وزير الإسكان يوجه بسرعة إنجاز مشروعات المياه والصرف في الغربية ودمياط    «انتصاران وحسابات أخرى».. حالة وحيدة تؤهل النصر للمشاركة في دوري أبطال آسيا «2»    بعثة بيراميدز تصل مطار القاهرة استعدادا للسفر لجنوب أفريقيا لملاقاة صن داونز    «الداخلية»: مصرع 3 عناصر جنائية في تبادل لإطلاق النيران مع الشرطة بالدقهلية وقنا    جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    ال"FDA" تقصر لقاحات الكورونا على كبار السن فى الولايات المتحدة    جامعة قناة السويس تعلن انضمامها لعضوية اللجان المتخصصة بجامعة شبكة البريكس    أحمد السقا يعلن انفصاله عن زوجته مها الصغير بعد 26 سنة زواج    عصمت داوستاشى رحلة فى نهر الفن والعطاء    أمير المصرى: أنا تلميذ «سيلفستر ستالون»    محمود الخطيب يرد على تساؤلات من أين يأتي الأهلي بأمواله؟    «التضامن» تقر تعديل وقيد 6 جمعيات فى 4 محافظات    البيدوفيليا؟!    وكيل الصحة بالإسماعيلية تتفقد وحدة رعاية الطفل بالتل الكبير (صور)    طريقة عمل الكيكة الإسفنجية في البيت، النتيجة مبهرة    مشاركة مجتمعية    حملات مكثفة لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    خارجية أستراليا: نشعر بالأسف إزاء التقارير بشأن المخاطر على الرضع فى غزة    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025 فى البنوك الرئيسية    صحيفة عكاظ: نيوم قدم عرضا بقيمة 5 ملايين دولار لضم إمام عاشور    ضبط 11 مخالفة تموينية وصحية في حملة مفاجئة بطنطا    مصرع وإصابة 39 شخصا في هجوم استهدف حافلة مدرسية جنوب غربي باكستان    10.3 مليار جنيه دعم «الإسكان الاجتماعي» منذ بداية المشروع.. «البريد» يوضح موقفه من كراسات «سكن لكل المصريين»    أسعار الأسماك اليوم الأربعاء 21 مايو في سوق العبور للجملة    اليوم موسم الحصاد.. تعرف على مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي والمدينة الصناعية    38 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر اليوم    أمريكا وتركيا تؤكدان التزامهما بوحدة سوريا وتعزيز الشراكة الثنائية    الصحة الفلسطينية: استشهاد 23 مواطنا بقصف إسرائيلى فى غزة    "جيو تيان" تبدأ تجاربها 2025.. الصين تطلق أول حاملة طائرات مسيرة فى العالم    موسم امتحانات الثانوية.. انطلاق اختبارات أولى وثانية إلكترونيا وورقيا    مصرع 3 أطفال غرقًا فى حادثين منفصلين بترع مركز المراغة سوهاج    بتكلفة 175 مليار دولار.. ترامب يختار تصميما لدرع القبة الذهبية    بكين تحذر من عواقب الإجراءات الأمريكية ضد الرقائق الصينية    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    اليوم.. أولى جلسات طعن المخرج عمر زهران على حكم حبسه    حظك اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    هبوط كبير تجاوز 800 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 21-5-2025    الخارجية الفلسطينية ترحب بالإجراءات البريطانية ضد ممارسات الاحتلال في الضفة وغزة    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفى والإعلامى (2)    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    محمد معروف المرشح الأبرز لإدارة نهائي كأس مصر    أسطورة ليفربول: مرموش يمكنه أن يصبح محمد صلاح جديد    «غزل المحلة» يعلن مفاوضات الأهلي مع نجم الفريق    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بطريق فايد بالإسماعيلية    حدث في منتصف الليل| الرئيس يتلقى اتصالا من رئيس الوزراء الباكستاني.. ومواجهة ساخنة بين مستريح السيارات وضحاياه    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    لميس الحديدي عن أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبدالعزيز: هناك من عايش الزيجة 20 سنة    عاجل.. روجيرو ميكالي: أرحب بتدريب الزمالك ولكن    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    نائبة تطالب بتوصيل الغاز الطبيعي لمنطقة «بحري البلد» بأسيوط    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    عضو مجلس يتقدم بطلب لتفعيل مكتب الاتصال الخدمي بنقابة الصحفيين (تفاصيل)    المدرسة الرسمية الدولية بكفر الشيخ تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى يحقق البرلمان استحقاقاتنا الدستورية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 06 - 2017

لقد سعدنا بدستور مصر 2014، الذى صدر بعد جهد مقدر للجنة التى أعدته وتوافقت عليه وبعد المشاركات العديدة من جهات كثيرة من المجتمع المدنى التى قدمت مقترحاتها للجنة طوال انعقادها وبالرغم من بعده عن الكمال الذى كنا نتطلع إليه إلا أنه لا بد من الاعتراف بأنه قد استحدث نصوصًا واستحقاقات تنص على حماية لحقوق بعض الفئات الأقل حظًا حيث تميزت نصوصه على إلزام الدولة بتنفيذ بعض الاستحقاقات المهمة وذلك بدلًا من استخدام تعبيرات قد احتوت عليها الدساتير السابقة وكانت غير ملزمة مثل «تكفل» الدولة أو «تضمن» الدولة ويعنى الإلزام فى دستور 2014 التنفيذ المباشر لنصوص المواد وانتظرنا من البرلمان المصرى إصدار التشريعات الوطنية لتحقق الاستحقاقات الدستورية ولكن للأسف قد طال انتظارنا ولا أحد يعلم متى سيستجيب البرلمان.
وسأختص بالحديث هنا على أمرين من أبرز المواد والاستحقاقات واجبة التنفيذ:
أولًا: حظر التمييز
لقد نصت المادة 53 من الدستور على أن «المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر»، ونصت المادة أيضًا على أن «التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض».
إن تحويل هذه النصوص إلى قوانين وطنية لتنفيذها على أرض الواقع لا بد من إصدار قانونين مهمين، الأول هو قانون لحظر التمييز ولضمان تكافؤ الفرص لحماية وتعزيز ونشر احترام المساواة كقيمة ومبدأ أساسى وممارسة يومية. فيجب أن ينص هذا القانون على تعريف واضح عن التمييز المباشر وهو المعاملة المتحيزة أو التفضيلية لشخص على أساس عضويته الحقيقية أو المتخيلة فى مجموعة أو فئة بشرية وهو أيضًا أى استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أى معايير تحكمية مثل الجنس أو اللغة أو الأصل أو السن أو المعتقد الدينى والممارسة الدينية أو النشاط السياسى أو المكانة الاجتماعية أو الظروف الصحية أو المسئولية العائلية أو الانضمام إلى الاتحادات العمالية ويؤدى إلى الحرمان الكلى أو الجزئى لفئة أو أكثر من المواطنين من بعض الحقوق المنصوص عليها فى الدستور والقوانين والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان المنضمة إليها مصر ويجب أن ينص أيضًا على التمييز غير المباشر وهو عندما يكون هناك قاعدة أو سياسة عامة أو ممارسات حيادية ولكنها تضع شخص أو أشخاص فى موقع أو مكانة أقل من غيره بناء على انتمائه لمجموعة معينة من حيث الجنس أو الدين أو الحالة الصحية.. إلخ وأهم ما يجب أن تحتوى عليه مواد هذا القانون مادة الحماية من الإيذاء بحيث ألا يوضع شخص تحت التمييز ضده لأنه قد بلغ بحسن نية عن تمييز أو قد شاهد تمييزًا أو قد رفض أى تعليمات موجهة إليه ليقوم بفعل تمييزى أو ليشارك فى إجراءات ترتكز على التمييز. إن حظر التمييز فى القانون لا يعنى عدم النص على استثناءات قليلة مثل إعطاء مميزات خاصة للمرأة الحامل أو الأطفال أو لكبار السن أو الأشخاص ذوى الاحتياجات الخاصة. ويجب أن ينص القانون على أن الشخص الذى يشك فى أو قد وقع عليه التمييز أن يتقدم بشكواه إلى مفوضية حظر التمييز والتى هى سوف تعتبر هذا القانون من أهم مراجعها فى عملها اليومى وأخيرًا يجب أن ينص القانون على حق ضحية التمييز فى الحصول على التعويض الذى تقرره المفوضية
***
القانون الثانى لتنفيذ استحقاق حظر التمييز هو قانون إقامة وتأسيس مفوضية تكافؤ الفرص ومنع التمييز لتكون مهمتها الأولى مساعدة المواطنين على حل مشكلاتهم مع أى جهة أو مؤسسة أو إدارة تتبع الحكومة سواء كانت على المستوى المركزى أو اللا مركزى وذلك عن طريق استقبال والتحقيق فى شكاوى الأشخاص الذى وقع عليهم ضرر من جانب أجهزة الدولة أو الموظفين العموميون فى هذه الجهات والتوصية بحلول هذه الشكاوى عندما يثبت التحقيق أحقية الأشخاص فى الشكوى.
تمتلك الغالبية العظمى من بلاد العالم بما فيها البلاد العربية مثل تونس والمغرب وليبيا والسودان والمملكة العربية السعودية هذه الآلية تحت مسميات مختلفة مثل مفوضية منع التمييز أو المحامى أو المدافع العام عن الشعب أو ديوان المظالم أو الوسيط أو ممثل الشعب أو الموفق الإدارى ويرجع تاريخ إنشاء هذه الآليات إلى أيام الإمبراطوريات والخلفاء والملوك وقد أنشئوها حتى يتمكنوا من متابعة جدية وحيادية لأعمال الجهات الإدارية فى مؤسسات بلادهم المختلفة ولكى يرصدوا عمل موظفيهم ويتتبعوا الشكاوى التى يقدمها مواطنيهم ضد هذه المؤسسات والموظفين العاملين بها ففى ثقافة الزولو مثلًا فى جنوب إفريقيا كان هناك شخص يسمى «حلال المشكلات» يقوم بهذه المهمة وفى أثيوبيا كان هناك شخص يسمى ب «المحافظ على دموع الشعب» وعند كثير من البلاد الإسلامية كان هناك منصب «المحتسب» الذى كان يجول فى المدن والأقاليم والأسواق ليتأكد أن الموظفين والبائعين يتصرفون بعدل وأن الزبائن لا يتم غشهم وكان يقدم الحلول فى حالة النزاعات وكلمة محتسب مشتقة من مصطلح الحسبة أو المساءلة ثم ظهر لفظ ممثل الشعب فى الثقافة الإسكندنافيه فى القرن السادس عشر فى السويد والنرويج والدنمارك ومن بعدها انتشرت هذه الآليات فى شكلها الحديث فى جميع القارات.
إلى جانب حل شكاوى المواطنين فإن إنشاء مفوضية منع التمييز ينتج عنه تطوير الجهاز الإدارى بحيث يعمل بأكثر كفاءة وعدل وهى تضمن حماية واسعة لحقوق الإنسان وتعمل على حل النزاعات بتكلفة أقل إذ هى تلجأ فى الأساس إلى الوساطة والتفاوض والتوصل إلى الحلول السلمية وليست القضائية لفض النزاع وهكذا توفر للشاكى الوقت ومصاريف اللجوء إلى القضاء.
تمتلك المفوضية حق اقتراح تعديل القوانين التى تميز ضد بعض فئات المواطنين حيث تمتلك بيانات هائلة من الشكاوى المتكررة التى تجعلها قادرة على أن تضع يدها على الفجوات فى القوانين والإجراءات وتقدم اقتراحات بتعديلها لتمنع التمييز أو احتمال وقوعه.
ثانيًا: حماية المرأة من العنف
تنص المادة 11 من الدستور المصرى 2014 على أن «تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف... وتمكنها من التوفيق بين واجباتها الأسرية و....».
حقيقى أنه قد تم استحداث أو تغيير بعض المواد فى قانون العقوبات نتج عنه اعتراف بأشكال جديدة من العنف مثل التحرش الجنسى أو حصل تغليظ لبعض العقوبات الخاصة بممارسة بعض أشكال العنف ضد المرأة ولكن تظل هذه المواد مبعثرة ولا تمتلك فلسفة حقوقية وهى عقابية فى المقام الأول بالرغم من أنه قد ثبت أن العقاب وحده لا يحل المشكلات التى نواجهها.
إننا فى حاجة إلى قانون موحد يمنع جميع أشكال العنف ضد النساء مبنى على فلسفة واضحة تنطلق من أن العنف ضد النساء هو عقبه أساسية فى طريق تحقيق المساواة والتنمية والسلام ويقف حائلا أمام التمتع بالحقوق الإنسانية والحريات الأساسية للنساء وهو أيضًا تعبير عن علاقات القوى غير المتساوية التى سادت على مدى التاريخ الطويل بين الرجال والنساء. أن هذه الفلسفة تخلق قانونًا ليس عقابيًا فقط ولكنه سيكون قانونًا يلزم الجهات الرسمية بالدولة بالقيام بأحد وظائفها الأساسية لمنع كل أشكال العنف ضد النساء ولترجمة ما جاء بالدستور من نصوص لحماية النساء إلى إجراءات عملية تجعل هذه الحقوق حقيقة ممارسة وأن تقف ضد كل العقبات التى تمنع من التمتع بهذه الحماية
هذه الفلسفة أيضًا توسع من نطاق القانون لتجعله ينظر إلى العنف ضد النساء بطريقة متكاملة ومتعددة الأبعاد تبدأ من الوقاية بإصلاح التعليم والتنشئة وتنشأ إجراءات وقائية متكاملة هدفها منع العنف ومعاقبة من يمارسه ومساندة ضحايا العنف وتقديم الخدمات اللازمة لهن من ملاجئ للإقامة بها لخطوط ساخنة للتبليغ عن العنف لمساندة قانونية بالمجان لبعض الملائمات فى مكان العمل لمساندة مالية لأطفال المرأة ضحية العنف... إلخ.
محتاجون لقانون لا يعاقب فقط كل من يمارس العنف ضد النساء بل أيضًا يعاقب كل موظف بالدولة مهمته أن يقوم بتنفيذ القانون وحماية النساء من العنف وإيقاع العقوبة على من يقوم به عندما يتقاعس عن أداء مهمته أو يشجع الضحية أن تتنازل عن حقها.
نحن نطالب كفئات تعانى كثيرًا من التمييز ضدنا ونعانى من أشكال كثيرة من العنف أن تصدر قوانين عادلة يشترك فى صياغتها الفئات صاحبة المصلحة من أجل إقامة مجتمع ودولة أكثر عدلًا واحترامًا لحقوق الإنسان وعلى البرلمان أن يتخذ الخطوات الأولى من أجل تحقيق هذا بإعلانه الآن عن أن قوانين منع التمييز والمفوضية وقانون منع العنف ضد النساء هى من أولوياته هذا العام وجدير بالذكر أن عددًا من الجمعيات النسائية لديها مقترحات نصوص هذه القوانين الذى لا يلتفت إليها البرلمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.