جامعة أسيوط تشهد انطلاق المؤتمر الافتتاحي للموسم التاسع لنموذج محاكاة منظمة التعاون الإسلامي MOIC    العملة الخضراء الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 26-10-2025 (آخر تحديث رسمي)    زوجها صاحب أطول ولاية على العرش.. 13 معلومة عن «الملكة الأم» في تايلاند بعد رحيلها    أحمد أبوالغيط: السد الإثيوبي أمكن تنفيذه بسبب ما حدث من فوضى في 2011    الهلال الأحمر ل كلمة أخيرة: الجهود المصرية لم تتوقف فى تقديم المساعدات لغزة    الأمينُ العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي علماءَ السودان    «الكلام رخيص».. بيلينجهام يسخر من لامين يامال بعد فوز ريال مدريد على برشلونة    طبيب جهاز هضمي يكشف موعد عودة إمام عاشور للملاعب    «الداخلية» تعلن تفاصيل القبض على المتهم مقتل «أطفال الليبني» ووالدتهم (تفاصيل )    شخص يطعن موظفا بالسكين خلال مشاجرة بمركز طما فى سوهاج    محافظ الإسكندرية للباعة الجائلين: الفرش ده سارق كهرباء من الدولة.. فيديو    طرح البوستر الرسمي لفيلم «السلم والثعبان: لعب عيال» بطولة عمرو يوسف وأسماء جلال    رومانسية ووسط أشعة الشمس.. جلسة تصوير الفنان حاتم صلاح مع زوجته    وزير الصحة ومحافظ قنا يبحثان إنشاء مستشفى أورام متطور في أبوتشت    وكيل صحة شمال سيناء يترأس الاجتماع الشهري لتعزيز وتحسين كفاءة الأداء    قيادات حزبية: كلمة الرئيس السيسي جسدت قوة الدولة ونهجها القائم على الوعي والسلام    برلمانية: سأعمل على دعم تطوير التعليم والبحث العلمي بما يواكب رؤية الدولة المصرية    وائل جسار: أقدم الطرب الأصيل ممزوجًا بروح العصر    الحسابات الفلكية تكشف موعد بداية شهر رمضان 2026    أخبار كفر الشيخ اليوم.. إحالة أوراق المتهم بإنهاء حياة والدة زوجته وسرقة قرطها الذهبي للمفتي    سقوط أمطار على هذه المناطق.. الأرصاد تكشف حالة طقس الإثنين    أحمد مالك بعد فوزه بجائزة أفضل ممثل في مهرجان الجونة: كل الحب اللي وصلي أغلى من أي جايزة    تعليمات بإسرائيل لتخزين الطعام استعدادا للحرب مع حزب الله.. شائعة أم حقيقة؟    مصر تشارك في فعاليات مراسم التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    نقيب الصحفيين: المرأة الفلسطينية عمود رئيس في النضال وسلاح للدفاع عن القضية    نقابة الصحفيين تستضيف فرقة كنعان إحياء ليوم المرأة الفلسطينية    "شقوير": رقمنة السجلات وتحديث الرعايات ضمن خطة تطوير المؤسسة العلاجية    أبو الغيط: مصر وضعت تحت السلاح مليون جندى جاهز للحرب في 1973    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    محافظة المنيا تحقق الترتيب الرابع على محافظات الجمهورية في ملف التقنين    الوزير وأبوريدة معًا فى حب مصر الكروية    5 أبراج تهتم بالتفاصيل الصغيرة وتلاحظ كل شيء.. هل أنت منهم؟    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    الدوري الإسبانى.. مايوركا يتعادل مع ليفانتي بهدف لكل فريق    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    الداخلية تكشف ملابسات فيديو تلويح فتاة لشخص بإشارة خادشة في المترو    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقي طلبات الأعضاء الراغبين في أداء فريضة الحج لعام 2026    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    سلوت: تدربنا لتفادي هدف برينتفورد.. واستقبلناه بعد 5 دقائق    ترتيبات خاصة لاستقبال ذوي الهمم وكبار السن في انتخابات الأهلي    الزمالك يوضح حقيقة عدم صرف مستحقات فيريرا    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بتولي نائبه رئاسة فلسطين حال خلو منصب الرئيس    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    بث مباشر الأهلي وإيجل نوار اليوم في دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أسطورة طرزان».. تقديس الطبيعة وتحرير العبيد
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 07 - 2016

يقدم فيلم «the legend of tarazan» أو «أسطورة طرزان»، والذى أخرجه ديفيد ياتس، استلهاما جديدا لافتا للتأمل، لتلك الشخصية الخيالية التى ابتدعها إدجار رايس بوروس، وصارت منذ ظهورها فى أولى قصصها فى أكتوبر 1912، من أيقونات القرن العشرين، ثم حققت انتشارها المدوى مع السينما، صار طرزان نموذجا لإنسان الجذور، المقبل حرفيا من الغابة، رغم أصله النبيل.
حافظت النسخة الجديدة التى تكلفت ملايين الدولارات، على استعراضات طرزان فى الغابة، وعلى معاركه التى نرى فيها قدراته الخاصة، إنها من «لزوميات» السلسلة، ولا يوجد فن مثل السينما يستطيع أن يحققها، خاصة فى زمن خدع الكمبيوتر، وفى عصر الأفلام بتقنية البعد الثالث.
وحافظ الفيلم على مغزى الحكاية، وسر نجاحها: فكرة العودة إلى البدايات، حيث الغابة، والطبيعة، والإنسان الذى يتعلم وحيدا كيفية أن يعيش، طرزان فى جانبه البدائى يذكرنا بأجدادنا الأوائل، قد لا يكونون قد تربوا فى رعاية غوريلا ضخمة، أو فى عناية قرد من فصيلة خيالية اسمها «مانجانى»، ولكنهم بالتأكيد كانوا عراة فى غابة هائلة، وغير صديقة بالمرة، كما أنهم عرفوا طريقة ترويض العالم المحيط بهم لمصلحتهم، واستخدموا القوة بالقطع، من أجل البقاء على قيد الحياة.
ولكن فيلم «أسطورة طرزان»، الذى يقدم التحية للطبيعة الأم بكل ما فيها من حيوان ونبات ومياه، يبعد شخصيته الأسطورية عن أى شبهة عنصرية، طرزان فى الأصل من عائلة بريطانية نبيلة، غرقت سفينة والده ووالدته، فأصبحت الأسرة فى قلب الغابة، وقامت الغوريلا بدور الأم البديلة، إلا أن ذلك لم يمنع الإنسان البدائى من أن يعود إلى بريطانيا، نراه فى المشاهد الأولى باسمه الأصلى جون كلايتون، ونعرف أنه أيضا عضو فى مجلس اللوردات.
الإنسان الأبيض/ طرزان يأخذ فى فيلمنا لمسات تؤكد بوضوح أنه أبعد ما يكون عن التعالى على الموطن أو المواطن الأفريقى، إنه يحمل فى بريطانيا لقب «ابن أفريقيا»، الناس تعرف قصته فى الغابة، وهو يفتخر بها، وزوجته «جين» كانت أيضا معه فى أفريقيا، ابنة لمدرس أمريكى للغة الإنجليزية، أحبها فتزوجها، ثم سيعودان معا إلى حيث القبيلة السوداء التى عرفاها فى الكونغو، يتم استقبالهما بحب، ونراهما يتكلمان نفس لغة القبيلة، ثم تأخذ الفكرة بعدها الأوسع، عندما يعود طرزان وجين إلى الكونغو ومعهما جورج واشنطن وليامز، مبعوث الرئيس الأمريكى، وتصبح المغامرة بأكملها انتصارا مزدوجا: أولا للطبيعة التى يدين لها طرزان بالقوة والقدرة، وثانيا للإنسان الأسود، ساكن الغابة، فى مواجهة المستعمر الأبيض المنافس، الذى يريد أن يسلب أهل القبائل حريتهم، وأن يسلب ثرواتهم، وخصوصا العاج والماس.
زمانيا، يتعامل الفيلم مع السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، حيث يصطنع صراعا بين الملك ليوبولد ملك بلجيكا، الذى امتلك حوض الكونغو، والذى أصبحت ثروات تلك المناطق البدائية وسيلته لتسديد ديونه، وبين بريطانيا العظمى، وقد كانت أيضا قوة استعمارية، ولكن الفيلم لا يرى سوى وجهها الذى يحارب تجارة الرق والعبيد، وما زيارة طرزان، وصديقه الأمريكى، إلى الكونغو إلا محاولة لاكتشاف سر ما يفعله ليوبولد ومبعوثه ليون روم (كريستوف والتز) فى الغابة وأهلها وقبائلها، واكتشاف فرص الشراكة مع ملك بلجيكا، إذا كانت الأمور على ما يرام.
يتحرك السيناريو فى عدة اتجاهات محسوبة: ذكريات الماضى التى تعيش فى عقل طرزان وجين، الأول يتذكر أمه البديلة الغوريلا، وكلمات والده المكتوبة فى أجندته الصغيرة، حيث أوصى ابنه بالرجوع إلى بريطانيا، إذا كتبت له الحياة فى الغابة، يتذكر طرزان أيضا مقتل أمه بسهم صبى أفريقى، وقيام طرزان بالانتقام، حيث يقتل الصبى، أما جين فهى تتذكر بداية تعرفها بطرزان، تستمتع بقوته، ويتعلم من تحضرها.
اتجاه آخر معاكس هو ما يدبره ليون روم الذى يمثل مركز الصراع ضد طرزان فى الفيلم، إنه يكون فريقا من المرتزقة، وينتظر جيشا آخر يكون نواة لإمبراطورية يستغل البلجيك عبيدها وثرواتها، ولأنه يريد الماس، يعقد صفقة مع زعيم القبيلة التى تسيطر على مناجمه، يريد الزعيم رأس طرزان؛ لأنه قتل ابنه الصبى فى الحادثة القديمة، يحصل ليون على الكنوز، فى مقابل تسليم طرزان.
لم تكن دعوة طرزان القادمة من ملك بلجيكا إلا فخا لاستدراجه وقتله، يتحدد طرفا الصراع بوضوح: طرزان وجورج واشنطن وليامز وجين، فى مواجهة ليون روم وزعيم القبيلة، أنت تعلم بالطبع من سينتصر فى النهاية، ولكن ليس قبل مغامرات تتزاحم فيها مهارات طرزان فى القفز والاشتباك والمصارعة (لدرجة أنه يصارع أخاه القرد العملاق)، ومهارات الضيف الأمريكى فى إطلاق الرصاص، وشجاعة جين أثناء اختطافها، وتعاطف حيوانات الغابة مع صديقها القديم العائد، ليست الغوريلات فحسب، وإنما الأسود والنعام والتماسيح... الخ.
يضرب الفيلم عدة عصافير بحجر واحد: اللورد الأوروبى يقدم التحية للغابة، وللحيوانات، وللإنسان الإفريقى الذى لا يستحق العبودية، يختفى وجه المستعمر البريطانى تماما، وكأن الإنجليز لم يستغلوا ثروات المناطق التى استعمروها، ويبدو المبعوث الأمريكى حليفا مخلصا يمكن الاعتماد عليه، دوافعه إنسانية بحتة، جورج واشنطن وليامز (بأداء صامويل جاكسون) هو الذى سيكتب التقرير الذى يدين الملك ليوبولد بشأن تجارة العبيد، سيحمل التقرير تاريخ العام 1890، ولا ننسى أن جورج واشنطن وليامز، المثقل فى الفيلم بالحرب الأهلية الأمريكية، وبالحرب فى المكسيك، وبما فعله فى الهنود الحمر، قد تطهر ولو جزئيا بتحرير العبيد الأفارقة، وبمساعدة طرزان ابن أفريقيا.
لم تختلف صفات طرزان الجسدية كثيرا عما سبق من أفلام، ألكسندر سكارسجارد ممثل عملاق الجسد، تعبيرات وجهه جامدة إلى حد كبير، ولكن المهم بالنسبة لصناع سلسلة أفلام طرزان هو الأداء الحركى، مارجوت روبى فى دور جين كانت أيضا عادية، بينما كانت البصمة الأهم بالطبع فى أداء الكبير كريستوف والتز فى دور ليون روم، الشخصية شرسة عند اللزوم، ولكنها تتصرف مثل جنتلمان، من أفضل مشاهده حواره مع جين الأسيرة على مائدة الطعام، إنه «الرجل الذئب» فى مقابل «الرجل القرد» الذى يمثله طرزان، جزء أساسى من نجاح الفيلم قوة شخصية الشرير التى لعبها والتز، أما صامويل جاكسون فقد كان أيضا فى دور عادى لا يناسب قدراته المعروفة. قدم المخرج تتابعات حركية مبهرة بصريا، مع التوظيف الجيد لتقنية البعد الثالث، التى استخدمت لنقل الغابة وحيواناتها إلى صالة السينما، يتأرجح طرزان فكأنه يحلق فوق مقعدك، وتقتحم الحيوانات مكان روم وجنوده، فكأنهم يثيرون الغبار فى صالة المشاهدة.
ربما لم يفسر الفيلم سبب رفض طرزان للعودة إلى أفريقيا فى البداية، ولم يكن الفيلم مقنعا فى نتيجة معركة طرزان مع زعيم القبيلة طالب ثأر ابنه، ولكن تحية المكان استمرت حتى النهاية، طفل طرزان سيبدأ أيضا من هناك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.