بعد مواقفها المعادية للمقاومة …حزب الله يهدد حكومة عملاء الصهاينة والأمريكان بإشعال لبنان    كوريا الشمالية: لن نتخلى عن قدراتنا النووية    يلا كورة لايف.. مشاهدة مباراة وست هام ضد إيفرتون مباشر دون تقطيع | الدوري الإنجليزي الممتاز 2025-2026    ضبط 3 متهمين في واقعة العثور على رضيع ملقى ب المنوفية    وزير السياحة: العرض داخل المتحف المصري الكبير لن يتضمن نقل قطع أثرية    سمير عمر: "ورقة ترامب" مناورة سياسية والطرح المصري أكثر واقعية    مصر والدومينيكان تبحثان تعزيز التعاون في الطيران المدني على هامش اجتماعات الإيكاو    القمة 131.. حسين الشحات يسجل هدف التعادل للأهلي في مرمى الزمالك    الخميس 9 أكتوبر إجازة رسمية بمناسبة عيد القوات المسلحة بدلا من 6 أكتوبر    الداخلية تكشف حقيقة اختطاف فتاة صينية في مصر    مصرع طفلين غرقا في حادثين منفصلين بدار السلام وجرجا في سوهاج    اسكتش مسرحي ومعرض وفقرات فنية إبداعية تميز اللقاء التعريفي بتربية جامعة القناة    بخطة طوارئ عاجلة.. «الصحة» تسيطر على انقطاع الكهرباء بمستشفى قفط التخصصي    أحمد الفيشاوى وسينتيا خليفة فى أول صور من مشاهدهما بفيلم "سفاح التجمع"    عاجل.. وزير الإسكان يعلن عن طرح جديد للمصريين بالخارج بعد أزمة بيت الوطن.. فيديو    هل تتأثر مصر بفيضانات السودان بعد إطلاق الإنذار الأحمر؟.. عباس شراقي يوضح    رياض محرز يقود تشكيل الأهلي ضد الدحيل في دوري أبطال آسيا للنخبة    رابيو: لا أعرف كيف يركض مودريتش هكذا في سن ال 40    جدول مواقيت الصلاة غدًا الثلاثاء 30 سبتمبر في محافظات الصعيد    الثقافة تفتح باب حجز دور النشر للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026    هل تصح صلاة الفرض أثناء التنقل في السيارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل مجالس الذكر حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    وزارة الصحة توضح حقيقة شكوى مواطنة من معهد القلب القومي    استشاري قلب: الجلوس الطويل أمام الشاشات يضاعف مخاطر أمراض القلب والوقاية تبدأ بالرياضة    يحميك من أمراض مزمنة.. 4 فوائد تجعلك تواظب على شرب الشاي يوميا    درءا للإشاعات.. محافظ شمال سيناء يؤكد اهتمام الدولة بالمواطنين وصرف تعويضات حي الميناء بالعريش    نيرمين الفقي في أحدث جلسة تصوير بتوقيع حسن سند |صور    محافظ الأقصر يستقبل مدير صندوق مكتبات مصر العامة    تأهيل الأطباء وحقوق المرضى (4)    الاحتلال الإسرائيلي يحتجز أكثر من 20 شابا ويعتقل آخر شمال رام الله    أسدد ديني ولا اخرج الزكاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    روسيا تعلن عن جولة محادثات مع الهند حول الأمن الإقليمي وأوكرانيا    الليلة.. أون سبورت تقدم سهرة كروية استثنائية في القمة 131 بين الأهلي والزمالك    الزمالك يُمدد عقد خالد عبدالناصر موسمين    وزارة الصحة تستعرض تجربتها في المشروع القومي لكتابة تقارير الأشعة «عن بعد»    تضامنًا مع أهل غزة ضد العدوان.. عايدة الأيوبي تطرح "غصن الزيتون"    المفوضية الأوروبية تدعو لوقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة    رغم إدراج أسهمها في نيويورك.. «أسترازينيكا»: لن نغادر المملكة المتحدة (تفاصيل)    سقوط سيدة في بئر أسانسير بالمحلة الكبرى    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للقطاعين العام والخاص في مصر.. هل يتم ترحيلها؟    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    «سبب مفاجئ».. فيريرا يطيح بنجم الزمالك قبل مباراة الأهلي    قبل الزواج من برج العذراء.. احذر هذه الصفات الضارة    شاهد غرفة ملابس الأهلي في استاد القاهرة قبل القمة    وزير الري يتابع إجراءات تطوير الواجهات النيلية بالمحافظات    حجز إعادة محاكمة المتهم السابع بقضية "فتنة الشيعة" للنطق بالحكم    وزارة التعليم تعلن توزيع منهج العربى للثالث الإعدادى وشكل الامتحان    محافظ أسيوط: خطة متكاملة لتطوير شوارع ديروط ب160 ألف متر إنترلوك    إسرائيل هيوم: الحرب المقبلة بين تل أبيب وطهران قد تكون أشد عنفا    الطفلة مي.. وردة فلسطينية أنهك التجويع الإسرائيلي جسدها ودمر طفولتها    أسعار الحديد فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    معهد بحوث الإلكترونيات أول مؤسسة مصرية تحصل على شهادة إدارة الذكاء الاصطناعي ISO/IEC    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    حالة الطقس في السعودية اليوم الاثنين 29-9-2025 ونشاط الرياح المثيرة للغبار    الصحة: 5500 متبرع بالدم خلال 4 أيام لدعم مرضى سرطان الدم ضمن الحملة القومية    الحوثيون: قصفنا أهدافا في تل أبيب وملايين الإسرائليين فروا للملاجئ    «الداخلية» تنفي مزاعم إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح: «أكاذيب إخوانية»    الأربعاء.. مجلس النواب يبحث اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عناوين جرانين المستقبل
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 02 - 2010

عنوان هذا المقال مستوحٍ من قصيدة رائعة للشاعر الكبير صلاح جاهين كتبها فى ذروة حرب الاستنزاف، وتحديدا فى عام 1970، عندما أغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية على مصنع أبوزعبل فقتلت وأصابت قرابة مائة وأربعين من عمال المصنع البسطاء. وصلاح جاهين هو ذلك المبدع الذى يمسك بين يديه بمفاتيح قلوبنا، يلهب حماسنا نشيده «ثوار لآخر مدى»، وتبهجنا رباعيته التى يقول الضحك فيها «يا سم للتكشير»، ويدهشنا حبه للحياة الممزوج بحب «المقابر والتُرب»، ونصلح هندامنا ونستوى واقفين لنظهر معه حين يهم بالتقاط «صورة». وفى عناوين جرانين المستقبل أو قصيدة أبوزعبل يبعث جاهين برسالة مؤداها أن دم العمال الشهداء لن يذهب سدى، فمن تضحيات هؤلاء وأمثالهم يتفتح الغد الجديد، ذلك الغد الذى تطالعنا فيه الجرانين بأخبار سارة نقرأها على النحو التالى:
الجو غدا يتحسن
معرض لزهور السوسن
الخطة الخمسية تنفذ
----
دستور وقوانين تعلن
حرية الدين تعلن
قوس تذكارى جارٍ عمله
طالين منه إحنا وح نفضل
إحنا العمال اللى انقتلوا
قدام المصنع فى أبوزعبل
بنغنى للدنيا ونتلو
عناوين جرانين المستقبل
ومع أن سياق القصيدة يختلف كليا عن السياق الذى أكتب فيه هذا المقال، إلا أن ذكراها الجميلة ألحت على بشدة وأنا أقرأ عناوين جرانين الأيام القليلة الماضية. هل لهذه العناوين أى معنى استثنائى بالنسبة لنا كمصريين؟ سؤال طرحته على نفسى ووجدت أنه يحتمل وبالدرجة نفسها من القوة الإجابة بنعم والإجابة بلا. فلو أنك اكتفيت بقراءة عناوين الصحف الخاصة سواء اليومية أو الأسبوعية فلا بد أنك ستدرك أن ثمة حجرا ضخما ألقى فى مياه السياسة المصرية الراكدة، أما إن لم تقرأ إلا عناوين الصحف الرسمية لانتهيت إلى أن لا شىء جديدا تحت الشمس، وكأن الناس غير الناس وكأن البلد غير البلد.
لقد انشغلت الصحف الخاصة منذ بضعة أشهر بقضية ترشيح بعض القوى الشعبية للدكتور محمد البرادعى منافسا على رئاسة الجمهورية فى الانتخابات المقبلة عام 2011. إلا أن وتيرة هذا الاهتمام تسارعت بما لا يقاس مع اقتراب موعد وصوله إلى القاهرة ثم وصوله فعلا. وكمثال فلو راجعنا عناوين تلك الصحف فى الأيام الثلاثة الممتدة من 18 إلى 20 فبراير الماضى فسوف نجدها تتبارى فى تصوير المشهد عشية وصول البرادعى، فتستعد له بحشد الرأى العام وبالذات شريحة الشباب منه ليكونوا فى استقبال المرشح الرئاسى، وتحذر من الاستنفار الأمنى المضاد الذى استبق وصول البرادعى ب«اختطاف» منسق حملة استقباله ومنع أنصاره من كتابة عبارات تؤيده، وتنوه بأول حديث تليفزيونى يتحدث فيه البرادعى باستفاضة عن مشروعه للرئاسة. هذا فيما يخص الصفحة الأولى، أما فى باقى الصفحات فتوجد مقالات رأى وتحليلات، نجد فيها ما يلى: اختلاف حول تقييم ترشيح البرادعى من الحماسة الشديدة له إلى التوجس من بعض توجهاته إلى اتخاذ موقف وسط، أسئلة بالجملة تدور حول ما إذا كان البرادعى مطلوبا لذاته أم أنه أول الغيث؟ وهل هو راغب فعلا فى المنافسة أم أن المصريين المحبطين هم الذين أسقطوا عليه تمنياتهم؟ وهل الأمر برمته جد فى موضع هزل أم العكس؟.. وعلى حين تشتعل تلك الأسئلة فى الرءوس فإن زخما موازيا راح يصاحبه على شبكة الإنترنت وخصوصا على موقع الفيس بوك.
الآن من فضلك اترك الصحف الخاصة وانتقل إلى الصحيفة الرسمية الأهم «الأهرام» التى كتب عنها أحد الصحفيين فى 17 فبراير الماضى مشيدا بالتطور الذى دخل على صفحتها الأولى فجعلها تعكس فى عناوينها نبض الشارع المصرى. ودلل على رأيه بتغطية الأهرام الاحتجاجات الشعبية المتنامية، وفسر ذلك التطور الذى وصفه «بالانقلاب» فى حالة الأهرام المسائى بتغير رئاسة مجلس إدارة الأهرام من جهة والمنافسة القوية للصحف الخاصة من جهة أخرى.
اترك إذن الصحف الخاصة وانظر إلى الأهرام وستجد أن يومى الخميس والجمعة الماضيين أى عشية وصول البرادعى للقاهرة ثم وصوله إليها فعلا، خلت فيهما الصحيفة بالكلية من أى إشارة لهذا الحراك الجماهيرى الذى تشبع به وصوره الإعلام الخاص المرئى منه والمقروء والإلكترونى. لا خبر واحد لا فى الصفحة الأولى ولا فى الصفحات الداخلية. حتى إذا وصلت إلى يوم السبت أى اليوم التالى على قدوم البرادعى فسوف تجد إشارة للموضوع فى خبر صغير من تسعة أسطر فى الصفحة الأولى يقول إن الدكتور البرادعى عاد إلى القاهرة أمس بعد انتهاء عمله كمدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكان فى استقباله فى المطار «مندوب من وزارة الخارجية وعدد من الشخصيات الثقافية والعامة»..
هكذا؟ ما الذى يفرق وفق مضمون هذا الخبر بين ظروف عودة الدكتور البرادعى وظروف عودة أى مواطن مصرى آخر انتهى عقد عمله فى الخليج مثلا؟ لا شىء. وهل هذه الشخصيات الثقافية والعامة التى ذهبت لاستقباله كانت لتشد الرحال إلى المطار لو أن العائد للقاهرة هو المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية... وبس؟ بالطبع لا. تقديرى أن التنويه بعودة البرادعى جاء بعد أن مر الأمر بسلام، وربما أيضا لأن الشحن الإعلامى ترك انطباعا بأن الذين سيكونون فى استقبال المرشح للرئاسة أكبر بكثير ممن ذهبوا إليه فعلا، هذا مع أن فكرة احتشاد ألف مواطن من محافظات مختلفة وذهابهم للمطار فى يوم إجازتهم الأسبوعية والأهم من ذلك ما سبق خروجهم من حملة توكيلات لا يمثل بالتأكيد مصدر ارتياح لهذه الصحف والقائمين عليها، لكن المقصود أن الإحراج لم يتعد الخط الأحمر، ويبقى السؤال: إذا كانت عناوين الجرانين الرسمية أو القومية تتجاهل منافسا محتملا ولو كان الاحتمال بعيدا فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.. فعلى أى نحو يا ترى ستغطى أخبار المنافسة الانتخابية فى حينها؟ ننتظر لنرى.
غريب أمر هذا البلد، عندما يعود المنتخب القومى المصرى ظافرا فى مباراة لكرة القدم خارج الوطن يكون الكل جاهزا لاستقباله وتحتل أخبار هذا الاستقبال عناوين كل الصحف الرسمية والخاصة، أما حين يصل أمثال البرادعى إلى وطنهم فإن الشعب وحده هو الذى يذهب لاستقبالهم وتغيب طقوس هذا الاستقبال عن عناوين الصحف الرسمية. وهنا أعود إلى قصيدة صلاح جاهين لأقرأ فيها، وأشدد:
الجو غدا يتحسن
الجو غدا يتحسن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.