طارق إمام: النص واعٍ بذاته وشمل تضافرا بين الزمان والمكان رشا سنبل: إيناس حليم حققت مزيجا متقنا بين الحقيقى والمتخيل أميرة أبو المجد: طبعة ثانية مرتقبة عقب النجاح الكبير للرواية تصوير داليا مصطفى احتفاء بالغ بالنص الذى أحدث توازنا مدهشا بين الحقيقة والخيال، ثناء على إحكام السرد وبراعة رسم الشخصيات، تلقته الكاتبة والروائية إيناس حليم، خلال وقائع مناقشة وتوقيع رواية «حكاية السيدة التى سقطت فى الحفرة» الصادرة عن دار الشروق، وذلك من جانب الكاتب والروائى طارق إمام والكاتبة الروائية رشا سنبل، مساء الثلاثاء الماضى بمقر مكتبة البلد. استهلت الكاتبة إيناس حليم حديثها بالتطرق إلى كون بداية مشوارها بكتابة القصة القصيرة أولا ثم الرواية بعد سنوات طويلة، قد شكل عقبة بالنسبة لقارئ اعتاد منها على مسألة التكثيف لدرجة لا يمكن تخيلها، وأنها استغرقت فترة ليست بالقصيرة لكى تصل لهذه الدرجة من التعمق فى وصف المشهد وصوغ الحكاية بطريقة تمت بصلة للرواية وليس القصة القصيرة. أضافت حليم، أنها بمجرد معرفتها بقصة «ميرفت» كانت فى حالة انجذاب شديد للحدوتة، دون أن يكون هناك الكثير من التفاصيل عنها، وأنها فكرت فى كتابة الموضوع بشكل فانتازى وتناول منظور الفتاة من تحت الأرض، قبل أن تتراجع عن ذلك، لتتطرق إلى أحداث انعكاس هذا السقوط وضياعه على الإنسان واختفائه من على وجه الأرض. وأوضحت أنها ترددت كثيرا فى العنوان، ولكنها رأت فى النهاية أنه متوائم تماما مع فكرة السقوط، وأنه رغم كونه يبدو فى المجمل «بسيط»، إلا أن به عمقا يمهد لقص حكاية ما، تقود القارئ إلى المدخل سريعا والمضى به نحو المزيد بطريقة غير نمطية. وواصلت الكاتبة بالقول: لدى قناعات بأن النص الروائى يتحمل الكثير ويحتمل أبعادا ومعانيا متنوعة، وهو ما شجعنى لكى أكتب النص بالطريقة التى أراها والتى لا تتعارض مع ما يمكن أن يصل إليه القارئ فى الوقت نفسه، وأنه فى هذا السياق يجب على الكاتب أن يتبنى الواقع ويعترف به لكى يستطيع التعبير عنه. استطردت: أردت مناقشة الفكرة التى تنتصر إلى إمكانية التصالح مع المساحات الرمادية فى بعض الأحيان، فلا وجود بشكل حصرى للخير والشر فقط، ولا وجود للأبيض أو الأسود فقط، والعديد من أبطال الرواية ينطبق عليهم ذلك، البعض قد يتعاطف معهم أو يحكم عليهم بالإدانة، ورأيت أن ذلك المدخل الأمثل للرواية. من جانبه قال الكاتب الروائى طارق إمام إن العمل يحتاج قراءة عميقة لعالمه التقنى، ومجمل الطرق التى كونت الرواية فى نهاية المطاف، فهناك أكثر من أسلوب وطريقة ترتبط بتكوين الحدث السردى داخل العمل، فهناك على سبيل المثال جزء خاص ب«اليوميات»، والكتابة عن الكتابة، بنية التحقيق الصحفى التى تبحث عن الواقعة المثيرة للجدل بشكل استقصائى يشوبه التحرى المتميز. وواصل: إطلاق حكم على توظيف كل تلك الجزئيات ببراعة، مرتبط فى الأساس بعلاقة تلك الأطراف ببنية النص، ووجود موائمة بينها وبين باقى العناصر والأدوات فى الرواية، فحينما نعرف أن سمة الشخصيات تم بناؤها جيدا مثلما تم الإشارة إلى أن بطلة العمل خريجة آداب قسم الصحافة، ليتوائم ذلك مع قيامها بروح الاستقصاء والتحقيق فى الواقعة، لذا فإننا أمام تقنيات ملائمة للرواية. وأردف: نحن أمام رواية يتم كتابتها بطريقة كونها «كواليس» عن رواية يفترض أن البطلة تكتبها كما تريد وليس كما تريد والدتها، فنحن هنا أمام كتابة تقع تحت تصنيف، النص الواعى بذاته، وأسئلة الكتابة نفسها مطروحة بداخل النص، فالراوية نفسها تفكر فى ذاتها لكى تصبح أصلا رواية، وهو ما يبرره كتابة يوميات الساردة، وهناك تواريخ محددة كبنية لليوميات التى يتم تدوينها بحرص على أن يقول لنا متى كتبت هذه الجزئية فى اليوميات، وأيضا المكان واضح بشكل بارز، متمثلا فى أماكن محددة جرى تأسيسها اتفاقا مع الزمان كما ذكرت. ومضى بالقول: هناك اعتداد واضح بالوصف بشكل ملحوظ وجيدا جدا، وهو ما يجعل الولع بالوصف هاما جدا فى الرواية، فنحن أمام ساردة تبحث فى موضوع يخص الذاكرة، حيث تقاوم النسيان عبر تدوين كل تفصيلة ربما كانت هامة للغاية وأهملها آخرون، ولا يمكن تفويت وجود «تخييل» يبحث عن الحقيقى متمثلا فى جهد التحقيق بالرواية. ورأى إمام سياق الأحلام موجود فى الرواية بطريقة مميزة، حيث هناك فارق بين ذلك وبين السياق الخرافى العجائبى الذى لا يمكن تخيله، وإنما على العكس من ذلك، تتمتع الرواية بوجود تشكيك فى كل ما هو غرائبى لا يصدق، دون أن يكون ذلك إنكارا، فما نقرأه دوما على «حافة» أنه ربما يكون قد حدث وربما لا، ضمن التقنيات التى تم توظيفها جيدا فى الرواية. وأفاد بعدها بأن هناك «فخاخا» فى الروايات، نجت منها إيناس بقوة «الفن»، فلا يمكن الخوف من وجود أى زوائد أو تطويل لا داعى له، وهو ما ينطوى على «مخاطرة» إسلوبية عند التعامل مع اليوميات التى يتم سردها داخل العمل، فيوميات شادن، التى تتحدث بضمير المتكلم، وتدفع بتركيز على الأشياء والموجودات، الشباك، المناخ، شكل المطر، بينما فى يوميات الأم نجدها تذهب مباشرة للذات الإنسانية والأشخاص أنفسهم. فيما قالت أميرة أبو المجد العضو المنتدرب لدار الشروق، إن عنوان الرواية يحيلنا إلى الحفر المتعددة التى ربما تعرض الكثيرون فى مراحل ما للسقوط فيها، كما أن الفنان هانى صالح مصمم الغلاف استطاع التعبير ببراعة عن دور ال 3 سيدات محركات الأحداث، فعمليا هناك أكثر من سيدة سقطت فى الحفرة هو أمر لاشك فيه، لذا فاعتبر أن العنوان والغلاف الخاص بالرواية، قد استطاعوا التعبير تماما عن أحداث حينما تفجرت فى وقتها، كانت مثار اهتمام بالغ من المجتمع المصرى وقتها فى ظل غياب وساءل الإعلام المعروفة بشكلها الحالى، والتى كانت تقتصر على قناتين للتليفزيون فقط. وأضافت أشعر بالفخر الشديد لقيام دار الشروق بنشر هذا العمل، بطبيعة الحال تتعلق تلك الجزئية بأبعاد تخص التسويق والترويج كفن وصناعة ومهنة فى عالم النشر، ولكن بالنظر إلى الأعمال الخاصة بالأدب والثقافة لو لم يكن مستوى الإبداع على هذا النحو الرفيع، كما فى رواية إيناس حليم لما استطعنا تحقيق هذا النجاح، حيث نعكف على أن يكون هناك «طبعة ثانية» من الرواية خلال الفترة المقبلة، بعد مرور 6 أشهر فقط على إصدار الأولى، وهو نجاح له أسس ومبررات يجب أن نهنئ أنفسنا جميعا عليه. علقت على ذلك إيناس حليم بأنها ممتنة لدار الشروق وجميع العاملين فيها، وإنهم قد منحوها الفرصة الكاملة لتحقيق النجاح والوصول إلى القراء بهذا الشكل، للدرجة التى نفدت معها الطبعة الأولى من العمل، وأصبحنا بصدد صدور الطبعة الثانية خلال الشهور القليلة المقبلة. فيما أكدت الكاتبة الروائية رشا سنبل أن رواية «حكاية السيدة التى سقطت فى الحفرة»، جاءت بعد سنوات طويلة من العمل من جانب إيناس حليم، والكاتبة قد بذلت مجهودا كبيرا فى عملية الكتابة، ولا شك أن منجزها فى الكتابة يستحق الاحتفاء. أضافت: نحن أمام رواية تتكون من 12 فصلا، كل منهم له قلم وجزء من الحكاية، هناك وعد بالمتعة للقارئ، حيث التعرف على حكاية السيدة ميرفت أحمد شحاتة، ومعها سنخوض فى حياة بطلة الرواية وعدد من النساء والرجال والأطفال، نجوب معها فى العمق من تفاصيل تخص مدينة الإسكندرية التى تم اتهامها بأنها تبتلع الفتيات بعد أن يسقطن فى حفرها، وتتلاشى فيها أحلامهن وسيرتهن. وواصلت بقولها إن الكاتبة لها قصص رائعة وأعمال أخرى تستحق الثناء، وحصدت جوائز فى القصة القصيرة، وحظيت بنشر النصوص والمقالات فى عدد من الصحف والمقالات، وروايتها الأولى كانت من إصدارات دار الشروق، تستحق الإشادة بها بشدة. اختتمت: العاطفة مع الأسلوب والخيال تضافروا فى هذا النص، وأنها استخدمت اليقين تارة، والشك تارة أخرى، تغزل الأحداث الحقيقية والأسماء التى تمت بصلة لأشخاص حقيقيين كان لهم ظل فى الواقع، مع نزعات الخيال الملحوظ، عرفت جيدا توقيت استخدام هذا وذاك، وأحيانا فعلت الأمرين معا فى الوقت نفسه.