أسقط الدكتور عبدالمنعم سعيد التصور الذى راج بشأنه منذ عينوه رئيسا لمجلس إدارة الأهرام، باعتباره واحدا من القلائل الذين يمكن أن تختلف مع ما يكتبونه لكنك تحترم أداءهم.. ذلك أن الدكتور سعيد فى مقاله بالأهرام المسائى أول أمس الخميس تفوق على زملائه من فرقة «مين هناك» بحيث قطع شوطا أبعد بكثير ممن كنا نتعامل معهم على أنهم «كوميديانات» الصحافة الحكومية، المضحك منهم والمثير للشفقة. فى مقاله «الدائرة الشريرة» يتقمص عبدالمنعم سعيد ثلاث شخصيات ويلعب ثلاثة أدوار فى فيلم واحد، بحيث يبدو وزيرا للإعلام ووزيرا للداخلية، ورجل أعمال ينقض على الصحف المستقلة فتتحول من حالة «التبر» إلى حالة «التبن» بين عشية وضحاها. لقد نزع الدكتور سعيد رداءه الأكاديمى الرصين وتخلى عن المنهج العلمى «البلاغى» لصالح المنحى التحريضى «الإبلاغى» ومن ثم وزع اتهاماته بالجملة والقطاعى على وسائل الإعلام الخاصة المستقلة بأنها ضالعة ومتورطة فى تنفيذ أجندة معادية لمصر، فى إطار «حلقة شريرة» تحاول تدمير المسار السياسى المصرى فى الخارج، بل ويذهب إلى وجود ارتباط بين هؤلاء المصريين الأشرار وبين المحافظين الجدد فى الولاياتالمتحدة. وعلى طريقة «الألتراس» يطلق الأكاديمى المحترم شماريخه ويلقى بحجارته يمينا ويسارا، على نحو يجعلك تندهش وترجع البصر أكثر من مرة فى اسم كاتب المقال لتتأكد من أنه ليس عبدالمنعم سعيد، حيث تتطاير مفردات التخوين والطعن فى الوطنية، بما يمكن معها اعتبار السطور أشبه بصفوف من ذوى الأحذية الثقيلة تستعد لتوجيه ضربة لأولئك الأوغاد الذين يشوهون وطنهم بتشكيكهم فى نزاهة انتخاباته التى هى أعز ما يملك، والضالعين فى «دائرة شريرة» تحاول زعزعة أمن واستقرار الوطن. ويلفت نظرك أيضا دفاع رئيس مجلس إدارة الأهرام عن «المعارضة» التى قررت مشاركة الحزب الحاكم اللعبة الانتخابية، مقدما وصلة دفاع حارة عن وفد السيد البدوى، وطبيعى فى هذه الحالة أن يصبح الزميل إبراهيم عيسى وزملاؤه المحترمون ممن رفضوا الانصياع أمام ذهب ملاك الدستور الجدد وسيفهم، طبيعى أن يصبحوا ضمن الضالعين فى دائرة عبدالمنعم سعيد الشريرة، إلى الحد الذى دفعه إلى اتهام إبراهيم عيسى فى ذمته المالية، مرددا نكتة المليون جنيه التى حصل عليها الأخير مقابل بيع جريدته التى أنشأها وارتبطت باسمه وصارت نسيا منسيا من بعده. وإذا كان إبراهيم عيسى قد قرر اللجوء للقضاء دفاعا عن سمعته المالية، فليت عبدالمنعم سعيد يلجأ إلى الأكاديمية دفاعا عن سمعته المهنية، حتى لا يخسر نفسه كباحث وكاتب مثقف تختلف مع ما يكتبه دون أن تفقد احترامك له. [email protected]