خصصت إدارة مهرجان الإسماعيلية ليلة يوم الأربعاء الماضى لعرض 10 أفلام لمدير التصوير حسن التلمسانى، فى إطار برنامج تكريمه مخالفة بذلك لوائح المهرجان التى تنص على تكريم الأحياء فقط.. غير أن تلك المخالفة لقيت قبولا وسط جمهور المهرجان، لاسيما المصريين، حيث اعتبروا الليلة «التلمسانية» بمثابة «قبلة الحياة» للمهرجان كما أنها حفظت ماء وجه الفيلم المصرى ومكانته فى ظل مشاركة هزيلة اقتصرت على فيلمين فى الدورة الحالية. بدأ تكريم التلمسانى منذ ليلة الافتتاح، التى شهدت عرض فيلم «ينابيع الشمس» للمخرج جون فينى وهى رحلة عظيمة ذهب فيها المخرج بصحبته التلمسانى مدير التصوير حتى بحيرة «تنجانيقا» فى قلب أفريقيا متتبعا ينابيع نهر النيل، ثم امتدت الرحلة حتى مصبات النهر فى البحر المتوسط ، وانبهر الجميع بالفيلم الذى أنتج عام 1969. وجاءت ليلة الأربعاء الماضى لتخصص كاملة لمدير التصوير الراحل، حيث بدأت الاحتفالية بكلمة للناقد هاشم النحاس قال فيها إن تكريم التلمسانى يعد محاولة رد اعتبار لمهنة مدير التصوير الذى قد يسقطها البعض من حساباته على الرغم من كونها صلب الفيلم التسجيلى. وبعدها بدأت عروض التكريم بعرض فيلم «بعث التاريخ» إخراج صلاح التهامى، وهو تصوير لعملية نقل تمثال رمسيس من ميت رهينة إلى ميدان باب الحديد رمسيس عام 1955 وتميز الفيلم بموسيقى معبرة وتعليق حماسى يناسب الحالة العامة للشعب فى تلك الحقبة، كما قدم الفيلم عدة لقطات مثيرة للندم والحسرة على مصر النظيفة الهادئة الخالية من الزحام والضوضاء فى تلك الفترة فى تلك اللقطات التى تتبع فيها التلمسانى بكاميرته عملية نقل التمثال على ستة أجزاء فوق سيارات نقل. وعقب ذلك عرض فيلم «فليشهد العالم» للمخرج سعد النديم، والذى قام التلمسانى فيه بالتسلل إلى بورسعيد عام 1956 ورصد حالة الدمار والخراب التى خلفها العدوان الثلاثى على مصر، وكان بحق شريطا مبكيا ومؤلما زاد من قسوته المقارنة التى عقدها صناع الفيلم لمنازل ومصانع المدينة وهى تضج بالعمل والحياة قبل أن تتحول إلى خراب وسط جثث وأشلاء أهل المدينة. وبعدها عرض فيلم «أبوسمبل»، الذى صور أروع المعابد فى منطقة جبال النوبة مستغرقا فى قراءة التاريخ من جدران المعبد وتضمن تاريخا كاملا لحرب قادش أمام الحيثيين، وحمل فى نهايته رسالة للعالم لإنقاذ آثار النوبة من فيضان النيل، لننتقل بعد ذلك إلى فيلم «تراث الإنسانية» الذى رصد مجهود «اليونسكو» ومصلحة الآثار المصرية فى سبيل إنقاذ ونقل العديد من معابد النوبة من منطقة الفيضان. وتلتها نقلة أخرى رائعة جاءت مع فيلم «هروب العائلة المقدسة»، والذى تتبع فيه التلمسانى بصحبة المخرج ولى الدين سامح عام 1961 رحلة فرار السيدة مريم العذراء والسيد المسيح من القدس إلى مصر من خلال تتبع الآثار التى خلفتها خطواتها المباركة فى الآثار القبطية فى سيناء والصعيد، والتى خلفت كنائس وأديرة شيدها المسيحيون تبركا بآثارها. ثم جاء فيلم «فن الفلاحين» الذى سرد إنشاء الفنان رمسيس ويصا مركز تعليم الفنون بالقرب من الأهرامات لتعليم أبناء القرى المحيطة الإبداع فى فنون صناعة السجاد اليدوى والفنون الأخرى. واختتمت الليلة بفيلمين عن «سيف وانلى وحسن حشمت» آخر الفنانين الرواد فى عالم الفنون التشكيلية وتجلى الإبداع فى فيلم حشمت حين خلى من التعليق الصوتى ليحل محله تعليق موسيقى ممتع يتغير من تحفة لأخرى لتشكل الموسيقى والقطع الفنية مع بعضهم رقصة بديعة صورتها كاميرا التلمسانى بحرفية نادرة. ولم تقتصر الأفلام التى عرضت للتلمسانى فى تلك الليلة على الأفلام التى تولى فيها إدارة التصوير فقط حيث عرض فيلمان كان فيهما المخرج والمصور أيضا، وهما: «يا نيل» و«البحر زاد»، وكان الأول أقرب لملحمة شعرية فى النيل منذ أن علق الراحل صلاح جاهين على فيلم «يا نيل» ساردا حكاية الفيضان إلى الجفاف، أما فيلم «البحر زاد» فيصور عودة فيضان النيل بعد جفاف طويل واحتفال الفلاحين به فى مشاهد بديعة ظهر فى إحداها فرحة الفلاحين بالفيضان وهم يحرصون على تغطيس أطفالهم بالكامل فى مياهه وطميه فى مشهد أقرب إلى مشاهد التعميد الكنسية.