حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 18 أبريل 2024    أسعار الأسماك واللحوم اليوم 18 أبريل    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يقصف مبنيين عسكريين وبنى تحتية لحزب الله في الخيام    منة عدلي القيعي: بجمع أفكار الأغاني من كلام الناس    طارق الشناوي: «العوضي نجح بدون ياسمين.. وعليه الخروج من البطل الشعبي»    بعد استقالة المحافظين.. هل تشهد الحكومة تعديل وزاري جديد؟    الأونروا تحذر من "حملة خبيثة" للقضاء عليها وإبعادها عن فلسطين    زلزال بقوة 6ر6 درجة يضرب غرب اليابان    نجم الزمالك السابق يطالب الخطيب بالتدخل لحل أزمة عبدالمنعم    إبراهيم سعيد: خالد بيبو "مهمش" في الأهلي وليست لديه صلاحيات عبد الحفيظ    الهلال بلا منافس.. ترتيب الدوري السعودي قبل مباريات اليوم الخميس 18- 4- 2024    أنت ابني وسأصلّي من أجلك، كاهن الكنيسة الشرقية في سيدني يصفح عن المهاجم (فيديو)    كلام نهائي وتخفيض يسعد المواطنين، الإعلان اليوم عن الأسعار الجديدة للخبز السياحي والفينو    تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 اكتوبر بينها قتل مسن خنقا واغتصاب مراهق    القباج تكشف ل«البوابة نيوز» قيمة رسوم الدفعة الثانية لقرعة حج الجمعيات الأهلية    فلسطين.. قصف مدفعي متواصل يستهدف المناطق الجنوبية لغزة    موقع أمريكي: واشنطن تضغط سرا على بعض الدول للتصويت ضد عضوية فلسطين    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18 ابريل في محافظات مصر    وزارة الطيران المدني توضح حقيقة انتظار إحدى الطائرات لمدة 6 ساعات    مدير أعمال شيرين سيف النصر: كانت عايزة تشارك في عمل ل محمد سامي ( فيديو)    أحمد عبد الله محمود يكشف كواليس تعاونه مع أحمد العوضي ومصطفى شعبان    ما حكم نسيان إخراج زكاة الفطر؟.. دار الإفتاء توضح    شاب يتحول من الإدمان لحفظ القرآن الكريم.. تفاصيل    الصين قادمة    ألفا روميو تقدم Junior .. أرخص سياراتها الكهربائية    سامسونج تثير الجدل بإطلاق أسرع ذاكرة في العالم .. فما القصة؟    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/4/2024 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    "راجع ألماني تالتة ثانوي من هنا".. مراجعات الثانوية العامة 2024    استمرار نمو مخزون النفط الخام في أمريكا    دعاء الرياح والعواصف.. «اللهم إني أسألك خيرها وخير مافيها»    الكشف على 1433 شخصاً في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    7 علامات بالجسم تنذر بأمراض خطيرة.. اذهب إلى الطبيب فورا    رشة من خليط سحري تخلصك من رواسب الغسالة في دقائق.. هترجع جديدة    طريقة عمل مربى الفراولة، زي الجاهزة للتوفير في الميزانية    البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء ل 300 مليون إفريقي    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. سعر الذهب في مصر اليوم الخميس 18 أبريل 2024    «البيت بيتى 2».. عودة بينو وكراكيرى    إبراهيم نور الدين: كنت أخشى من رحيل لجنة الحكام حال إخفاقي في مباراة القمة (فيديو)    رئيس حزب الوفد ناعيا مواهب الشوربجي: مثالا للوطنية والوفدية الخالصة    استعدادا لمواجهة مازيمبي| بعثة الأهلي تصل فندق الإقامة بمدينة لوبومباشي بالكونغو    أنت لي.. روتانا تطرح أغنية ناتاشا الجديدة    بعد 24 ساعة قاسية، حالة الطقس اليوم الخميس 18-04-2024 في مصر    الأرصاد: الحرارة تتجاوز ال46 درجة الأيام المقبلة ووارد تعرض مصر إلى منخفض المطير الإماراتي (فيديو)    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق منزل في العياط    علي جمعة: الرحمة ليست للمسلمين بل للعالمين.. وهذه حقيقة الدين    الله أكبر| احتفال مثير من روديجر بريال مدريد بعد الإطاحة بمانشستر سيتي    بابا فاسيليو يكشف عن تجاربه السابقة مع الأندية المصرية    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024.. 5 أيام متصلة مدفوعة الأجر    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على إيران    «معلومات الوزراء»: 1.38 تريليون دولار قيمة سوق التكنولوجيا الحيوية عالميًا عام 2023    لقد تشاجرت معه.. ميدو يحذر النادي الأهلي من رئيس مازيمبي    أسباب نهي الرسول عن النوم وحيدا.. وقت انتشار الشياطين والفزع    الجامعة البريطانية في مصر تعقد المؤتمر السابع للإعلام    حظك اليوم برج الميزان الخميس 18-4-2024.. «كن مبدعا»    ارسنال ومانشستر سيتى آخر ضحايا الدورى الإنجليزى فى أبطال أوروبا    تراجع سعر الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء الخميس 18 ابريل 2024    بحجه تأديبه.. التحقيق مع بائع لاتهامه بقتل ابنه ضربًا في أوسيم    إطلاق النسخة الأولى من المهرجان الثقافي السنوي للجامعة الأمريكية بالقاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعرض العام.. هيمنة اللوحة ذات البعدين.. وهبوط فن النحت!
نشر في القاهرة يوم 06 - 07 - 2010

يعد المعرض العام بمثابة بانوراما تشخص ما وصل إليه الإبداع المصري.. وفي دورته الثالثة والثلاثين جاء بمشاركة 322 فنانا قدموا ما يربو علي 450 عملا فنيا في: «التصوير - النحت - الجرافيك - التصوير الضوئي - الرسم -الخزف - فنون الميديا من الفيديو آرت والكمبيوتر جرافيك.. التجهيز في الفراغ -الفنون الفطرية».
وإذا كان يعكس في كل دورة ما وصل إليه شباب الفن من تطور في الإبداع، فهو أيضا يجسد بالنسبة للكبار من رموز الفن ظواهر الصعود والهبوط وملامح التطور وصور الإنجاز.
وقد جاءت هذه الدورة معاكسة للعديد من الفنانين بفعل إقصاء وإبعاد أعمالهم.. ليس هذا فقط.. بل رفضت أيضا أعمال عدد كبير من الأساتذة الأكادميين.. في الوقت الذي تشكلت فيه لجنة التحكيم من عشرة فنانين من بينهم ستة من الأساتذة.. بعضهم زامل هؤلاء المبعدة أعمالهم.. والبعض الآخر درسوا عليهم.. وفي هذا تجاوز كبير.. وإذا كانت للجان التحكيم سلطات مطلقة.. غير قابلة للتراجع.. ارتباطا بالثقة التي تمنح لها.. إلا أن هذا التجاوز يمثل خروجا لم يحدث من قبل بطول تاريخ المعرض العام الذي يمتد في الزمن بعمر شاب يافع.
وربما كان الرد علي إبعاد تلك الأعمال لهبوط المستوي.. وهنا كان لنا مناقشة ذلك.. قبل أن نقدم قراءة لبعض الأعمال المعروضة.. وملامح الإبداع في عام 2010.
بيكاسو وبراك
في البداية نؤكد علي أن أعمال الكبار من رموز الإبداع مهما هبط مستواها فهي خارج الإبعاد والاقصاء.. وغير قابلة للرفض.. ولكنها فقط قابلة للنقد والتقييم فيما بعد العرض.. وبطول تاريخ الإبداع يتعرض الفنان لظاهرة الصعود والهبوط.. ولكن مجمل أعماله تمثل تراكما يجسد شخصيته الفنية في النهاية.
وبتأمل أعمال بيكاسو الذي يمثل معجزة القرن العشرين.. نجد هذا التفاوت في المستوي الذي ينتمي له شخصيا.. ينتمي لعالمه.. كما نجد أعمالاً تمثل علامات في فنه.. بل وفي مراحله الفنية من المرحلة الزرقاء إلي المرحلة الوردية.. وحتي تلك التشويهات والتحريفات التي نقلها في أعماله.. وربما إذا ذكرت الجورنيكا.. انعقد الاجماع عليها دون غيرها.. مع علامات أخري معدودة قياسا بكم أعماله.. وعندما التقي بيكاسو وبراك عام 1907.. كان لهذا اللقاء الفضل في نشأة التكعيبية.. وأصبح الهدف هو الكشف عن الشكل الهندسي الذي يكمن وراء المظهر الخارجي.. وسارا معا في هذا السبيل قاطعين فيه شوطا بعيدا.. وكان كل منهما.. بيكاسو وبراك.. يعملان علي اتصال وثيق ويتبادلان الآراء والأساليب ويقتبس كل منهما من وحي الآخر حتي ليصعب أحيانا التمييز بين لوحاتهما.
فهل نستبعد تلك الأعمال لفرط تشابهها.. وهل نلغيها من المتاحف والمعارض التي تقام من وقت لآخر؟!
ثم إن ظاهرة الصعود والهبوط في المستوي الفني تمثل سمة من سمات الإبداع.. ولها دوافعها وأسبابها التي يشخصها النقاد.. وهذا لا يلغي أعمالاً ويجعل من أعمال عرضة للرفض.
ولا شك أن أعمال الفنان عبدالهادي الجزار تختلف في مستواها من مرحلة إلي أخري وربما كانت مرحلة الطقوس الشعبية من أعنف مراحله الفنية دراميا.. إلا أنها لا تلغي مرحلة القواقع.. ولا تلغي أيضا لوحات الفضاء والسلام والسد العالي والميثاق!.. وذلك لفتحها في جانب آخر.
الفن الفطري
هم بدائيو العصر الحديث علي حد تعبير الشاعر الكبير أبولينيير.. أصحاب مدرسة الفن الفطري.. وهي مدرسة جديدة في الفن.. قوامها الفطرة التي تنبت مثل الزهور البرية.. اعتمدوا في فنهم علي دوافع أصيلة بعيدا عن تعاليم الفنون الأكاديمية وبعيدا عن كل ملامسة للمدارس الفنية المعاصرة.
ومع تزايد الاهتمام بهذا النوع من الفن تقيم تشيكو سلوفاكيا في مدينة براتسلافا معرضا دوليا في المتحف الوطني السلوفاكي.. ينظم كل ثلاث سنوات «ترينالي» بالتعاون مع هيئة اليونسكو وبدأ أولي دوراته عام 1966 وسميت الجائزة الكبري لهذا المعرض باسم الجمركي روسو اعترافا بريادته لتلك الملامح والسمات التي اتفق النقاد علي تسميتها بالفن الفطري.. وقد سمي الفن الفطري بالفن الخام أو فن الخوارج.
ومن هنا علينا أن نتعامل مع الفطريين علي اعتبار أنهم مناجم للإبداع أشبه بالمحميات الطبيعية.. بمعني الحفاظ علي درجة النقاء في فنهم.. وهذا يمكنهم من الناحية الأخري من الاحتفاظ بتعبيراتهم ورؤاهم البريئة للعالم.
ولكن وللأسف الشديد ومن الدورة السابقة للمعرض العام.. أضيف الفن الفطري لفنون المعرض وفاعلياته.. واختلط بأعمال الدارسين من الأكاديميين.. وفي الدورة الحالية استبعدت أعمال الأساتذة أساتذة الكليات الفنية وأجيزت أعمال الفنانين الفطريين، ونحن لا نقلل من قيمة الفن الفطري، ومع العرض في نفس المكان بقصر الفنون، في معرض منفرد، بعيدا عن هذا الخلط، معرض مستقل ينظم لهذا الفن خصيصا في موعد آخر.
وقبل أن نترك قضية إبعاد أعمال بعض أساتذة الكليات الفنية بحجة هبوط المستوي، نري أن اللوحة المعروضة للفنان د. مصطفي عبدالمعطي رئيس لجنة الفرز والتحكيم أقل في القيمة قياسا بأعماله السابقة.. ورغم هذا لا نقر استبعادها فهي في النهاية تنتمي لعالمه وأيضا لا تنفصل عن ظاهرة الصعود والهبوط التي تحدثنا عنها.
الأكثر سطوعا
رغم ما شاب المعرض العام هذه الدورة من التشويش والارتباك والخلط الشديد.. إلا أن اللوحة ذات البعدين التي امتدت من التصوير والرسم والجرافيك والتصوير الضوئي والكمبيوتر جرافيك هميت علي المعرض العام.. وكان التصوير الأكثر سطوعا مع التصوير الضوئي بتلك المساحات الصرحية المتسعة.
وبمشاركة 135 فنانا في فن التصوير تألقت أعمال وجاءت أخري تدور في فلك التكرار والاعتياد.
وقد جاءت لوحتا علي سيد حسان الذي جسد من خلالهما سحر الطبيعة، جاءت مساحة من الإمعان في الواقعية «السوبر ياليزم» جمع فيهما بين طزاجة الخضرة.. وتنوع وثراء السطح مع نقاء الفضاء التصويري.
وما زال النيل يجري.. ومازال محمد عبلة يشهر فرشاته دفاعا عنه بين تألق الزهور الحمراء التي تمثل صموته وبين انطفاء صحوته وبين انطفاء مياهه بما تعكس ما بالداخل وما حوله في قوة تعبيرية.
وتنقلنا هويدا السباعي إلي قوة العصر الصناعي وما تعكسه تلك الهياكل والمركبات من إيحاءات ديناصورية.. في حوارية من الأسود والرماديات والأحمر الناري.
وفي دنيا من النقوش والزخارف العربية تعكس هالة عامر لهموم المرأة المعاصرة من خلال امرأة غارقة في الحزن والتأمل بجلباب تتحاور نقوشه مع نقوش الخلفية، أما مروة عزت فتقدم إيقاعا آخر لفتاة غارقة في الحلم، تتنفس تحت الماء مع أسماك وزهور في دنيا من الفنتازيا.
وتطل عروس البحر في لوحة مستديرة لمصطفي الرزاز.. مسكونة بهمس النقوش.. وقد تعمد الفنان هذا الايقاع الدائري إمعانا في الحركة الدؤوب التي لا تنتهي.
وانتقل الفنان فاروق وهبة من التشكيل المجسم إلي فضاء التصوير، مجسدا وجه فتاة مشرقاً بابتسامة تنتمي لإحدي القبائل العربية.
أما عادل الصعيدي، فقد نقلنا من الماضي إلي الحاضر في مزيج عصري من خلال هذا المشهد السيريالي الذي يجسد وجها بملامح اغريقية يحمل تشكيلاً من سيارات تأكيدا علي هشاشة الحياة المعاصرة، مع حمامات تحلق علي الاطار.
وفي مشهد رمزي انساني، تدب الحياة في الأراجوز.. في لحظة احتضان.. امرأة ورجل تحت ضوء لمبة كهربائية لحلمي التوني.
وتبدو ثلاثية محمد رضا التصويرية حافلة بالسطوح من الغائر والبارز ومساحات من الجسد الانثوي مع تلك النقوش من الكتابات العربية، فيها سحر وغموض الايقاع الهندسي وحيوية العضوي.
وفي التشكيل التصويري الثنائي لسمير فؤاد.. نطل علي آدم وحواء العصر الحديث.. من خلال حيوية الجسد وهذا الايقاع الأحمر.. وتبدو الملامح في مزيج من التشابه والاختلاف.. المرأة تشير إلي قوة الحياة، والرجل في رياضة رفع الأثقال.. يتوحدا معا من خلال هذا الإطار الأحمر مع الرداء بنفس اللون.
وتقتحم شخوص عصام معروف الفراغ الأسود في ملامح هلامية مهمة وألوان ضبابية تعكس لعصر اختلطت فيه الأشياء.
وتحلق دائرة نحيفة بيضاء في فضاء بنفسجي مع هذا الجرم المثقل بكثافة لونية، يتحاور معها مشدودا إلي الجاذبية الأرضية في لوحة مصطفي عبدالوهاب.
أما مصطفي الفقي فينقلنا إلي درامية تعبيرية، بتلك الألوان الرمادية الموغلة في سحر زمن لا ينتهي لعمارة تتباين مستوياتها.
وتطل حواء الألفية الثالثة من وراء آدم.. في حوارية تعبيرية لياسر جاد، من خشونة السطوح في الخلفية إلي نعومة الملمس الإنساني.
وفي فن الرسم جسدت آمال قناوي مساحة من الشاعرية من خلال عناصر شديدة الرهافة، تنتمي لعالمها، طيور ونباتات تسبح في فضاء متسع، وجوه محسن شعلان الفارقة في الحزن والسابحة في زمن يمتد من الماضي البعيد إلي الحاضر، أشبه بالذكريات.
ضياع فن النحت
في المعرض العام، ضاع فن النحت، فن الأجداد الذي استحضره أزميل مثالي مصر مختار، هذا علي الرغم من تألقه في أكثر من معرض مع نهاية عام 2009 وبداية عام 2010 تحديدا في ثلاثة معارض جماعية لنخبة من مثالينا بدءا من مختار وآدم حنين إلي جيل الشباب، بقاعة المسار وقاعة الزمالك ومركز سعد زغلول الثقافي، إلا أن التنسيق في المعرض العام أصاب النحت في مقتل رغم مشاركة أكثر من ستين فنانا، فقد عرضت معظم الأعمال بحيث تري من جانب واحد، عرضت بين عمودين علي خلفية من حائط مسمط، هذا بالإضافة إلي مجموعة أعمال عرضت في حشد علي قاعدة واحد، وإذا كان فن النحت يؤكد المعني الحقيقي لعلاقة الكتلة بالفراغ، علي اعتبار أن المثال هو المالك الشرعي للفراغ يمتلك بقدراته التعبيرية ما يجعل الكتلة تفرض سطوتها علي الحيز وما حولها من فضاء، وربما تذوب في الفراغ، أو تتعايش معه إلا أننا لم نلمس ذلك بالمعرض العام، وبدت الأعمال تكاد تختنق من فرط الزحام، ورغم هذا تألقت بعض الأعمال، مثلما نري في تشكيل الرجل والطائر لمحمد العلاوي الذي تكاد ينطلق في الفضاء متخلصا من أسر الجاذبية الأرضية من قمة منطقة صخرية، هذا مع التشكيل النحتي لسعيد بدر والمسكون بالهمس والصحو، والأسرار والهمهمات، بتلك النقوش والكتابات التي يمتزج فيها الأصيل والمعاصر والايقاع التجريدي عند صلاح الدين عطية الذي يتحاور فيه التشكيل الدائري الأفقي مع الرأسي الذي يشق الفضاء، وهذا التزاوج بين اللمسة المعاصرة وروح الإسكندرية الموغلة في الاغريق الروماني عند سركيس طوسنيا، وقد جاءت منحوتة روسانا كورادو بشطري الحياة، آدم وحواء غاية في الطرافة التعبيرية، أشبه بالليل والنهار النور والظلام، في ايقاع رمزي، أما منحوتة مصطفي بط، فقد خفت كثافتها فتاة رشيقة في كتلة نحيفة محفوفة بتلك التشكيلات المفرغة ذات الايقاع الدائري التي تكاد تذوب في الفراغ من فرط رقتها.
وتعد أعمال الفنان أحمد السطوحي علامة بارزة في التشكيل المجسم أو النحت المباشر بخامة الحديد وإضافة في النحت المصري المعاصر، من خلال تلك الملحمة النحتية الطويلة وهذا التراكم التعبيري في مراحل متعددة، من النحت بالجص والبرنز والتشكيل برقائق النحاس وخاصة الحديد التي ميزت عالمه بعد أن تحولت إلي قوة من التحفز والطاقة الكافية الحركة، من خلال هذا التوليف الذي يتسم بثراء الملمس والمنطق الهندسي في دنيا من المشاعر والاحاسيس، وقد قدم تشكيلا في ثنائية نحتية من الحديد، لكن جاء عرضه علي اليمين بالممر قبل الدخول إلي قصر الفنون!
التصوير الضوئي
وبمشاركة 35 فنانا، جاء التصوير الضوئي في مساحات من الحضور تألقت بحواريات النور والظلام والأضواء والظلال، جسدت بهجة الحياة، وشاعرية الطبيعة، وغنائيات العمارة التلقائية، وقد جاء التشكيل الخماسي لمي الحسامي لخمس نساء، كل امرأة في رداء، وكل رداء يمثل لوحة لتنوع وثراء الحياة، من دنيا الحيوان إلي عالم الطبيعة،من البحار إلي النباتات إلي كريستالية الصخور وتنوع وثراء التجار، وكأننا في مشهد سيريالي.
أما أيمن لطفي فيلجأ إلي الأيام مجسدا في وحدة واحدة عرائس الشطرنج ووجهاً إنسانياً مسكوناً بالمربعات السوداء والبيضاء، وكأنه رمز للعبة الحياة.
ويطل فرخ عصفور غرير من فتحة مشربية لأحمد عبدالعزيز مجسدا روح الحياة وسحرها.
وقد جاء التشكيل المجسم ليوسف ليمود، تجسيدا رمزيا جمع فيه بين الحسي والمعنوي، الفكرة والمادة والمسطح والمجسم، من خلال هذا التوليف الذي وحد فيه بين مساحة من لوحة «الكورس الشعبي» أو «الطعام» لعبدالهادي الجزار التي ابدعها عام 1948 وبين كومة من كسرات الخبز، تأكيدا علي الخواء الروحي ومعني الجوع.
وبعد تلك كانت مساحة من ملامح المعرض العام في دورته الثالثة والثلاثين وقد عكست بعض مكامن الضعف والقوة في ابداع 2010، وكل الأمل في أن يظل دائما صورة تجسد المعني الحقيقي للفن المصري المعاصر وبيتا لكل الفنانين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.