اعتبر المفكر الدكتور حسن حنفى وثيقة «المحبة فى الحقيقة» الصادرة عن الفاتيكان ضمن «التعاليم الاجتماعية للكنيسة» فرصة لتحسين صورة البابا بندكتوس السادس عشر فى الدول الإسلامية. وقال خلال الندوة التى عقدتها اللجنة المصرية للعدالة والسلام التابعة لمجلس الأساقفة الكاثوليك مساء أمس الأول، إن الوثيقة التى عرضتها اللجنة لأول مرة فى المنطقة العربية تأتى لترسم صورة جديدة للبابا بندكتوس كرجل أقرب إلى الماركسية المسيحية بعد أن كان رمزا لليمين الدينى فى الكنيسة. وأضاف: «عندما يقدم الفاتيكان مفهوما جديدا للمحبة فى المسيحية بوصفها التزاما تجاه الإنسان والفقراء، فهذا تطور فى فهم الكنيسة لدورها فى الواقع، لم تأخذ خطوة تماثلها فى الأهمية منذ مجمع الفاتيكان الثانى عام 1967، الذى شاركت فيه بدعوة من البابا الراحل بولس السادس للمشاركة فى صياغة وثيقة موقف الكنيسة من الأديان السماوية غير المسيحية». واعتبر حنفى أن اعتراف الفاتيكان بأنه لا يملك حلولا لمشاكل العالم بل إن المسيحية والكنيسة مجرد مؤسسة تواجه تحديات فى الواقع، أمرا إيجابيا، خاصة أن الكنيسة لم تعد تتحدث عن المسيحية أو عن نفسها بوصفها حلا للمشكلات، واكتفت بالتأكيد على أن الإيمان بالله فى أى من الأديان لابد أن يكون دافعا للالتزام نحو تحقيق العدالة بين البشر. وأضاف حنفى أن الفاتيكان لم يجد حرجا فى استخدام عشرات المصطلحات العلمانية والماركسية فى الوثيقة، وإن كان بابا روما قد تحدث فى الوثيقة عن «الحقيقة» بوصفها شيئا ثابتا يملك له تعريفا واضحا، وهو استخدام غير دقيق فلسفيا. وقال: «أستطيع أن أتفهم موقف البابا بندكتوس عندما يتحدث عن الحقيقة كشىء يعرفه، وقد سبق أن ناقشت الراحل البابا بولس السادس فى مسألة عدم زواج الكهنة الكاثوليك، وهو تعليم لم يرد سوى فى إنجيل متى، وبالتالى فهذا أقرب إلى مفهوم رواية الآحاد وليس رواية الإجماع، لكن البابا بولس قال لى إنه أمام تراث تاريخى ممتد لا يستطيع أن يغيره حتى لو كانت هناك ملاحظات نقدية صحيحة مستمدة من بعض نصوص الإنجيل». وأعرب حنفى عن تخوفه من أن تتحول الوثيقة إلى مجرد خطابات فارغة مثل خطاب أوباما فى جامعة القاهرة الذى قال فيه أشياء مبشرة لكنه فور أن عاد إلى ساحة اتخاذ القرار فى الهيئات الدولية اتخذ نفس السياسات الأمريكية المعهودة. من جهته، أكد الأنبا أنطونيوس نجيب، بطريرك الأقباط الكاثوليك، ثبات موقف الكنيسة الكاثوليكية تجاه الرأسمالية العالمية، وقال: «موقف الكنيسة معروف. نحن لسنا ضد الملكية الفردية لكننا نرفض توحش رأس المال عندما يصبح وسيلة لسحق الفقراء». وأضاف: «وثيقة المحبة فى الحقيقة عرضت على مجموعة الثمانى الكبرى من خلال ممثل الفاتيكان، وهى بمثابة شهادة من الكنيسة على الضمير العالمى». وقال كمال زاخر، مؤسس التيار العلمانى القبطى، فى تعقيب له على الوثيقة: «الكنيسة وكل المؤسسات الدينية عليها أن تعرف أنها أمام تحدٍ، إما أن تطور نفسها وتعلن التزامها تجاه الواقع، أو أن تجهز حقائبها للرحيل، فى عالم دائم التطور». هذا وطالب رءوف إلياس، عضو لجنة العدالة والسلام، بتعميم مطالب وثيقة الفاتيكان فى الالتزام الاجتماعى على مختلف المؤسسات الدينية والاجتماعية فى مصر، معتبرا أن الوثيقة تضع مفهوما جديدا للإيمان الذى لا يمكن أن يكتمل دون التزام فعال تجاه الواقع الملىء بالظلم والفقر.