بقلم الفنان الناقد الشاعر/ سيد جمعة (مصر) الإعداد للباحث الناقد / محمود فتحي (مصر) ———————————————- ونحن نقترب بمسافة ما ، من عمل ثري بمفرداته في التكوين والتوزيع الضوئي ، واللون الواحد بدرجاته ودلالاته المقصودة والموظفة بتقنية ومهارة عالية نحو إيحاءات بصرية وفكرية لتأخذنا إلي دروب الموروث الثقافي الشرقي الذي يذكرنا ب " بيدبا الفليسوف الهندي في كتاب " كليلة ودمنة " ترجمة ابن المقفع، نتقين أن امام عمل للفنان الكويتي / ….فؤاد العمادي . هذه السوريالية التي يعمد إليها الفنان ، وتكاد تكون هذه المفردات ايقونة شبه دائمة وموزعة بإدراك ووعيُ منه عاكسة مدي غوصِه وتعمقهِ في هذا الموروث الثقافي وشغفِه به ، بل يكاد يكون حريصا في تناه شديد ألا يفرُطُ منه شيئا ، عامدأ إلي تحقيق إبداع عربي / شرقي يتوازي شموخا ومؤكدا أن تراثنا العربي / الشرقي قادر دائما علي العطاء الثقافي الحضاري في كل الأوقات والعصور ، أخذا علي نفسه شق طريقا – بإبداعاته – يحمل إسمه وإسلوبه ومنابع رئيسة في منهجه تشكل مفردات التكوين التي تتصدر العمل بتركيز دقيق في الإختيارات ، ما بين عيون في وجوُه ، وكتابٌ له دلالات واضحة من خلال الشكل ولون الصفحات بل والعينين الناظرة فيه مع عناصر يبئية اخري مختلفة ومكملة للإيحاء المُركز عليه، وحاصرةُ له ومُوجَهةُ إلي قصدً مُحدد يريد الفنان أن نصل إليه بِيسر ، إجتهد بنجاح تام المبدع من خلال العناصر والألوان أن يجعل من مقدمة العمل هي مفتاحه للإطلا ل من خلاله علي الفضاء الفكري والبصري الذي حمل إلينا بتضمينه مكونه الثقافي من ناحية ، وإجادتهِ في توظيف عناصر محددة تعبيرا عنه . علي ان من إبداعات – مبدعنا – قدرته وتمكنه الشديد في ربط عناصر التكوين بعضها ببعض ومزجها و تركيبها لتأخذ المتلقي وتنقله في سلاسة بصرية وفكرية نحو الّمَقصد نفسِه وتأتي خلفية العمل من خلال درجة الزُرقة المُختارة والموزعة بين البياض في السماءِ بنسب ومساحات بالغة ُ حد المأمول منها كي وكأنها تحّضن التكوين الأساسي في المقدمة ، وايضا تضيف الأبنية المختارة بقبابها الشرقية والإسلامية من التراث المعماري القديم المعروف ليؤكد هوية شرقية حرص علي إبرازها وتأكيدها ، ، ويأتي القناعين في أعلي وأسفِل يسار العمل وبنظرة إندهاش وإستغرابية حادة بلغ بها المبدع في دقتها أن تكون مُكملاً جيداً لإستكمال توضيح فكرته وهدفه ، أن الموروث الثقافي الشرقي والعربي لا زال محتواه قادراً ان يكون مَنبعاً خصباً لتجديده بالأخذ والإنطلاق منه ، لإضافة الجديد للمنتج التشكيلي العالمي وبصورة ذات خصوصية وتَميُز له سماتٌ تُحدد هويتهُ . ويُحسب للفنان التقنية الخاصة به في إجادة إختيار الألوانِ ودرجاتِها وتوزيِعها بإحترافية شديدة كأحد عناصر التكوين لاعبة دوراً أساسياً في تأطير الفكرة وجعلها مضمونأ كامناً في كل عنصر من عناصر العمل نفسه و بدرجةٍ محددةٍ ومحسُوبة إن عنصر اللون الرمادي علي سبيل المثال كا لونٍ منتقي بدرجاتِه وتوزيعهُ في هذه الثلاثية المختارة ( المرأة ، وناب الفيل ، ورأس الطائر ، والأوزة ) ، تعكس بحق رؤية بصرية مًفعلةٌ بإحترافية شديدة كأحد عناصر القوة والتوجيه الإستباقي المقصود للمتلقي للإنطلاق مباشرة إلي " الرؤية الفكرية " المُوزعة ما بين عناصر اللونِ والتكوين في العمل . كما تَجّدُر الإشارة في هذا السياق إلي أن الفنان المبدع بمزجه الرائع والإنتقال السلس بين " الواقعية " التي هي خلفية فنية كدارس وعاشق متمكن فيها ، ينطلق منها لتكون مكونأً رئيسياً مع " سوريالية " شرقية / عربية خالصةً يُجَذر لها ، لذا يبدو دائما حريصُ أن يكونا معاً هما إسلوبه وتميزهُ كما اسلفنا . لا يفوتنا الإشارة إلي جمالية يهتم بها الفنان في أعماله وهي عنصر " الإبهارالبصري " للمتلقي متمثلا في عناصرمتعددة منها اللون وتوزيع أساسيات مكونات العمل بنسب متميزة وجاذبة علي فراغ اللوحة من البداية ، مع تركيب ترابطي بالعناصر الأخري وبصورة مُكملة لتأكيد الوحدة الّكلّية للعناصر مجتمعة ، وإحداث " حوار وتناغم " بين كل العناصر ، وكأن لحناً هارمونيا تشارك فيه آليات متعددة صانعةً نغمة موسيقية صادحة بالمضمون الكامن في كل " تيمة صوتية " صادرة عنها . إن عنصر " الإبهار البصري " وإهتمام المبدع به لا يضيف للمبدع فقط بصمة خاصة به في اعماله ، لكن ايضا يعتبر مكونا وعنصرا من عناصر العمل ووسيلة فاعلة لإبراز دلالات عدة يتكئ عليها المتلقي في إبحاره ، وإجتهاده للوصول مع خلفيته – الثقافية فكرية وبصرية – إلي ما هو واضح أو كامن في العمل نفسه . وفي النهاية يجد من يقترب بصورة او اخري ما هو مدهش ومثير تماما وكأننا نستعيد مع المبدع بعضاً مما ورد في " كليلة ودمنة " لبيدبا الفليسوف الهندي ، ولكن هذه المرة مع المبدع الكويتي .. فؤاد العمادي !