حين ترك محمد حسنين هيكل الأهرام، كانت مهنة الصحافة فى قمة أولويات المؤسسة، وحين تركها إبراهيم نافع كان الصحفيون يباهون بانتمائهم للأهرام، ولو بقى مرسى عطاالله أكثر من هذا لنسينا أن الأهرام مؤسسة صحفية. كان أنور السادات يرى أن فى الأهرام دويلات تؤرقه، وأبلغ انزعاجه للراحل العظيم أحمد بهاء الدين، بالتحديد من الديسك المركزى الذى كان يضم تسعة هم الأكثر مهنية وحرفية فى الجريدة، وكذلك مركز الدراسات الذى كان ولايزال يضم صفوة من العقول المفكرة والمختلفة. كان السادات على حق فى تقدير أهمية المكانين، وكان على حق أيضا فى النظر إلى المؤسسة العظيمة بانزعاج بالغ، بعد أن ترنحت وارتبكت إثر إقالة «الأستاذ» محمد حسنين هيكل، حتى إن عددا كبيرا من الكتاب لم يعمّروا فى رئاستها، منهم عمالقة مثل: إحسان عبدالقدوس ويوسف السباعى وأحمد بهاء الدين و«عبدالقادر حاتم عبدالله عبدالبارى»، وعلى أمين وعلى حمدى الجمال، فى الفترة من عام 1974 إلى 1979، العام الذى تولى فيه إبراهيم نافع، رئاسة تحرير الأهرام، ولم يستقر الوضع تماما إلا فى الثمانينيات على يدى نافع، الذى لم يتركها إلا عام 2005. يومها كنت أعمل فى أبوظبى، وفى الغربة تجد نفسك تسترق السمع إلى كل أخبار الوطن، فما بالك ببيتك، والأهرام بيت الأهراميين مهما شردوا. ترك نافع الأهرام وتوالت الأخبار المفزعة.. الأهرام على شفا الانهيار، الأهرام غارقة فى الديون، عمليات نهب منظم لثروة الأهرام.. ما هذا؟ كيف تحول نافع من بانٍ إلى هادم، ومن راعٍ للمهنة إلى سارق، هل يمكن أن يكون هذا الرجل لصا؟ نافع الذى استقدم أحدث المطابع، وشيد الأبنية العملاقة وجعل الأهرام مؤسسة صحافة تمد يدها للصحافة فى كل أرجاء الوطن العربى، يمكن أن يكون هكذا، أم أنه يتعرض والأهرام لحرب قذرة وحسب؟ ورغم أننى لا أعرف إبراهيم نافع، فأنا أملك أن أقول إنه أشرف وأفضل كثيرا ممن خلفه وتاجر بسمعته وارتدى عباءة الأبطال، وكاد يتسبب فى فتنة غير مسبوقة فى المؤسسة. صحيح ل«إبراهيم نافع» أخطاء، لكن لغيره خطايا لا تغتفر. أكتب هذا بمناسبة الكلام الرائع الذى قاله الدكتور عبدالمنعم سعيد عن أنه سيعطى مهنة الصحافة جل اهتمامه، لأنه يعرف جيدا أن سلاح أى مؤسسة صحفية هو الصحافة، التى إن صلحت صلح شأن المؤسسة كلها. عبدالمنعم سعيد كان يستحق أن يكون رئيس مجلس إدارة الأهرام منذ سنوات طويلة، ولو أنه جاء بعد نافع لكفى المؤسسة شر كثير من المهازل مورست باسم ديون الأهرام، بداية من بيع مجد الأهرام فى أوروبا إلى تعطيل الأسانسيرات، توفيراً للطاقة. ورغم أننى أقف على الضفة الأخرى من بعض أفكار عبدالمنعم سعيد، فإننى أقتدى به فى احترامه لمن يغايره الرأى، أو من يختلف مع رؤاه. وتلك نقطة تحظى بإجماع فى الأهرام، ويكفى أن الرجل مفكر كبير ومثقف مهم وله عمق. سيعطى عبدالمنعم سعيد للصحافة ما ضن به عليها مرسى عطاالله، فمن العيب أن تصدر مطبوعة مثل «نصف الدنيا» على ورق دشت بقرار من صحفى، ومن العيب ألا يكون هناك جهاز كمبيوتر واحد عند محررى المجلة، برفض من صحفى هو رئيس مجلس الإدارة. سنعطى عبدالمنعم سعيد أفكارنا وسنقدم له طموحاتنا وسنتفق وسنختلف معه، لكن سيظل الاحترام عنوان التعامل فى الأهرام.