العام الماضي.. تحول فندق ريتز كارلتون المعروف بفخامته، وسط العاصمة الرياض، إلى مكان لاحتجاز عدد من الأمراء والشخصيات السعودية البارزة، الذين تم توقيفهم من أجل سلب ثرواتهم تحت شعار مكافحة الفساد، وفُتحت أبواب فندق “ريتز كارلتون” ليخرج منها رئيس شركة المملكة القابضة الوليد بن طلال، الأمير الأكثر شهرة بين عشرات آخرين احتجزوا في سياق حملة الترهيب التي شنها محمد بن سلمان وأسفرت عن جباية مليارات الدولارات، فهل جاءت كارثة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي لتحقق انتقام الأمراء ممن اعتقلهم وسامهم سوء العذاب؟ وفيما اعتبر انقلابًا أبيض، احتجزت السلطات السعودية عشرات الأشخاص، من بينهم أمراء ووزراء حاليون وسابقون ورجال أعمال، في الرابع من أكتوبر الماضي، بعدما أعلن الملك سلمان بن عبد العزيز، تشكيل لجنة مكافحة الفساد برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة. لحظة الانتقام ومنذ احتجاز الأمراء، كثرت التقارير عن تحقيقات واتهامات بالرشاوى وتبييض أموال وابتزاز مسئولين، أعقبتها مفاوضات وتسويات بين السلطات والمحتجزين، وقد توصل بعض الموقوفين إلى تسويات مع السلطات وأفرج عنهم، بمن فيهم الأمير متعب بن عبد الله الذي أطلق بعدما احتجز لأكثر من ثلاثة أسابيع، وقالت تقارير إنه وافق على دفع أكثر من مليار دولار أمريكي. فهل يتعاطف هؤلاء الأمراء الذين مات بعضهم جراء التعذيب مع ولي العهد القاتل، خصوصا بعدما كشف مصدر دبلوماسي غربي ومصادر داخل المعارضة السعودية، أن السفير السعودي بواشنطن خالد بن سلمان ليس محلّ قبول غربي لتولّي منصب ولي العهد في المملكة في حال أطاحت دماء خاشقجي بشقيقه القاتل محمد، وأكّدت المصادر أن هناك شكوكًا غربية كبيرة تحوم حول دور السفير السعودي بواشنطن في اغتيال الكاتب والصحفي السعودي المعروف جمال خاشقجي، داخل قنصليّة بلاده في إسطنبول يوم 2 أكتوبر الجاري. وأوضحت المصادر أن “بن سلمان” كان على علم مسبق بنيّة شقيقه الإيقاع بخاشقجي، لذلك تعمّد تعطيل إصدار الأوراق التي طلبها الأخير من سفارة بلاده بالولايات المتحدة، ليطلب منه موظّفو السفارة الحصول على هذه الوثيقة، التي لا تتطلّب عادة وقتا طويلا، من قنصليّة المملكة بإسطنبول. وفور علمه بما حصل لخاشقجي داخل قنصليّة بلاده بإسطنبول، وتأكّده من اغتياله، غادر خالد بن سلمان واشنطن إلى الرياض خوفا من المساءلة المباشرة من الإدارة الأمريكية والمسئولين داخل الكونجرس الأمريكي، ومن كشف بعض التفاصيل المهمّة التي بحوزته حول الحادثة، خاصة أنه وصلته عشرات المكالمات من مسئولين أمريكيين نافذين خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحادثة، يطالبونه بتقديم توضيحات حول حقيقة ما حدث للصحفي السعودي جمال خاشقجي. رأس الكلب! وقالت وكالة “رويترز” للأنباء، إن مستشار ولي عهد المملكة، سعود القحطاني، الذي أُقيل السبت الماضي من منصبه في الديوان الملكي، هو من أدار عملية قتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، ووفقاً للمصدر، فإنه تم إجراء اتصال عبر سكايب بين خاشقجي والقحطاني، حيث “أهان الأخير خاشقجي وسبَّه، قبل أن يرد عليه خاشقجي، ليطلب القحطاني بعد ذلك من رجاله قتله، قائلا لهم: أحضروا لي رأس الكلب”. ووصلت مديرة المخابرات المركزية الأمريكية “CIA”، جينا هاسبل، إلى تركيا، صباح اليوم الثلاثاء، للمساعدة في التحقيق بمقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، في وقت تبحث وكالات الأمن الغربية عن الدور المحتمل لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في الجريمة. ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن مصادر مطّلعة، أن هاسبل تحرّكت لزيارة تركيا لعقد مباحثات بشأن التحقيقات الجارية بخصوص قضية خاشقجي، وبحث ضلوع ولي العهد السعودي في الجريمة، وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد أشار سابقا إلى أن لديه رجال مخابرات من أعلى مستوى في تركيا، لكنه لم يقدّم أي تفاصيل عن ذلك. وقال مساء أمس إنه لا يزال غير راضٍ بما سمعه من السعودية بشأن مقتل خاشقجي. ونقلت وكالة “رويترز” عن 6 مسئولين أمريكيين وغربيين، أنهم يعتقدون أن ولي العهد السعودي، الذي اعتبروه الحاكم الفعلي للمملكة، “هو المسئول في نهاية الأمر عن اختفاء خاشقجي؛ نظرا لدوره في الإشراف على أجهزة الأمن السعودية، لكنهم لا يملكون دليلا دامغا”، ويشتبه مسئولون أتراك في أن خاشقجي، الذي كان يكتب بصحيفة واشنطن بوست، قُتل وقُطّعت أوصاله داخل القنصلية، في الثاني من أكتوبر الجاري، على يد فريق من السعوديين.