أجابت: «صحيح تمامًا أنا كان عندى «الهون» يدًا وقاعدة من النحاس الخالص، وفى قائمة مفروشات زواجى كان موقعه فى المقدمة. عاش معى خمسين سنة، وأظن أنه لسه موجود فى مطبخ من مطابخ العائلة". كان سؤالى لشقيقتى الصغرى بين أسئلة أخرى عن أشيائنا التى رافقت (...)
تزحزحت عن معظم مواقعها الطبقة الوسطى المصرية خلال هذا القرن الذى مضى. لم تنتقل ولم تتحول ولكن تحركت قليلًا، تزحزحت. ما عهدناه عن إنسان الطبقة الوسطى، وبخاصة هذا الإنسان الذى وافق فاشترك عن قريب أو انضم واندمج فى مشروع نهضة، عهدناه لا يذهب إلى الجديد (...)
زرتها طفلًا فى رحلات مدرسية ليلعب ويلهو مع أقرانه تحت رقابة المدرس المشرف على الرحلة. لا أذكر عدد هذه الرحلات، ربما كانت بعدد السنوات الدراسية فى المرحلة الابتدائية وعدد الرحلات العائلية التى كان الوالد ينظمها مع أقرب أصدقائه وأشقائه وزوجاتهم وكل (...)
كان مراهقًا يافعًا عندما صدر القراران181 و194. لم يكن مؤهلًا أو واعيًا ليحكم على عمق وأهمية هذا المنعطف الأول فى مسيرته. تنوعت وتعددت الأطراف الصانعة والمحركة لهذه المسيرة الأولى. تعلم أن يثق فى قادته فى الحركة الكشفية وفى قادته فى الحركات (...)
إن نسيت من الماضى أحداثًا ومناسبات للحزن أو الفرح، أو لهما معًا، فلن أنسى زياراتنا الممتدة إلى مقابر العائلة فى منطقة مدافن باب الفتوح. أعرف أنه فى جهة ما من جهات الحكومة من يحاول طمس ما حملت ذاكرتى وذاكرة آخرين؛ أحداثًا عشناها وأماكن شقناها وأناسًا (...)
اكتشفت مؤخرا، بل ومؤخرا جدا، أنه بعد عقود عديدة قضيت بعضها أدرس علوم السياسة وقضيت أكثرها أعمل فى جانب أو أكثر من جوانبها وأعيش فى دهاليزها ما زالت تحدث أمور وتغيب، أو تحدث وتستقر، ويبقى فهمى لها متعثرا.
تشاورت مع طبيبة متخصصة حول احتمال أن يخف (...)
جرت العادة فى بيوتنا، بيتنا وبيوت خالاتى، أن تقضى الخالات مع أطفالهن نهاية الأسبوع مع جدتنا فى البيت الكبير الكائن بشارع أمير الجيوش الجوانى (مرجوش بالعامية المصرية)، وهو شارع رئيس متفرع من المعز لدين الله الفاطمى من جهة ومن فاروق من الجهة الأخرى. (...)
المتابع للرئيس دونالد ترامب لا يضجر ولا يمل. أتصور أنه بدون شك ساهم فى تسهيل عملية مراقبة انتقال العالم إلى طور جديد ومختلف. صحيح أنه ليس اللاعب الأفضل فى هذه المرحلة من لعبة تدوير النظام الدولى، لكنه بالتأكيد اللاعب أو الطرف الأكثر تشويقًا (...)
كتبت عن عادات وممارسات عفا عليها زمن من أزمنتى العديدة، عدت أقرأ ما كتبت لأكتشف أننى أهملت، عن غير قصد، عادات وممارسات أخرى عفت عليها نفس الأزمنة وربما أزمنة أخرى. أكتب هنا عن بعض ما أهملت وهو كثير.
• • •
نعيش هذه الأيام فى مصر حالة انتخابات نيابية. (...)
مثل كثيرين أحن إلى بعض، وليس كل، الماضى. أخشى إن تمنيت عودتى إليه وتحقق التمنى أن أجد فيه تفاصيل لم أحبها. أخشى أيضا أن أعود وأنا فى هذا العمر وهذا الحجم وهذا الشكل فينفر من لقائى أصحاب وصاحبات الزمن الذى عدت إليه. أو أعود فلا أجد شجرة الجميز التى (...)
قبل أسابيع كنا شهودا على سعى الرئيس الأمريكى ليحتفظ بأسبقيته فى المشى أمام الحرس الملكى. تساءلنا هل تعمد الرئيس أن يسبق جلالة الملك عند التفتيش على الحرس الملكى المصطف لاستقباله أم أن الملك وقد بلغ من العمر ما بلغ، لم يعد قادرا وربما غير راغب فى أن (...)
دائما ومنذ سنوات مراهقتى ثم شبابى، عشت مغرمًا بالمستقبل. أسرنى غموضه وغموض كل ما يتعلق به. كم من مرة وقفت وأنا صغير وراء جارة أو قريبة من قريباتى وهى تقرأ الفنجان لأمى أو خالتى. أسمع صفات عن رجل أو سيدة وطفل وصور لقطار أو طائرة لتخلص قارئة الفنجان (...)
نفر من الشباب استأذنوا لقضاء الجزء الأخير من يوم الإثنين عندى نشاهد معا ونناقش تطورات حكاية صنع السلام فى الشرق الأوسط. المناسبة هى زيارة الرئيس ترامب صاحب مشروع العشرين نقطة للقدس وشرم الشيخ للحصول على توقيعات عدد مختار من قادة الدول على المشروع.
• (...)
بحكم تنقلى بين عديد الوظائف والمهام تعدد من ساقنى الحظ للعمل تحت رئاستهم. منهم الصالح ومنهم الطالح ومنهم جميعا استفدت. قليل من خلف جروحا لم تندمل، ولعله من حسن حظى، وحظوظ مرءوسين عملوا معى من بعدهم، أنها لم تندمل. أعترف هنا، وربما للمرة الأولى، أننى (...)
أيام تاريخية تلك التى نعيشها، كل يوم يمر علينا يترك وراءه علامة جديدة على أن «النظام» العالمى كما «النظام» الإقليمى العربى، انتقل خلال اليوم درجة أو درجات نحو هاوية وفى أحسن الأحوال نحو فوضى أشمل وأوسع مجالا وأكثر تنوعا.
نظرت حولى وورائى وأمامى (...)
سبقنى الشاعر فقال: «وأتيت مرآتى وعطرى فى يدى فبصرت ما لا كنت فيها أبصر»، أنا أيضا أتيت مرآة ولا عطر فى يدى، ولكن فى يدى صور لى وأنا فى مراحل عمرى المختلفة، قلبت فى الصور واحدة بعد الأخرى وعدت إلى المرآة وبالفعل بصرت ما لا كنت فيها أبصر.
ابتعدت مع (...)
صورة منذ طفولتى لم تغادر مخيلتى. درست بين ما درست بعض مناهج قراءة المستقبل، وتابعت مع زملاء وأصدقاء جانبًا من الدراسات النظرية والواقعية حول هذا الموضوع ومع ذلك بقيت الصورة لا تغادر. صورة ابتكرها علماء أقدمون عن عالم محشور بين قرنى ثور ضخم. ثور (...)
للرصيف، قبل أن ينكمش أو يختفى، ذكريات طيبة. أتذكر نفسى فى شارع فاروق، طفلا أجلس على كتفى والدى أو عمى غير الشقيق لوالدى، أستمتع بموكب «المحمل» وجنود على ظهور جمال وأحصنة، كلهم وكلها فى ألوان زاهية، والموسيقى العسكرية تزيدنى متعة. أتذكر أيضا رجالا من (...)
قالت: «صحيح يا أستاذى، لقد كتبت بالفعل عن الميادين». سألت: «ومتى كان؟». أجابت: «كتبت فى سبتمبر من العام الماضى». أثارت الإجابة فى نفسى فضولًا. عدت أسألها: «لماذا هذا الحنين المتجدد إلى الميادين». ولأسألها أيضا ولنفسى، «ولماذا فى سبتمبر؟».
أستطيع (...)
مرت بنا وتمر علينا أسابيع حافلة بالشر والأذى، أسابيع حاملة بذور التغيير نحو آفاق معبأة بالغيوم والأعاصير، حاملة فى الوقت نفسه وإن فى مواقع متباينة بذور تغيير فى اتجاه بوادر تفاؤل بمستقبل طال انتظاره. حول هذا الموضوع أتذكر أن وسائط الإعلام بثت فى (...)
كثيرون يخطئون إن ظنوا أن المسنين أقلية بسمات متشابهة وتصرفات نمطية ومطالب أو رغبات متقاربة وطموحات وتطلعات متدنية أو منعدمة، أو أنهم أقلية فى المجتمع بعقول متدهورة الصلاحية، وبقلوب خاشعة أو مستسلمة وصبر سريع النفاذ، أو أقلية بقدرات على تحمل الآلام (...)
أتساءل وآخرون عن دقة أو صحة تسريبات خطيرة تتردد على أمواج وسائط الاتصال. تخيلنا أن بعض هذه التسريبات أطلقته أجهزة إعلام واستخبارات بهدف جس نبض الناس وردود أفعالهم فى حال تنفيذ سياسة بعينها. تخيلنا أيضا أن أغلب الناس تميل إلى تصديق هذه التسريبات. (...)
كثيرون هم الرجال الذين أثروا فى مجرى حياتى. بعضهم خلف آثارًا أثرت ساعات وأيامًا. بعض آخر ترك بصمات لا تمحى. بعض ثالث مر مرورًا عابرًا ولكن بآثار عميقة. كثيرون عبروا عبورًا خامدًا، لا حس ولا خبر.
فى حياتى رجال آلوا على أنفسهم إلا أن يرسموا لحياتى (...)
أظن، وبعض الظن فى أيامنا الراهنة اجتهاد مستحق وضرورى، أظن أن التاريخ، حسبما وصل منه إلينا وحسب بعض منه نعيشه بأشخاصنا أو بأوهامنا وأحلامنا، ربما لم يشهد أو يعايش بيئة متدهورة محيطة بمواقع صنع السياسات بالشرق الأوسط كالبيئة الراهنة.
• • •
تأكد لنا (...)
غريب وغزير ما فعلته الأيام بحياتى، وغريب وغزير ما فعلته أنا بأيامى. قضيت عصر يوم أمس ومساءه والليل الرابط بين يومين، قضيتها أفكر فى مجمل الأيام منذ اليوم الذى قررت فيه الدولة المصرية تعيينى فى الهند ملحقًا دبلوماسيًا بسفارتها لدى عاصمتها، نيودلهى. (...)