبة منه، كشريعة حمورابى فى العراق التى تميز بوضوح فى تطبيق القانون بين الناس على أساس مستواهم الاجتماعى، بل إن بعض ما فيه من قيم ومبادئ مازلنا فى حاجة إلى التأكيد عليها إلى اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.