• القوات المسلحة تحقق نجاحات عملاقة فى حربها على الإرهاب.. وهناك فرق بين المواجهة المباشرة مع الجيش النظامى وملاحقة المتطرفين الذين يختبئون فى المغارات ووسط الأهالى • الجيش لا يضعف والتحامه مع الشعب يزيده قوة.. • يجب أن يعى الشباب حجم ما يحدث فى سيناء ويحكمون عقلهم فى مواجهة شائعات الإنترنت التى تستهدف قتل الروح الوطنية «قضيت أطول مهمة منفردا خلف خطوط العدو متخفيا فى جلباب وعمامة ل9 أشهر، جمعت خلالها معلومات استراتيجية عن الجيش الإسرائيلى» بهذه الكلمات بدأ اللواء عبدالوهاب سيد عبدالعال أحد أبطال رجال المخابرات فى حرب أكتوبر 1973 والملقب ب«صقر المخابرات الحربية»، يروى ذكرياته كأحد المقاتلين الذين يعملون خلف خطوط العدو، فى 3 حروب خاضتها مصر أولها الخامس من يونيو سنة 1967، وحرب الاستنزاف ومعركة النصر والعبور فى السادس من أكتوبر عام 1973. اللواء عبدالوهاب سيد عبدالعال، شارك فى حرب أكتوبر عام 1973 برتبة ملازم أول فى سلاح المخابرات والاستطلاع، وكان أحد المقاتلين الذين يعملون خلف خطوط العدو، لإمداد قيادة الجيش بالمعلومات والأسرار العسكرية للقوات المعادية، معرضا حياته للخطر من أجل الأرض والعرض. بعينين دامعتين يروى اللواء عبدالعال ل«الشروق»، ذكرياته مع الحرب وعن أكثر الشهداء تأثيرا فيه متحدثا عن الروح القتالية العالية للجيش المصرى، مع الربط بحالة قوات الجيش حاليا فى ظل حربها على الإرهاب قائلا: «كانت لى ذكريات جميلة ولو أردت أن احكيها تفصيلا لن يكفينى أسبوعين لسرد ما يجول بخاطرى عن أحداث الحرب العظيمة التى أعادت إلينا كرامتنا وأرضنا.. كنت وقتها برتبة ملازم أول وتم تكليفى بأن أكون خلف خطوط العدو، متخفيا فى زى مختلف، لدخول المغارات والمدقات وتصوير قوات ومواقع العدو فى سيناء، وذلك خلال حرب الاستنزاف التى خاضها الجيش المصرى بعد هزيمة الخامس من يونيو 1967 من أجل العودة والانتصار». أطول مدة قضيتها خلف خطوط العدو 9 أشهر كاملة، خضت هذه المهمة منفردا مرتديا الجلباب والعمامة وكنت أكتب وأرسم وأوثق وأصور مواقع وقوات العدو ثم أرسلها إلى القيادة فى المخابرات، حيث تحتوى الرسائل على أماكن معسكرات العدو وطبيعتها ومساحاتها، ما ساعد فى الإعداد جيدا للمعركة، ليتم بفضل الله تتويج هذه المهمة بالنصر. وفى أحد الأيام تلقيت رسالة من قيادتى فى الجيش مفادها «أجهز للعودة فورا بعد أسبوع» وجاءت الرسالة بعد وصول 72 صورة من أحد المواقع العسكرية للعدو، والتى كان يخدعنا بخردوات وبواقى أسلحة على أنها أحد المواقع الحصينة فاستنتجت القيادة المصرية أنه موقع عسكرى، ووضعته فى إطار المستهدف فى خطة الهجوم، لاكتشف أنها موقع هيكلى شيده الجيش الإسرائيلى، جمع فيه الدبابات غير الصالحة، والصواريخ التى لا تعمل، والرادارات الكرتونية، وأقام سورا حوله، لتقرر القيادة بعدها تغيير خطة الهجوم واستبعاد الموقع. وكانت أوامر الجيش المصرى لى بالعودة بعد إرسال صور الموقع الإسرائيلى نظرا لخطورة الصور التى أرسلتها، والتى غيرت بدورها من مسار وخطة الحرب، وكان التقاطها بالنسبة لى صعبة جدا، فقوات العدو منتشرة فى جميع الأرجاء، وتمكنت من العودة بعد 12 محاولة، ليستقبلنى اللواء محمد صادق مدير المخابرات الحربية آنذاك، والذى كان بمثابة الأب، ووجهنى بالذهاب إلى الرئيس جمال عبدالناصر ونائبه «وقتها» محمد أنور السادات لتسلم نوط الشجاعة العسكرية من الطبقة الأولى فى تكريم مميز أعتز به. تأثرت كثيرا باستشهاد النقيب عبدالهادى السقا، الذى استشهد فى حرب السادس من أكتوبر، وكان قائدا لمجموعة خلف خطوط العدو، إثر سقوط طائرة تابعة للصاعقة كان يستقلها بعد رصد قوات العدو لها، وليسجل السقا، أول شهيد من ضباط المخابرات خلال الحرب، كما أن لدينا قائمة تتجاوز ال10 آلاف شهيد خلال حرب الاستنزاف التى استمرت ل6 سنوات. وعن دور رجال المخابرات فى حرب أكتوبر وربطه بالدور الذى تقوم به خلال الحرب على الإرهاب التى تخوضها البلاد حاليا يقول عبدالعال: إن دور المخابرات واحد طوال الوقت، وهو الحصول على معلومات عن العدو، لكن تختلف المهمة خلال الحرب التى يتم فيها المواجهة المباشرة مع العدو الواضح والمعروف فهى أسهل من الحرب على الإرهاب، التى يختبئ خلالها المتطرفون فى المغارات والبيوت ووسط الأهالى بمنتهى الخبث، بالإضافة إلى الإمكانيات العالية التى يمتلكها المتطرفون حاليا بسبب حصولهم على التمويل المالى الضخم من الدول المعادية لمصر، كما تعمل تلك الجماعات المتطرفة بعشوائية وبدون مكان منتظم مع تنوع جنسياتهم ما يصعب من مهمة رصدهم وعلى الرغم من كل ذلك تقوم المخابرات بدورها على أكمل وجه فى الحرب ضد خفافيش الظلام التى تستهدف جيشنا الوطنى بخسة وندالة. ويقول اللواء عبدالعال إن صعوبة الحرب ضد الإرهاب تكمن فى اختلافها عن المواجهة فى الحروب ففى مواجهة الحروب يكون العدو واضحا، لكن الحرب على الإرهاب فيجد فيها المقاتل نفسه يحارب مجموعات عشوائية بطرق ظلامية، و«على الرغم من ذلك يحقق الجيش المصرى نجاحات عملاقة فى حربه على الإرهاب». مؤكدا أن الجيش المصرى لا يضعف مهما حدث، والتحامه مع الشعب يزيده قوة، لأن «الجيش والشعب ليسا مجرد يد واحدة، أو نسيج واحد ينهض بالوطن، بل يعد الجيش والشعب كيانا واحدا لا ينفصل أبدا، ويظل التحامه بالشعب مصدرا لقوته، فجيش مصر هو شعب مصر». ويختتم حديثة قائلا: لابد «أن يعى شباب الوطن حجم ما يحدث فى سيناء، وأن هناك عدوا يتربص بنا ويريد أن يدمرنا، مع ضرورة تحكيم العقل والانتماء للبلد لمواجهة شائعات الإنترنت التى تستهدف قتل الروح الوطنية.