يشير اسم المبادرة الرمزى «باكس سيليكا» إلى Pax بمعنى السلام والاستقرار، وSilica وهو العنصر الأساسى لإنتاج أشباه الموصلات. ويعكس هذا الاسم هدف المبادرة فى بناء عصر جديد من الاستقرار والازدهار التكنولوجى، وحماية الأمن الاقتصادى باعتباره جزءًا من الأمن الوطنى. فى خطوة تاريخية، تعمل إدارة الولاياتالمتحدة على تشكيل تحالف لمواجهة السيطرة المهيمنة للصين على المعادن الحيوية والنهوض بها كمركز للذكاء الاصطناعى وقطاعات التكنولوجيا الأخرى. وتخطط الإدارة لإطلاق التحالف من خلال توقيع إعلان باكس سيليكا، الذى يجمع أستراليا وإسرائيل واليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية فى تعاون يهدف إلى معالجة العجز فى الوصول إلى المعادن الحيوية، بما يحد من الاستثمارات الضخمة للصين فى قطاع المعادن الحيوية والتكنولوجيا. وتسعى الإدارة بنشاط لاستقطاب دول أخرى للانضمام إلى المجموعة، بما فى ذلك الاتحاد الأوروبى وكندا وهولندا والإمارات العربية المتحدة. الإعلان يبرز اعتقاد الولاياتالمتحدة بأن احتكار الصين للمعادن النادرة والسيطرة على أجزاء من سلسلة التوريد العالمية يشكل تهديدًا كبيرًا، خصوصًا مع القيود التى تفرضها بكين على التصدير ردًا على سياسة التعريفات الجمركية الأمريكية. ويشير نائب وزير الشئون الاقتصادية الأمريكى، جاكوب هيلبرج، إلى أن السياسة الصناعية لتحالف الأمن الاقتصادى تهدف إلى تغيير المعادلة العالمية، من خلال مواءمة استراتيجيات الأمن الاقتصادى بين الدول المشاركة وعرقلة مبادرة الحزام والطريق الصينية. فى 12 ديسمبر 2025، انضمت سنغافورة إلى التحالف، معلنة التزامها بالتعاون فى مجالات الذكاء الاصطناعى والبنية التحتية الرقمية وسلاسل الإمداد التكنولوجية المرنة. وقد وصف المسئولون السنغافوريون الإعلان بأنه «نظرة مستقبلية»، مؤكّدين أهمية التعاون الدولى لتعزيز الازدهار التكنولوجى والأمن الاقتصادى المشترك. وبالمثل، انضمت إسرائيل إلى المبادرة، معتبرة أن المشاركة تمثل «وسام شرف» لصناعة التكنولوجيا العالية الإسرائيلية، وتعزز قدرة الدول المشاركة على حماية تقنياتها الحيوية وتأمين مواردها الأساسية. تركز باكس سيليكا على بناء نظام بيئى موثوق للذكاء الاصطناعى، من المعادن الحيوية والطاقة إلى تصميم أشباه الموصلات وتصنيعها وتجميعها وصولًا إلى اللوجستيات وأنظمة الحوسبة. ويهدف التحالف إلى دعم الشركات الكبرى مثل Intel وSamsung وTSMC وAlphabet وMicrosoft وAmazon، فضلاً عن الشركات الناشئة المتخصصة فى التكنولوجيا المتقدمة والمواد الدقيقة. كما توفر المبادرة إطارًا موحدًا للبحث والتطوير، التصنيع، واللوجستيات، لضمان تقليل الاعتماد القسرى على الصين وتأمين الموارد الحيوية لعصر الذكاء الاصطناعى. • • • مع ذلك، أثارت المبادرة ردود فعل متباينة. فقد اعتبرت الصين أن هذه الخطوة تمثل محاولة لعزلها عن سلاسل الإمداد العالمية، وأنها قد تعطل سلاسل الإمداد وتزيد التكاليف. وأشار خبراء صينيون إلى أن استبعاد الصين يقلل من حجم السوق العالمية، ويطرح تساؤلات حول فعالية التحالف فى تحقيق الاستدامة على المدى الطويل. كما حذروا من أن الشركات قد تتردد فى مشاركة تقنياتها الأساسية أو المشاركة فى مشاريع محفوفة بالمخاطر، خصوصًا مع التجارب السابقة فى استثمارات أمريكية مماثلة. على الجانب الآخر، يرى المؤيدون أن المبادرة ضرورة لتعزيز الأمن الاقتصادى والتكنولوجى، وحماية الابتكار، وضمان وصول الدول المشاركة إلى الموارد الحيوية. ويؤكدون أن الهدف ليس العزلة وإنما بناء سلاسل إمداد آمنة وموثوقة، مع تسريع الابتكار وترسيخ التكنولوجيا المستقبلية داخل الدول الموثوقة. كما تهدف باكس سيليكا إلى توسيع التحالف ليشمل شركاء إضافيين لديهم موارد معدنية وتقنية وتصنيعية، لإنشاء نظام بيئى مستدام يجمع بين القدرات البحثية والتصنيعية والموارد المعدنية. بالنسبة لتأثير المبادرة على الشركات، من المتوقع أن تعيد تشكيل المنافسة بين شركات الذكاء الاصطناعى والعمالقة التكنولوجيين والشركات الناشئة، مع التركيز على سلاسل إمداد آمنة وسياسات اقتصادية منسقة. كما ستوفر المبادرة فرصًا كبيرة للمستثمرين والشركات الناشئة فى مجال التكنولوجيا الحديثة، مع زيادة الدعم المالى والحكومى لتعزيز الابتكار والاكتفاء الذاتى التكنولوجى للدول المشاركة. وفى الختام، تمثل باكس سيليكا خطوة استراتيجية كبيرة فى تاريخ الذكاء الاصطناعى وسلاسل الإمداد التكنولوجية، حيث تجمع بين الأمن الاقتصادى والتقدم التكنولوجى. وبينما يرى المؤيدون أنها ضرورية لضمان استقرار وازدهار الدول المشاركة، يحذر المعارضون من مخاطر ارتفاع التكاليف، تقسيم الأسواق، واستبعاد الصين والدول الكبرى، ما يثير تساؤلات حول مدى القدرة على تحقيق نظام اقتصادى عالمى مستدام. وفى كل الأحوال، تظل باكس سيليكا من المبادرات المحورية التى تحدد ملامح النظام التكنولوجى والاقتصادى لعصر الذكاء الاصطناعى. إعداد: يارا حسن المصادر:
• Politico https://bitly.cx/0XC3b • Southern Rhode Island Newspapers