تتكشف كل يوم تفاصيل جديدة عن ملابسات وظروف مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصيلة السعودية في تركيا في الثاني من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري. ومن بين هذه التفاصيل ما جرى خلال الفترة التي سبقت مقتل خاشقجي وكيف تم استدراجه إلى تركيا بعد تلقي تطمينات من مقربين من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية وعلى رأسهم سعود القحطاني الذي تم عزله مؤخرا من منصب المستشار لدى ولي العهد بمرتبة وزير بعد اعتراف السعودية بالمسؤولية عن مقتل خاشقجي. وتحدثت وكالة أنباء رويترز عن القحطاني في تقرير مطول نشرته يوم 23 أكتوبر الجاري قائلة: "هو الذي أدار حملات ولي العهد على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو العقل المدبر لإعتقال المئات من نخبة السعودية، وهو الذي اعتقل رئيس وزراء لبنان وهو الذي أشرف على عملية القتل الوحشية للصحفي جمال خاشقجي في القنصيلة السعودية وأعطى الأوامر بذلك عبر خدمة سكايب حسب مصدرين استخباريين". ونقلت الوكالة عن ثلاثة من أصدقاء خاشقجي أن الأخير وبعد خروجه من السعودية والاستقرار في الولاياتالمتحدة تلقى عدة اتصالات من "اليد الطولى" لولي العهد، سعود القحطاني بهدف اقناعه للعودة الى البلاد. لكن خاشقجي لم يثق بالوعود التي قدمها القحطاني، وقال إنه سيتم الانتقام منه بسبب المقالات التي كتبها في صحيفة واشنطن بوست والتصريحات التي أدلى بها. وأضاف هؤلاء أن القحطاني أكد لخاشقجي إنه لا يزال محط احترام في السعودية وعرض عليه تولى منصب إعلامي كبير ومستشار في القصر الملكي. ونقلت رويترز عن أحد معارف خاشقجي قوله إن القحطاني كان لطيفا وخلوقا خلال اتصالاته به لكن خاشقجي لم يثق به قط. وقال خاشقجي حسب رواية هذا الشخص: "يظن أنني سأعود لكي يلقي بي في السجن". وقالت صحيفة واشنطن بوست في 12 اكتوبر/تشرين الأول الجاري إن القحطاني، السريع التقلّب، لم يكن محل ثقة خاشقجي. "حلقة وصل" وفي مقابلة سابقة مطولة لخاشقجي مع صحيفة نيوزويك الأمريكية نشرت في 19 اكتوبر/تشرين الأول 2018 وتحدث خلالها عن ولي العهد محمد بن سلمان وسياساته ومواقفه على الصعيدين الداخلي والخارجي، أوضح أنه لا يوجد لديه مستشارون لهم وزن. المستشاران الوحيدان لديه هما تركي آل الشيخ وسعود القحطاني. ووصف خاشقجي القحطاني وآل الشيخ بأنهما "شديدا البلطجة" والناس يخافونهما، "إذا تحديتهما قد تدخل السجن وهو ما حدث، تركي آل الشيخ مسؤل عن الرياضة ويقال أن تحت تصرفه عدة مليارات من الدولارات لإنفاقها على الرياضة كي يبقى جيل الشباب مشغولا بالرياضة. كان تركي في جهاز الشرطة ولا أعرف كيف أصبح مقربا جدا من محمد بن سلمان. أما القحطاني فقد كان موظفا في الديوان الملكي. كان صديقا لي وأعرفه جيدا. كان صلة الوصل بين الاعلام والديوان الملكي عندما كنت أعمل في الاعلام. الآن هو أهم شخص في مجال الاعلام في السعودية.... هو الذي يقود الإعلام والعلاقات العامة". وأكد مسؤول سعودي كبير لوكالة رويترز اتصال القحطاني بخاشقجي ومناقشة أمر عودته إلى السعودية. ونقلت رويترز عن من وصفته بمسؤول عربي رفيع لم تكشف عن اسمه قوله إن العقيد في المخابرات السعودية ماهر المطرب، قائد المجموعة السعودية التي أتت إلى تركيا، اتصل عبر خدمة سكايب بسعود القحطاني أثناء استجواب خاشقجي في مكتب القنصل السعودي وتعذيبه وأنه أهان خاشقجي وشتمه وقال لأعضاء المجموعة: "تخلصو من هذا الكلب وآتوني برأسه". "أداة تنفيذ" ولم يكن القحطاني من بين مستشاري محمد بن سلمان المعروفين في الأوساط الخارجية، لكنه معروف جيدا في الخليج باعتباره الأعلى صوتاً والأكثر بروزاً من بين المسؤولين السعوديين، وكان معروفا بنشاطه الواسع على موقع تويتر ويستخدم لغة بسيطة في تغريداته ودعا متابعيه البالغ عددهم 1.3 مليون شخص تحديد معارضي السعودية وإضافة أسمائهم إلى "القائمة السوداء". ومنذ بداية الأزمة بين قطر والسعودية وباقي الدول المتحالفة معها، كان القحطاني متشدداً جداً في مواقفه المناهضة لقطر وأطلق عدة أوصاف تحط من مكانة قطر وحكامها. وأطلق حملة للترويج لحفر قناة لتحويل قطر إلى جزيرة التي كان يطلق عليها اسم "قناة سلوى". وحسب واشنطن بوست فإن القحطاني "يدير عدداً من الحسابات المزيفة على تويتر ويستخدمها لنشر أخبار مزيفة تتحدث عن وجود تململ شعبي في قطر بسبب سياسات حكامها". وكتب جمال خاشقجي في شهر فبراير/شباط الماضي في صحيفة واشنطن بوست: "على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، كان فريق الاتصالات لمحمد بن سلمان داخل الديوان الملكي يشّهر بصورة علنية بأي شخص لا يوافقه بل ويضايقونه، وسعود القحطاني هو الذي يقود هذا الفريق، ولديه قائمة سوداء، ويدعو السعوديين لإضافة أسماء إليها؛ ويبدو أنهم يرون أمثالي الذين ينتقدون بلطف، أكثر خطورة من المعارضة السعودية الأكثر شراسة في لندن". وبعد خمسة أيام من اختفاء خاشقجي كتب القحطاني التغريدة التالية:
#تنظيم_الحمدين وصفني بأنني وزير إعلام الظل، ثم وصفني بأنني مسؤول الخلايا الإلكترونية، ثم قالوا أنني رئيس فريق التحقيقات الأمنية، آخر "تقليعاتهم" انني كنت في تركيا متقمصًا شخصية جيمس بوند ???????? إلا الحماقة أعيت من يداويها.#صياحهم_طرب#يادليم_قل_له_هلاhttps://t.co/IkiZyK7hAq — سعود القحطاني (@saudq1978) 9 أكتوبر 2018 ونقلت صحيفة الواشنطن بوست عن مسؤول بارز في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إنه لا يتذكر وجود القحطاني في أي من لقاءاته مع السعوديين. لكن آخرين يقولون إن مكانته المتواضعة لا تتماشى مع الادعاءات التي تقول أن له نفوذا كبيرا لدى محمد بن سلمان، المولع بالتكنولوجيا وألعاب الفيديو حسب الصحيفة. مرتزقة الإعلام العربي ممن يهاجمون السعودية والدول الأربع وكما قلت سابقًا يجب وضعهم في #القائمة_السوداء وأن لا يتم التعاقد معهم في الإعلام المملوك لهذه الدول حتى لو انتهت الأزمة ولو بعد عشرين سنة. فكرتهم أن تغيير الولاءات و"حب الخشوم" يضمن لهم الارتزاق الإعلامي يجب أن تنتهي. — سعود القحطاني (@saudq1978) 9 أكتوبر 2018 والوسيلة المفضلة لدى القحطاني لايصال ما يريد إلى الرأي العام هي تويتر، وعبرها يحذر من "المؤمرات التي يحيكها الأعداء ضد السعودية" ويروج لبعض نظريات المؤامرة التي تتحدث عن "مؤامرات جماعة الاخوان المسلمين وقطر". وقال الباحث في جامعة اكسيتر البريطانية مارك اوين جونز إن نشاط القحطاني على تويتر وصل لمستوى ما يقوم به الرئيس اللآمريكي دونالد ترامب. وأشار خاشقجي في مقابلة له مع صحيفة نيويورك تايمز إلى أن القحطاني استخدم مهارته في مجال سوشيال ميديا والتقنية وأنشأ جيشا إلكترونيا لاستعراض قوة السعودية بينما هي على أرض الواقع متورطة في حرب باهظة التكلفة في اليمن و تخوض صراعاً إقليميا مع إيرانوقطر. وأوضح خاشقجي أن ولي العهد يؤيد بحماس الأساليب التي يلجأ إليها القحطاني وقال: "إنهم يخلقون له عالماً افتراضياً تظهر فيه السعودية قوة عظمى ومحمد بن سلمان كأكثر الزعماء شعبية وكل هذا بالطبع بموافقته".