انتهى الحزب الوطنى من دراسة مشروع قانون التأمينات والمعاشات الجديد وتقديم ملاحظاته عليه إلى وزارة المالية، قبل مناقشته فى مجلس الشعب. كان الحزب الحاكم قد شكل مجموعة عمل تابعة للجنته الاقتصادية لدراسة القانون مع يوسف بطرس غالى، وزير المالية. وقد أسفرت هذه المناقشات عن إجراء تعديلات عديدة البعض منها «أساسى»، بتعبير رجال الحزب. النقطة الأساسية الأولى تتعلق بالأعباء على الخزانة العامة حيث تتحمل نحو 72% من قيمة المعاشات وذلك وفق القانون الحالى الذى ينص على أن «اى زيادة تنجم عن قوانين أو قرارات خاصة تلتزم بها الخزانة العامة»، بمعنى أن أى زيادة بقرارات سيادية مثل العلاوة السنوية تتحملها الدولة وليس صندوق المعاشات. «لكن وزارة المالية أرادت أن تلغى هذا البند ليعتمد النظام الجديد على نفسه وليس على قدرة الخزانة العامة فى السداد»، كما يشرح الاقتصادى عبدالفتاح الجبالى. الجبالى، الذى شارك فى جميع جلسات نقاش الوطنى والمالية. وقال الجبالى إن الحزب «أصر على أن يبقى النص بصيغته القديمة». وحسب الجبالى فإن الوطنى تدخل فى نقطة أساسية اخرى تتعلق بهيكل الإدارة حيث اشترط أن تضمن فى تشكيلها الجديد الاتحادات المختلفة مثل اتحاد العمال والصناعات. صندوق التأمينات والمعاشات كان قد أثار أزمة فى مجلس الشعب ومشادات كلامية أبطالها نائب الإخوان اشرف بدر الدين وأحمد عز نائب الوطنى ورئيس لجنة الخطة والموازنة، أثناء اعتماد الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة، عندما لوح أشرف بدر الدين بالدستور، وهو ما يعنى فى أعراف البرلمان ضرورة توقف أعماله لبحث المخالفة الدستورية. الأزمة نشأت على خلفية ما يسمى «الفائض الاكتوارى»، وهى حسبة اقتصادية تقاس على 5 سنوات قادمة تحدد قيمة الأموال «الافتراضية» التى ستتوفر للصندوق بعد سداد المعاشات خلال تلك الفترة. وينص القانون على أن أى فائض يتم تحويله إلى الاحتياطى الخاص للصندوق ثم إلى بنك الاستثمار القومى لاستثماره، على أن يصبح دينا عاما لصالح صندوق التأمينات والمعاشات. إلا أن وزارة المالية، وللمرة الأولى، قامت بضم هذا الفائض الاكتوارى إلى بند «ايرادات خاصة» فى الموازنة بقيمة 24.3 مليار جنيه، ثم عادت لتعطى نفس الأموال من خلال بند «المصروفات»، كدعم لصندوق التأمينات. وهو ما يتعارض مع قانون الموزانة العامة، وهو قانون مكمل للدستور، ويشترط أن تكون الموازنة عن ايرادات ومصروفات «حقيقية». وقد حاول عز الخروج من المأزق، من خلال تأكيده وجود فارق بين العجز الاكتوارى المحاسبى والنقدى، متحدثا عن سلامة الإجراءات. ويقول بدر الدين إنه أرسل ورقة أثناء النقاش إلى فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب يطلب الكلمة «لتصحيح الواقعة» وأن سرور رد عليه كتابة بأنه سيعطيه الكلمة فى الغد. وفى الغد اجتمع سرور فى مكتبه مع عز ويوسف بطرس غالى وزير المالية وجودت الملط ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات لمدة 3 ساعات فى محاولة للبحث عن مخرج من هذه «الورطة القانونية»، خاصة أن رئيس البرلمان كان قد أعلن فى الجلسة أنه «لا يمكن أن نعتمد موازنة بالمخالفة للقانون». وخرج الأربعة من الاجتماع، لكن دون مخرج قانونى وتم اعتماد الحساب الختامى.