الانتحار سلوك متعدد الدوافع ينشط حين يختل التوازن بين غريزتي الحياة والموت ، وهو لا يولد في لحظة تنفيذه أو محاولة تنفيذه وإنما يكون رابضاً كخيار في طبقات الوعي الغائرة إلى أن يطفو فوق السطح وينشط في ظروف بعينها ليكون الخيار الوحيد الذي يراه الشخص في تلك اللحظة على أنه أفضل الحلول . حدثت حالات انتحار جماعي بين بعض القبائل بدأت بانتحار شيخ القبيلة وتبعه بقية أفرادها . وهناك أيضاً انتحار الفرسان حيث يتجمع عدد من الفرسان في جيش مهزوم ويقومون بقتل أنفسهم كنوع من التكفير عن أخطائهم أو قتل الشعور بالذنب الذي أصاب الجيش من جراء الهزيمة . وإذا كنا ننظر إلى عمليات الانتحار الجماعي السابقة على أنها تمت فى مجتمعات بدائية تفتقد إلى المنطق السليم وإلى الرقى الحضاري ، فإننا سوف نندهش حين نستعرض عملية الانتحار الجماعي التي حدثت فى سان ديجو فى كاليفورنيا بالولايات المتحدةالأمريكية يوم 26 مارس 1997 حيث قام مارشال هيرف أبل هوايت قائد الجماعة الدينية المسماة بوابة السماء ( Heaven‘s Gate ) بالانتحار بواسطة تعاطي حبوب فينوباربيتال وقد تبعه في الانتحار 38 شخصاً من أتباعه اجتمعوا في مكان واحد ليموتوا سوياً خلف زعيمهم الروحي الذي أطلق شائعة بأنه مصاب بسرطان الكبد وأنه لابد وأن يموت في هذا اليوم وأن موته يفتح له أبواب الجنة حيث ستصعد روحه في سفينة فضاء لتخترق حجب السماء نحو الجنة . وقد وجد أتباعه أنفسهم يفضلون أن تتبع أرواحهم روح زعيمهم في الصعود إلى السماء ؛ خاصة وأنهم _ كما عبر أحدهم _ لا يجدون للحياة أي قيمة بعد خلوها من زعيمهم الروحي . والمثير أن هذه الجماعة الدينية قد تكونت من خلال الإنترنت حيث تعرف الأعضاء على زعيم الجماعة وعلى بعضهم البعض من خلال تلك الشبكة العالمية للاتصالات وكانت تعاليم الجماعة تصل إلى أعضائها عبر هذه الشبكة وقد احتار علماء النفس كثيراً في محاولة تفسير ظاهرة الانتحار الجماعي فبعضهم يرجعها إلى تبنى أفكار ومعتقدات تتصل بالموت الذي هو نهاية لمعاناة الإنسان وبداية لخلاص روحه من هذا العالم وتوجهها نحو السماء حيث السلام والخلود . وقد تم زرع هذه الأفكار بواسطة زعيم ذو شخصية كاريزمية مؤثرة في أناس أصابهم الإحباط في الحياة المعاصرة فاستجابوا تحت تأثير شخصية زعيم الجماعة وتحت ضغط الجماعة على أفرادها لدعوة الخلاص . ومن المحتمل أن أعضاء هذه الجماعة كانوا من الشخصيات الانقيادية التي تتبع قائدها دون تفكير ، وأنها لعجزها عن مواجهة الضغوط الخارجية وجهت غضبها وعدوانها نحو الداخل في صورة سلوك انتحاري جماعي خاصة وأن هذه النوعية من الأشخاص تكون قابلة للإيحاء والاستهواء لذلك تسلك سلوك الآخرين دون تفكر . يتمّ الانتحار نتيجة عدّة دوافع، منها الاجتماعيّة، مثل: الفقر والبطالة والضّياع والتّهميش والانتقاد الّذي يشعر به بعض المقدمين على الانتحار، وعدم ثقتهم بأنفسهم، وشعورهم بأنّ المجتمع لا يثق بهم. عدم وجود ترابط اجتماعي وأسري في حياة المقدمين عليه. ضعف الدّافع الديني؛ بحيث يشعر الكثيرون من المقدمين على الانتحار بالضّعف الرّوحي والدّيني. دوافع نفسيّة؛ وذلك بأن يعاني الشخص من مرضٍ نفسيّ، وكذلك ضغط نفسي شديد يدفع به إلى الانتحار. دوافع سياسيّة؛ وهذه تكون عندما يصبح الوضع السياسي سيء وغير مرغوب به، أو بسبب رأيٍ سياسيٍّ غير صحيح. دوافع عاطفيّة مثل الحب وهجرة الحبيب والبعد أو زواج المحبوبة. تعاطي المخدّرات والممنوعات. وجود ميول جنسيّة لدى المنتحر تدفعه إلى قتل نفسه. وبالإضافة إلى ما ذكرنا هناك العديد من الأسباب الأخرى التي تؤدّي إلى الانتحار، لكن لا يمكن القول بأنّ الانتحار حلٌّ للوضع القائم، إنّما هو هروبٌ وعدم قدرة على مواجهة ضغوطات الحياة وهمومها. حكم الانتحار في الاستلام تزايد أعداد الشباب المصريين المنتحرين بسبب العنوسة والبطالة، حيث أقدمت حوالي 2700 فتاة على الانتحار سنويًا بسبب العنوسة، فضلا عن إقدام العديد من الشباب على الانتحار أيضا بسبب البطالة وصعوبة الزواج، خصوصًا ممن يعيشون قصصا غرامية. جاءت مصر في المركز 96 على مستوى العالم من حيث عدد الأفراد المقبلين على الانتحار، وكان ذلك في عام 1987، ثم جاء عام 2007 ليشهد 3708 حالات انتحار متنوعة من الذكور والإناث، وقد سجل المركز القومي للسموم التابع لجامعة القاهرة وقوع 2355 حالة انتحار بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و23 عاما، طبقا للإحصائيات الرسمية إن الارتفاع الملحوظ في عدد حالات الانتحار التي مرت من معدل 1.8 على 100000 ألف ساكن قبل الثورة إلى 3.15 على 100000 ألف ساكن بعد الثورة. ولاحظ المتدخل أن غالبية المنتحرين من الذكور، وقد كانت نسبتهم قبل الثورة في حدود 70.2 بالمائة لترتفع إلى 73 بالمائة بعد 2011، مضيفا أن نسبة الشباب المنتحرين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 39 سنة كانت 36 بالمائة قبل الثورة لتبلغ 38 بالمائة حاليا . كما أفاد بأن الانتحار في صفوف كبار السن المتراوحة أعمارهم بين 60 و 65 سنة قد تضاعف ثلاث مرات بعد الثورة، كما تمس ظاهرة الانتحار فئة العاطلين (61 بالمائة) والعمال (16 بالمائة) أكثر من الموظفين، الانتحار هو أكثر مشكلة شائعة عالمياً، هنالك بعض الفروقات في نسب الانتحار بين الدول المختلفة والحضارات المختلفة ولكن هنالك ازدياد في نسب الانتحار عالمياً. مع ذلكن يبدو إن الوسائل المختلفة لمنع الانتحار مثل (المراكز لمنع الانتحار والعلاج النفسي) تنجح وتخفض من نسب الانتحار في الأماكن التي هذه الوسائل تعمل.نسب الانتحار في طبقات المجتمع متساوية. الأشخاص الذين يعانون من الوحدة موجودين في خطر اكبر. الرجال الذين يقومون بالانتحار اكبر بأربعة أضعاف من النساء, والنساء تقمن بمحاولات انتحار أكثر من الرجال- ما يقارب ثلاثة أضعاف. رغم الوضع الصعب والإرادة لإنهاء الحياة, هنالك إمكانية لمساعدة هؤلاء الأشخاص. هذه الأشخاص عادة لها مشاعر متناقضة تجاه الموت- يريدون الموت, لكن في الوقت ذاته يريدون العيش. بالأساس يسعون لوقف الألم النفساني والهرب منه. الإنسان المؤهّل يستطيع مساعدة الذي يتمنى الموت, بشرط إن هذا الإنسان المؤهّل في مجال الصحة النفسانية, ومع ذلك كل إنسان أخر يستطيع في الدعم لمنع الانتحار. هذا ممكن خلال الحديث, حديث مباشر, وجهة نظر ايجابية ومتفائلة, تشجيع, إعطاء حلول بديلة ان قرار الانتحار قرار فردي يتخذه المنتحر عندما يرفض المجتمع ويرفض المستقبل ويفقد الامل بكل شيء من حوله مبينا ان 20% فقط من محاولات الانتحار تعزو لاسباب اقتصادية « العاطلين عن العمل والبطالة « في حين ان 80% من الحالات تعود لاسباب اجتماعية والامراض النفسية التي اعتبرها رئيسية.ويؤكد الخزاعي ان محاولات الانتحار تكون عادة بدافع الاعلان عن رفض المنتحر لكل ما يحيط به ولفت الانتباه لقضيته او المشكلة التي يعاني منها فيقدم على هذا السلوك للاعلان عن ما يعانيه وكوسيلة يستخدمها لتعذيب الاخرين لعدم قدرتهم على حل مشاكله كما يرى هو مشيرا الى ان السبب الحقيقي للانتحار لا يعرفه الا المنتحر وعادة يرحل معه الا في حالة كتابة رسالة او اعترافات تبين اسباب انتحاره مبينا ان 20% فقط من المنتحرين يتركون رسائل تبين اسباب انتحارهم. و ان 20% من المنتحرين مصابون بالاكتئاب وهو شعور يرى الانسان من خلاله الحياة كلوحة سوداء لا بريق امل فيها وهم بالعادة يعانون من الاكتئاب الشديد هذا الجانب على دور الاسرة المحوري بمتابعة ابنائها وافرادها في حال ملاحظتهم لاي تغيرات او سلوكيات لم يعتادوا عليها من قبل وعدم التردد باستشارة الاطباء المختصين لانقاذ ابنائهم او احد افراد الاسرة ان اية محاولة انتحار يجب ان يتم علاجها نفسيا واجتماعيا واقتصاديا لعدم تكرارها مرة اخرى.