عندما كنت اجد فى اوائل التسعينيات المهندس ماجد ابن الفنان على الكسار يهتم وحتى اليوم باحياء ذكرى والدة .. فيظهر بالتلفزيون والفضائيات يسرد تاريخ والده .. ويصدر كتابا مهما بعنوان بربرى مصر الوحيد. كنت اسأل نفسي واين نجل الفنان اسماعيل ياسين من احياء ذكرى والده.. وبخاصة ان ياسين كان وحتى وفاته من اشهر مخرجى الافلام البوليسية والتشويق. كيف لفنان كان يحب زوجته واولاده الى درجة العبادة لا يحد ردا للمعروف من ولده.. وقد جاء فى العدد الخاص عن سمعه بمجلة الكواكب ان اسماعيل من بين عده مشاهد قصيرة ينهيها بكل فيلم يجرى الى التليفون ويهيم غزلا وغراما لزوجته.. ووصفت المجلة حفلات اعياد ميلاد طفله الصغير ياسين بالمبهرة التى يعزم فيها اهل الفن على ما لذ وطاب. الى ان نوهت الفنانة سعاد مكاوى فى حلقة قديمة بالتلفزيون المصرى .. ان نهاية اسماعيل ياسين المأساوية تسببت فيها زوجته واسرته وانها كانت تتمنى ان تذكر واقعة مشينة حدثت فى الساعات الاخيرة قبل وفاة اسماعيل من زوجته ونجله لولا انها لا تريد ان تفضحة. اذن السؤال الذى كنت ابحث عنه قبل ممارستى الصحفية كادت ملامحة ان تتضح من رواية سعاد مكاوى.. وهو ما يؤكد ان ياسين قد لا يقدم لتاريخ والداه شيئا قبل وافاة الابن. وفى عام 2001 عندما افتتحت سينما رينسانس بالسويس مكان مسرح اسماعيل ياسين اشترط المحافظ ان تحتفظ السينما باسم اسماعيل ياسين بارزا على واجهة السينما وبالفعل اصبح اسمها رينيسانس اسماعيل ياسين، فى واقعة لما تفعلها ادارة رينيسانس اى يشارك اسمها اى لقب اخر بفروعها المنتشره بالجمهورية. ليأتى ياسين ويقوم بضجة اعلامية مطالبا بالتعويض المادى عن استغلال اسم والده فى تصرف مخجل. ومسؤلى السينما كادوا ان يعلنوها احنا ملناش دعوه بأسم اسماعيل .. المحافظة هى اللي عاوزة كده.. وانتهى الامر بعد ان ايقن ياسين انه دخل فى معركة خاسرة. ثم ينوه مؤخرا المؤرخ السويس الكبير حسين العشي بمقاله فى مايو 2015 (رحمه الله) ..عن هذا التصرف المأساوى من اسرة اسماعيل ياسين والتى جعلته يغفو وينام حزينا مقهورا الى ان تلقى روحه بارئها. فهل يستحق اسماعيل ياسين هذة النهاية والتى سبقها فى سنواته الاخيرة ايام صعبة جدا من قسوة مرض النقرس عليه وخسائر مالية كبيرة بسبب انصراف الجمهور عن فرقته المسرحية وحجز الضرائب على ما تبقى من امواله والعمارة التى يمتلكها. فنان اضحك كل المصريين وفى اخر ساعة بحياته بكى كما لم يبكى غيره على وجه الارض من قبل. كان فى ايامه الاخيرة يحتاج الى اى من يقدم له يد العون ويقف بجانبه فى محنته .. وبخاصه انه كان يشعر بدنو اجله .. خصوصاً بعد أن اشتدّ المرض عليه، ومنعه داء «النقرس » من معشوقته « اللحمة» وكان يقول ذلك لابنه ياسين وهو يضحك : – أنا بدأت حياتي وأنا نفسي في حتة لحمة، أو حتة فرخة، ويظهر إن حياتي هتنتهي برضه وأنا نفسي فيها . كان يروي لابنه غالباً كيف خرج من السويس وهو لا يملك من حطام الدنيا سوى الجنيهات الستة، وكيف كان ينام في المساجد ويأكل مع المجاذيب وكيف شق طريقه على الشوك، ثم كيف تحولت الحياة من دمعة حزينة إلى بسمة كبيرة حتى أصبح ملك السينما والمسرح المتوج، وكيف بدأ العد التنازلي، حتى تآمرت عليه الدنيا ! ضحك ياسين طويلاً … واندهش ابنه : – بتضحك على إيه يا عم إسماعيل . بضحك على الدنيا اللي ضحكت عليا، بتخلص تارها (ثأرها ) منيّ . – ليه بتقول كده؟ – لأن اللي أنا شفته محدش شافه، ومعتقدش أن ممكن حد يشوفه بعد كده خالص مهما نجح ومهما طلع . – أنا متأكد من ده . – مش علشان أنا أبوك، لا لأن فعلاً اللي حصل ده لما ببصله دلوقت بحس إنه مكنش طبيعي . ده كان حلم . تخيل الولد السويسي الصغير اللي محلتوش « اللضا» ومفيش في جيبه ولا مليم وجاي ونفسه يغني زي عبد الوهاب، يوصل بيه الحال أنه يكون أغلى نجم في مصر والدول العربية، وينجح النجاح ده كله . وبعدين بعد ما الدنيا تطلع بيه لسابع سما تنزله مرة واحدة لسابع أرض. ………. ياعينى عليك يا سمعه وعلى اللي شفته من قسوة وجفاء فى اخر ايامك .. حتى بعد مماتك لم تجد الوفاء من اقرب ناسك. وربما يكون مرض السرطان الذى انهش جسد ابنك ياسين .. مجرد جزاء لصفعته التى انهت حياتك