هذه المقالات منتقاة من الصحف المختلفة ولا تعبر عن رأي الموقع، وإنما نقدمها لحضراتكم لإبداء الرأي فيها.. كأنه لا شيء تغير أو ممكن أن يتغير.. لا أتحدث عن الوجوه نفسها التي لم تتغير قبل وبعد ثورة يناير، بداية من رئاسة المجلس القومي للرياضة وحتى الأندية، مرورا بكل الاتحادات الرياضية وعلى رأسها اتحاد كرة القدم.. وإنما أتحدث عن فلسفة ومنهج ورؤية إدارة الرياضة في مصر.. فالرياضة المصرية لاتزال تدار بنفس عقلية ما قبل يناير.. ولديّ أكثر من مثال واضح وصادم وموجع أيضا.. فالمشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كان في زيارة ودية لنادي طلائع الجيش وتحدث مع لاعبي الفريق وسألهم عن رأيهم في استئناف مسابقة الدوري الممتاز للكرة.. وكان من الواضح أن رئيس المجلس الأعلى يسأل ويصغي ويطمئن على أحوال لاعبي أحد أندية القوات المسلحة.. لم يأمر الرجل بشيء ولم يطلب شيئا من أي أحد أو أي جهة.. لكنهم القائمون على شئون اتحاد الكرة وأنديتها.. الملكيون دائما أكثر من أي ملك.. الذين لا يعرفون أسلوبا للإدارة ومنهجا للفكر أكثر من الطبل والزمر لأي سلطة أو قيادة.. وبمجرد أن تناهى إلى مسامعهم أن المشير سأل لاعبي طلائع الجيش عن رأيهم في عودة دوري الكرة.. حتى اجتمعوا من تلقاء أنفسهم وقرروا عودة الدوري.. لم يتمهل أي أحد من السادة المسئولين عن الكرة للتفكير في كل جوانب هذا القرار.. لم يعد أحد منهم أي دراسة عن آثار ونتائج عودة الدوري أو إلغائه هذا الموسم.. فكل ذلك لا يهمهم ولا يشغلهم.. هم لا يعنيهم إلا أن يتسابقوا لتحقيق أحلام وطلبات الكبار حتى وإن لم يطلب أو يحلم أحد من الكبار بأي شيء.. ولكنه فقط على سبيل الاحتياط والاطمئنان وممارسة النفاق الرخيص دون أي سقف أو حدود.. وبدلاً من أن يبادر حسن صقر، رئيس المجلس القومي للرياضة، بدعوة أندية الدوري الممتاز، وأندية الدرجة الأولى بمختلف أقسامها.. للاجتماع معهم ومناقشة استئناف الدوري.. كنت أتخيله سيستغل ما جرى منذ انطلاق ثورة يناير والحياة التي بدأت تولد من جديد.. ليدعو نفس الأندية للاجتماع أيضا ولكن ليس لمناقشة استئناف الدوري وإنما لمناقشتهم في أوجاعهم الحقيقية وأفضل السبل لتمويل اللعبة التي تربح في أي مكان في العالم إلا في مصر.. فالمهندس حسن صقر لم يفكر في مثل هذا الاجتماع الموسع، وهو يرى مثلنا كلنا الأندية المصرية تتسابق بسرعة خرافية نحو الكارثة والانهيار المالي والإداري.. لم يفكر في دعوتهم لمناقشة آثار ونتائج اللائحة التي وضعها قبل عامين وهل تحتاج إلى ضبط وتعديل أم لا.. لم يفكر في دعوة هذه الأندية الآن لاستشراف آفاق المستقبل الصعب في مصر ما بعد يناير حيث المحافظون والوزراء سيمتنعون بالأمر عن الإنفاق عن كرة القدم على حساب مصالح الناس، وحيث رجال الأعمال الكبار الذين أسهموا في رفع سقف الإنفاق الكروي بشكل عابث ومجنون بات بعضهم الآن وراء القضبان والبعض الآخر في الانتظار، وفريق ثالث قرر التوقف عن مثل هذا السفه والمجون.. أما سمير زاهر، رئيس اتحاد الكرة، فقد سارع بدوره للاستجابة الفورية لطلب لم يطلبه أحد، وأعلن أنه يريد عودة الدوري الممتاز في بداية شهر إبريل المقبل.. ولم ينسَ زاهر التأكيد على أن دافعه الحقيقي وراء هذا القرار هو خوفه على الأندية التي ستتعرض لخسائر مالية ضخمة في حال عدم استئناف المسابقة.. لكن رئيس الاتحاد لم يقل لنا كيف سيؤمن عودة الدوري.. وهل يمكن أن يعود وسط حالة التوتر القائمة بين الناس ورجال الشرطة.. ولماذا لم ينزعج هكذا بسبب المزايدة الملغاة لبيع حقوق ورعاية اتحاد الكرة والمنتخب وتلك الملايين الكثيرة التي تم إهدارها؟!.. وستبقى أسئلتي بلا إجابة.. ففي الرياضة المصرية لا شيء تغير.. ولاتزال الأمور كلها تدار بمنطق المصادفة والمجاملة وعشوائية الفكر والقرار دون أي تخطيط أو حساب للمستقبل، ودون أي حقائق وأرقام وخطوات واضحة ومحددة. *