يبدو أن العيار الذي سيطلقه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد ساعة من الآن، بخصوص الكشف عن نتائج التحقيقات التي توصلت لها السلطات التركية بشأن مقتل الكاتب الصحفي جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية بتركيا.. سيكون مدويًا، حتى إن العالم يحبس أنفاسه انتظارًا لما سيكشفه أردوغان، خاصة أنه يتعلق بمستقبل “أمير المنشار” محمد بن سلمان، والذي يعد المتورط الأول في القضية. وبالرغم من أن الاحتمالات تشير إلى أن الرئيس التركي لن يدخل – خلال خطابه التاريخي اليوم الثلاثاء – في صدام مع رأس النظام السعودي سواء كان الملك سلمان أو نجله ولي العهد، ويكتفي بالإعلان عن نتائج التحقيقات بشكل مهني كما توصلت إليه أجهزته الأمنية والتسجيلات الخاصة بالحادث فإن زيارة مديرة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، جينا هاسبيل، لتركيا، بشكل مفاجئ اليوم الثلاثاء، تحوي الكثير؛ حيث أكدت أن أردوغان لديه ما يخيف النظام السعودي، ويقلق الإدارة الأمريكية، التي تطمع في غلق ملف القضية عند هذا الحد، طمعًا في تأمين مستقبل الشاب الطامح في الوصول لعرش المملكة، ومن ثم استمرار المليارات السعودية للإدارة الأمريكية، والتي تلخص شكل العلاقة بين الطرفين (واشنطن – الرياض)، ولم ترد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على طلب التعليق بشأن زيارة هاسبيل إلى تركيا. ومن المقرر أن يعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطاب اليوم، التفاصيل الخاصة حول موت خاشقجي؛ الأمر الذي يكتم معه النظام السعودي أنفاسه، خوفا من عرض أردوغان تسجيلات بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأحد معاونيه حول قتل خاشقجي، خاصة أن النظام السعودي كان يخطط لما هو أبعد من قتل خاشقجي؛ حيث كان يسعى لتوريط تركيا في دم خاشقجي، من خلال إيهام كاميرات المراقبة عن طريق شبيه لخاشقجي ارتدى ملابسه بعد قتله، أن خاشقجي دخل وخرج من القنصلية، ولكن ذلك لم ينطلِ على الأتراك الذين كشفوا زيف الرجل الشبيه. ترامب غير راض عن السعودية وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد عبر عن عدم رضاه عن تسلسل الأحداث الذي كشفت عنها السعودية لقضية موت جمال خاشقجي، كما أكد أن المهلة التي طلبتها الرياض للكشف عن جميع ملابسات القضية “طويلة جدًّا”، وأشار إلى أن لدى واشنطن رجالاً يعملون في السعودية وتركيا وسيعودون الإثنين أو الثلاثاء بمعلومات جديدة سيتم الكشف عنها فورًا. يأتي ذلك تزامنًا مع التحقيقات الخاصة بموت الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي دخل إلى قنصلية بلاده في إسطنبولبتركيا 2 أكتوبر الجاري، لتتوالي بعدها الأحداث التي أعلنت خلالها السعودية “وفاته” إثر “مشاجرة”. اعتراف متأخر وفي الساعات الأولى من صباح أول أمس، بعد نحو 18 يوما من اختفاء الإعلامي السعودي جمال خاشقجي عقب دخوله للقنصلية السعودية بإسطنبول في 2 أكتوبر، أقرت المملكة العربية السعودية بموته في القنصلية إثر “مشاجرة”، وأصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز سلسلة أوامر على إثر ذلك. بدأ الإعلان السعودي عما حدث لخاشقجي ببيان من النائب العام سعود بن عبدالله المعجب، قال فيه إن “التحقيقات الأولية، التي أجرتها النيابة العامة في موضوع اختفاء خاشقجي، أظهرت أن المناقشات التي تمت بينه وبين الأشخاص الذين قابلوه أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول أدت إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي، مما أدى إلى وفاته”، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية. وأضاف أن “تحقيقات النيابة العامة في هذه القضية مستمرة مع الموقوفين على ذمة القضية والبالغ عددهم حتى الآن 18 شخصًا، جميعهم من الجنسية السعودية، تمهيدًا للوصول إلى كافة الحقائق وإعلانها، ومحاسبة جميع المتورطين في هذه القضية وتقديمهم للعدالة”. تورط القحطاني من ناحية أخرى، قالت وكالة “رويترز”: إن سعود القحطاني، المستشار السابق لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أدار عملية قتل الصحفي جمال خاشقجي الوحشية في القنصلية السعودية في إسطنبول، من خلال إعطاء أوامره عبر سكايب. وقالت “رويترز” اليوم الثلاثاء، إن القحطاني أشرف على قتل خاشقجي من خلال سكايب، وقد تغيرت سيرته الذاتية على “تويتر” في الأيام الأخيرة من مستشار ملكي إلى رئيس الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة، وهو الدور الذي كان يشغله من قبل. وقال مسؤول سعودي كبير: إن القحطاني كان معتقلاً بعد إقالته بمرسوم ملكي، لكنه استمر في التغريد بعد ذلك. ولكن مصادر لها صلات بالديوان الملكي قالت: إنه لا يعتقد أنه معتقل في مقتل خاشقجي، بل كان القحطاني حاضرًا كما كان في لحظات مهمة أخرى بإدارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لكن هذه المرة، كان حضوره افتراضيًا، على شبكات التواصل الاجتماعي. وتم بث مكالمة للقحطاني إلى غرفة القنصل السعودي عبر برنامج سكايب. وقالت “رويترز”: “بدأ يلقي الشتائم على جمال خاشقجي عبر الهاتف. وفقًا للمصادر العربية والتركية، ردَّ خاشقجي على إهانات القحطاني بنفسه، ونقل مصدر استخبارات تركي إنه في لحظة ما من النقاش أمر القحطاني رجاله بالتخلص من خاشقجي. يقول مصدر الاستخبارات التركي إن القحطاني قال نصًا: “أعطني رأس هذا الكلب”. وليس من الواضح ما إذا كان القحطاني قد شاهد جميع الإجراءات، التي وصفها المصدر العربي الرفيع المستوى بأنها عملية غير متقنة وفاشلة”. وقال مصدر استخباراتي تركي: إن الصوت الخاص بمكالمة سكايب أصبح الآن في حوزة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلا أنه يرفض الإفراج عنه للأمريكيين. وكشف أصدقاء خاشقجي أنه في الأشهر التي تلت انتقاله إلى واشنطن، قبل عام من الآن، تلقَّى عدة مكالمات هاتفية من الذراع اليمنى لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، سعود القحطاني، يحثه على العودة إلى السعودية. وقالوا إن خاشقجي قد رفض؛ خوفًا من الانتقام، بسبب آرائه الصريحة. وقالوا إن القحطاني حاول طمأنة خاشقجي، الذي يكتب ل”واشنطن بوست”، بأنه لا يزال يحظى باحترام كبير، وعرض على الصحفي وظيفة مستشار في البلاط الملكي، وقالت رويترز إن خاشقجي قال لأصحابه: إنه في الوقت الذي وجد فيه القحطاني مهذبًا وأنيقًا خلال تلك المحادثات، فإنه لم يثق به، على حد قول أحد أصدقائه المقربين، “قال لي جمال بعد ذلك، إنه يعتقد أنني سأعود كي يتمكنوا من رميي في السجن؟”.