على غير العادة، لم تشتر "هدى حسين" ربة منزل، حلوى المولد هذا العام، بسبب الأسعار المرتفعة التي سجلها كيلو الحلوى في شوادر إحدى القرى النائية بمحافظة الجيزة، إذ وصل إلى 100 جنيه، وهو أمر لا تقدر على تحمله. وما زاد من صعوبة الشراء، تزامن الاحتفال بالمولد مع العام الدراسي الجديد، الذي يتطلب شراء مستلزمات دراسية من كتب خارجية وملابس وأغذية ومصروفات مدرسية، وكلها أعباء مادية فضّلت هدى تجنبها. تقول هدى، ل"الشروق": "مصاريف المدارس والكتب الخارجية والسندوتشات، خلتنا نقرر مانشتريش حلوىات المولد، ومعظم الشوادر في بلدنا خالية من الزبائن". ارتفعت أسعار حلوى المولد هذا العام نتيجة نقص بعض مستلزمات الإنتاج كالمكسرات والسكر والدقيق، وهو ما انعكس على ارتفاع أسعارها، وهو أمر أرجعته شعبة الحلويات إلى القيود التي فرضها البنك المركزي على الاستيراد في فبراير الماضي. تحدثت "الشروق" إلى تاجرين، أكدا انخفاض أعداد شوادر حلوى المولد في الشارع، مع تراجع كمية المعروض نتيجة ارتفاع أسعار خامات تصنيع الحلوى. واختلفت الأسعار حسب كل تاجر، فالبعض يبيع الكيلو بدءًا من 55 جنيها أو 60 جنيها لكيلو الحلاوة الشعبية، بينما كيلو الحلوى الفاخرة يبدأ من 100 جنيه للكيلو الواحد. وقال محسن حسن، بائع حلويات المولد بمنطقة الهرم، ل"الشروق"، إن سعر كيلو الحلوى العادية التي تشمل السمسمية والحمصية وغيرها من الأصناف العادية يباع ب60 جنيها، أما الأصناف الفاخرة التي تحتوي على المكسرات يباع الكيلو الواحد منها ب100 جنيه. وأضاف أن عدد كبير من التجار يبيعون حلوى المولد بالقطعة "يعني قرص الفستقية مثلا ب30 جنيها، واللوز ب25 جنيها حسب خامة ووزن كل قرص"، وهو الأمر الذي رصدته "الشروق" على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قام عدد من البائعين "أونلاين" ببيع حلوى المولد في أطباق نظرًا لارتفاع أسعارها. ويتفق معه هاني مصطفى، ويعزي أسباب عزوف المستهلكين عن شراء حلوى بسبب دخول موسم المدارس وما يتطلبه من مصرفات دراسية باهظة، بالإضافة إلى ارتفاع مستلزمات الإنتاج والمواد الخام اللازمة لتصنيع الحلويات. وتقول غرفة القاهرة التجارية، إن أسعار حلوى المولد هذا العام ارتفعت بنسب تتراوح ما بين 7 إلى 10% بسبب زيادة سعر السكر والخامات، نتيجة ارتفاع الأسعار عالميًا. من جانبه، قال مدحت الفيومي، رئيس شعبة الحلويات بالدقهلية، في مداخلة تليفزيونية، إن أسعار حلوى المولد هذا العام تراوحت بين 80 إلى 300 جنيه وما فوق ذلك (تجاوز سعر علبة الحلاوة في بعض العلامات التجارية الشهيرة ال1000 جنيه). واختلف الفيومي، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "كلمة أخيرة"، مع النسبة التي أعلنتها غرفة القاهرة التجارية، وقال إن نسبة ارتفاع هذا العام حوالي 30 أو 40%، عن العام الماضي. وعزى سبب الزيادة إلى ارتفاع أسعار الخامات وتراجع الجنيه أمام الدولار. وقال إن ارتفاع الأسعار جاء بسبب الحلوى التي يدخل في تصينعها السكر المستورد مثل المكسرات وجوز الهند؛ "لأن مش كل السكر محلي، في سكر كمان بنستورده". واستوردت مصر نحو 400 ألف طن من السكر خلال العام الماضي، وبلغ حجم إنتاجها المحلي 2.8 مليون طن سكر، بحسب تصريحات وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور علي المصيلحي في مارس 2022. وتخطط الحكومة لتقليل معدل استيراد السكر ليصل إلى 300 ألف طن من السكر، وفقًا لمصيلحي. غير أن الإقبال على شراء الحلوى من قبل المستهلكين الطبيعيين تراجع عن العام الماضي "دلوقتي اللي بيشتري اللي عنده مناسبة، شخص خاطب أو متجوز أو عازم نسايبه، لكن اللي كان بيشتري 5 أو 10 كيلو، الكميات قلت"، طبقًا لحديث رئيس شعبة الحلويات بالدقهلية. في النهاية، لم تجازف هدى في تحميل زوجها أعباء مالية إضافية، وتأمل في تجاوز ظاهرة ارتفاع الأسعار التي باتت تحكم اتجاهات الشراء لدى الأسرة، وقضت على شراء الرفاهيات. * ملحوظة: تم تغيير الاسم بناء على طلب المصدر.