تحتدم المنافسة في انتخابات 2010 بين حزب العمال الحاكم بزعامة رئيس الوزراء الحالي جوردون براون وحزب المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون وحزب الديمقراطيين الأحرار بزعامة نك كليج. جوردن براون مرشح حزب العمال ولد براون عام 1951 وسط عائلة متواضعة في مدينة العمال الصغيرة كيركالدي (اسكتلندا). وأعطاه والده القس الكالفيني هذه "البوصلة الأخلاقية" التي ما زالت تقود خطاه كما يقول. وكان براون تلميذا مجتهدا محبا للرياضة والتحق بجامعة ادنبره في سن السادسة عشرة. هناك فقد البصر في إحدى عينيه في مباراة ركبي. وبعد أن نال شهادة دكتوراه في التاريخ ومارس لفترة وجيزة مهنة الصحافة والتعليم، انتخب نائبا في العام 1983. وفي وستمينستر ربطته صداقة مع نائب شاب لامع ما لبث أن غير مجرى حياته، وكان اسمه توني بلير. لكن تحول من اعتبرا من قبل "أخوة في الدم" إلى خصمين بعد وفاة الزعيم العمالي جون سميث عام 1994. وترك براون لبلير رئاسة الحزب مقابل وعد برد المثيل. وفي عام 1997 أوصلت موجة عارمة من تأييد العماليين بلير إلى داونينج ستريت، مقر رئاسة الوزراء فعين براون وزير ماليته القوي. ومنح "المستشار الحديدي" بنك انجلترا حريته، ورفض الانضمام إلى منطقة اليورو. وينسب إليه فضل تضاعف النمو في البلاد ما أثار الحسد في أوروبا، وفي أواخر يونيو استلم براون رئاسة حزب العمال ثم دخل داونينج ستريت بدون المرور في انتخابات. وإثر شهر عسل لم يدم طويلا مع البريطانيين، تردد براون وانتهى في خريف 2007 إلى الأحجام عن الدعوة إلى انتخابات مبكرة كان من الممكن أن تثبت شرعيته. وفي خريف 2008، أفسحت له الأزمة الاقتصادية العالمية المجال لتحسين وضعه مجددا فأطلق سلسلة من خطط الإنقاذ المصرفية الطموحة. غير أن المملكة المتحدة غرقت بالرغم من كل ذلك في إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها، حيث اتهمت النقابات والمعارضة براون بالسماح للعجز بالارتفاع الحاد، وتدهورت شعبيته. ولاحقا أدى الخروج من الانكماش في مطلع 2010 إلى تحسين صورته قليلا. واضمحل بريق تقدم المحافظين في استطلاعات الرأي. وفى فبراير حلل كتاب سياسي لكاتب المقالات اندرو رونسلي شخصيته المعقدة راسما صورة سلبية له على إنه سريع الغضب وظالم مستبد مع المحيطين به، حتى أن زلة اللسان التي ارتكبها مؤخرا وضعت كل شيء على المحك، عندما وصف متقاعدة التقاها بأنها "شديدة التعصب" غير مدرك أن مذياعه ما زال مفتوحا. فاضطر للاعتذار لكن ذلك لم يصلح الأمر والهفوة جعلت الحملة محمومة. ديفيد كاميرون مرشح حزب المحافظين يعتبر ديفيد كاميرون نموذجا للمحافظين الارستقراطيين، فهو من سلالة الملك غيوم الرابع (1830-1837) ومتزوج من ابنة بارون. ولد كاميرون في التاسع من أكتوبر 1966 من أب كان من كبار كوادر حي الأعمال وأم قاضية. وقد نشأ في قرية بيزمور الصغيرة في بركشير وفي 1974 دخل المدرسة التحضيرية التي كان يرتادها الأميران اندرو وادوارد ثم التحق في 1978 بمعهد ايتون الخاص المرموق. وعندما دخل جامعة اكسفورد في 1985 لم يكن لديه بعد اهتمام كبير في السياسة. وتخرج حاملا دبلوما في الفلسفة والسياسة والاقتصاد في 1988. وانضم على الفور إلى حزب المحافظين بدفع من قصر باكينجهام. وعمل لبعض الوقت مستشارا لرئيس الوزراء جون ميجور لمؤتمراته الصحافية. ثم عمل في القطاع الخاص في 1994 في دائرة الاتصالات في المجموعة الإعلامية كارلتون، المركز التي تعلم منه مهارة الإعلام السياسي. وبعد محاولات عديدة انتخب في 2001 نائبا عن ويتني القريبة من اكسفورد. وقد صوت "بدون حماسة" مع الحرب على العراق. وفي أواخر العام 2005 بدأ انطلاقته عندما خلف مايكل هوارد على رأس المحافظين. نك كليج مرشح حزب الديمقراطيين الأحرار ولد نيكولاس وليام بيتر كليج في السابع من يناير 1967 في شالفونت سانت جيل في باكينغهامشير في شمال غرب لندن. جدته لجهة والده كانت ارستقراطية هربت من روسيا بعد تنحي القيصر في عام 1917. والدته هولندية ولدت في إندونيسيا واعتقلت في معسكر ياباني لسجناء الحرب قبل أن تصل إلى المملكة المتحدة وهي في الثانية عشرة من العمر. درس علم انتربولوجيا في جامعة كامبريدج وانهي دراسته في جامعة منيسوتا بالولايات المتحدة ثم في معهد أوروبا في بروج ببلجيكا. وهناك التقى زوجته مريام غونزاليز دورانتيز المحامية التجارية الاسبانية التي أنجب منها ثلاثة أبناء. وهو مولع برياضة التزلج ومعجب بالكاتب الجنوب افريقي ج.م كوتزي. وبدأ نك كليج مسيرته المهنية كصحافي متدرب في مجلة ذي نايشن في نيويورك ثم عمل لفترة وجيزة لفايننشال تايمز في المجر. وفي 1994 انضم إلى المفوضية الأوروبية ليصبح بعد سنتين مستشارا للمفوض الأوروبي لشؤون التجارة المحافظ ليون بريتان الذي كلفه الإشراف على المحادثات التجارية مع روسيا والصين. وفي 1999 انتخب نائبا أوروبيا ثم ما لبث أن تخلى عن هذا المنصب في 2004 للبقاء قرب عائلته. وفي 2005 اختارته دائرة شيفيلد هالام الثرية في شمال انجلترا ليمثلها في برلمان وستمينستر. وتمكن زعيم الديمقراطيين الأحرار الذي انتخب في هذا المنصب في ديسمبر 2007 والذي يتمتع بالجاذبية عبر التلفزيون، بمهارة من حجب "الحزبين القديمين" العمال والمحافظين، ليبرز على انه الأفضل لتحقيق التغيير والأمل. وبعد ثلاثة أيام اظهر استطلاع للرأي لصحيفة صاندي تايمز انه يحتل مرتبة رجل السياسة الأكثر شعبية منذ ونستون تشرشل في 1945، وهو إطراء تلقاه بتحفظ. وهذا الإطراء كان يمكن أن يكون عابرا لكن نك كليج ما زال يجسد التطلعات. ويتعرض كليج المتعدد اللغات -يتحدث الإنجليزية والهولندية والألمانية والفرنسية والأسبانية- لانتقادات الصحف اليمينية لدفاعه عن أوروبا، وهو لا ينكر أفكاره الراسخة في بلد تتهم فيه أوروبا غالبا بأنها سبب كل العلل. ودافع عن مواقفه الأكثر إثارة للجدل مثل تجميد تحديث برنامج الصواريخ النووية "تريدنت" وتسوية أوضاع الأجانب المتواجدين بشكل غير قانوني منذ عشر سنوات على الأقل، أو أيضا دعمه "الناقد" للحرب في أفغانستان. وهو مدافع شرس عن الحريات المدنية ويوصف أيضا بأنه الرجل "النظيف" في السياسة البريطانية، وقد بقي حزبه في منأى أكثر من الأحزاب الأخرى عن الفضيحة المتعلقة بنفقات النواب. وأسهمت شعبيته في رفع الديمقراطيين الأحرار إلى مستويات لم يسجلوها من قبل في استطلاعات الرأي ليكونوا في الموقع الثاني وراء المحافظين لكن متقدمين على العماليين. غير أن نظام الاقتراع لا يسمح له بان يأمل أفضل من المشاركة في حكومة ائتلافية، لكن ذلك يضعه في موقع يسعى الجميع لكسب وده.