شهدت أيام إجازة عيد الأضحى، عدة جرئم لقتل الأطفال بشعة، كانت أغربها الأب الذي ألقى بطفليه أحياء في النيل أثناء تنزههم في العيد بمحافظة الدقهلية، وأب عمره، 40 عامًا يضرب ابنته، 13 عامًا بمساعدة زوجته الثانية حتى لفظت أنفاسها الأخيرة ووضعوها في جوال بمنور المنزل وتركوها حتى تعفنت وعللا ذلك بكثرة هروبها من المنزل، وأب آخر، 38 عامًا، مقيم في طنطا تركته زوجته بسبب خلافات زوجية لعدم قدرة الزوج على الإنفاق على الأسرة وذهبت لتعيش مع أسرتها في دمياط، وقد ذهب الزوج لاستعادتها وحين فشل في ذلك ذبح طفله بدم بارد، كما وصل طفل عمره 5 سنوات في الدقهلية إلى المستشفى في حالة إعياء شديد، وفي جسده آثار تعذيب وكي بالنار وإطفاء سجائر في جسمه، حيث تم هذا التعذيب على يد والدته 40 عامًا، واخته 18 عامًا، وخطيب اخته، وذلك لأن الطفل شاهد أخته وخطيبها في أوضاع مخلة بالآداب، وفي مدينة أجا بالدقهلية، تم قتل طفلة على يد زوج شقيقتها وقيام أم بالمنيا بإلقاء طفليها تم إنقاذ الطفل 5 سنوات بينما توفي رضيعها 6 أشهر وتم اقتيادها إلى قسم الشرطة. وقال الدكتور حمدي الفرماوي أستاذ علم النفس التربوي بجامعة المنوفية، إن مايحدث في قتل الأطفال هذة الفترة القليلية يرجع إلى إصابة هؤلاء المجرمين بهلاوس شديدة نتيجة ضغوط حياتية وشرب المخدرات وغيره، جعلت منهم التخيل بأشياء غريبة ويرتكبون جرائمهم البشعة التي هزت وجدان المصريين في عيد الأضحى، كما أنهم بالتأكيد يستحقون العقاب الشديد نتيجة جريمتهم الأثمة ولكن هؤلاء بالتأكيد لايعرفون معنى الزواج الحقيقي، وأنهم تزوجوا وأنجبوا أطفال دون أن يكون لديهم المعلومات والخبرة الكافية بالتعامل مع الأمور الحياتية والتعامل الأسري داخل البيت وغيره مع عدم وجود قدوة أو الكبير «كبير العائلة» الذي يلجأ إليه هؤلاء الأزواج الصغار عند وجود مشاكل معينة أو مواقف يمكن تداركها في الحياة، حيث كان في الماضى الأم وسيدات العائلة يقومون بتوجيه العروس وإخبارها بكل تفاصيل الزواج ودورها داخل البيت، وهكذا العريس حيث يقوم كبير العائلة بتوضيح أشياء كثيرة للعريس والتنبيه عليه بضرورة اللجوء للكبار في أي مشكلة، بينما في الوقت الحاضر يكتشف العريس وعروسه أنهما تزوجا وبعد شهور يكون لديهما أطفال دون أن يكون هناك من يتابعهم ويرعاهم ويقوم بتوجيههم في الأمور الحياتية. وأضاف الدكتور حمدي الفرماوي، أن هناك أسباب كثيرة للعنف الأسري منها المستوى الاقتصادي وسطوة المال وغلبة المادية على البعد الروحي في الإنسان، وفقد القدرة على الحب والانتماء، بالإضافة إلى كيانات متفالعة بأوزان مختلفة في منظومة حياة للإنسان اليومية خاصة. وطالب «الفرماوي»، بضرورة التوسع في إنشاء مكاتب استشارات أسرية في كافة الميادين؛ لتعريف الشباب والبنات بالزواج وحماية الأسرة من المخاطر، التي تتعرض لها في أي وقت من الأوقات، كما أن تلك المكاتب منتشرة في كل دول العالم وتقوم بدور إيجابي مع الأسرة. فيما قال الدكتور محمد المهدي أستاذ الطب النفسي، إن العنف الأسري اللامعقول الذي نشهده في حوادث قتل الأطفال ويتحول الأباء من رعايتهم وحمايتهم إلى قتلهم أشد قسوة من الغير يحتاج إلى عرض الأب القاتل على التقييم النفسي المتخصص إذ لا يتصور من العلاقة الوالدية في حدودها الطبيعية أن تصل إلى قتل الابن أو البنت، حيث ثمة عتبة من القسوة يجب الوصول إليها لتتجاوز كل عتبات الحب والرعاية الوالدية. كما أن تلك الجرائم تؤكد أن ثمة زلزال يهدد الكيان الأسري في مصر، وأن الأسرة المصرية في حافة العنف وليس فقط العنف بل العنف المفرط في القسوة، فما هي إذن معالم وأسباب هذه الأزمة الأسرية. ويؤكد الدكتور المهدي الأزمة بأنها ترجع إلى حالة إحباط أو غضب شديد يفجر في داخله وكم من العنف والقسوة يكفي لإزهاق روح أعز الناس عليه «أو عليها» بطرق بشعة، ويتفق «المهدي» مع «الفرماوي» بأن الأزمة الاقتصادية المتصاعدة واضطراب العلاقات داخل الأسرة، فلم تعد الأسرة متناغمة ومتحابة كما كانت، كما أن الروابط الوجدانية لم تعد قوية في زمن انشغلت فيه الأم عن أبنائها بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي، وانشغل الأب بالبحث عن الرزق ليل نهار ليغطي متطلبات الحياة المتزايدة وانشغل الأبناء بالجلوس على الإنترنت ليل نهار ولم تعد أعينهم ترتفع عن شاشة الموبايل أو «اللابتوب» أو «الآي باد» أو «التاب» أو الخروج مع أصحابهم ليل نهار، واضطرب الميزان التربوي، حيث تدخلت وسائل الاتصال الحديثة في ترسيخ ثقافات غريبة على النظام التربوي، مما أحدث حالة من الغربة بين الآباء والأبناء. ويضيف الدكتور المهدي إلى ذلك تعاطي المخدرات بنوعيها التقليدية والتخليقية واضطرابات النوم، وذلك بسبب ساعات العمل الطويلة للأب، والأدوار المتعددة المرهقة للأم والاضطرابات النفسية التي تصيب أفراد الأسرة مع ضعف الوعي بها وبإمكانية علاجها حتى تتفاقم وتصل إلى درجة تؤدي إلى اضطرابات في الإدراك والتفكير والانفعالات تسهل عملية القتل وخاصة القتل اللامعقول أو اللامتوقع، وضعف القدرات التربوية للأسرة مما يضع الأب أو الأم في أزمة حين لا يستطيعا السيطرة على سلوكيات الابن أو البنت فيشعران بالفشل والإحباط فينفجر العنف بداخلهما تجاهه «أو تجاهها» فيمارسان الضرب والتعذيب بديلا للتربية التي فشلا فيها، وانتشار ثقافة العنف في المجتمع عبر وسائل الإعلام ومن خلال الأعمال الدرامية المليئة بالقسوة والكراهية والعنف والتدمير. كما أن الاستهانة بحقوق الإنسان بوجه عام وبحقوق الطفل بوجه خاص وضعف القدرة على حل الخلافات الأسرية وغياب أو ضعف المؤسسات الاجتماعية المعنية بأمر الأسرة وبتمكينها من أداء وظائفها تجاه أفرادها والوقوف بجانبها في أوقات الصراعات أو الأزمات والبيئة المصرية المضطربة بسبب الزحام والعشوائيات والتلوث السمعي والبصري والأخلاقي. وطالب «المهدي» بضرورة تفعيل برامج وسياسات الرعاية الاجتماعية للتخفيف من الأزمة الاقتصادية، التي تعيشها الطبقات الفقيرة والمتوسطة وتفعيل المؤسسات الاجتماعية، التي ترعى شئون الأسرة ومنحها الإمكانات المادية والفنية لتمكنها من أداء دورها في مساعدة الأسر المأزومة أو المضطربة والتوعية بالأمراض النفسية وبمشكلات تعاطي المخدرات وتوفير سبل الوقاية وأماكن العلاج، حيث يوجد نقص وخلل شديد في هذا الشأن وبث الوعي الديني من خلال المؤسسات الدينية وخاصة في مجال العلاقات الأسرية والحقوق والواجبات بين أفراد الأسرة، وقواعد التعامل بين الآباء والأبناء.