مثل كثيرين أحن إلى بعض، وليس كل، الماضى. أخشى إن تمنيت عودتى إليه وتحقق التمنى أن أجد فيه تفاصيل لم أحبها. أخشى أيضا أن أعود وأنا فى هذا العمر وهذا الحجم وهذا الشكل فينفر من لقائى أصحاب وصاحبات الزمن الذى عدت إليه. أو أعود فلا أجد شجرة الجميز التى (...)
قبل أسابيع كنا شهودا على سعى الرئيس الأمريكى ليحتفظ بأسبقيته فى المشى أمام الحرس الملكى. تساءلنا هل تعمد الرئيس أن يسبق جلالة الملك عند التفتيش على الحرس الملكى المصطف لاستقباله أم أن الملك وقد بلغ من العمر ما بلغ، لم يعد قادرا وربما غير راغب فى أن (...)
دائما ومنذ سنوات مراهقتى ثم شبابى، عشت مغرمًا بالمستقبل. أسرنى غموضه وغموض كل ما يتعلق به. كم من مرة وقفت وأنا صغير وراء جارة أو قريبة من قريباتى وهى تقرأ الفنجان لأمى أو خالتى. أسمع صفات عن رجل أو سيدة وطفل وصور لقطار أو طائرة لتخلص قارئة الفنجان (...)
نفر من الشباب استأذنوا لقضاء الجزء الأخير من يوم الإثنين عندى نشاهد معا ونناقش تطورات حكاية صنع السلام فى الشرق الأوسط. المناسبة هى زيارة الرئيس ترامب صاحب مشروع العشرين نقطة للقدس وشرم الشيخ للحصول على توقيعات عدد مختار من قادة الدول على المشروع.
• (...)
بحكم تنقلى بين عديد الوظائف والمهام تعدد من ساقنى الحظ للعمل تحت رئاستهم. منهم الصالح ومنهم الطالح ومنهم جميعا استفدت. قليل من خلف جروحا لم تندمل، ولعله من حسن حظى، وحظوظ مرءوسين عملوا معى من بعدهم، أنها لم تندمل. أعترف هنا، وربما للمرة الأولى، أننى (...)
أيام تاريخية تلك التى نعيشها، كل يوم يمر علينا يترك وراءه علامة جديدة على أن «النظام» العالمى كما «النظام» الإقليمى العربى، انتقل خلال اليوم درجة أو درجات نحو هاوية وفى أحسن الأحوال نحو فوضى أشمل وأوسع مجالا وأكثر تنوعا.
نظرت حولى وورائى وأمامى (...)
سبقنى الشاعر فقال: «وأتيت مرآتى وعطرى فى يدى فبصرت ما لا كنت فيها أبصر»، أنا أيضا أتيت مرآة ولا عطر فى يدى، ولكن فى يدى صور لى وأنا فى مراحل عمرى المختلفة، قلبت فى الصور واحدة بعد الأخرى وعدت إلى المرآة وبالفعل بصرت ما لا كنت فيها أبصر.
ابتعدت مع (...)
صورة منذ طفولتى لم تغادر مخيلتى. درست بين ما درست بعض مناهج قراءة المستقبل، وتابعت مع زملاء وأصدقاء جانبًا من الدراسات النظرية والواقعية حول هذا الموضوع ومع ذلك بقيت الصورة لا تغادر. صورة ابتكرها علماء أقدمون عن عالم محشور بين قرنى ثور ضخم. ثور (...)
للرصيف، قبل أن ينكمش أو يختفى، ذكريات طيبة. أتذكر نفسى فى شارع فاروق، طفلا أجلس على كتفى والدى أو عمى غير الشقيق لوالدى، أستمتع بموكب «المحمل» وجنود على ظهور جمال وأحصنة، كلهم وكلها فى ألوان زاهية، والموسيقى العسكرية تزيدنى متعة. أتذكر أيضا رجالا من (...)
قالت: «صحيح يا أستاذى، لقد كتبت بالفعل عن الميادين». سألت: «ومتى كان؟». أجابت: «كتبت فى سبتمبر من العام الماضى». أثارت الإجابة فى نفسى فضولًا. عدت أسألها: «لماذا هذا الحنين المتجدد إلى الميادين». ولأسألها أيضا ولنفسى، «ولماذا فى سبتمبر؟».
أستطيع (...)
مرت بنا وتمر علينا أسابيع حافلة بالشر والأذى، أسابيع حاملة بذور التغيير نحو آفاق معبأة بالغيوم والأعاصير، حاملة فى الوقت نفسه وإن فى مواقع متباينة بذور تغيير فى اتجاه بوادر تفاؤل بمستقبل طال انتظاره. حول هذا الموضوع أتذكر أن وسائط الإعلام بثت فى (...)
كثيرون يخطئون إن ظنوا أن المسنين أقلية بسمات متشابهة وتصرفات نمطية ومطالب أو رغبات متقاربة وطموحات وتطلعات متدنية أو منعدمة، أو أنهم أقلية فى المجتمع بعقول متدهورة الصلاحية، وبقلوب خاشعة أو مستسلمة وصبر سريع النفاذ، أو أقلية بقدرات على تحمل الآلام (...)
أتساءل وآخرون عن دقة أو صحة تسريبات خطيرة تتردد على أمواج وسائط الاتصال. تخيلنا أن بعض هذه التسريبات أطلقته أجهزة إعلام واستخبارات بهدف جس نبض الناس وردود أفعالهم فى حال تنفيذ سياسة بعينها. تخيلنا أيضا أن أغلب الناس تميل إلى تصديق هذه التسريبات. (...)
كثيرون هم الرجال الذين أثروا فى مجرى حياتى. بعضهم خلف آثارًا أثرت ساعات وأيامًا. بعض آخر ترك بصمات لا تمحى. بعض ثالث مر مرورًا عابرًا ولكن بآثار عميقة. كثيرون عبروا عبورًا خامدًا، لا حس ولا خبر.
فى حياتى رجال آلوا على أنفسهم إلا أن يرسموا لحياتى (...)
أظن، وبعض الظن فى أيامنا الراهنة اجتهاد مستحق وضرورى، أظن أن التاريخ، حسبما وصل منه إلينا وحسب بعض منه نعيشه بأشخاصنا أو بأوهامنا وأحلامنا، ربما لم يشهد أو يعايش بيئة متدهورة محيطة بمواقع صنع السياسات بالشرق الأوسط كالبيئة الراهنة.
• • •
تأكد لنا (...)
غريب وغزير ما فعلته الأيام بحياتى، وغريب وغزير ما فعلته أنا بأيامى. قضيت عصر يوم أمس ومساءه والليل الرابط بين يومين، قضيتها أفكر فى مجمل الأيام منذ اليوم الذى قررت فيه الدولة المصرية تعيينى فى الهند ملحقًا دبلوماسيًا بسفارتها لدى عاصمتها، نيودلهى. (...)
عشت معظم سنين عمرى المديد أتعامل مع مفاهيم فى السياسة وبخاصة الخارجية لأكتشف الآن أنها، جميعها أو أغلبها، خانت عهودها فتغيرت، أو لعلها بقيت على حالها فتجمدت بينما كنا، نحن الفاعلين الدوليين، أفرادا ودولا ومؤسسات وجمعيات، نتغير أو فى واقع الحال كنا (...)
مارست السعادة فى كل مرحلة من مراحل عمرى، ولكنى مارستها مختلفة وأنا أكبر الجماعة سنًا، وبخاصة حين اجتمع السن بمكانة رأس العائلة. حدث هذا أول مرة قبل أعوام قليلة عندما رتبنا، أنا والعائلة، قضاء وقت نوعى فاخترنا بيتًا فى الجونة أجرناه لمدة أربعة أيام. (...)
غبت عن الكتابة فى السياسة شهرا عامدا متعمدا. غبت عن الكتابة ولم أغب عن السياسة. عشت شهرا أتابع أنواعا من السياسة لم ألحظ لها مثيلا على امتداد عمر لا شك صار مديدا. عشت شهرا أناقش بينى وبين نفسى أو بينى وبين أقران مارسوا السياسة أو الدبلوماسية عمرا أو (...)
بعد غياب امتد ليومه الخامس عدت إلى بيتى، عدت لأنام فى فراش أعرفه ويعرفنى، عدت لأتعامل مع حمام أحترم قواعده ويحترم تفاصيلى، عدت إلى مكانى وأشيائى وإلى مخابئ أسرارى وملفات أوراقى. عدت والسعادة تصحبنى.. أحاطت بى يوما بعد يوم بل ساعة بعد ساعة، لم تسمح (...)
إنها والله لنقلة كبرى. سنوات وأنا أكتب فى هذا الباب من صفحة الرأى بالشروق يوميات عن تطورات أو أحداث فى حيواتى الماضية، حياة الطفولة وحياة المراهقة وحياة الشباب وحياة تنقلت فيها بين الدبلوماسية والعودة للدراسة والصحافة والعمل السياسى العربى، عن هذه (...)
منذ أن انتهى قصف أمريكا وإسرائيل لمفاعلات إيران النووية لم يتوقف سيل التساؤلات. ساعد السيل على الاستمرار التطورات المتسارعة سواء ما ارتبط منها بأحداث فى العالم الخارجى أو ما اتصل بتغيرات ملموسة فى دول الشرق الأوسط. أعرض فيما يلى لبعض أهم التساؤلات (...)
أعتقد أننى كنت بين أوائل الذين تفهموا رد فعل شعب كندا على ما خصهم من دبلوماسية الهزل والاستخفاف التى يمارسها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب. بدون شك أساء لنفسه ولكن الأهم أنه أضاف مادة جديدة إلى معلومات الذين يتابعون بكثير من القلق المسيرة الانحدارية (...)
مرة أخرى نقع فى خطأ الخلط بين النتيجة والسبب. نقع واعين، غير آسفين ولا معتذرين، حجتنا أن المرحلة محل البحث أو الرأى لا تتحمل ضغطًا آخر ولو كان عاطفيًا أو إنسانيًا.
لم يستشرنا أحد، أقصد يستشير بلدى وبنى قومى. فجأة وجدنا أنفسنا نتصرف تصرفات المجبر على (...)
كنت صغيرا أتعلم عندما تلقيت فى هدوء وبارتياح وبالتدريج أول دروس فى الوطنية، وكنت شابا متعلما ومعلما ومسئولا عندما تلقيت فى صخب وبعنف أول دروس التشكيك فيها.
كنت طفلا أتردد مع أمى على بيت أمها لنقضى فى صحبة العائلة الممتدة يوما بليلة أو ليلتين كل (...)