محافظ البحيرة تتفقد عدد من اللجان الإنتخابية بدمنهور    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    بيان غرفة عمليات حزب المؤتمر حول انتخابات النواب    محافظ البحيرة: المرأة البحراوية نموذج مشرف وسفير حقيقي للمرأة المصرية    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    قبل لقائه ترامب.. زيلينسكي: سأتحدث عبر الفيديو مع الحلفاء الأوروبيين    نوتينجهام فورست ضد مان سيتي.. شوط أول سلبي فى الدوري الإنجليزي    ترامب يدعو وزارة العدل إلى فضح الديمقراطيين المتورطين في قضية جيفري إبستين    تعادل سلبي بين مودرن سبورت والقناة في الشوط الأول بكأس مصر    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    أمم أفريقيا 2025| بنين يتقدم على بوتسوانا في الشوط الأول    الداخلية تضبط شخصًا يوجه الناخبين بمكبر صوت في قنا    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    الداخلية تضبط شخص يوزع أموالا بمحيط لجان إيتاي البارود    تأجيل محاكمة تكفيري أسس جماعة إرهابية لشهر فبراير    داوود عبد السيد.. 9 أفلام روائية رسخت اسمه في ذاكرة السينما المصرية    إنجازات الزراعة خلال 2025| طفرة تصديرية واكتفاء ذاتي.. والميكنة تغطي 8.3 مليون فدان    «رحل أغلى ما عندي».. زوجة داوود عبد السيد تودعه بكلمات مؤثرة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يفرض حظر تجول ويغلق طرقا رئيسية يعتقل عددا من الفلسطينيين    بلديات شمال غزة: قوات الاحتلال الإسرائيلية دمرت 90% من الآبار.. والمنطقة تعيش كارثة    مواعيد وضوابط التقييمات النهائية لطلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    اليوم.. العرض الخاص لفيلم "الملحد" ل أحمد حاتم    سهر الصايغ وعمرو عبد الجليل يتعاقدان على "إعلام وراثة" لرمضان 2026    المشاط: نعمل على وصول النمو لمستويات 7% لزيادة معدلات التشغيل وتحقيق تنمية تنعكس على المواطن    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    انهيار جزئي لعقار قديم في منطقة رأس التين بالإسكندرية    12 رقما من فوز مصر على جنوب إفريقيا    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    وزير الإسكان يؤكد خلال تفقده مشروع «حدائق تلال الفسطاط»: نقلة حضارية جديدة    وزير الصحة: بدء الاستعداد للمرحلة الثالثة من التأمين الصحي الشامل    متحدث الوزراء: توجيهات بتخصيص الموارد لتطوير التأمين الصحي الشامل و«حياة كريمة»    روسيا: تنفيذ ضربة مكثفة ضد البنية التحتية للطاقة والصناعة الدفاعية الأوكرانية    وزارة الدفاع العراقية: 6 طائرات فرنسية جديدة ستصل قريبا لتعزيز الدفاع الجوي    الغش ممنوع تماما.. 10 تعليمات صارمة من المديريات التعليمية لامتحانات الفصل الدراسي الأول    الداخلية: ضبط 866 كيلو مخدرات و157 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    خلال جراحة استمرت 8 ساعات.. نجاح الفريق الطبي في إعادة بناء وجه كامل بمستشفى شربين    محافظ بني سويف يُكلف رئيس المدينة بمتابعة إصلاح كسر مياه وإعادة الحركة المرورية بعد سقوط شجرة    انطلاق الدورة 37 لمؤتمر أدباء مصر بالعريش    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    مفتي مصر بدين الهجوم على مسجد بحمص السورية    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    يايسله: إهدار الفرص وقلة التركيز كلفتنا خسارة مباراة الفتح    جيسوس يعزز قائمة النصر بثلاثي أجنبي قبل مواجهة الأخدود    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم فقدت الوقت
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 05 - 2019

توقفت ساعتى عن العمل أثناء رحلة مكتظة بالاجتماعات واللقاءات والأحداث. اضطربت وتساءلت عن فعاليتى فى غياب سيف الوقت فوق رأسى، إذ إننى أنظم جدولى بشكل لا يسمح بأى تغيير، حتى أننى حين أتردد أحيانا فى التخفيف منه تحسبا لحالة طارئة قد تظهر وتضطرنى إلى بعض المرونة، ثم أعود فأتذكر أننى لا أعرف كيف أخطط خارج الأطر الصارمة والمواعيد المحددة.
لذا فحين توقفت ساعتى عن العمل فى أسبوع كنت قد خططته بعناية ودقة فائقتين، أحسست أننى قد أفقد السيطرة واضطربت.
***
لكنى سرعان ما اكتشفت أن الوقت يمضى برتابة والأمور تتسلسل بحسب نظام أكبر منى، وأن بإمكانى ببساطة أن أسأل من حولى عن الوقت وأن أقدر، ولو بشكل تقريبى مكانى على الجدول. اكتشفت أن ثمة إثارة فى التحرك ضمن بعض الانفلات، وأن بإمكان العقل أن يتكيف بسرعة مع بعض من عدم الوضوح فيضطر أن يركز على الأولويات. رأيت أن، فى غياب السيف، ليس من الضرورة أن تفلت منى الأمور إنما قد أسمح ببعض المساحة أثناء اليوم.
***
هذه ليست دعوة للفوضى ولا لعدم احترام المواعيد، إذ لا يزعجنى شىء بقدر غضبى من مواعيد تنسف دون سبب مقنع، وما أشطرنا أحيانا فى استخدام حجج مبهمة كحجة زحمة السير فى القاهرة، وكأن الزحمة ولدت للتو ففاجأتنا. لكن ما تعلمته يوم فقدت ساعتى أن ثمة تغييرا قد يطرأ على التعامل من مع حولى حين يخف الضغط، ثمة انسيابية فى الحديث يتيحه ابتعاد السيف عن رأسى.
***
أتخيل الوقت كما وصفه الشاعر البريطانى رالف هودجسن حين ناشده قائلا «أيها الوقت، يا رجل غجرى، لم لا تبقى، وتفرد قافلتك ليوم واحد فقط»؟. أتخيل قافلة يقود كل عربة منها شخص أثر فى حياتى، أمى وجدتى وصديقات وأشخاص تركوا آثارا على، يجلس كل منهم خلف عجلة القيادة بانتظار تعليمات على هيئة دقات ساعة كبيرة تقود العربة الأولى. هذه ساعتى، الرجل الغجرى الذى يناشده الشاعر التوقف فلا يسمعه ولا يرد. تسير القافلة ومع كل محطة تلحق عربة جديدة بالمجموعة والجميع يسير خلف الساعة الكبيرة فى أول الطابور.
***
أنظر من حيث أقف فأرانى فى كل العربات، كيف حدث ذلك؟ يظهر وجهى خلف شبابيك عديدة فى نفس اللحظة لكنى حين أدقق النظر أرى بعض الاختلافات على وجهى. أنا فى مرحلة مختلفة من عمرى فى كل عربة، ألبس فى معصمى ساعة لا تتغير من عربة إلى أخرى. أتعرف عليها فهى الساعة التى توقفت عن العمل أثناء رحلتى الأخيرة. فى كل مرة أنظر إلى ساعة يدى أقفز إلى العربة التالية وأمضى فيها بعض الوقت قبل أن أنظر إلى معصمى من جديد فأقفز.
***
تظهر وجوه خلف الشبابيك أعرف بعضها وأحاول التعرف على بعضها الآخر. هم بلا شك أشخاص أثروا على بعض الأحداث فى حياتى لكنى لا أتذكرهم فأنظر من جديد، فى محاولة لقراءة حديث يدور بينى وبينهم لكنى لا أسمعه. هو حديث بين نسخة عنى موجودة داخل العربة وبينهم، وأنا كما أنا اليوم أقف على مسافة من العربة أحاول أن أتذكر ما حدث حينها.
***
هل سيتوقف الرجل الغجرى فتتوقف معه القافلة لتسمح لى بفتح أبواب الحافلات كلها؟ هل بإمكانى أن أعيد ترتيب القافلة بحيث أعيد أيضا تسلسل الأحداث؟ يقال إن قراءة الأحداث بأثر رجعى، أى إمكانية أن نعيد النظر فى مواقف بسبب إلمامنا بأمور لم نكن نعرفها من قبل، يقال إن لذلك وقعا قاسيا على حكمنا، فمن منا لم يندم على مواقف أخذها وبدت له حكيمة وقت اتخاذها، ثم عاد فغير رأيه بعد أن اتضحت الرؤية فظهرت جوانب لم تكن ضمن المعطيات الواضحة؟
***
لن أستطيع تغيير تسلسل القافلة ولا وضع حافلة مكان أخرى للأسف، ولن يتوقف الرجل الغجرى بقافلته حتى لساعات. كل ما منحنى إياه الغجرى هو نظرة سريعة على حافلات حياتى، وتأكيدا على أن القافلة تسير وأنا أقفز بين العربات وفى معصمى ساعة. حين أصل إلى العربة الأولى، تلك التى تقود المجموعة، أرمى بالقائد من النافذة، فالقائد هو ساعة ضخمة تثير دقاتها الذعر فى نفسى ونفس الركاب جميعا. أمسك بالمقود وأحاول أن أبطئ من سيرنا قليلا. أنا فهمت أننى لست برجل غجرى سوف يوقف المسار، إنما قد أستطيع أن أهدئ من الرحلة فأعطى للركاب ولنفسى فرصة أن نتبادل بعض القصص. قد تستطيع صديقة أن تأتى من حافلتها إلى حافلتى لتعطينى فنجانا من القهوة أشربه على إيقاع عربتى الهادئ.
***
يوم توقفت ساعتى عن العمل أظن أننى فقدت الوقت، أو بالأحرى فقد سيفه فجلست فى كرسى أنظر إلى تغيير المناظر من شباك حافلتى. ها قد تبدلت الألوان إذ اقترب موعد الغروب. ثم أسدل الليل سواده فهدأ الكون. لم يتغير ترتيب المشاهد إنما رأيت تواليها بشكل أوضح. هذا ما أراده الغجرى حين سمح لى بأن أتولى قيادة قافلة الوقت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.