شموس نيوز – خاص تمثل اعمال مصطفى الفقى حالة خاصة فى الفن المصرى المعاصر وهى اعمال شديدة الانسانية كشخصية الفنان الكبير التى تحمل من البساطة والتواضع مايجعلنا نعتز بانه بيننا . واعماله تعد بحق فى عمق” التعبيرية “..التى يقفز فيها الفنان بنفسه فى الفضاء التصويرى بمشاعره واحاسيسه.. ليعبر عما يعيشه من خلال ماحوله من عناصر واشياء وكائنات وماتوحى به الطبيعة وصور الحياة اليومية ..اعمال تمثل اشراقة من التفرد فى فن التصوير بهذا العالم الذى يمتد من دنيا الحمام.. الى قاهرة المعز التاريخية والتى جعل منها ببساطة شديدة اسطورة فنه ..فيها روح الحياة وبهاء العمارة التى تتنفس فى ملاحم من الاضواء والظلال بثراء فى التشكيل ورصانة فى الايقاع ولغة لونية خاصة ..مع حركة البشر ممن يشكلون “عطر الاحباب “..بالتعبير الجمالى ليحيى حقى وربما كانت لوحة ” سنان السكاكين “بايقاعها الفريد ومسحة القدم والحركة الدائرية مع الغموض الذى يكتنف الوجه المختزل ..بمثابة مفتاح لايقونة فنه فهى مع براحها التعبيرى ودراميتها بين التلخيص والاختزال تعد من اجمل ماقدم من فن مصرى معاصر مع اعماله الاخرى ..من خلال هذا الترديد بين الحركة الدائرية فى “عجلة المسن ” والحركة القوسية للرجل مع تلك الالوان الهادئة الخافتة فى همس بين البيج والابيض البرىء . ولاشك ان لوحات الحمام عند الفقى تبدو مساحة من التامل تجاوز فيها المعتاد والمالوف بلمسته واختلاف الايقاع من لوحة الى اخرى من جماعات الحمام الى تلك الثنائات والرباعيات ..فى ايماءات واوضاع وحركات مختلفة اشبه بحوارات البشر مع هذا التوحد مع المكان وكثافة النور والعتمة فى همس اقرب الى الهديل ..فيها مناجاة ومناغاه ..بلغة الصمت والسكون واذا كانت حمامات الفقى مع خصوصية منطق التشكيل والتعبير تذكرنا بحمامات الرائد يوسف كامل فى لوحته ” الحمام ” ولوحات بيكاسو للحمام التى اتسعت مساحتها فى مرحلة من مراحله واشهرها حمامة السلام ” 1949 “وحماماته الشهيرة من ” البلكونة ” التى تمرس بها من الخمسينيات . الا ان دنيا الحمام التى عكف عليها الفقى بتاملاته بدت فيها الاضواء تذكرنا بالضوء عند رمبرانت ولكن بلغة اخرى اسهم فيها اللون ..مع هذا المزيج والتوليف العجيب من التالف بين الحمامات وعناصر من الطبيعة الصامتة من الاوانى والقنينات ولمبة الغاز بمايوحى بالحركة والسكون والثابت والمتحرك والجماد والذى تدب فيه روح الحياة ..ينتقل بنا خلالها الى افق اخر وفضاء تصويرى خاص . والوان الفنان تضفى المزيد والمزيد من البعد فى الزمن والاحساس بالقدم وكاننا نعيش حالة ميتافيزيقية كونية بتلك الوجوه التى تحمل من الغموض لانعدام التفاصيل والتى تبدو مثقلة بالصمت والتساؤل .. الوان هادئة هامسة يغلب عليها الرماديات من البنيات وكانها من طمى النيل او ارض مصر مع امتزاجها بلون الافق المتمثل فى لمسات محدودة من الازرق ..واذا كانت شخوص الفنان تعكس للاحساس بالغربة بحياديتها فبدت سابحة فى زمن خاص ..الا ان المكان ومفرداته ينتمى الينا . اختار الفنان الفقى هؤلاء البسطاء من الشعبيين والذين ينسجون اغنية للحياة بالعمل والامل :من بائع الفول والناس فى الاسواق والمطعم الشعبى بما يحملون من الفة فيما بينهم على مسرح الحياة من عبقرية المكان بالقاهرة التاريخية الذاخرة بتعدد المستويات والسطوح المعمارية ومنافذ الدخول والخروج والبوابات والاقواس ..واذا كن قد خرج وانتقل فى الزمان الى مكان اخربالقطار حين تناول ركاب الدرجة الثالثة من هؤلاء الشعبيين ..الا انه اضاف بعدا اخر ومساحة مختلفة . تحية الى هذا العالم بما يحمل من خصوصية وتفرد.. ينتمى الى ديوان التصوير المصرى المعاصر ..وتحية الى فناننا مصطفى الفقى استاذ التصوير بعمق التشكيل والتعبير .