تأهل كلية الاستزراع المائي بالعريش لجائزة مصر للتميز الحكومي    محافظ الفيوم يعقد اجتماعًا موسعًا لضبط الأسواق وتوفير السلع الأساسية للمواطنين    الجالية الفلسطينية في الاتحاد الأوروبي ترحب بزيارة الرئيس السيسي إلى بروكسل للمشاركة في القمة المصرية الأوروبية    عاجل- كايا كالاس بعد لقائها الرئيس السيسي: الاتحاد الأوروبي مستعد للعمل مع مصر في جميع القضايا الدولية    في مؤتمر صحفي مع نتنياهو.. فانس: متفائل باستمرار وقف النار بغزة ولدينا عمل كبير    "الأونروا": يجب فتح جميع المعابر إلى غزة مع ضرورة أن تكون المساعدات غير مقيدة    أونروا: إسرائيل تنفذ عمليات تدمير شمال الضفة وتجبر الفلسطينيين على النزوح القسرى    "إكسترا نيوز": استمرار تدفق المساعدات المصرية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام يوفنتوس في دوري أبطال أوروبا    رسميًا.. بيراميدز يواجه التأمين الأثيوبي ذهابا وإيابا بالقاهرة    بعثة منتخب ناشئي اليد 2008 تطير إلى المغرب للمشاركة في بطولة العالم    الصيف لسه مكمل.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم    ضبط صانعة المحتوى سلمى شهاب لنشرها فيديوهات خادشة للحياء العام    طريقة التقديم لحج الجمعيات الأهلية 2026.. تعرف على خطوات التسجيل والشروط الكاملة    ضبط المتهم بقتل طليقته بمدينة السادات بعد هروبه    بعد عرض «ولنا في الخيال حب» في الجونة.. مايان السيد: «من أجمل أيام حياتي»    طقس جميل وزيارات سياحية رائعة بمعابد الأقصر والكرنك ومقابر الملوك.. صور    «بيجادلوا كتير».. 6 أبراج تفتعل المشاكل باستمرار    نائب وزير الصحة يتفقد ميناء رفح البري لضمان الجاهزية لاستقبال الأشقاء الفلسطينيين    وزيرة التضامن تفتتح حضانة «برايت ستارز» بمدينة حدائق العاصمة الإدارية    موعد مباراة تشيلسي وأياكس أمستردام في دوري الأبطال والقنوات الناقلة    موعد مباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج فى دوري الأبطال والقنوات الناقلة    جوارديولا: برناردو سيلفا مثل ميسي    «عبدالعاطي» في «ديبلوكاست»: حلمت بقيادة الخارجية المصرية منذ طفولتي    بعد انتهاء فترة الطعون.. الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن أسماء المرشحين غدا    «طفولتها حقها».. حملة قومية لمواجهة زواج الأطفال    «الرقابة المالية» تقر ضوابط تعزيز الأمن السيبراني لمزاولة الأنشطة المالية غير المصرفية    خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية بقيمة ما يزيد على 11 مليون جنيه    حملات مرورية .. رفع 34 سيارة ودراجة نارية متهالكة    جريمة بالذكاء الاصطناعي.. ماذا حدث في الدقهلية؟    حكم تاريخي مرتقب من محكمة العدل الدولية بشأن حصار غزة    دبلوماسي روسي سابق: النزاع مع أوكرانيا قائم على خلافات جوهرية    محافظ أسيوط: خطة متكاملة لتطوير الخدمات ودعم الاستثمار وتحسين بيئة العمل    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    وزير الأوقاف يهنئ القارئ الشيخ الطاروطي لاختياره أفضل شخصية قرآنية بموسكو    مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز يهدي دورته السابعة عشرة إلى زياد الرحباني    اتحاد الناشرين: المتحف المصري الكبير بوابة حضارية جديدة للدولة المصرية    «رويترز»: متحف اللوفر يفتح أبوابه للمرة الأولى بعد عملية السرقة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    وزير البترول: اكتشافات جديدة في الصحراء الغربية والدلتا تضيف 5 آلاف برميل بترول يومياً    رئيس جامعة أسيوط يرأس اجتماع لجنة متابعة مشروع مستشفى الأورام الجامعي الجديد    هيئة الرعاية الصحية تطلق أول ورشة لتطبيق تقنية الصمغ الطبي لعلاج دوالي الساقين في بورسعيد    طرق طبيعية فعّالة لتنظيف القولون في المنزل    بحضور المتحدث الرسمي للخارجية.. مناقشة "السياسة الخارجية والأزمات الإقليمية" بجامعة بنى سويف    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    حبس الطالب المتهم بقتل زميله بمفك فى الرأس فى الدقهلية 4 أيام    حسن موسى يكشف سبب استبعاد بعض الأعضاء من التصويت ويوضح مستجدات ملعب الزمالك    مجلس الكنائس العالمي يشارك في احتفال الكنيسة المصلحة بمرور 150 عامًا على تأسيسها    وزير المالية يؤكد ضرورة تفعيل أدوات التمويل الدولية المبتكرة والميسرة    تعليم المنوفية تكشف حقيقة غلق مدرسة الشهيد بيومي بالباجور بسبب حالات الجدري المائي "خاص"    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    احتفال وطني بذكرى أكتوبر في كلية الحقوق جامعة المنصورة    فياريال ضد مان سيتى.. هالاند يقترب من معادلة رقمه القياسى    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا اليوم الاربعاء 22أكتوبر 2025    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    سعر الذهب اليوم الأربعاء 22-10-2025 بعد انخفاضه في الصاغة.. وعيار 21 الآن بالمصنعية    باريس سان جيرمان يكتسح ليفركوزن بسباعية في دوري الأبطال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترامب يخرب وفرنسا تستفيد
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 02 - 2018

أتصور أنه لو استمر الرئيس دونالد ترامب فى منصبه سبع سنوات أخرى أو حتى ثلاثة فسوف يسجل له التاريخ أنه الرئيس الذى يستحق بجدارة صفة المخرب الأعظم فى النظام الدولى. لقد أثار الرجل فى سنة واحدة قضاها فى البيت الأبيض اضطرابا ملموسا فى العلاقات الدولية، ودفع العديد من الدول إلى إعادة تقييم سياساتها الخارجية، وشجعها على تجاوز حدود وقواعد عمل كانت مألوفة وتبنى أفكارا عنصرية وتخلى عن قيم وأخلاقيات كانت معهودة.
***
سمعت من يتحدث عن ألغاز فى العلاقات الراهنة بين أمريكا ودول أخرى لم يفلح الكثيرون فى حلها أو فهمها. من هذه الألغاز لغز العلاقة الطيبة التى قامت بين الرئيس ترامب وكل من الرؤساء فلاديمير بوتين وإيمانويل ماكرون وعبدالفتاح السيسى. منها أيضا لغز العلاقة غير الطيبة التى قامت بينه وكل من السيدة تيريزا ماى والسيدة آنجيلا ميركيل والرئيس الصينى شى جينبنج.
أقرأ الآن عن ظواهر فى البيت الأبيض تحدث لأول مرة وأغلبها يكاد يكون فى حكم الألغاز بسبب صعوبة فهمه أو تفسيره أو تبريره. منها على سبيل المثال وجود أشخاص فى مناصب حساسة وأشخاص يتعاملون مع وثائق ومعلومات خطيرة لم يحصل أكثرهم على ترخيص أمنى مناسب. وجود شخص فى البيت الأبيض بهذه الصفة والمسئولية يعمل بدون موافقة من أجهزة الأمن الداخلى كان يمكن فى عهود سابقة أن يتسبب فى أزمة للرئيس. منها، أقصد من الظواهر الجديدة فى البيت الأبيض والمتصلة اتصالا وثيقا بعمليات صنع السياسة الخارجية ظاهرة رئيس الدولة الذى يستخدم تغريداته الصباحية لإبداء رأيه فى رئيس دولة أخرى أو سياساته. كثير من المعلقين ومتابعى عمل الرئاسة وصفوا هذه العادة بأنها انفلات وفى النهاية تخريب لسمعة أمريكا وقيمة قراراتها. يرتبط بهذه الظاهرة ظاهرة وجود عدد لا بأس به من «الجنرالات العظام» فى البيت الأبيض.. قيل إنهم يقومون بدور «المنظم» فى الآلة الرئاسية، يصححون تجاوزات الرئيس الضارة بأمن أمريكا ودفاعاتها. على كل حال يبقى وجودهم واستمرارهم وحجم نفوذهم الحقيقى ومستقبلهم موضع تخمينات.
***
الحديث عن الألغاز فى علاقات الرئيس برؤساء أجانب وعن ظواهر غير مألوفة فى عمل البيت الأبيض ليس ترفا على هامش تحليل السياسة الخارجية الأمريكية أو التعليق عليها. أتصور أنه لم يعد ممكنا وربما غير جائز دراسة حال علاقة بين أمريكا ودولة أخرى بدون الأخذ فى الاعتبار تأثير بعض هذه الألغاز والظواهر. نأخذ العلاقة الأمريكية الفرنسية الراهنة ونحاول تتبع الدور الذى يلعبه البيت الأبيض بكل مؤثراته وظواهره الجديدة على هذه العلاقة. نلاحظ من خلال المتابعة أولا: أن الرئيس ماكرون استطاع بمهارة فائقة الاستفادة لفرنسا ولأوروبا أيضا من وجود ترامب فى البيت الأبيض. جاء ترامب إلى البيت الأبيض رافعا شعار عدم التدخل المكلف ماديا فى أى شأن من شئون أوروبا أو غيرها. جاء فى واقع الأمر مكملا لمسيرة بدأها الرئيس السابق باراك أوباما، كلاهما أفسح المجال لقيادة جديدة فى أوروبا تملأ الفراغ الذى خلفه الانسحاب الأمريكى. بهذا المعنى كان ترامب الزاهد فى القيادة الدولية فرصة لا تعوض لماكرون.
لا شك أنه كان من حسن حظ الرئيس الفرنسى أن بريطانيا خرجت من أوروبا تاركة مقعد قيادة شديد الأهمية. خروج بريطانيا يعنى فى الوقت نفسه إخلاء الساحة الأوروبية من معارض قوى لفكرة الوحدة الأوروبية ومنافس تقليدى للنفوذ الفرنسى. من حسن حظه أيضا انشغال السيدة آنجيلا ميركيل عن مسئولياتها القيادية فى الاتحاد الأوروبى بانتخابات برلمانية شديدة التعقيد. فرصة لا تعوض حانت لماكرون لينفذ فكرة استقلال الكيان الأوروبى كقوة سياسية عالمية، كانت حلما للجنرال ديجول ليتخلص بها من الهيمنة الأمريكية.
يريد ماكرون إقامة قوة دفاع أوروبية مستندا الآن إلى دعم الرئيس ترامب الذى لا يكف عن مطالبة أوروبا بالمساهمة فى تحمل تكاليف الدفاع. نرى أمامنا الآن فرنسا تقود قوة دفاع من خمس دول تعمل فى إفريقيا. هذه القوة لا تخضع لبروكسل والبيروقراطية المتحكمة أو المقيدة لأفكار من هذا النوع. بدأت كمبادرة فرنسية للتدخل السريع متحررة من قواعد التصويت فى الاتحاد الأوروبى. أهداف المبادرة متعددة فإلى جانب أنها تسعى لإبراز مكانة لأوروبا ودورها الجديد فى الساحة العالمية، كانت المبادرة ولا تزال فرصة لبريطانيا لتشارك فى أنشطة أوروبية تختارها ولا تفرض عليها. أوروبا فى كل الأحوال لا تريد عزل بريطانيا أو تشجيعها للدخول فى منافسة مع الاتحاد الأوروبى فى إفريقيا والشرق الأوسط. كذلك فإن من بين أهداف مبادرة التدخل السريع العمل على وقف سيول هجرة الأفارقة إلى القارة الأوروبية.
***
بدون شك كبير نستطيع القول بأن الرئيس ماكرون نجح فى شهور قليلة فى نقل فرنسا إلى الصف الأول للدول القائدة فى العالم. لا نقول إنه نجح بجهد أو نفوذ الرئيس الأمريكى الجديد، ولكن بفضل إجادته فن انتهاز « الفرصة الترامباوية» فى اللحظة المعاصرة. لقد تسبب الرئيس ترامب بسياسات وتصرفاته غير العادية وغير التقليدية فى إفراغ السياسة الخارجية الأمريكية من أحد أهم عناصر قوتها، أقصد عنصر القوة الناعمة هذه القوة التى تقف على أربع:
أولها: الهجرة. باعتبار أمريكا فى الأساس دولة مهاجرين، ويريد ترامب تقييد هذا المفهوم بحيث ينطبق على شعوب معينة فى شمال أوروبا.
ثانيها: الحلم الأمريكى. لم يكن شعارا فحسب بل كان أملا للكثيرين فى شتى أنحاء العالم وشتى الثقافات والأديان. توقفت أمريكا الرسمية عن رفع هذا الشعار تحت ضغظ الأزمات الاقتصادية وغموض رؤى المستقبل. توقفت أيضا تحت ضغوط ترامب الكلامية والعنصرية.
ثالثها: قيم الحرية والعدالة واحترام حقوق الإنسان. هذه جميعها تعرضت للإهمال المتعمد من جانب ترامب وحكومته. انسحب من اتفاقية المناخ ودعم حكومات ترفض التزام حماية حريات الناس السياسية والفكرية. هو نفسه وقف إلى جانب البيض المتطرفين ضد السود وإلى جانب المتحرشين فى البيت الأبيض بالنساء، وأهان المرأة عامدا متعمدا فى أكثر من مناسبة، وشن حربا «وحشية» ضد الصحافة وغيرها من وسائط الاتصال والتعبير.
رابعها: الدبلوماسية الأمريكية. هذه الدبلوماسية أحببناها أو كرهناها كانت وراء أحداث وتطورات تاريخية، ليس أقلها شأنا إقامة نظام دولى عتيد على أنقاض نظام قضت عليه الحرب العالمية الثانية. ترامب لا يحبها وكرئيس لا يدعمها بل وتركها تتهاوى أمام دبلوماسيات العالم دون أن يحرك ساكنا.
**
يستطيع ماكرون أن يقدم نفسه للعالم الخارجى بالقائد السياسى الذى استفاد أكثر من غيره من وجود ترامب على رأس الدولة الأعظم فى العالم. الآن يتعين عليه أن ينتظر عودة آنجيلا ميركيل إلى مكان مخصص لها حتى وإن عادت مثخنة بجراح تسببت فيها الحملة الانتخابية. معا تستطيع ألمانيا وفرنسا التعويض عن بعض الفراغ الذى نتج عن انحدار أمريكا وسياسات ترامب. يستطيعان أيضا، وإن بصعوبة، اللحاق بالركب الروسى فى الشرق الأوسط وبالركب الصينى فى أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
لدى الرئيس إيمانويل ماكرون حلم: أن يستمر ترامب رئيسا أمريكيا لدورتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.