«أنا أدعو الحضور للانصراف عن الندوة، لو الحوار حيستمر بالشكل دا». بغضب صاح أحد حضور ندوة الأديب علاء الأسوانى أمس الأول بنادى الجزيرة. جمهور الندوة التى استضافتها جمعية الإنرويل النسائية للأعمال الخيرية، فوجئ بطلب من منظميها بعدم الخوض فى السياسة والدين فى أسئلتهم للأسوانى، مما دعا أحد الحضور للسخرية قائلا بصوت عال «طيب ينفع نسأله فى الطبيخ؟». أمام ضغط الجمهور، توالت الأسئلة عن الدين والسياسة. «لابد أن نفرق بين فهم أهل الصحراء وفهم أهل الحضر لذات الدين»، اختار علاء الأسوانى أن يركز فى كلمته القصيرة التى سبقت مناقشة الجمهور على آثار الفكر الدينى المتشدد فى المجتمع المصرى. قال الأسوانى إن ربع القرن الأخير شهد غزوا للأفكار السلفية الوهابية، التى تعبر عن فهم مجتمعات صحارى الخليج للإسلام، «وهذه المجتمعات وظروفها وسياقها الحضارى أقل من مصر». وحمل الأسوانى الفكر الوهابى مسئولية الإساءة لصورة الإسلام فى الغرب، فى حين اتهم الأنظمة الاستبدادية بالترحيب بهذا الفكر «الذى جاء مدعوما بأموال النفط»، لأنه يدعو للخنوع للحاكم وعدم الثورة ضده «حتى لو صادر مالك وجلد ظهرك، كما تقول بعض فتاوى الوهابيين». وخص الأسوانى المملكة العربية السعودية ومفتيها السابق عبدالعزيز بن باز، بالقسط الأكبر من هجومه، واستشهد بإحدى فتاويه التى تدعو للصبر على الحاكم الكافر «حتى يغيره الله»، مستنتجا من ذلك أن ابن باز كان له دور تاريخى فى تسخير الدين لخدمة السياسة، على حد قوله. «كنا أقل التزاما بمظاهر الدين، لكننا كنا أكثر تدينا»، هو وصف الأسوانى لحال المصريين قبل بداية الهجرة إلى الخليج، «ليرجعوا مشبعين بأفكار الوهابية، تعلى مظهر الدين على جوهره»، وتثير كلماته تصفيق الحاضرين. حديث الأسوانى استفز امرأة كويتية بين الجمهور، لتواجه الأسوانى قائلة «البيئة الصحراوية المتخلفة التى تتحدث عنها، هى التى اختارها الله لينزل فيها أعظم رسالة»، مشددة على أن الأفكار المتطرفة تظهر فى جميع البلدان والعصور، لتنهى حديثها بسؤال «لماذا لم تستطع مصر مقاومة الأفكار الواردة إليها، أو أن تصبغ الأفكار الواردة إليها بصبغة مصرية؟ هل فى ذلك دليل على ضعف المفكرين فيها؟». رد الأسوانى بلباقة أنه يحتفظ بأصدقاء مستنيرين من جميع أنحاء الوطن العربى، بما فيهم السعودية، لكنه أيضا يدرك أن هؤلاء المبدعين القلائل يلاقون عنتا وظلما من أنظمتهم المستبدة. الأسوانى الذى وصف الشعب المصرى فى حديثه بأنه «سيد الحلول الوسط»، لجأ نفسه إلى حل وسط أرضى المنظمين غير المرحبين بالحديث الصريح فى السياسة، والجمهور المتحمس الذى علق بعضهم على صدورهم صورا لمحمد البرادعى. ففى إجابة عن سؤال متعلق بتدهور الحالة السياسية فى مصر رغم توافر الكفاءات، رد الأسوانى «فيه لاعبين كتير كويسين ممكن ينزلوا لأرض الملعب، لكن المشكلة كلها فى الكوتش اللى مش راضى ينزلهم».