أعلن أمس الرئيس الفلسطينى محمود عباس أن قرار طلب إرجاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مناقشة تقرير القاضى المستقل ريتشارد جولدستون حول جرائم الحرب التى ارتكبها الاحتلال الإسرائيلى بحق الفلسطينيين تحت الاحتلال فى قطاع غزة نهاية العام الماضى ومطلع العام الحالى جاء بعد مشاورات وآراء أفادت بأن القرار لن يحظى بدعم كاف يمكّن من إدانة إسرائيل من قبل مجلس الأمن الدولى. وأضاف عباس فى خطاب ألقاه مساء أمس أنه بصرف النظر عن إنكار العديد من الجهات والعواصم دعمها لهذا القرار فإن الأمر تم بعد مشاورات، رافضا الخوض فى التفاصيل. جاء ذلك بعيد إعلان القاهرة عن توجه نحو تأجيل توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية بسبب رفض حماس الجلوس إلى مائدة واحدة نهاية الشهر الحالى مع عباس جراء الغضبة الشعبية الكبيرة التى يواجهها الرئيس الفلسطينى بسبب تعليماته للبعثة الفلسطينية فى جنيف مقر مجلس حقوق الإنسان بالعمل على إرجاء مناقشة تقرير جولدستون. وقال عباس إن الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبى والصين وروسيا أرادت تغييرات فى لغة القرار الذى كانت تجرى صياغته لإحالة تقرير جولدستون إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما اتخذ قرار التأجيل مطلع الشهر الحالى. وأشار عباس إلى أنه ينتظر لجنة التحقيق التى قرر تشكيلها للنظر فى مسئولية من رفع إليه تقديرات تفيد بعدم جدوى المضى قدما فى دفع تقرير جولدستون إلى الجمعية العامة. ودون تحديد أسماء قال عباس إن المخطئ سيتحمل نتيجة خطئه. وقال: «المسئول يجب أن يتحمل مسئوليته». واعتبر الرئيس الفلسطينى أن مواقف حماس هى «لصالح مشروع مشبوه يتساوق مع مخططات إسرائيل لإضعاف السلطة الوطنية، وإقامة الدولة ذات الحدود المؤقتة ويخدم محاولات صرف الأنظار عن معركة القدس ومواجهة الاستيطان. وفى أول ردة فعل على خطاب عباس وصفت حماس خطاب الرئيس الفلسطينى بأنه يمثل محاولة للتنصل من المسئولية. وقال أحمد بحر عضو حركة حماس إنه «كان الأجدر بعباس أن يعتذر للشعب الفلسطينى على سحب تقرير جولدستون بدلا من محاولة إبداء المبررات». وفى خطاب ألقاه فى دمشق بعد دقائق من انتهاء خطاب عباس، قال خالد مشعل مدير المكتب السياسى لحركة حماس إن «القيادة الشجاعة هى التى تصارح شعبها لكنهم يمعنون فى الكذب»، وأضاف أن «فتح تستحق قيادة أفضل» وأن «القيادة ليست أمينة على الحق الفلسطينى إذ لا نستأمنها على دم غزة». واتهم مشعل القيادة الفلسطينية بالتواطؤ مع اسرائيل ضد حقوق الشعب الفلسطينى وتقديم التنازلات فى وجه سياسة استيطان اسرائيلية عنيفة، وقال إن السلطة الفلسطينية فى رام الله «تقدم خدمات مجانية لإسرائيل» فى الوقت الذى تقع فيه غزة تحت الحصار. وحول موعد توقيع المصالحة الفلسطينية، قال مشعل: «نبحث عن توقيت مناسب». وفى غزة قال خليل الحية القيادى بحركة حماس إن حركة المقاومة الإسلامية لن تتراجع عن قرار المصالحة، منوها بأن الموعد لن يكون بعيدا. وقال: «إن المصالحة طوق لنا جميعا من أجل رفع الحصار الإسرائيلى وفتح المعابر ولكى يتم تبييض السجون والاعتقال السياسى». وكانت مشاورات قد جرت فى القاهرة خلال اليومين الماضيين بين الوزير عمر سليمان مدير المخابرات العامة والمسئول عن ملف المصالحة الفلسطينية ووفد من حركة حماس برئاسة القيادى موسى أبو مرزوق قد نظرت فى حزمة إجراءات سياسية تشمل محاسبة مسئولين فلسطينيين عن إرجاء تقرير جولدستون وإبعاد عباس عن الإشراف عن اللجنة الفصائلية المشتركة والمقرر تشكيلها حسب اتفاق المصالحة لإدارة الأوضاع فى قطاع غزة والأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية. وقالت مصادر من القاهرة وحماس إن التوصل إلى اتفاق على هذه الحزمة التى تشمل أيضا ضمانات بشأن موعد إجراء الانتخابات فى الأسبوع الأخير من شهر يونيو المقبل من شأنها أن تسهم فى تسريع الاتفاق على وثيقة المصالحة الوطنية خلال أسابيع. فى الوقت نفسه أنهى المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط جورج ميتشيل جولة أخيرة فى المنطقة دون الإعلان عن أى مواعيد لاستئناف التفاوض الفلسطينى الإسرائيلى ومع الإشارة إلى صعوبات فى طريق هذا الاستئناف. واجتمع ميتشيل مع كبار المسئولين الإسرائيليين بمن فيهم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو. ومن المقرر أن يوفد نتنياهو مبعوثا لواشنطن لمواصلة المشاورات حول استئناف المفاوضات. وكان ميتشيل قد زار القاهرة حيث التقى كبار المسئولين السياسيين، وأعلن عقاب لقاء له مع وزير الخارجية أحمد أبو الغيط إنه لا يمكن الحديث عن سلام شامل فى الشرق الأوسط «إلا عبر حل يشمل دولتين إسرائيلية وفلسطينية». وكان الرئيس حسنى مبارك تلقى أمس اتصالا هاتفيا من نائب الرئيس الأمريكى جوزيف بايدن تناول، حسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، سبل استئناف التفاوض الفلسطينى الإسرائيلى فى ضوء نتائج جولة ميتشيل للمنطقة. وفى تطور آخر أعلن حسن خلف وكيل وزارة الصحة فى حكومة حماس المقالة فى غزة تضاعف عدد معدلات ولادة الأطفال المشوهين أو المولودين بدون أعضاء نتيجة لاستخدام إسرائيل الفوسفور الأبيض فى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة مما يتسبب فى ولادة أجنة مشوهة. وبعد عامين ونصف العام من الحصار الاسرائيلى على غزة وصف برنامج غزة للصحة النفسية الوضع فى القطاع بانه أصبح «ما يشبه الجحيم جراء البطالة والفقر والتدمير».