على أرض مصر كثير من الأبنية التي تعبر عن العراقة والتاريخ، وشكلت من خلال أساليبها الفنية المختلفة متحفاً مفتوحاً يمكنك من خلاله التعرف الطراز المعماري الفني لهذه الحقبة الزمنية. وفي سلسلة من الحلقات مستمرة خلال شهر رمضان، نغوص في عالم من الفنون تَشكل على أرض مصر، نتعرف على طرازها المعمارية وقصص نشأتها، ونستكشف عوالمها الفنية البديعة، في رحلة عبر التاريخ، من خلال كتاب قصور مصر، للكاتبة سهير عبدالحميد. تقول الكاتبة في مقدمة كتابها: "قصور مصر تاريخ لا يزال حيا، لأنها ليست مجرد أماكن وجدران وشوارع إنما هي سجل يخلد أسماء وشخوصاً وأحداثاً رمز لنمط عمارة ساد وظروف عصر خلا وثقافة مجتمع تقلبت عليها السنوات، وظلت تحمل شيئاً من توقيعه لا يزال محفوراُ في ومضة هنا وأخرى هناك". لازالت رحلتنا في قصور مصر مستمرة، واليوم في مكتبة الجيزة العامة –مكتبة مبارك سابقاً- والتي هي في الأساس كانت قصراً فخماً، يحمل اسم قصر الطحاوي، وتملكه إحدى العائلات الكبرى في مصر. يوجد القصر في مواجهة النيل على مسافة قريبة من مجلس الدولة، وتصفه الكاتبة، أنه ذات هيئة مميزة بوحدات الطوب الأحمر التي صممها المعماري الفرنسي جورج بارك، وهو من المعماريين المهمين في مصر، حيث صمم مبنى صيدناوي ومقر البورصة في القاهرة. وتوضح الكاتبة أن هذا المكان كان ملكاً لعائلة الطحاوي الشهيرة التي ينتهي نسبها إلى الإمام الطحاوي، أحد الفقهاء، وتحولت في الثلاثينيات إلى مقر البنك العقاري المصري، وبعد ثورة يوليو 1952، اختير القصر لإقامة المشير عبدالحكيم عامر حتى هزيمة يونيو 1967. نستطيع فهم ملامح القصر الفنية، من معرفة فكر مصممه جورج بارك، الذي ولد عام 1874، في بونتليفوي بفرنسا، وتخرج في مدرسة الفنون الجميلة في باريس عام 1903، بعد دراسته كلفه وزير الخارجية ببناء القنصلية العامة الفرنسية في سميرنا. كان بارك ينتمي لمرحلة "Art Nouveau" أو الأسلوب الجديد، وقد برز في مطلع القرن العشرين، وهو أسلوب الزخرفة الفني الذي ازدهر بين عامي 1890 و1910 في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة. وانتقل فيما بعد على يد المعماريين الأوروبيين إلى دول مختلفة، ويتميز باستخدامه لخط عضوي طويل متعرج، وكان يستخدم في أغلب الأحيان في الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي للمنازل وتصميم المجوهرات والزجاج. وكان هدفه الأساسي التخلص من سيطرة التقاليد التاريخية على فنون العمارة في القرن التاسع عشر. اقرأ أيضا: أماكن وطرز معمارية (15).. بيت السحيمي وفنون الزخرفة الإسلامية