تعديلات تشريعية جديدة.. الدولة تعزز التمثيل النيابي للشباب والمرأة وذوي الهمم    توزيع لحوم أضاحي 50 رأس ماشية على الأسر المستحقة بالوادي الجديد    ترامب: العنف يجتاح كاليفورنيا وحاكمها لا يتمتع بالكفاءة    بث مباشر، مشاهدة مباراة الأهلي وباتشوكا المكسيكي الودية 2025    وزيرة التضامن توجه بصرف 100 ألف جنيه لأسرة خالد شوقي ومعاش استثنائي    ننشر مواصفات امتحان التاريخ للثانوية العامة 2025    الجاهلية المعاصرة.. الخشت: هذه شروط المراجعة الفكرية للعناصر التكفيرية    أصالة تتصدر تريند يوتيوب ب "كلام فارغ" وتُشعل أولى حفلاتها في الكويت    ريهام حجاج تؤدي مناسك الحج رفقة زوجها: "ربنا يكتبها لكل حد نفسه يروح"    الصحة الفلسطينية: مستشفيات غزة تواجه خطر التوقف خلال يومين بسبب نفاد الوقود    إنقاذ حياة توأم بعد عملية ولادة قيصرية مبكرة بمستشفى القباري    إيران: العقوبات الأمريكية الجديدة غير شرعية وتنتهك القانون الدولي    مؤسسة أبو هشيمة عضو التحالف الوطني توزع لحوم الأضاحي بمحافظة بني سويف.. صور    الوفد النقابي في جنيف: مصر نموذج للدفاع عن كرامة العمال    نصائح لتجنب الإمساك خلال فترة العيد    العودة لباريس أو البقاء مع يوفنتوس.. كولو مواني يكشف عن فريقه في كأس العالم للأندية    تقرير: بايرن ميونخ يضغط على ميلان لضم لياو    إعلام عبري: جثة السنوار في قبضة إسرائيل    المجلس الوطني الفلسطيني: إسرائيل حوّلت غزة إلى مقبرة جماعية    أكلات عيد الأضحى.. طرق تحضير الكوارع وأشهى الأطعمة    فضيلة الإمام الأكبر    في ثالث أيام العيد.. مدير معهد بحوث أمراض النباتات يتفقد محطة سدس    رونالدو يكشف: عملت مترجمًا ل ميسي!    إحياء سبع آلاف سنة    مصطفى كامل يعلن موعد انتخابات التجديد النصفي    إلهام شاهين من الساحل الشمالي.. «الله على جمالك يا مصر» | صور    براتب 10 آلاف جنيه.. الإعلان عن 90 وظيفة في مجال الوجبات السريعة    لدغة عقرب تُنهي حياة "سيف"| المئات يشيعون جثمانه.. والصحة ترد ببيان رسمي    سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق في أمريكا (تفاصيل)    تنسيق الجامعات 2025، قائمة الجامعات المعتمدة في مصر    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    «الحج دون تصريح».. ترحيل ومنع «المخالفين» من دخول السعودية لمدة 10 سنوات    فرحة العيد جوه النيل.. إقبال على الرحلات النيلية بكفر الشيخ ثالث أيام العيد    لماذا تتجدد الشكاوى من أسئلة امتحانات الثانوية العامة كل عام؟.. خبير يُجيب    هدف الزمالك.. خطوة واحدة تفصل زين الدين بلعيد عن الوكرة القطري    مى عز الدين تتألق في جلسة تصوير جديدة وتعلن عودتها للتفاعل مع جمهورها    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    بقرار من رئيس جهاز المدينة ..إطلاق اسم سائق السيارة شهيد الشهامة على أحد شوارع العاشر من رمضان    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    "سكاكين العيد".. حرب شوارع تنتهي بمقتل شاب في المحلة    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    العثور على جثة رضيعة داخل كيس أسود في قنا    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    خلال أقل من 48 ساعة .. فيديو تقديم زيزو لاعباً فى الأهلى يتجاوز ال29 مليون مشاهدة    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    أمين المجلس الأعلى للآثار يتفقد أعمال الحفائر بالأقصر    كامل الوزير يتابع حركة نقل ركاب القطارات ثالث أيام العيد، وهذا متوسط التأخيرات    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيتنام.. كيف سبقتنا
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 03 - 2019

اتجهت قبل عشرة أيام إلى فيتنام مع اتجاه أنظار العالم لعاصمتها هانوى حيث عقدت القمة الثانية التى جمعت الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وكيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية. ومثل اختيار فيتنام لاستضافة هذا الحدث الهام عدة رسائل رمزية وعملية لطرفى التفاوض، لكن جولة المفاوضات تلك فشلت. وسمحت لى تجربة زيارة فيتنام المقارنة بما وصلت له تلك الدولة وما وصلنا له فى مصر سواء فى مجال الاستثمار فى الشعب، أو مجال النمو الاقتصادى والتجارى أو حتى ما يتعلق بقضايا الحريات وحقوق الإنسان.
****
بداية تشهد فيتنام نهضة اقتصادية طبقا لمؤشرات مختلف المؤسسات المحايدة. وعلى الرغم من إرث فيتنام الثقيل فى الماضى من حروب واستعمار وكفاح ومقاومة نتج عنها مآسى كبيرة، إلا أنها استطاعت أن تعيد بناء دولة حديثة فى أقل من ثلاثة عقود. واجه الشعب الفيتنامى فرنسا ثم اليابان ثم فرنسا مرة أخرى ثم الولايات المتحدة وأخيرا الصين. وفى الوقت الذى خسرت فيه مصر ما لا يقل عن 100 ألف بين شهيد وجريح فى حروبها خلال منذ منتصف القرن الماضى، خسرت فيتنام ما لا يقل عن خمسة ملايين شخص. وخلال الحرب الفيتنامية الأخيرة والتى انتهت عام 1975، خسرت الولايات المتحدة أكثر من 58 ألف جندى وجُرح أكثر من 150 ألف آخرين، وعلى الجانب الفيتنامى قُتل مليونان من المدنيين ومليون عسكرى. هذا بالإضافة للتأثيرات المتعلقة بالاستخدام الواسع للألغام الأرضية والمواد المشعة والكيميائية والتى بقيت آثارها لسنوات. وطبقا لدراسة قامت بها جامعة هارفارد، نتج عن الحرب 10 ملايين لاجئ فيتنامى ومليون أرملة و880 ألف طفل يتيم، و362 ألف طفل بلا آباء وثلاثة ملايين عاطل، وبلغت نسبة التضخم عند انتهاء المعارك 900%. ثم قررت واشنطن بعد ذلك مقاطعة فيتنام وعدم التعامل مع نظامها الشيوعى. إلا أن الدولتين بدأتا خطوات تطبيع بطيئة بينهما منذ منتصف تسعينيات القرن الماضى ووصلت اليوم لعلاقات قوية تجمع العدوين السابقين، وهو ما استدعى أن يقول وزير الخارجية الأسبق جون كيرى وهو أيضا ممن شاركوا كمقاتل فى حرب فيتنام إنه «لم تقم أى دولتين بما قامت به الولايات المتحدة وفيتنام من العمل معا بقوة من أجل تغيير إرث تاريخهما نحو مستقبل أفضل وهو ما لم يكن بالشىء الهين خاصة مع بشاعة التاريخ». ووصلت العلاقات بين هانوى وواشنطن لمرحلة حققت فيتنام فيها عام 2018 فائضا ماليا من مبادلاتها التجارية مع الولايات المتحدة بلغ 39 مليار دولار.
***
تبنى الحزب الشيوعى عام 1986 سياسة الانفتاح والتجديد «دوى موى» وبدأت فيتنام فى تطبيق إصلاحات اقتصادية جادة نتج عنها تحقيق متوسط نسبة نمو تراوحت بين 6% و9% سنويا.
واتبعت فيتنام سياسات انفتاح اقتصادى وجذب استثمارات خارجية خلال السنوات الأخيرة جعلها تحقق واحدة من أسرع معدلات النمو الاقتصادى العالمى. تضاعفت صادرات فيتنام أكثر من 200 مرة بين 1986 و2016 ووصلت ل 210 مليار دولار عام 2017 منها 80% مواد مصنعة. نجحت فيتنام فى تنويع اقتصادها ومعه نجحت فى الانتقال من دولة نامية فقيرة قبل ثلاثة عقود، إلى دولة التحقت بركب الدول متوسطة الدخل وزاد عدد المستهلكين ليقترب من مائة مليون نسمة، وهو ما جعلها سوقا كبيرة جذابة لرأس المال الخارجى والداخلى. ويكفى أن نذكر أن شركة سامسونج الكورية تعد أكبر شركة عاملة فى فيتنام. وتعد كوريا الجنوبية أحد أكبر الدول المستثمرة فى فيتنام بمقدار 57.7 مليار دولار. وبلغت قيم صادرات شركتى سامسونج وإل جى الكوريتين من منتجات مُصنعة فى فيتنام عام 2018 أكثر من 50 مليار دولار.
وتعطى فيتنام اهتماما خاصا لمجال الزراعة والمزارعين لعلاقاتهم الخاصة بالحزب الشيوعى. وتعد فيتنام اليوم أحد أكبر مصدرى المنتجات الزراعية ذات القدرة التنافسية العالية خاصة فى الأرز (الأولى فى التصدير عالميا) والفواكه. حجم التصدير عام 1986 بلغ 400 مليون دولار، وصل عام 2017 إلى ما يزيد عن 35 مليار دولار. وانخفضت معدلات الفقر فى الريف بصورة كبيرة وتغيرت طبيعة المناطق الريفية لتتجه نحو التحضر وارتفاع مستوى التعليم واستخدام تقنيات حديثة فى الانتاج.
وقضت فيتنام على الأمية بين مواطنيها، وتوفر رعاية صحية مجانية مقبولة لهم. ويرى 88% من الفيتناميين أن أوضاعهم الاقتصادية والمالية والسياسية أفضل مما كانت عليه قبل عشرة أعوام طبقا لاستطلاع أجراه مركز بيو عام 2017. ويعتقد فقط 4% من الفيتناميين أن أوضاعهم تسير فى الطريق الخاطئ. وتقترب جودة تدريس الرياضيات والفيزياء فى المدارس الفيتنامية نظيرتها فى دول متقدمة كألمانيا وفرنسا. وتشير معظم البيانات إلى زيادة معدلات النهضة الاقتصادية الفيتنامية والتى من أهمها خفض نسبة الفقر بين المواطنين وارتفاع نصيبهم من إجمالى الناتج القومى.
***
شهد عام 2018 تشديد سلطات الحزب الشيوعى الحاكم لقبضته السياسية مع عدم التساهل مع أى معارضة سياسية له سواء فى صورة تنظيمات حزبية منافسة أو فى صورة حرية التعبير عن الرأى المخالف سواء فى وسائط التواصل الاجتماعى أو فى وسائل الإعلام. ولا يعرف الفيتناميون حرية الإعلام أو النشر، وإذا خالف أحد القواعد الحكومية المتشددة فى التعبير عن الرأى، تكون التكلفة عالية سواء بالسجن أو الاعتقال التعسفى. كذلك لا تتوافر فى فيتنام وسائل إعلام مستقلة. وأنكر كل من تحدث إليهم من صحفيين فيتناميين وطلاب جامعيين ومسئولين حكوميين سابقين وجود معارضة سياسية. وذكر مسئول سابق رفيع المستوى: «نحن نعرف الوحدة كشعب. نحن حاربنا لتحرير وطننا، والآن نقف صفا واحدا لا خلاف بيننا على ضرورة تحقيق النصر الاقتصادى كما حققنا النصر العسكرى».
ويحتكر الحزب الشيوعى السلطة من خلال سيطرة مطلقة على الحكومة وعلى مختلف التنظيمات السياسية والاجتماعية والعمالية والطلابية المختلفة. وتحظر السلطات الفيتنامية حق التظاهر وحق التجمع لأغراض سياسية. ولا توجد معارضة بالمعنى الواسع لسياسات الحكومة. مع كل ذلك تشير التقارير الغربية المعنية بالحريات والحقوق الشخصية إلى محاكمات واعتقالات ل 12 شخصا عام 2018 بتهم «استخدام البروباجندا ضد الدولة» وحكم عليهم بالسجن لفترات تتراوح بين أربعة واثنى عشر عاما. ويسبب سجل حقوق الإنسان السيئ لفيتنام الكثير من الحرج لأصدقاء فيتنام فى الخارج. وتصف تقارير وزارة الخارجية الأمريكية المتعلقة بحقوق الإنسان فيتنام بأنها «دولة مستبدة تخضع لسيطرة الحزب الشيوعى الفيتنامى». ولا تعرف فيتنام انتخابات حرة إلا داخل الدائرة العليا للحزب الحاكم لذا فهى لا تعرف تأليه حكم الشخص الواحد، وهو ما يراه بعض الفيتناميين شيئا إيجابيا.
وذكر مسئول فيتنامى سابق لى أنه: «عندما نتحدث عن دولة يقترب سكانها من مائة مليون نسمة، وتتحدث المنظمات الحقوقية الغربية عن اعتقال ومحاكمة عشرات الأشخاص، فهذا سجل جيد مقارنة بدول أخرى كثيرة»، وأضاف: «الأهم هو عدم إهانة المواطن الفيتنامى، الحكومة تساعد مواطنيها على التقدم للأمام ونحن لا نعرف التعذيب الذى تعرفه دول أخرى».
***
وفى الوقت الذى يتطلع الكثير من الفيتناميين لتكرار تجربة اليابان أو كوريا الجنوبية فى بلدهم، يخشى البعض منهم أن تتجه نخبة الحزب الشيوعى الحاكم إلى تجربة النموذج الصينى.
كاتب صحفى يكتب من واشنطن
الاقتباس
نجحت فيتنام فى تنويع اقتصادها ومعه نجحت فى الانتقال من دولة نامية فقيرة قبل ثلاثة عقود، إلى دولة التحقت بركب الدول متوسطة الدخل وزاد عدد المستهلكين ليقترب من مائة مليون نسمة، وهو ما جعلها سوقا كبيرة جذابة لرأس المال الخارجى والداخلى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.