هناك العديد من الأشياء غير المنطقية بشأن شعورنا حيال العالم ، لا أحد يستطيع مثلاً تفسير التشاؤم من القطط على الرغم من ارتباطه بتصورات كنائس القرون الوسطى عن صلتها بالشيطان والساحرات ، أو الإيمان بوجود آشعة سحرية ما تنبعث من العين لتسبب الفقر فيما يسمى بالحسد ، والذي يمكن رده بحفنة من الخرز الأزرق أو بأصابع الكف المفتوحة كما يعتقد البعض ، فماذا عن الجمعة 13؟! على الرغم من كون التشاؤم والتفاؤل مسألة تحمل في طياتها أشياء شديدة التعلق بالثقافة ، حيث يندر أن تجد أوروبيا مثلاً يؤمن بالحسد ، أو تجد مصرياً يرمي بالملح من وراء ظهره درءاً للحظ السيء ، فإن عدد الناس الذين ينتبهون لتوافق يوم الجمعة مع اليوم الثالث عشر من الشهر أمر مثير للملاحظة ، وفي النهاية : ماذا يعرف الناس حقاً عن أصل تلك المسألة؟ على الرغم من عدم وجود مصادر مكتوبة حول أسباب أو أسرار التشاؤم من توافق يوم الجمعة مع الثالث عشر من الشهر قبل نهايات القرن التاسع العشر ، فإن البعض يرجع الموضوع إلى مصادر قديمة. وهناك وجهتا نظر في ذلك الأمر ، أولهما أسطورة إسكندنافية قديمة باجتماع ثلاثة عشر إلها على مائدة وانتهاء المأدبة بقتل أحدهم ، مما جعل الحداد على الإله القتيل يعم الأرض ، وهذه القصة تذكرنا أيضاً بلوحة العشاء الأخير لدافنشي ، حيث يظهر المسيح إلى جانب حوارييه الإثنى عشر وما تبع ذلك من أحداث في الاعتقاد الديني المسيحي. أما وجهة النظر الأخرى فتقول إن "الكمال" هو الرقم 12 (يوجد اثنا عشر برجاً فلكياً ، اثنتا عشرة ساعة في اليوم ، اثنا عشر شهرا في السنة .. إلخ) ، ونقيضه هو الرقم 13. وعلى الرغم من الخصوصية الأوروبية للأمر ، فإن التشاؤم من الرقم 13 تعدى حيزه الجغرافي ليصبح أحد التقاليد العالمية ، حيث تجد معظم الفنادق خالية من الغرفة (13) ، ولا يبادر أحد بفعل أي شيء يتعلق بالرقم 13 ، ويمتنع كثيرون عن الذهاب إلى رحلات أو مهمات معينة إذا تصادف يوم الجمعة أن جاء في يوم 13 من الشهر الميلادي ، وهو ما يختلف بطبيعة الحال عن تقاليدنا التي تكن احتراما خاصا بيوم الجمعة ، خاصة لأسباب دينية معروفة. وعلى أي حال ، فها قد جاء الجمعة 13 ، وها قد أوشك على الرحيل ، شأنه شأن باقي أيام العام .. وإلى اللقاء في جمعة 13 آخر!