هام وعاجل من التعليم قبل بدء الدراسة: توجيهات للمديريات    شئون الدراسات العليا بجامعة الفيوم توافق على تسجيل 71 رسالة ماجستير ودكتوراه    الرئيس السيسي: إتاحة الموارد الدولارية ينعكس بصورة إيجابية على توفير مخزون مطمئن من السلع والمنتجات البترولية    إحالة المخالفين للتحقيق..محافظ سوهاج يوجه بسرعة صرف الأسمدة ببرديس    سؤال برلماني للحكومة حول ضمانات توفير وحدات سكنية لمتضرري قانون الإيجار القديم    وزير الخارجية الألماني يبدي تحفظه إزاء إمكانية نشر قوات ألمانية في أوكرانيا    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    روي كين: صفقة دفاعية لليفربول قد تغيّر مجرى سباق لقب البريمييرليج    محافظ المنيا يعتمد نتيجة الدور الثاني للشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 90.69%    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    تعرف على إيرادات فيلم "أحمد وأحمد"    "ما السبب؟".. رد حاسم من لجنة الحكام على طلب الأهلي بإيقاف معروف    رئيس "الجبهة الوطنية": الفرص متساوية في الترشح لانتخابات "النواب".. والشفافية تحكم الاختيار    "الصحة" تعقد اجتماعًا لبحث مستجدات "زراعة الأعضاء".. واستعراض "حالة استثنائية"    الجهاز الفني للزمالك يستقر على مهاجم الفريق في لقاء مودرن سبورت    بعثة يد الزمالك تطير إلى رومانيا لخوض معسكر الإعداد للموسم الجديد    بداية التعاملات .. ارتفاع الذهب 20 جنيها فى مصر.. وحركة ملحوظة فى الأونصة وعيار 21    "كان بيطفي النار".. إصابة شاب في حريق شقة سكنية بسوهاج (صور)    سموتريتش يتضامن مع عضو بالكنيست بعد منعه من دخول أستراليا    أرباح "أموك" للزيوت المعدنية ترتفع طفيفا إلى 1.55 مليار جنيه في 6 أشهر    بعد رحيل تيمور تيمور.. شريف حافظ: الموضوع اتكرر كتير    الفنانة مي عز الدين تخطف الأنظار فى أحدث ظهور من إجازتها الصيفية    المفتي يوضح حكم صلاة الجنازة على الغريق المفقود    "عين شمس" ضمن أفضل 700 جامعة عالميا وفق تصنيف شنغهاي 2025    مقترح برلماني لتعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا    غلق 152 من المحال لعدم الالتزام بقرار الغلق ترشيدًا للكهرباء    "ذا ناشيونال": مصر وقطر يعدان مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: دخول 266 شاحنة مساعدات منذ الجمعة والاحتلال سهل سرقة معظمها    اليوم.. الأهلي يتسلم الدفعة الأولى من قيمة صفقة وسام أبو علي    بالفيديو.. الغرف التجارية: متابعة دائمة من الأجهزة الرقابية لتطبيق التخفيضات خلال الأوكازيون    الجمعة.. ويجز يحيي حفلًا بمهرجان العلمين    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    ضبط أطراف مشاجرة بالسلاح الأبيض في المقطم بسبب خلافات الجيرة    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    إصابة 14 شخصا إثر حادث سير في أسوان    مصرع طفل دهسه لودر بمدينة العاشر من رمضان فى الشرقية    نشأت الديهي يكشف مخططات «إخوان الخارج» لاستهداف مصر    وزيرة التضامن الاجتماعي: دعم مصر لقطاع غزة لم يكن وليد أحداث السابع من أكتوبر    «التعليم» ترسل خطابًا بشأن مناظرة السن في المرحلة الابتدائية لقبول تحويل الطلاب من الأزهر    "الأغذية العالمى": نصف مليون فلسطينى فى غزة على شفا المجاعة    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025 في أسواق الأقصر    وفاة شاب صدمته سيارة مسرعة بطريق القاهرة – الفيوم    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    «الصحة» تكشف عن 10 نصائح ذهبية للوقاية من الإجهاد الحراري    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    محافظة بورسعيد.. مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    إسرائيل تقر خطة احتلال مدينة غزة وتعرضها على وزير الدفاع غدا    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    التعليم تحسم الجدل : الالتحاق بالبكالوريا اختياريا ولا يجوز التحويل منها أو إليها    دار الإفتاء توضح حكم شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    كم سجل عيار 21 الآن؟ أسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الاثنين 18 أغسطس 2025    "2 إخوات أحدهما لاعب كرة".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة إمام عاشور نجم الأهلي    دعه ينفذ دعه يمر فالمنصب لحظة سوف تمر    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    رضا عبد العال: خوان ألفينا "هينَسي" الزملكاوية زيزو    ماكرون: لا أستبعد أن تعترف أوكرانيا بفقدان أراضيها ضمن معاهدة سلام    مواجهة مع شخص متعالي.. حظ برج القوس اليوم 18 أغسطس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعًا عن حق مخاطبة السلطات العامة
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 11 - 2009

هذا المقال ليس هجوما على أحد وليس أيضا دفاعا عن أحد، فكل أحد يملك حق الدفاع عن نفسه إذا أراد. ولكننى عندما قرأت مقال الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام بعنوان «دفاعا عن الدستور» يوم السبت الماضى الرابع والعشرين من أكتوبر 2009 أحسست برغبة قوية فى التعليق عليه لتعلقه بقضية الدستور من ناحية، وقضية الحق فى مخاطبة السلطات العامة لكل مواطن من ناحية أخرى.
مقال الدكتور عبدالمنعم سعيد هو محاولة لنسبة أمور للأستاذ محمد حسنين هيكل لم أفهمها على قدر فهمى المحدود من حديثه مع المصرى اليوم، الذى قرأته بدقه وعناية فى الأسبوع الماضى..
ومرة ثانية ليس هذا المقال دفاعا عن الأستاذ هيكل، فهو أقدر الناس على الدفاع عن نفسه إن أراد، وأنا واثق أننى لو سألته أو استأذنته فى كتابة هذا المقال فإنه كان سيرفض رفضا قاطعا، ولذلك لم أتصل به رغم رغبتى فى ذلك.
وما أظن أحدا من الذين قرأوا حديث «هيكل» فهموا منه أن الرجل دعا إلى ثورة على الدستور وعلى مؤسسات الدولة، فقد اقترح مجلسا فوق كل المؤسسات التشريعية فى البلاد تحت اسم «مجلس أمناء الدولة والدستور»..
سأله الأستاذ/ مجدى الجلاد وماذا سيفعل هذا المجلس فأجاب الأستاذ/ هيكل بوضوح: «ستكون مهمته التفكير».
الأستاذ هيكل اقترح مجموعة أسماء لمواطنين مصريين أغلبهم من الذين ردد الرأى العام أسماءهم بتلقائية للترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، وكان ذلك عن طريق الصحافة والفضائيات فى أثناء فترة الانتخابات الرئاسية عام 2005. ويبدو أن الأستاذ هيكل رأى فى هذا التوجه للرأى العام أن هؤلاء الأشخاص محل تقدير وقبول من غالبية المصريين.
هذا عن معيار الاختيار على قدر فهمى أما عن مهمة هذا المجلس المقترح، فإننى بعد أن قرأت مقال الدكتور عبدالمنعم سعيد حاولت أن أجد عبارة واحدة مما قاله هيكل فى حديثه مع مجدى الجلاد فى المصرى اليوم يفهم منها هذا المعنى من قريب أو بعيد.. لم أجد شيئا من ذلك أو ما يقترب منه.
الأمر كله «اقتراح» يتصور صاحبه أنه يساعد به على حل بعض أزمات مصر عن طريق تفكير مجموعة من المصريين محل تقدير غالبية الناس، والذين يتمتعون بكفاءات متعددة ومتميزة، وهذه المجموعة ستفكر وتدرس وتقترح وتتقدم بذلك كله إلى النظام لكى يبدأ فى تحويل المقترحات إذا قبلها إلى آليات وخطوات للتغيير الدستورى، وفقا لما ينص عليه الدستور بطبيعة الحال.
الأستاذ هيكل لم يقترح وليس فى طبيعيته أن يقترح ثورة دستورية تطيح بالدستور وبالنظام القائم وتأتى بدستور جديد ونظام جديد، هو يهدف من اقتراحه إلى تغيير الدستور وإعداد مشروع عقد اجتماعى، ولكن عبر الوسائل السلمية والدستورية. هذا ما فهمته على قدر فهمى المحدود من حديث الأستاذ هيكل فى المصرى اليوم.
ومن حق الأستاذ هيكل كما هو من حق كل مواطن دستوريا أن يخاطب السلطات العامة وأن يخاطب رئيس الجمهورية وكل مؤسسات الدولة التى يفترض افتراضا أنها وجدت من أجله، «من أجلك أنت» على حد تعبير الحزب الوطنى فى شعاره لمؤتمره القادم.. قل معى: «يا ريت».
صحيح الأستاذ هيكل يرى مع الغالبية الساحقة من المصريين أن مصر تمر بأزمات رهيبة فى كل مجال، ويحاول أن يجد سبيلا لتخفيف أو علاج بعض هذه الأزمات، ولكن يبدو أن الدكتور عبدالمنعم سعيد يرى أن أحوال مصر «ميت فل وعشرة» على حد تعبير الدكتورة نادية رضوان فى ديوانها من الشعر العامى الذى سبق أن كتبت عنه.
هذا من ناحية حق الأستاذ هيكل وحق كل مواطن حتى ولو لم يكن فى قدر وقامة وقيمة هيكل فى أن يخاطب السلطات العامة وأن يقترح عليها ما يظن أنه خير لمصر.
أعود إلى الجانب الدستورى من مقال الدكتور عبدالمنعم سعيد.. يا سيدى لم يقل أحد ممن يعتد برأيهم من أهل «الصناعة الدستورية» أن الدستور الحالى يجب أن ينسف ويلقى به فى «اليم»، أو أننا نرى أن يوضع دستور جديد منبت الصلة بحياتنا الدستورية منذ بدأت.
قلت ويقول كثيرون إن الدستور الحالى فى حاجة إلى مراجعة شاملة وإن كل التعديلات التى أدخلت عليه منذ عام 1981 كانت تعديلات إلى الوراء. فالأصل فى الدساتير أنها تمكن الحرية فى مواجهة السلطة. إنها تقيد السلطة من أجل توسيع مساحة الحرية. هذا هو الأصل فى أى دستور يستحق هذا الاسم.
وهذه بديهية لا يختلف حولها أحد من أهل الصنعة. ولكن كل التعديلات التى جاءت منذ 1981 كان مضمونها عكس ذلك تماما: تثبيت السلطة، وتأبيدها، والتضييق على الحرية. حتى وإن كان ظاهر بعض النصوص غير ذلك أو حتى إن جاز ذلك على غير «أهل الصنعة».
تعديل 1981 جوهره إطلاق مدة بقاء رئيس الجمهورية لكى نحول دون أى صورة من صور تداول السلطة.. ذلك على حين أن وجود رئيس جمهورية سابق يسير مع الناس فى الطرقات هى ضمانة أساسية من ضمانات الديموقراطية.
وتعديلات 2005 كان أساسها تعديل المادة 76 لكى تسمح فى الظاهر بانتخاب رئيس الجمهورية من متعددين، بدلا من الطريقة الكئيبة التى أخذنا بها منذ دستور 1956، وهى طريقة الاستفتاءات. وكلنا يعرف كيف تتم الاستفتاءات. وتقديرى أن الدكتور عبدالمنعم سعيد يعرف ما نعرفه جميعا عن هذه الاستفتاءات، وما يقترب منها من انتخابات، وكيف أنها تظهر إرادة الشعب!؟
المادة 76 مادة شائهة مشوهة وليس لها مثيل فى دساتير العالم كله. وقد وصفتها بأنها خطيئة دستورية، وقلت إن الذين صاغوا مشروعها أهانوا مصر، أهانهم الله.
والأستاذ هيكل وكثيرون آخرون يرون ضرورة مراجعة الدستور، لا لكى نقطع صلتنا بماضينا الدستورى أو بالمبادئ الدستورية العامة. عند مراجعة الدستور لا بد من الاهتداء بتجارب العالم خاصة الدول التى تحولت حديثا إلى الديمقراطية. ولا بد من الاستفادة من دستور 1923، ومن مشروع دستور 1954 وبالذات من مشروع دستور 1954 الذى رفضه مجلس قيادة الثورة، وجاء بدستور 1956 الذى ظل هو بكل سوءاته أساسا للدساتير المتعاقبة حتى الآن.
ولا أحد ينكر أن دستور 1971 قبل أن تشوهه التعديلات التى طرأت عليه، فيه أيضا ما يمكن أن يستفاد منه. بل إن به بعض النصوص الرائعة فى مضمونها التقدمى، والذى يعلى سيادة القانون ويحمى الحرية. أقول بوضوح بعض النصوص.. وقد كررت ذلك مرارا..
وأعود فأكرر أن كل عبارة كتبتها فى هذا المقال ليست جديدة بالنسبة لى، وهذا دليل على أن هذا المقال ليس دفاعا عن أحد وليس تعريضا بأحد، وإنما هو لوجه الله ولوجه مصر...
ليتنا لا نفكر فى غير مصر...
وفى سبتمبر من العام الماضى وجهت خطابا مفتوحا إلى السيد رئيس الجمهورية على صفحات «المصرى اليوم»، دعوت فيه إلى ما يقرب مما دعا إليه الأستاذ هيكل. وكثيرون غيرى فعلوا نفس الشىء، ولم يقل أحد إننا نريد إحداث ثورة دستورية.
لكن عندما تكلم هيكل وهذا طبيعى حدثت ردود فعل قوية وعديدة فى المجتمع المدنى ولدى النظام فيما أظن، بدليل مقال الدكتور عبدالمنعم سعيد. وكل هذا خير لأن هذا كله يدل على وجود حراك لدى شعب لن يموت مهما سلطوا عليه من وسائل القهر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.