هناك تطور مهنى إلى حد كبير فى مطبوعات مؤسسة الأهرام منذ تولى عبدالمنعم سعيد رئاسة مجلس الإدارة.. لكن هذا التطور أوضح ما يكون فى «الأهرام المسائى» تحت رئاسة تحرير الزميل طارق حسن.. قد نتفق أو نختلف معه فيما يكتبه لكن فى أعداد كثيرة نجد موضوعات لم نكن نحلم أن نراها فى صحيفة حكومية أو حتى معارضة. آخر اللفتات المهنية الجيدة للأهرام المسائى سلسلة مقالات كتبها الرئيس حسنى مبارك فى الفترة من عام 1969 عندما كان رئيسا لمجلس إدارة مجلة القوات الجوية برتبة عميد طيار أركان حرب وحتى منتصف السبعينيات عندما أصبح نائبا للرئيس أنور السادات. أهمية هذه المقالات أنها تكشف لنا كيف كان الرئيس يفكر عندما كان شابا، وأحسنت الأهرام المسائى صنعا عندما عنونت فى عددها أمس الأول السبت على لسان الرئيس وهو يقول فى هذه المقالات «أين كنا؟.. وكيف يمكن أن نكون؟.. وإلى أى وجهة سنكون»؟. يقول الرئيس مبارك فى مقالاته بمجلة القوات الجوية «إن مصر نواة التجمع العربى لدحر الصهيونية، وقد تصدت على مر العصور لأطماع الغزاة ودحرتهم واحدا إثر الآخر».. القول سليم تماما.. لكن واقع الحال الآن يشير إلى أن الصهيونية لم يتم دحرها، تتوسع كل يوم وتفرض شروطها على كل العرب، وأصبح تردد قادة العدو الصهيونى على القاهرة وشرم الشيخ أكثر من تردد قادة عرب كثيرين.. صارت علاقتنا مع العدو أقوى من علاقتنا مع سوريا أو إيران أو جزء كبير من منظمات المقاومة الفلسطينية. بالطبع قادة هذه الدول والمنظمات ليسوا مجموعة من الملائكة لكنهم فى كل الأحوال أفضل مليار مرة من المجرمين الصهاينة. يقول مبارك. فى السبعينيات: «مازال إيماننا قويا بأن لدى الأمة العربية امكانات تمكنها من كسب معركتها».. مرة أخرى القول صحيح تماما، فى الماضى والحاضر والمستقبل، لكن واقع الحال يشير إلى أن مجمل علاقاتنا التجارية مع وطننا العربى، لا تتجاوز العشرة فى المائة، أما معركة الأمة العربية، فلم يعد أحد يعرف الآن، هل ماتزال هناك معركة لهذه الأمة، بعد أن خسرت كل قضاياها تقريبا، بل إن البعض من كتابنا ومفكرينا الكبار صار يتبجح علنا بأننا لسنا عربا؟. يضيف الرئيس أيضا عندما كان شابا: «أمريكا تريد الاحتفاظ بالتفوق على كل الأمم المجتمعة، وتريد الاحتفاظ لإسرائيل بالتفوق على العرب».. ذلك كان صحيحا وقتها.. ولايزال مستمرا حتى الآن.. الفارق الوحيد أن سياستنا تعطى انطباعا بأنها تكرس ذلك بدلا من أن تحاربه. كتب الرئيس أيضا بعد وفاة جمال عبدالناصر فى نفس المجلة أن الوفاء لهذا الزعيم هو السير على مبادئه ولا حاجة بنا للتذكير كيف تم التعامل مع هذه المبادئ. شكرا للأهرام المسائى على عرضها لهذه المقالات المهمة.. وليتها تكمل الجميل وتستكتب مسئولين وخبراء ومحللين وتسألهم سؤالا أو سؤالين: أين كنا وكيف أصبحنا؟! ومن الذى تغير: الرئيس.. أم مصر أم العالم؟!.