رغم فوز حزب المحافظين البريطاني بقيادة ديفيد كاميرون في الانتخابات التشريعية البريطانية إلا أن عجزهم علي تحقيق غالبية مطلقة ينذر بأزمة في المؤسسات قد يستفيد منها العماليون بزعامة جوردن براون للبقاء في الحكم. وأعرب حزب العمال بوضوح عن نيته البقاء في الحكم من خلال تشكيل ائتلاف مع الاحرار الديمقراطيين مما قد يثير غضب المحافظين الذين يشكلون المعارضة منذ 13 عاما. وصرح كاميرون عند اعلان اعادة انتخابه في دائرته في ويتني بالقرب من اوكسفورد (غرب لندن) "الحكومة العمالية فقدت تفويضها لحكم البلاد". وينذر غياب غالبية مطلقة الي احتمال انتخاب برلمان معلق سيكون الاول منذ 1974. وسيؤدي الي مفاوضات طويلة وصعبة مع الاحرار الديمقراطيين الذين رغم عدم تحقيقهم النتائج المتوقعة الا انهم قادرون علي ان "يرجحوا كفة الميزان" بدعم المحافظين. وفي غياب دستور مكتوب، تقضي الاعراف بأن يحاول رئيس الوزراء المنتهية ولايته وفي هذه الحالة جوردن بروان تشكيل حكومة الا اذا اعتبر انه عاجز عن ذلك وقدم استقالته. واشارت النتائج الي ان للعماليين والاحرار الديمقراطيين معا مقاعد اكثر من المحافظين وحدهم، لكن من دون غالبية مطلقة. وكان كليج اعلن خلال الحملة الانتخابية انه قد يقبل التعاون مع حزب العمال، لكنه سيواجه صعوبة في التعامل مع براون. والمح العديد من الوزراء العماليين الي استعدادهم التفاوض مع الاحرار الديمقراطيين. وقال وزير التجارة والرجل الثاني في الحكومة بيتر ماندلسون "من المؤكد اننا سنكون مستعدين لذلك الاحتمال". الا ان بروان وبعد اعادة انتخابه في دائرته في كيركالدي وكاودنبيث (اسكتلندا) رفض الاقرار بالهزيمة واعلن انه "مستعد للعب دوره لتكون لبريطانيا حكومة قوية ومستقرة". وفي حال اختار براون الاستقالة، سيكون كاميرون في موقع يؤهله للوصول الي داوننج ستريت، اما عبر التوافق مع الاحرار الديمقراطيين او مع احزاب صغيرة مثل الحزب الوحدوي الايرلندي واما عبر تشكيل حكومة اقلية. من جانبه ورغم تأييده حزب المحافظين اعتبر زعيم الاحرار الديمقراطيين نك كليج انه "يجب عدم التسرع" في التفكير في اقامة تحالفات، معبرا في الوقت نفسه عن خيبة امله من نتائج حزبه في الانتخابات التشريعية. وصرح كليج من دائرته في شيفيلد حيث اعيد انتخابه بتأييد 53،4% من الناخبين "من الافضل ان يأخذ الجميع بعض الوقت حتي يتسني تشكيل الحكومة التي يستحقها الشعب في هذه الاوقات الصعبة وغير المستقرة". واضاف "لا اعتقد ان احدا يجب ان يتسرع بالقيام بادعاءات او اتخاذ قرارات لن تصمد امام اختبار الزمن"، من دون ان يعطي رد فعل علي تصريحات حزب العمال. واعرب العماليون الحاكمون منذ 13 عاما بوضوح عن عزمهم البقاء في السلطة من خلال تشكيل حكومة ائتلافية مع الاحرار الديمقراطيين رغم انتصار حزب العمال الذي لم يحصل علي الغالبية المطلقة في مجلس العموم والتي كانت ستتيح له تشكيل حكومة تلقائيا. علي صعيد متصل شككت إحدي أبرز الصحف التي تصدر في لندن في قدرة بريطانيا علي الحفاظ علي موقعها كقوة عظمي. وقالت صحيفة "ذي تايمز" التي كانت تميل تقليدياً إلي حزب العمال قبل أن تعلن في الأيام القليلة الماضية تحولها لحزب المحافظين- إن بريطانيا في محنة، إذ لم يعد واضحاً ما إذا كانت قادرة علي البقاء كقوة عظمي، أو كمجتمع متجانس، أو كدولة مزدهرة تضمن لمواطنيها العيش في حرية وعدالة. وأعادت الصحيفة إلي الأذهان أجواء الانتخابات التي جرت عام 2005 عندما رفع مرشح حزب العمال وقتها توني بلير شعار "إلي الأمام، لا إلي الوراء". ورسمت صورة قاتمة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع، حيث قالت إن بريطانيا ربما تغدو بلداً أقل ازدهاراً، وأوهن تماسكاً، وأدني أهمية في العالم. واستطردت قائلة إن بلداً تدني فيه توظيف من تتراوح أعمارهم ما بين 16 و17 عاماً إلي مستويات قياسية، هو مكان لم يعد قطاع الأعمال فيه يوفر فرص عمل كافية لشبابه.