(الرموز الصاخبة ودلالاتها البصرية) الناقد الشاعر (سيد جمعة – مصر) " كي ندرك عملا فنيا لابد أن ننتبه إليه كله ، وإلي تفاصيله وعناصره المكونة له ، وأن ذاكرتنا غالبا ما تعمل بشكل نشط حتي يكتمل هذا الإدراك " " الفنون البصرية وعبقرية الإدراك " د . / شاكر عبد الحميد تؤثر البيئة وعناصرها الطبيعية سواء كانت بيئة صحراوية أو بيئة زراعية أوساحلية … الخ .. وإسلوب حياة البشر فيها وسلوكياتهم الحياتية ، ونتاج أعمالهم فضلا عن الموروث العقائدي و الإجتماعي الحضاري ، وتفاعلهم الدائم والمتغير لإضافات جديدة مستحدثة تنم عن التطور والقدرة الفكرية علي حل مشكلات قديمة او حديثة تواكب وتتسق مع معطيات وافدة تأتي بها وسائل الإتصال ، والتفاعل الإيجابي مع جديد العصر . وفي الفن التشكيلي علي وجه الخصوص ينعكس ذلك بصورة واضحة ، ومكثفة في صورة من التبادل الفعال مع هذه البيئة بما ذكرنا فيها ، وبين المبدع ، وقدرته علي إلتقاط ما في البيئة من مكونات مختلفة والتي تم ذكرها ، سواء بصورتها كنعصر أو عناصرقائمة بذاتها ، ومن ثم إعادة تجميعها في صياغة وتركيب جديد لها ، ليكوّن إبداعا جماليا آخذا من البيئة هذه العناصر ، بعد إعادة تمثُلها ذهنيا وبصريا علي خلفية فكرية وبصرية مخزونة لديه ، و تمثل أدواته وتقنياته و وسائله الخاصة بهفي نفس الوقت العنصر الأكثر أهمية والذي من خلاله توجه الدعوة للمتلقي ليشحذ هو ايضا وسائله ايضا المجمعة من تحصيله الفكري والبصري ، في محاولة إدراك اللامرئي في العمل الذي هو بصدده ، وإستنتطاق ما هو كامن في هذه العناصر المجمعة التي طرحا المبدع علي سطح فراغ لوحته . والفنان المغربي / محمد الرعاد وهو فنان تشكيلي مغربي نجد في خلال تمكنه و من تجربته الشخصية انه يتقن بحرفية بالغة تقنيات إستخدام الرموز والدلالات من خلال إعادة تخيل صاخب ومتعدد من موروثه البيئي ، والشعبي متمثلا في الشخصيات والحيوانات التي لها علاقة جذرية وممتدة بين ما هو واقعي وآني ، وما بين أساطير التراث نفسه المتعدد والممزوج بحضارا ت أمازيغية وأفريقية في إتساق ومقاربة تجعل من أنساق مفرداتها ، ثم إعادة تجميعها مرجعية متكاملة يأخذ منها ، ويتفاعل معها فنياَ علي سطح اللوحة ، ليُقدم لنا عملاَ يحمل بصمته الشخصية ، ويؤكد إنِفراده بتجربة إبداعية متميزة . إن عنصر الإبهار في هذا التكثيف للرموز مع تعددها وإتساقها في التوزيع علي سطح اللوحة وبهذا التكامل يحيل المتلقي إلي لغة حوارية دائرة تتناقلها هذه الشخوصات والرموز بينها وبين بعضها وعليه تتبعها والإصغاء التام إليها لإدراك المزيد مما هو كامن وراء هذا الثراء العددي وايضاَ اللوني الذي أجاد المبدع توظيفهما بحرفية عالية ليأتي العمل محملاَ بعديد من وسائل الإدراك لما هو كامن أو كائن في العمل . غير اننا قد نحبذ – ولصالح المبدع – أن يضمن بعضاَ من أعماله ،شئ من السمات أو اللمسات التي تزاوج بين هذا التراث البيئي الإسطوري بما فيه من عنصر ( الحكيّ ) والمتناقل بين الأجيال كموروث ثقافي تاريخي ، وعناصر أخري يستقيها من واقعه الحالي ، وذلك كرافد معزز لقيمة تراث الماضي ، وتأكيدا لتفاعل مستمر يعبر عنه ويجسده كرصد وثائقي لا يُتقنه غير الفن ومبدعه .